سمعتها مرارا وقد يكون سمعها هو نفسه: ليت راشد الغنوشي وقد نجح في أن يبقى رئيسا لمجلس النواب في تونس، بشكل ديمقراطي اعتبره هو نفسه تجديدا للثقة في شخصه، أن يفكر جدّيا الآن في ترك هذا الموقع عساه يفتح بذلك أفقا جديدا أمام الحياة السياسية في بلاده فيسحب البساط من تحت أقدام من جعل من استهدافه وحزبه برنامج عمل لا يملك سواه.
سيرد بعضهم: ولماذا يفعلها طالما أنه جاء إلى هذا المجلس بإرادة الشعب وبقي رئيسا له بإرادة النواب فهو لم يأته على ظهر دبابة كما كررها بنفسه؟
طبعا بإمكانه أن يبقى حتى تنتهي مدته النيابية، أو يُحل البرلمان، أو يستمر معارضوه داخله في تنغيص مهمته حتى يترك منصبه… ولكن ماذا لو استبق الرجل الجميع وقرر أن يخرج طواعية، ومن الباب الكبير، لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد؟
صحيح أن لائحة سحب الثقة من الغنوشي من رئاسة المجلس لم تنل العدد المطلوب لإزاحته (109 من بين 217) لكنها بيّنت، مع ذلك، أن أكثر من نصف نواب البرلمان لم يعودوا متحمسين، بدرجات مختلفة، لبقائه رئيسا. عندما نأخذ بالحسبان مجموع الــ 97 الذين صوتوا مباشرة ضده من بين الــ 133 الذين شاركوا في التصويت، زائد الأوراق الــ 20 التي أُعتبرت ملغاة لأن أغلب أصحابها صوتوا في نفس الورقة بـ (نعم) و(لا)، أو تركوها بيضاء… يمكن القول، بلغة الرياضة، أن الانتصار الذي حققه الغنوشي، هو رغم كل شيء، انتصار بطعم الهزيمة.
المعطى الأساسي الذي أتمنى على راشد الغنوشي أخذه بعين الاعتبار لجعل كل مناهضيه أمام تحدٍ حقيقي، إذا ما استقال من منصبه، هو أن رئاسته التي كانوا يتحججون بها لتبرير الاخفاق والعثرات لم تعد قائمة، وبالتالي عليهم أن يثبتوا من الآن فصاعدا كيف سيتألقون بدونها في جعل المجلس يعود بوجه آخر غير الذي ذاك الوجه البائس الذي تابعناه. هنا فليتنافس المتنافسون وقد سقطت أي تعلّة تحجج بها خصومه في الداخل، أو استأسد بها أعداؤه في الخارج من الذين لا يريدون للديمقراطية في تونس سوى الانكسار.
المعطى الثاني الذي يُفترض أن يحفّز الغنوشي على ترك «وجع الرأس» الذي تورّط فيه، هو أنه بمغادرته المنصب سيزيح عبئا ثقيلا من على أكتاف نواب كتلة حزبه في البرلمان، بحيث يصبح بالإمكان محاسبة نواب حركة «النهضة» على أدائهم، وليس على ما فعله أو قد يفعله رئيسهم من على منصة المجلس، أو حتى ما يفعله مدير مكتبه ومساعدوه.
بعض النواب الذين جعلوا من الغنوشي همَّهم الأول والأخير هم في سن أبنائه أو أحفاده، ومنهم من لم يستسغ عقله الإقصائي أبدا أن يرى يوما «إخوانجيا» يعتلي منصة البرلمان في تونس
المعطى الثالث، والأهم بلا جدال، هو أن الإقدام الطوعي للغنوشي على مغادرة رئاسة البرلمان سيعطي انفراجة حقيقية لمشهد التوتر السياسي الحالي ويجعل الجميع أمام مسؤولياتهم الحقيقية دون البحث عن أعذار. أول هؤلاء رئيس الدولة قيس سعيد الذي بات يكرر بمناسبة وبدونها أن لتونس رئيسا واحدا، وكذلك بقية الأحزاب التي ستجد نفسها مدعوة لتقديم المقترحات والحلول لمشاكل البلاد بعيدا عن «علكة» الغنوشي.
ليس سرا القول اليوم إن الغنوشي اليوم إنما يحصد تبعات قراره الخاطئ بالترشح لمنصب رئيس البرلمان، فالرجل لم يتعسّف فقط على نفسه، وهو يقترب من الثمانين، لتحمل أعباء موقع يتطلب جهدا خاصا وإنما وضع نفسه، وهو المفكر المبجل بين جماعته الذي يفاخر بأنه لم يتأخر قط في التضحية بأي مصلحة حزبية كلما تعلق الأمر بتونس واستقرارها، في موقع يتعرض فيه إلى التنمّر من قِبل من كانت تلك مهمته في عهد الراحل بن علي أو»التشبيح» من قِبل من يعرف من دمشق معناه بالضبط. بعض النواب الذين جعلوا من الغنوشي همَّهم الأول والأخير هم في سن أبنائه أو أحفاده، ومنهم من لم يستسغ عقله الإقصائي أبدا أن يرى يوما «إخوانجيا» يعتلي منصة البرلمان في تونس حتى ولو وصل إلى البرلمان بأضعاف مضاعفة من الأصوات التي أوصلته هو بالصدفة.
ليس هنا مجال بحث أسباب وخلفيات التصوّر الغالب داخل المجتمع التونسي في النظرة إلى راشد الغنوشي، وإلى أي درجة كان منصفا أو ظالما، ولكن ما لا يمكن نكرانه باختصار شديد هو أن قطاعات لا بأس بها من التونسيين لم تتقبل الرجل، قبل أن نتحدث عن تقبل أفكاره. دليل ذلك أن وجوها أخرى من حركة «النهضة» من أجيال مختلفة لم تكن النظرة إليها بتلك السلبية، مع أن التيار السياسي واحد.
كتبت من قبل طالبا من الرئيس منصف المرزوقي ألا يرشح نفسه ثانية وأن يكتفي بأن يُذكر كأول رئيس بعد الثورة ولكنه لم يفعل، وكتبت راجيا ألا يترشح المرحوم الباجي قايد السبسي لفترة رئاسية ثانية حتى لا يعرف مصير بورقيبة لكن القدر كان أسرع.
كلاهما لم يأخذا الأمر بحساسية شخصية راجيا أن يكون الأمر كذلك مع راشد الغنوشي، خاصة لما لمستُه فيه مباشرة من رحابة صدر وقدرة على تحمل النقد القاسي. لقد سبق للرجل أن رضي قبل سنوات بانسحاب حزبه كله من الحكم والتخلي عن رئاسة الحكومة، بل إنه زار القاهرة أيام الأزمة مع الرئيس الراحل محمد مرسي في محاولة لم تثمر لإقناعه بالتنازل لمصلحة مصر.
من يفعل ذلك مع مصر لا يستكثرها طبعا على بلاده، لعله بذلك يقيم الحجة على الجميع ونرى…
كاتب وإعلامي تونسي
أسلوب الفرسان و الإعتبارات العاطفية لا مكان لها بالسياسة، الرجل حصل على الثقة ولا يجوز البحث عن مبررات لا معقولة لدفعة للإنسحاب، العمر ليس مبررا معقولا، الحالة الصحية يمكن أن تكون مبررا معقولا…الرئيس التونسي أستاذ قانون قبل دخوله السياسة يعرف جيدًا أن الرئيس ليس له الكلمة و السلطة كما كانت لبن علي أو بورقيبة…
أزمة تونس ليس سياسية بل إقتصادية الشعب يعاني و الحرية و الإنتخابات لا دور مباشر لها في نمو الإقتصاد…لهذا الشباب ،كما قال الرئيس سعيد، يهاجر …
فكرة المقال طيبة .. لكنها بكل تأكيذ لن تثمر رجوع الأمور إلى المسار الدمقراطي الهادئ .. فلا وجود لأي ظمانة..
بل الى مزيد من المبالغات في التنمر على ممثلي شريحة واسعة من الشعب في شخص نواب النهضة.
لا ي توجد أي إشارة لتوقف المنطق الاقصائي عند آل عبير موسى و صحبها .. مهمتهم ليست ارساء
الدموقراطية بل نسفها من الجدور .. و بالتالي سيكون انسحاب الغنوشي هدية لناكر الجميل أصلا و مبدئيا ..
.
لذي تحفظ على كلمة صدرت منك سيد كريشان .. لماذا تنعثون الغنوشي بالشيخ .. هذه الكلمة ليست محايدة
كما تعلمون .. و تضعه في خندق معلوم ..
.
الغنوشي شخص مثقف و سياسي محنك .. فلما الصاق نعث الشيخ به .. هل لأن مكان الشيخ هو المسجد؟
إن كان هذا هو المقصود .. فالمقال ملغوم من عنوانه سيد كريشان و غيرمحايد بالمرة.
.
و نعود لنقول أن الدمقراطية تمرين طويل .. و على آل عبير موسى و صحبها ان تتعلم الدمقراطية ..
شوية شوية .. إلى ان تكبر و تصبح راشدا دمقراطيا. عدى هذا فهو محاولة قد تكون مبيتة للوصول
الى اهداف غير شرعية بطرق القول الجميل العذب .. لأنه استعصى الوصول إليها بطرق البلطجة.
.
مع كامل الاحترام.
تحياتي اخي ابن الوليد و كل عام و انت بخير…
.
أظن والله اعلم، أن لقب الشيخ الذي ارفقه الاستاذ كريشان سابقاً لإسم الأستاذ راشد الغنوشي، ليس من باب اللقب الديني و إنما هو من باب الاحترام لسنه..
كما أن هذا اللقب اعتاد الكثير على اطلاقه عليه ، لأنه هو اساساً خريج جامعة الزيتونة و لديه بالفعل شهادة في أصول الدين، فهو من هذه الناحية، شيخ بالفعل.
.
تحياتي.
اهلا د. الأخ اثير .. شكرا على التوضيح .. انطقت من اننا في شمال أفرقيا لا نستعمل هذا اللقب كما في المشرق ..
.
على أي شكرا .. و حتى إن كان إمام مسجد و أتخبه القوم، فأهلا به. حتى و إن استمد سياسته من المورث الفقهي فأهلا به ..
و وجب على الست عبير موسى ان تتعلم قواعد الدمقراطية الجامعة و ليس الإصائية.
.
انت كما تعلم لا يربطني الشيئ الكثير مع السلف الصالح، و كم اغتاظ من هؤلاء الدين يريدون اقصاء اخوة لنا في الوطن الواحد
باسم انهم اسلاميون .. فليكن .. الصندوق هو الحكم بيننا .. و الوطن لجميع. و هذا و لله الحمد ما نطبقه الى درجة جيدة في المغرب.
.
تحياتي و كل سنة و انت و احبتك بالف خير.
نعم اخي ابن الوليد، كل التفهم الكامل لرأيك المحترم ، و انا مع الصندوق تماماً، و لكن مقترح الاستاذ كريشان و الذي ايدته ، هو ليس إقصاء الاستاذ الغنوشي عن اختيار الصندوق ،وإنما هو فقط أبعاد نفسه عن رئاسة مجلس النواب، فهذا المنصب هو ليس من اختيار الصندوق (اختيار الشعب) المباشر، و إنما وفق الآليات التي ترتبت على ذلك الاختيار، اي بالتعيين و التوافق من قبل من اختارهم الشعب.
و البعض يرى و انا منهم و كذلك الاستاذ كريشان باعتباره تونسياً أحق منا بالتأكيد و اي تونسي اخر في الأدلاء بارائهم، أنه يحتفظ بموقعه كنائب في البرلمان تم اختياره من الشعب، على أن يترشح شخص آخر ربما من حزبه او حركته إلى رئاسة المجلس، للاسباب التي تم ذكرها.
