إلى مدرستي

حجم الخط
0

فيض من درة العلم الفيحاء، قطرة من الإكبار إليك يا مدرستي. عشت فيك ردحا من أوقات القراءة والحفظ وتتبعت خُطى المعلّم وأنا في خشية من عقاب قد ينزله عليّ وأملا في نيل عدد يسعد الوجدان فأحلق في الفضاء كالصقور التي تمكنت من هدفها فخفقت قلوبها جذلا وطربا. لطالما تنزهت بين أقسامك وأروقتك وحدائقك فاستمتعت بجو الغبطة كالطائر في دنيا الأحلام المغردة. كان ينعشني حنين الدرس تلو الدرس أشد من هبّات النسيم حين تداعب الخدود الرقيقة أو من حبات الثلج حين تغازل الشعور الذهبية.
كنت أجتهد طلبا للعلم ومن أجل العلم وصعود الدرجات كأني أرتقي سلما يفتح لي على أعالي السماء وكان اجتهادي غالبا في محله وإحساسي بالنجاح يعادل اكتشاف الدورة الدموية أو ‘البنسلين’ أو إصلاح أمة بكاملها فاتخذت من مقعد الدراسة خيمة استظل بنور العلم تحتها، وقد متنت أوتادها فلا تعبث بها الرياح ولا يلفحها الحر. أحيانا يعاودني الشوق أن أعود القهقرى فيكون لي عمر الصغار و أحلام الأطفال ورؤية تلميذ في التاسعة أو العاشرة يرى بمنظاره البسيط العالم بيتا دافئا والمدرسة قريبا من أقربائه فيدنو منه ويأخذ بيده ويلاعبه ويعلمه في حنو الأب أمام ابنه.
تلك الأيام راسخة في مخيلة كل إنسان كلما كبر في العمر صعّد حنينه إلى ماضيه فيعيشه بذاكرته طفلا في سن الشيوخ وهذه المدرسة كانت الحاضن لأفكاري علمتني الخُلق الحسن فتشربت العلوم الزاخرة وقطفت منها أزهار الذكريات الجميلة فتحية تقدير إليك يا مدرستي لن ينساها القلب بل يستذكرها كلما مرّ بها لأنها تعتبر أُمّا أنجبت الملايين فنعم الأم هي.
مالك بوديّة- المرسى تونس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية