بعد منع إمام مسجد القدس في مدينة وهران، غرب الجزائر، الدكتور بلخير طاهري الإدريسي، من الخطبة، تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع القضية تفاعلا كبيرا، في التنديد بالواقعة.
أتى ذلك بعد خطبة الجمعة الماضية، التي تطرق فيها لما أسماه بالتجارة الجنسية في شارع “العقيد لطفي”، المشهور، والذي يعتبر حيا راقيا.
ومما جاء على صفحة “الشروق” الجزائرية على فيسبوك: “مديرية الشؤون الدينية لولاية وهران، هيئة للنهي عن المعروف! تخيل معي أن تلقي درسا تنهي فيه عن الفحشاء والمنكر، ويلقى الدرس تجاوبا كبيرا عبر منصات التواصل، بما فيها حقائق وواقع يعرفه العام والخاص، وبعد أن تعود إلى المنزل يتصل بك المسؤول، ليس من أجل تقديم الشكر أو الامتنان لك، بل يقول لك سيدي: ابحث عن عمل آخر، تم توقيفك عن إلقاء الخطب والدروس في المسجد، والأمر خارج عن نطاقنا، ليصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تهمة، في وقت يمجد فيه المغني ويذل فيه العلماء”!؟
وكتبت الفنانة والممثلة “فيفي جوجو جوجو” على صفحتها: “قضية الإمام بلخيري طاهري الإدريسي السيد ألقى درسا عاديا وما طلب نضع البرقع ذراع! السيد مسلم في بلد مسلم من حقه ينتقد مظاهر الفسق المنتشرة علنا. وأنا تابعت فيديوهاته، كان ينتقد مناطق سياحية أصبحت مرتعا للسياحة الجنسية، لماذا تمنعونه من إلقاء الدرس وتقولوا خطبتك لها تبعات، ما هي التبعات؟ مثلا راح تروح السياحة من بلادكم؟ تهاجمونه وكأنه إرهابي! تكفير، لا حول ولا قوة إلا بالله في هذا البلاد”.
أما جلال حيدر، فكتب على صفحته: “شفت كثيا منشورات تضامن “حاد” مع هذا الإمام، الذي أقيل من منصبه، بعد خطبة الجمعة، دون ورود الأسباب الحقيقية خلف هذا القرار، الذي جاء سريعا، وهذا ما أعيبه على هذه الحشود، التي تغلب عليها العاطفة، وتعتقد أن التعامل القانوني مع رجل الدين، هو تعامل عنيف مع الدين في حد ذاته، هو تهديد للدين، هو مساس بالدين! الإمام وظيفة كغيرها في نظري، مثل مدير بنك، ومعلم وغيرها من الوظائف، التي يتقاضى حيالها راتبا ويشتغل وفق قانون معين لا يتجاوزه وإلا سلطت عليه عقوبات من بينها الإقالة. لطالما ناديت بفصل وزارة الدين عن بقية الوزارات، وتأسيس خلية في المسجد الكبير في العاصمة، تتكون من كبار مشايخ البلد، وكذلك تقام هيئات في كل الولايات تتولى تسيير المساجد، وحتى التأسيس لما يشبه “تجمعات” واحتواء الأفكار والتقاليد الموروثة في حل النزاعات والتواجد عن قرب من المواطنين لفض مشاكلهم، ستكون لهذه الهيئة استقلالية وسيكون أيضا لدينا إمام نموذجي يعكس ثقافة الشعب في خطابه، وإذا كان قد قال إن وهران فسدوها “البراوية”، فهذه عنصرية”.
ما الذي أزعج السلطات، خطاب ما وسم بـ”العنصرية”، والموجود في خطابات الجزائريين في ما بينهم بين مختلف المناطق، بين المدن والأرياف وبين الشمال والجنوب؟ أم خطاب تقويم سلوك أفراد المجتمع؟! أم أصحاب المصالح من يعيشون بالطول والعرض في شارع “العقيد”؟ أما الإعلامي عبد العالي مزغيش، فكتب متسائلا عما حدث للإمام: “إذا لم يقدم الإمام دروسه ومواعظه داخل المسجد، أين تريدونه أن يقدمها؟ وإذا لم يقدمها الإمام فمن تريدونه أن يقدمها؟ وإذا لم يقدم الإمام نصحه وإرشاده، وفق شرع الله، ووفق قوانين الجمهورية، كيف تريدون لدروسه وخطبه أن تكون؟
ما تحدث عنه الإمام ليس سرا عظيما، ولا حديث إفك، والكل يعلمه، والجهات الأمنية تسهر على محاربته ليل نهار. وما قاله الإمام يتوافق مع جهود الدولة في محاربة مثل هذه الممارسات، التي تشوه مدننا الآهلة بالسكان، خصوصا البحرية منها في فصل الصيف”. من يدري، قد يعاد النظر في قضية الفصل وتعتبر الحادثة “قرصة أذن” للإمام حتى لا يكررها.