تحياتي و محبتي.
اوافقك الراي
إنه رأي حصيف. ليت حزب النهضة برئيسه يتخذون هذا القرار
من قال لك سيد كريشان ان الشعب التونسي لا يقبل بالغنوشي ومن قال لك ان مطالب المعارضة ستقف عند هذا المطلب
..كل تقديرنا للشيخ راشد الغنوشي..مناضل قديم من اجل تونس. وحريتها واستقلالها . محاولة حجب الثقة عنه فشلت اخيرا. لكن ..لكن بصراحة كاد ان يسقط .فهناك 97 عضوا كانوا ضده . يعني هناك خلاف واضح على زعامته للبرلمان التونسي. نعم ليستقيل . ويكون بذلك قدوة لمن يحترم راي الاخرين
@مرزوق
.
كيف بالله عليك سيكون قدوة لمن يحترم راي الاخرين ..
.
لأنه إذا استقال فلن يحترم رأي الآخرين من الناحية المقابلة .. و هم اغلبية. فكيف يستقيم طرحك.
يا رجل .. الدمقراطية هي هكذا .. و على عبير و رهطها الرضوخ او اخراجها من البرلمان في
الانتخابات المقبلة عبر الصندوق .. و هنا المواطن هو الحكم .. و في يده الكثير من اجل تونس.
و لعل هذا ما سيحدث فعلا .. التوانسة في اغلبيتهم الساحقة يميزون بين الصالح و الطالح.
مع احترامنا لك سيد كريشان ولكن أعتقد أن على الرجل الاستمرار في منصبه وإلا فإنه لن تقوم لتونس دولة مؤسسات وكلما اختلفت الأحزاب السياسية ستقوم باحتلال الإدارات والمرافق العامة.
ثم السؤال الذي ينبغي طرحه هو: إذا احتل مواطن عادي مقر وزارة أو البرلمان وأعاق عمله هل سيتم تركه أم حبسه وتطبيق القانون عليه؟ ماحدث في تونس أعطى مؤشرا أن النواب بإمكانهم عمل مايريدون دون أن يتعرضوا لأي محاسبة.
. نعم الاستقالة اكثر من مطلوبة …لان السيد الغنوشي فشل سياسيا بادارة ملفات كثيرة ومشاريع داخل البرلمان
السلام عليكم الاخ كريشان
اقتراح خاطىء و مجانب لصواب.
اقتراحك هو ماسيمكن المتأمرين على ديموقراطية تونس من الوصول إلى هدفهم.
انا مع بقاء السيد الغنوشي رىيسا للبرلمان التونسي.
أحسنت, أحسن الله إليك
يا أستاذ كريشان.. عليك بالدفاع عن الحق و أصحابه… و انت أدرى ببواطن الأمور في بلدنا العزيزة تونس..حضرتك يعلم علم اليقين.. من يحارب من…!! و من يُشيطن من…! و من يريد الانقلاب على من…! تطالب برحيل او تغييب الرجل الذي فاز بأكبر كتلة في البرلمان المنتخب ديمقراطيا..و كأنك تحرض أيتام النظام البائد اللقيط.. على المضي قدُماً في تنفيذ سياساتهم الاقصائية الانقلابية..قليل من الموضوعية يا أستاذ و انت تتناول موضوع شائك.. يعلم العام و الخاص أن أول المستهدفين هم تونس و ثورتها و مكتسباتها و مؤسساتها المنتخبة..! دافعوا عن الديمقراطية و دافعوا عن مبدأ التداول السلمي على السلطة و دافعوا عن كلمة و إختيار الشعب..اما محاولة تفسير الأمور على مقاس البعض من مثيري الفتن، فهذا يعتبر في حد ذاته تجني على الواقع، القضية قضية مبدأ قبل كل شئ.. كان من حق الراحل السبسي ان يحكم.. كذلك من حق السيد الغنوشي ان يحكم، مثله مثل غيره… .!! و شكرا