لندن – “القدس العربي”:
كشفت صحيفة “إندبندنت” البريطانية عن سعي بريطاني للحصول على صفقات سلاح مع السعودية في أعقاب مقتل الصحافي جمال خاشقجي.
وقال ريتشارد هول في تقريره إن هذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها بريطانيا عقود السلاح على حقوق الإنسان. وفي الوقت الذي شجبت فيه الحكومة البريطانية مقتل خاشقجي في قنصلية بلاده في 2 تشرين الأول (أكتوبر) إلا أنها بحثت في الأسابيع اللاحقة عن تأمين صفقات سلاح مع الرياض، رغم ما أحاط جريمة القتل من شجب دولي ودعوات لوقف صفقات السلاح مع السعودية. وفي الوقت الذي طالبت فيه الحكومة البريطانية بأجوبة عن الظروف التي أحاطت باختفاء وقتل خاشقجي واصل ممثلو الحكومة في شؤون التجارة لقاءاتهم وعلى مستويات عالية مع المسؤولين السعوديين.
ففي 14 و 22 تشرين الأول (أكتوبر) سار وفد من منظمة الدفاع والأمن، وهي وحدة داخل وزارة التجارة الدولية وتقوم بتسويق صناعات السلاح إلى الخارج بزيارة الرياض وذلك حسب وثائق حصلت عليها صحيفة “ميرور” ضمن حرية المعلومات. وكانت الزيارة الأخيرة في نفس اليوم الذي شجب فيه وزير الخارجية جيرمي هانت في كلمة له أمام البرلمان مقتل خاشقجي “في أشد الكلمات الممكنة”. وقال هانت في 22 تشرين الأول (أكتوبر) “في الوقت الذي اتسم فيه ردنا بالتفكير والحذر إلا أنني كنت واضحا من أنه لو ثبتت صحة التقارير التي نقرأها فإنها وبشكل أساسي متناقضة مع قيمنا وسنرد بناء على ذلك”. وكان وزير الخارجية واضحا في تأكيده على هذا الموقف عندما أعلن عن إلغاء زيارة وزير التجارة ليام فوكس إلى الرياض. ولكنه لم يكشف عن استمرار اللقاءات بشأن عقود السلاح. وحتى قبل مقتل خاشقجي، كانت بريطانيا تتعرض لضغوط من لوقف صادراتها العسكرية إلى السعودية بسبب ما قيل إنها جرائم حرب ارتكبها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وكانت الرياض قد شنت في عام 2015 لطرد المتمردين الحوثيين من العاصمة صنعاء وإعادة الحكومة الشرعية لعبد ربه منصور هادي. وأدت الحرب لمقتل أكثر من 10.000 مدني وشردت الملايين ووضعت 16 مليونا على حافة المجاعة. واعترف التحالف بمقتل مدنيين لكنه نسبها إلى “أخطاء غير مقصودة”. واستهدف الحوثيون المدنيين أيضا، وذلك حسب تقارير الأمم المتحدة.
بريطانيا اصدرت منذ بداية حرب اليمن رخص بيع أسلحة إلى السعودية بقيمة 4.7 مليار جنيه استرليني. وأدى مقتل خاشقجي لضغوط جديدة على بريطانيا كي تعيد تقييم علاقاتها العسكرية مع السعودية وفي ضوء قرار كل من ألمانيا والنرويج تعليق صفقات السلاح إلى المملك
ة
وتشير الصحيفة إلى أن بريطانيا اصدرت منذ بداية حرب اليمن رخص بيع أسلحة إلى السعودية بقيمة 4.7 مليار جنيه استرليني. وأدى مقتل خاشقجي لضغوط جديدة على بريطانيا كي تعيد تقييم علاقاتها العسكرية مع السعودية وفي ضوء قرار كل من ألمانيا والنرويج تعليق صفقات السلاح إلى المملكة. ونقل عن أندرو سميث من الحملة ضد تجارة السلاح “سارع جيرمي هانت للإنضمام إلى من شجبوا القتل لكنه لم يفعل شيئا لوقف صفقات السلاح. كم نحتاج لمذابح وانتهاكات حتى نتحرك؟”. وأضاف: “استخدم النظام ( السعودي) الأسلحة بمستوى عال من الدمار في اليمن حيث تسبب السعوديون بأسوأ أزمة إنسانية في العالم. وكانت جريمة مقتل خاشقجي جريمة مروعة ترتكبها السلطات السعودية”. ولم تقم بريطانيا بتغيير علاقاتها مع السعودية رغم استمرار ظهور الأدلة عن تورط الحكومة السعودية في مقتل خاشقجي. وعقدت رئيسة الوزراء تيريزا مي لقاء مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الشهر الماضي. ويتهم مساعدو الأمير بالتخطيط وتنفيذ الجريمة ثم التستر عليها. وقالت مي في لقائها إنها أكدت على أهمية “الشفافية الكاملة وتحقيق موثوق به في جريمة القتل المروعة”، وذلك خلال لقائها معه بن سلمان في قمة العشرين التي عقدت في الأرجنتين. إلا أن زعيم العمال جيرمي كوربن اتهمها بعدم متابعة القول بالفعل. وقال:”بدلا من الموقف الشديد الذي وعدت به، علمنا أن رئيسة الوزراء قالت للديكتاتور: من فضلك أن لا تستخدم الأسلحة التي نبيعك إياها في الحرب التي يشنها وطلبت من القيام بالتحقيق بطريقة لطيفة في الجريمة التي يزعم أنه أمر بها”. وقال “على القادة أن لا يقدموا كلمات دافئة فقط ضد جرائم حقوق الإنسان ولكن عليهم رفق القول بالعمل”.
ودافع هانت عن العلاقة مع السعودية التي قال إنها شريك استراتيجي وأنقذت حياة البريطانيين. وليست هذه هي المرة الأولى التي تتهم فيها بريطانيا بتقديم السلاح على حقوق الإنسان. فقد اعتقل طالب الدكتوراة ماثيو هيجز أشهرا في الإمارات بتهمة التجسس قبل أن تتحرك الحكومة وتطالب بالإفراج عنه. ورغم شجب هانت اعتقال هيجيز ووصفه بالمروع إلا أن العلاقات التجارية ظلت تعقد خلف الأضواء وعلى مستوى عال. والتقت البارونة رونا فيرهيد ووزير التجارة فوكس ووزير شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية اليستر بيرت، مسؤولين إماراتيين من أجل الترويج للسلاح البريطاني. وقالت بولي سكوت، الخبيرة في الشؤون الخارجية بمنظمة أمنستي إنترناشونال “كان الإنطباع القائم هو أن الأمن والتجارة تتقدم على مصالح حقوق الإنسان في الإمارات”. وكان اعتقال هيجيز ” مفاجئا للحكومة واعتقال الإمارات الأشخاص بعد محاكمات غير عادلة.
وكشفت صحيفة “ميرور” أن لقاء 14 تشرين الأول (اكتوبر) ركز على “مطالب مركز الرياض للعمليات” في إشارة لعمليات الرياض في اليمن. وعلق متحدث باسم الحكومة أن بريطانيا تتعامل مع المسؤولية عن الصادرات بجدية. ولديها نظام قوي ومتشدد لتصدير السلاح. وتعتبر مخاطر انتهاكات حقوق الإنسان عاملا مهما في تقرير الصادرات والرخص. وأكد أن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين ستستمر من أجل مواجهة التهديدات الإقليمية ودعم الأمن الوطني المتبادل.