كرامة الأطفال المهدورة
لسنا ندري إن تطرق الأئمة إلى الآثمين، من تتحرك شهواتهم نحو الأطفال ويهتكون أعراضهم ويدمرون مستقبلهم؟ في جيجل في الجزائر والجديدة في المغرب امتدت الأيادي المريضة نحو أطفال بعمر الزهور ليتم اغتصابهم، وهم في رحلات استجمام ورياضة.
بعد فيديو السيدة الجزائرية، الذي انتشر على منصات التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية، التي فضحت فيه الجريمة البشعة بحق ابنها من طرف بعض المنظمين للمخيم الصيفي، الذي نظمته وزارة الشباب والرياضة، والذي كان فضاء ومرتعا لاغتصاب الطفولة وانتهاك أعراض أطفال قصر، والذي لم نعرف ماذا دار في كواليس البحث القضائي بشأنها.
ظهر في المغرب ما سمي بـ”بيدوفيل شاطئ الجديدة”، الذي يعود فضل اكتشافه بالتوثيق والتصوير، بمقطع فيديو، لمصطافتين من مراكش “زينب وقمر”، وكانت الإشادة بهما عبر مواقع التواصل الاجتماعي كبيرة، عرفانا بشجاعتهما.
وتم التنديد وشجب حادثة “بيدوفيل الجديدة” على نطاق واسع جدا في المغرب، من جهات رسمية وغير رسمية، وتناقلتها وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة.
وقد أدانت الجمعية المغربية لحقوق الضحايا واقعة اغتصاب مجموعة من الأطفال في رحلة رياضية في مدينة “الجديدة”. واستنكرت الجمعية في بلاغ لها ما وصفته بـ”الفعل الوحشي الصادر عن من كان مفروضا فيه مربيا للأجيال، معلنة تضامنها المطلق مع الأطفال وعائلاتهم”. (نقلا عن موقع الدار) “كما دعت الجمعية إلى تشديد العقوبة على مرتكبي الاعتداءات الجنسية وعدم تمتيع المتهمين بظروف التخفيف”.
وبعد فتح البحث القضائي من طرف النيابة المختصة، في 12 الشهر الجاري، حسب “الدار” دائما لتحديد الأفعال الإجرامية المنسوبة لشخص يبلغ من العمر 57 سنة، يشتبه في تورطه في هتك عرض طفل قاصر البالغ من العمر تسع سنوات، يبدو أن المتهم “طلع منها كالشعرة من العجين”، ودخلت أطراف أخرى حولت مجرى التحقيق، ويتعلق الأمر بوالدة الضحية، التي تراجعت عن شكواها.
وعلى صفحة مصطفى صنهاجي، وجه أصابع الاتهام للنساء، أو لمعظم النساء، بحيث أن جل الأطفال الذين أرسلوا مع البيدوفيل بمساعدة الأمهات وعدم علم الآباء، وحتى من يساعد البيدوفيل في أعماله الإجرامية امرأة أخرى. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه قبل “أشهر غرق أحد الأطفال في البحر بحضور البيدوفيل نفسه”.
والشبهة، كما ذكرت بعض الصفحات جنائية، بعد هتك عرض الطفل تخلص منه!
ماذا على الأولياء فعله؟ هل يمنعون أطفالهم من المخيمات الصيفية، ومن النوادي الرياضية، أم يجب الحذر وضرورة مرافقة الأولياء لأطفالهم القصر، أم تشديد العقوبات الصارمة على المجرمين، أطفالنا أمانة لا يمكن تسليمها سوى للأسوياء والأتقياء.
٭ كاتبة من الجزائر