برلين- “القدس العربي”: يثير إلقاء ألمانيا وفرنسا القبض على عناصر من المخابرات السورية التابعة للنظام عاصفة من ردود الفعل خاصة لدى الإعلام الألماني والساسة الذين وصفوا القبض على المشتبه بهم بالصيد الثمين.
وكانت الشرطة الاتحادية الألمانية قد ألقت القبض على المشتبه بهما؛ أنور آر. (56 عاما) وإياد إيه. (42 عاما) وذلك في كل من برلين وولاية راينلاند بفالس.
وذكرت متحدثة باسم مكتب المدعي الاتحادي أن المشبه بهما كانا عضوين بجهاز المخابرات السوري في دمشق وغادرا سوريا في 2012. وقال مدعون، في بيان، إنه نظرا أن أنور آر. كان موظفا رفيع المستوى في المخابرات السورية فإن هناك شبهات قوية بشأن مشاركته في جرائم ضد الإنسانية بتعذيب النشطاء المعارضين بين 2011 و2012.
وألقت السلطات الفرنسية، الأربعاء، القبض على عنصر عمل لصالح مخابرات النظام السوري، بعد ساعات من توقيف ألمانيا عنصرين آخرين، وجميعهم متهمون بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وتسمح القوانين في ألمانيا للسلطات بملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في أي مكان في العالم ومحاكمتهم. ويمكن المحاكمة عن هذه الجرائم في فرنسا إذا كان المشتبه به يقيم هناك أو إذا كان الضحية فرنسيا.
وجاء في البيان “بصفة أنور آر. رئيسا لما تعرف بإدارة التحقيقات، فقد وجه وكلف (بتنفيذ) العمليات في السجن، بما في ذلك استخدام التعذيب الممنهج والوحشي”.
وأوضح بيان صادر عن الادعاء العام الفرنسي أن السلطات أوقفت مواطنا سوريا يبلغ من العمر 30 عاما، في العاصمة باريس، في إطار تحقيقات جارية منذ يناير/ كانون الثاني الماضي.
من جهتها، وصفت صحيفة “بيلد” الألمانية عملية إلقاء القبض بالهامة للغاية، ونشرت الصحيفة على موقعها الالكتروني بأن تقديم المشتبه بهم للعدالة ومحاكمتهم يعد من الأمور النادرة هنا في أوروبا، مشيرة إلى أنها قد تكون أول محاكمة على الإطلاق ضد التعذيب والإجرام الذي يمارسه نظام الأسد.
ونقلت الصحيفة الألمانية شكوك المحققين حول المشتبه به الأول أنور ر. والذي يظن الحققون بأنه كان مدير المخابرات العامة المسؤول عن فظائع نظام الأسد بين عامي 2011 و 2012. ووفقا للصحيفة يبدو أن أنور ر. قد عذب مئات الأشخاص في قسم الخطيب بسجن الخدمة السرية في دمشق.
وكشفت السلطات الألمانية أن أنور ر. يقيم في ألمانيا منذ 2014 التي وصلها عبر الأردن في أوج تدفق اللاجئين السوريين على دول غرب أوروبا، بينما يتواجد أياد أ. منذ العام الماضي. وبحسب مجلة “شبيغل” الألمانية فقد طلب المتهمان اللجوء في ألمانيا بعد وصولهما.
وفي هذا السياق، اعتبر عضو في فريق محققين بشأن الصراع في سوريا أن اعتقال ألمانيا مسؤولا سوريا رفيع المستوى يُشتبه بارتكابه جرائم ضد الإنسانية يمثل أول نجاح كبير للفريق الذي تمكن في وقت مبكر من الحرب السورية من تهريب مجموعة كبيرة من الأدلة على ارتكاب الجرائم.
وقالت نائبة رئيس اللجنة نيرما يلاسيتش لوكالة رويترز إن اللجنة وفرت أدلة موثقة وشهادات لشهود ضد أنور ر.، مضيفة “أن تجد مثل هذا النوع من الناس في أوروبا يعد صيداً ثميناً”. وتابعت بلاسيتش قائلة إنه في عامي 2011 و2012 رأس أنور ر. قسم التحقيقات في (الفرع 251) ولاحقاً (الفرع 285) في المخابرات العامة السورية التي كان لمسؤوليها مطلق الحرية في اعتقال المشتبه بأنهم نشطاء معارضون واستجوابهم.
وأوضحت نائبة رئيس لجنة العدالة والمساءلة الدولية بالقول: “هذان الفرعان هما الأسوأ من حيث السمعة. ووصف أحد شهودنا الفرع 251 بأنه الأكثر تأثيراً وخطورة وسرية وأنه المسؤول عن 98 في المائة من العنف الذي يُرتكب”.
ذكرت صحيفة “بيلد” بنجاح مصور عسكري وعضو في الشرطة العسكرية بتسريب أكثر من 50 ألف صورة من زنزانات التعذيب التابعة لنظام الأسد إلى خارج البلاد في العام 2013 وتظهر الصور الموثقة بدقة 11 ألف جثة، كثير منها مشوهة بشكل مروع: رؤوس مبتلة من الأنف، ووجوه متفحمة بالمواد الكيميائية، وأنوف مقطوعة وأمعاء. ورأت الصحيفة الألمانية أن هذه الصور وغيرها من الأدلة التي تحتفظ بها المخابرات الألمانية قادرة تقديم صورة واضحة عن مدى الإجرام الذي مارسه النظام الأسدي في سوريا.
يشار إلى أن ألمانيا والنرويج والسويد هي الدول الأوروبية الثلاث التي لها اختصاص قضائي عالمي بشأن جرائم الحرب، مما يعني أن بإمكانها ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب في الخارج ومحاكمتهم. ويعيش أكثر من 600 ألف سوري في ألمانيا.