إندبندنت: توتر سعودي ـ إماراتي منبعه التغيير في واشنطن والندية في علاقة أبو ظبي مع الرياض

إبراهيم درويش
حجم الخط
2

لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية تقريرا لمراسلها الدولي بورزو داراغي بعنوان “بأصدقاء كهؤلاء: الخليج السعودية والإمارات تتصادمان بشأن النفط والاستراتيجية مع تزايد التنافس”.

وقال داراغي إن التوتر بين البلدين يتزايد منذ وقت. مضيفا: “كان الثنائي القوي في الجزيرة العربية قد تعاونا في جهود مشتركة ضد المنافسين الإقليميين بمن فيهم إيران، قطر، تركيا، وأعداء أيديولوجيين مثل جماعة الإخوان المسلمين” ولكن العلاقات بين السعودية والإمارات اتخذت في الأشهر الأخيرة منعطفا نحو الأسوأ، حيث ساءت العلاقات حول عدد من الملفات من اليمن إلى إنتاج النفط والحسابات الجيوسياسية الأوسع، والتي نتجت بعد وصول إدارة جديدة في واشنطن.

ففي وقت متأخر من يوم الأحد، أعلنت السعودية عن وقف كل الرحلات مع الإمارات متذرعة بمخاطر فيروس كورونا وزيادة حالاته في جارتها. وجاء هذا القرار بعد الصدام بينهما حول إنتاج النفط. ويوم الإثنين، غيّرت السعودية قواعد الاستيراد من دول الخليج الأخرى، حيث استبعدت البضائع التي تُصنع في المناطق الحرة أو أي منتج إسرائيلي، في تحدٍ مباشر لوضع الإمارات كمركز تجاري بالمنطقة.

ساءت العلاقات بين البلدين حول عدد من الملفات من اليمن إلى إنتاج النفط والحسابات الجيوسياسية الأوسع، والتي نتجت بعد وصول إدارة جديدة في واشنطن.

وفي الوقت الذي قالت فيه وكالة الأنباء الرسمية السعودية إن تعليق الرحلات من الإمارات جاء بسبب “الموجة الجديدة من جائحة فيروس كورونا وانتشار السلالة الجديدة المتحورة من الفيروس” إلا أن المحللين يرون أن هناك عوامل أخرى لعبت دورا في التوتر. وتقول سيزنيا بيانكو، الزميلة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “يتزايد التوتر بين السعودية والإمارات منذ وقت طويل” حيث “يقوم اللاعبان بإعادة تقييم ميزان القوة في علاقاتهما الثنائية ومجال تطبيقها في المشهد الإقليمي والدولي”.

وأضاف الكاتب أن الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، ونظيره ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، كان يُنظر إليهما ولسنوات كقوة تحديث للشرق الأوسط، وكلاهما مستبد موالٍ للولايات المتحدة، ويتعاونان معها في عدة مجالات إستراتيجية واقتصادية.  كما لديهما طموحات متضاربة لبلديهما وظلت إمكانية التنافس مخفية تحت السطح.

وسارع البلدان لبناء ترسانتهما من الأسلحة المتقدمة، ويُعتبران في مقدمة الدول الأكثر شراء للأسلحة في العالم، ويحاولان على ما يبدو التفوق على بعضهما البعض للحصول على أدوات الحرب. كما يحاول كل طرف التفوق على الآخر في نيل الحظوة لدى واشنطن.

وفي الوقت الذي نظر الطرفان لجماعة الإخوان المسلمين التي تحظى بدعم من قطر وتركيا كخطر، إلا أن هناك تباينا في المواقف. فالسعودية لم توافق أبدا على الموقف الإماراتي من أن الإخوان هم تهديد أيديولوجي ووجودي بالطريقة التي تراها أبو ظبي. وفي الحقيقة ترى الرياض أن إخوان اليمن وسوريا والفرع الفلسطيني للجماعة ضرورية لتسوية النزاعات في هذه البلدان. ويُعرف عن محمد بن سلمان جهوده لزيادة مصداقيته الدبلوماسية وهو يحضّر لتولي القيادة في المملكة. وبدأ في الأشهر الأخيرة بتسوية العلاقات مع تركيا وقطر وتحسين العلاقات مع عُمان التي اختطت طريقها الخاص بعيدا عن الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.

ونقل الكاتب عن تيودر كراسيك، من معهد “غالف ستيتس أناليتكس” في واشنطن، قوله: “يحاول بن سلمان الوصول إلى العرض ويحتاج لتخفيف التوتر مع الجميع حوله” و”سيصبح محمد بن سلمان ملكا وهو بحاجة لتسوية الحسابات من أجل نقل بلده إلى مناخ جديد”.

ويرى المراقبون للشأن الخليجي أن مصدر النزاع نابع من رؤية الإمارات لنفسها على أنها ندٌ منافس للسعودية وليست شريكا صغيرا. وبطريقة معينة، فالخلاف بينهما يعكس التوتر الذي نشأ بين السعودية وقطر في 2017، مما قاد إلى حصار طويل على الدولة الصغيرة.

وقال كراسيك: “هناك تحول في العلاقات بين دول الخليج، وموقع أبو ظبي يتلاشى”. وفي اجتماع الدول المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك) عارضت الإمارات نظام حصص الإنتاج الذي تفاوضت عليه السعودية مع روسيا، وتريد زيادة إنتاجها إلى 3.8 مليون برميل يوميا، بدلا من 3.2 مليون برميل التي خصصها “الكارتل” النفطي لها.

ولا توجد مؤشرات أن السعودية أو الإمارات مستعدتان للتراجع عن موقفهما. وتقول بيانكو: “تشعر الإمارات بأنه عوملت بطريقة غير منصفة. يريدون أن يكونوا قادرين على إنتاج المزيد لأنهم بحاجة للمصادر التي تأتي من خلال تصدير النفط وتمويل عدد من الاستراتيجيات الاقتصادية والجيوسياسية”.

ففي اليمن، تدّخل البلدان ضد جماعة الحوثي التي احتلت صنعاء ومعظم مناطق الشمال، ولكنهما اليوم يدعمان الطرفين النقيضين في الحرب هناك، فالإمارات تدعم الانفصاليين في الجنوب، أما السعودية فتدعم الحكومة المعترف بها دوليا والتي تقيم في الرياض.

ويرى مراقبو الشأن الخليجي، أن الخلاف حول إنتاج النفط واليمن يمكن إدارته. ويقولون إن تغير الإدارة الأمريكية في واشنطن هو ما أخرج الخلاف للعلن.

يرى مراقبو الشأن الخليجي أن تغير الإدارة الأمريكية في واشنطن هو ما أخرج الخلاف بين السعودية والإمارات للعلن.

وتمتّع البلدان بالمكانة والنفوذ في عهد إدارة دونالد ترامب الذي أعجبه البريق والاستهلاك البارز والطرق المستبدة فيها. وكان الطريق إلى البيت الأبيض من خلال صهر الرئيس جارد كوشنر، الذي ساعد على اتفاقيات التطبيع بين الإمارات وإسرائيل بطريقة حرفت الاهتمام عن السعودية، وأدت على ما يبدو إلى التوترات الحالية.

وترى بيانكو أنه “في قلب العلاقات بين السعودية والإمارات كانت علاقة القيادة مع القيادة، وأيضا قدرة محمد بن زايد لتقديم محمد بن سلمان إلى غرف السلطة العالية في الولايات المتحدة”. مضيفة: “أدى رحيل ترامب وكوشنر ووصول بايدن إلى أسئلة حول عنصر علاقة القيادة بينهما”.

وبعيدا عن التوتر الحالي، إلا أن المحللين يستبعدون فكرة انهيار العلاقات مع أنها أصبحت حساسة. وترى إيمان حسين من معهد دول الخليج العربية في واشنطن: “زاد  التنافس الإقليمي بين دول الخليج مع محاولات السعودية جذب المستثمرين الأجانب والمواهب”، مضيفة أن السعودية والإمارات تواصلان التعاون في عدد من المجالات الأخرى، وأن دول الخليج تتعلم للتعايش مع خلافاتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عمران اسمر:

    ريا و سكينة

  2. يقول Souhail:

    هناك من يدعو ان يضرب الضالمين بعضهم ببعض وهناك من يقول انها مراهقة سياسية يقودها مراهقان سياسيان تتغير سياستهم بتغير مزاجهم الشخصي تجاه بعضهم ببعض،اما انا فأقول لا حول ولا قوة الا بالله

إشترك في قائمتنا البريدية