إلى الإسرائيليين: لا تسيروا على خطى نيكسون وترامب فتندموا

حجم الخط
0

بوب ودوورد وكارل برونشتاين كانا قبل خمسين سنة مراسلين شابين في صحيفة “واشنطن بوست”، هما ذوا كفاءة، لقيا حظاً وإسناداً من صاحبة الصحيفة ومحررها الرئيس بعد كشف قضية ووترغيت، إحدى قضايا الفساد الأخطر والتي لاقت أكبر تغطية في التاريخ الأمريكي. ودوورد استفاد منذئذ: برز في سلسلة كتب صاخبة كقس كبار رجالات المؤسسة الأمريكية، من قضاة المحكمة العليا وحتى الرئيس ترامب. أما برونشتاين فتنقل لسنوات طويلة في هوامش المهنة. وهو في السنوات الأخيرة يركز على التحليل السياسي.

بمناسبة ذكرى اليوبيل على قضية ووترغيت، وحد الرجلان القوى وكتبا مقالاً شاملاً في الصحيفة التي ولد فيها مجدهما. لا يوجد في المقابل ما هو جديد من حيث الحقائق. أما القسم الشائق فهو التشبيه بين نيكسون وترامب. كما أنه مثير للاهتمام أيضاً بالتشبيه مع سياستنا، إذ إن ما يحصل هناك يحصل هنا، والعكس صحيح.

“قرابة خمسين سنة كتبا عن نيكسون”. “آمنا بأن هذا لن يحصل أبداً، وأن أمريكا لن ترى مرة أخرى رئيساً يكون مستعداً للمس بالديمقراطية كي يحقق مصلحته الشخصية. وعندها جاء ترامب”.

نيكسون، كما يذكرنا الرجلان، ضمن إعادة انتخابه رئيساً بواسطة شبكة سرية من الجواسيس، المتخفين، المزورين والاستفزازيين. بداية، حطم بالأكاذيب والأنباء الكاذبة حملة انتخابات إد ماسكي، المرشح الرائد في الحزب الديمقراطي. بعد ذلك سعى، بالأساليب إياها، للتآمر على المرشح البديل، جورج ماكغفرن.

وعلى حد نهجهما، سار ترامب في أعقاب نيكسون. أخذ الانتخابات للرئاسة من الشخصية الديمقراطية الأمريكية وسحقها حتى الأساس. ووصلت هجمته على الديمقراطية إلى ذروتها في 6 كانون الثاني 2021، عندما تآمر، وشجع، ومجد وأثنى على محاولة مؤيديه احتلال مباني الكابيتول وإجبار نائب الرئيس وأعضاء الكونغرس على تغيير نتائج الانتخابات.

لم تنجح المحاولة، ولكن الدرس لم يستوعب. لقد خلف الهجوم على الكونغرس أمريكيتين – واحدة تؤمن بأن ترامب مجرم، مقابل تلك التي تؤمن بأن ترامب ضحية. كل واحدة منهما لا تستمع إلا لنفسها.

هذا الأسبوع، عندما سمعت في الكونغرس شهادات صادمة عن محاولة انقلاب ترامب ومؤيديه، رفضت شبكة التلفزيون اليمينية “فوكس” وهي الأقوى بين شبكات الأخبار بالكوابل، بث الحدث. واختارت بدلاً من ذلك أن تبث دعاية ترامبية لساعات. عشرات ملايين الأمريكيين لا يعرفون على الإطلاق بأن الاستماع في الكونغرس تم. كل ما يعرفونه هو أن الديمقراطيين سرقوا الانتخابات. هذا ما ترويه لهم “فوكس” وباقي قنوات اليمين 24/7.

وجد كل من ودوورت وبرونشتاين، نقطتين مشتركتين لنيكسون وترامب: الخوف، وإحساس الضحية. كلاهما آمنا بأنه لا طريق لتحقيق نتائج في السياسة إلا بفرض الخوف. “الخوف قوة حقيقية”، قال ترامب في مقابلة في 2016. في 2019 في أثناء مقابلة مع ودوورد، كان ترامب يشاهد بثاً من مجلس الشيوخ. واشتكى قائلاً “يكرهونني”. وكانت الصور تتنقل بين وجوه الشيوخ الذين جلسوا بصمت، بعضهم مالّون، وبعضهم ينصتون إلى الشهادات. “كراهية”، قال ترامب. “انظر إلى الكراهية. يكرهونني”. نيكسون الذي كانت كراهيته للخصوم درة التاج في حياته المهنية، أدرك في النهاية بأن الكراهية أدت به إلى التدمير الذاتي. فقد كره أكثر مما ينبغي. أما ترامب فلا يزال مدمناً.

والآن، دعكم للحظة من قضايا أمريكا وفكروا بقضايانا. في إسرائيل يسيطر ائتلاف متعثر، منقسم من الداخل، مدى عمره قصير. هذه هي الحقائق. كل ما تبقى أكاذيب. هل ما يسيطر على الائتلاف مؤيدو الإرهاب؟ كذب. هل يترك أمن إسرائيل لمصيره؟ كذب. هل أدار ظهر المجن للمستوطنين؟ كذب. هل سرق نفتالي بينيت أموال الدولة؟ كذب. هل لائحة الاتهام ضد نتنياهو هي مؤامرة مجرمين وكبار رجالات النيابة العامة؟ كذب. هل نخبة اشكنازية، يسروية، ظلامية، دولة عميقة، تتحكم بالدولة؟ كذب.

إذا كان معظم الإسرائيليين غير راضين عن الحكومة الحالية، فمن حقهم أن يبدلوها، في الانتخابات أو في وقت مبكر أكثر، في إجراء قانوني في الكنيست. لكن يجدر ألا تتخذ القرارات في الدولة الديمقراطية على أساس الأكاذيب، والتخفي، والتزييف وادعاء الضحية. رجال الإعلام الذين يعطون يداً للأكاذيب، لاعتبارات أيديولوجية أو انتهازية، جديرون بالاحتقار. هم يخونون رسالتهم. السياسيون الذين جعلوا الفبركة مهنة أسوأ منهم. قد يفوزون في الانتخابات التمهيدية، لكن لا يمكنهم أن يحكموا بنزاهة. هم سيواصلون الكذب، سيواصلون الشغب، سيواصلون التمترس في كراهيتهم حتى بعد أن يعودوا إلى الحكم. المدمنون على الكذب أناس خطيرون – انظروا نيكسون، انظروا ترامب.

بقلمناحوم برنياع

 يديعوت أحرونوت 13/6/2022

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية