إنذار أخير لسكان عمارات ماسبيرو قبل هدمها… ونار مصاريف العلاج تكوي أجساد الفقراء

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : على مدار يومي السبت والأحد 13 و14 فبراير/شباط شهدت صحف القاهرة حالة من الاحتراب، التي توحي بأن الروح دبت في جسد الصحافة الميت، إذ شهدت أكثر من صحيفة على لسان العديد من الكتّاب هجوماً غير معتاد ضد الحكومة والقوى المؤثرة في دوائر السلطة.. تلك الحالة التي دفعت كاتبا بدرجة شاعر كبير هو فاروق جويدة المعروف بهدوئه، لأن يندد بالحكومة في “الأهرام” بسبب من يسعى لـ”ترويع سكان 8 عمارات على كورنيش ماسبيرو”، إذ تصر الجهات المسؤولة على هدم العقارات الملاصفة لماسبيرو، وفق ما أشار إليه الكاتب.. فيما شهدت الصحف هجوماً حاداً بسبب تغول المستشفيات الخاصة، ومعاناة الفقراء الباحثين عن فرصه للعلاج.
ومن أبرز التقارير قيام حزب الوفد، بإبلاغ مجلس النواب، في خطاب رسمي بفصل محمد عبد العليم داود من حزب الوفد، ومن رئاسة الهيئة البرلمانية للوفد. وأشار الحزب إلى أنه تم اختيار سليمان وهدان ممثلا للهيئة البرلمانية، حيث أحال رئيس مجلس النواب حنفي الجبالي، الخطاب إلى لجنة الشؤون التشريعية والدستورية، مؤكداً أن تغيير الصفة من حزبي إلى مستقل، أو العكس يترتب عليه إسقاط العضوية، وتم إحالة الأمر إلى اللجنة التشريعة. وأكد الجبالي رئيس المجلس، أن الإجراءات التي تتخذ وفق المادة 6 من قانون مجلس النواب، والتي تنص على إجراءات تغير صفة العضوية، وما يترتب عليها من إجراءات، على أن ترد اللجنة التشريعية بالإجراءات الواجب اتخذها، وبينها إسقاط العضوية خلال 3 أيام. وحول سر غياب علي عبدالعال رئيس البرلمان السابق عن الجلسات، قال الإعلامي والنائب مصطفى بكري لـ”المصري اليوم”: الدكتور علي عبدالعال موجود في منزله، وهو غير متأثر بما حصل من استبعاده عن رئاسة البرلمان.. وتابع بكري “هو نفسه تفهم وقال إن التغيير في الحياة السياسية أمر طبيعي، “ولكن قاللي أنا مش هقدر أروح مجلس النواب في الوقت ده”. وأضاف: “هي مسأله نفسية من رئيس مجلس نواب إلى عضو». وفجّر بكري مفاجأة مؤكداً أن عبدالعال أخبره بأنه لن يتقاضى راتبه كنائب. وفي رده على سؤال “ألا يخشى عبدالعال من إسقاط عضويته، خاصة أن تغيبه يعد إخلالاً بواجبات العضوية» أجاب بكري: إن رئيس البرلمان السابق لن يقدم استقالته، رغم أن البعض طالبه بذلك، ولكنه قال أنا رجل دولة ولن أستقيل. ومن أبرز التقارير التي اهتمت بها “الأخبار” و”الوطن” و”الجمهورية” وسائر الجرائد: تفقد الرئيس السيسي عدداً من مشروعات الطرق والمحاور الجديدة في منطقة شرق القاهرة، واطلاعه على تطوير محور مسطرد، واستفسر عن التفاصيل التنفيذية والإنشائية الجارية من المشرفين الهندسيين في مواقع العمل، موجهاً بمراعاة تطبيق أعلى المعايير الهندسية. من جانبه قال المستشار نادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء، إن الرئيس السيسي كان وراء توجيه الحكومة بتأجيل امتحانات الطلاب، وإعطائهم فرصة للاستذكار واستكمال الدراسة عن طريق التعليم عن بعد، حيث كانت الفترة التي صدر فيها هذا القرار، تشهد زيادة في أعداد إصابات فيروس كورونا، لذا كان هناك توجيه رئاسي بتأجيل الامتحانات وعقدها في فترة لاحقة.
ضحايا جدد

إلى جانب مبنى ماسبيرو العريق والكلام لفاروق جويدة في “الأهرام”توجد 8 عمارات على شاطئ النيل يسكنها أصحابها من عشرات السنين وفيهم أسر كاملة الأزواج والأبناء والأحفاد وهي عمارات فاخرة.. ومع مثلث ماسبيرو الشهير الذي يتم إنشاؤه الآن، قررت وزارة الإسكان هدم هذه العمارات، ونقل سكانها إلى أبراج خلفية سوف تقام في المشروع.. وهناك اتجاه إلى إنشاء حديقة بدلا من العمارات.. ولنا أن نتصور هدم هذا العدد وهذه المساحة. اتصلت بي السيدة الفاضلة عائشة الملا وهي من سكان إحدى هذه العمارات وقالت لماذا تهدم الحكومة بيوتنا التي نسكنها منذ خمسين عامًا.. بينما أبقت على مبنى التلفزيون ومبنى وزارة الخارجية، وكلاهما يحتل مساحة ضخمة من الأراضي؟ إن أبسط الأشياء الآن هو الاعتداء على مساكن المواطنين.. إن هدم 8 عمارات ليس قضية سهلة وكان ينبغي أن يدرس المشروع بصورة أفضل.. لقد تقدم عشرات السكان بشكاوى إلى المسؤولين في الدولة ولم يسمع أحد لهم.. وهناك إصرار على هدم العمارات وتشريد سكانها.. هل كل شيء الآن لا يهتم بحق المواطن في أن يناقش ويعترض؟ وهل كل شيء الآن قابل للهدم ابتداء ببيوت الأحياء وانتهاء بمدافن الموتى؟ إذا كانت الحكومة تتخذ قرارات هدم، فلابد أن تقدم بدائل مناسبة.. ولا يعقل أن تنقل سكانًا يعيشون على النيل إلى عشوائيات لم يسكنها أحد بعد.. إن هذه الكتلة السكنية والمعمارية لا يمكن أن تعامل بهذه العشوائية، خاصة أن هناك مباني مجاورة لم يقترب أحد منها، وهي مبنى وزارة الخارجية ومبنى التلفزيون.. لابد أن تراعى الجوانب الاجتماعية والإنسانية في المشروعات الجديدة، بما يحفظ أمن المواطن وحقوقه واستقراره.. أما عمليات الهدم بهذه القسوة فهي قضية تحتاج إلى وقفة ومراجعة.. إن مبنى الحزب الوطني على بعد خطوات من هذه العمارات ويمكن أن تقام فيه حديقة أمام المتحف المصري.. إن هدم 8 عمارات وحرمان هذا العدد من السكان وتشريد أسرهم بين العشوائيات، قرار تنقصه الرحمة وحقوق المواطن في أن يكون آمنا في بيته.

كوبري ومستشفى

انحازت هالة فؤاد في “المشهد” للأغلبية الفقيرة: “ليس بالكباري وحدها يحيا الإنسان.. ولا معنى لشموخ كباري تُشَيَّدُ بهمة ونشاط، بينما يعاني مرضى من انكسار وقهر وإذلال، فقط ليتلقوا حقهم في العلاج. سأرفع القبعة للحكومة اعترافا بالنجاح، وأنحنى للنظام تبجيلا واحتراما وتوقيرا، وأسير في الشوارع أهتف تحيا مصر ليس فقط ثلاث مرات، بل سأزيدهم لمئة مرة قوية مدوية، فقط لو ردت للمريض آدميته، وردت للفقير حقه وللمهمش كرامته. علاج المريض ليس منة ولا هبة، لكنه حق كفله الدستور.. فليت كل مسؤول ارتضى الجلوس على مقعده، أن يسعى لتطبيق ذلك البند الإنساني من الدستور، وإلا ما استحق شرف خدمة الشعب، كما فرض عليه واجب منصبه والتزامات مسؤوليته. افتحوا قلوبكم وأبواب مكاتبكم للمرضى لتسمعوا مرّ الشكوى، وأراهن لو استطعتم أن تستمروا في التمسك بكراسيكم لو تبقى في قلوبكم قدر من إنسانية، وفي أرواحكم قدر من رحمة. المريض في مصر مهان، ما لم يكن لديه أموالا ضخمة تغنيه شر السؤال والتردد على مستشفيات الحكومة، أو عيادات التأمين الصحي، المريض في مصر مكسور ضعيف مقهور، أسير آلام شقي الرحى، قلة الحيلة وضعف ذات اليد، ومصاريف علاج تكوي بنارها الاجساد المنهكة، فتزيد آلامها أوجاعا. رحلة شقاء طويلة يعاني منها المريض لو قدر له اللجوء للعلاج عن طريق التامين الصحي، سلسلة طويلة من الإجراءات الروتينية، تشكيل لجان ولجان منبثقة، تأشيرات وأختام وأوراق وشهادات وتقارير، وتفسيرات مختلفة لتشخيصات وعلاجات وطرق وعرة بين مكاتب مختلفة لأطباء وموظفين، لكل منهم رأيه ولكل منهم فهمه ولكل منهم تفسيره، لما هو مدون في الأوراق والتقارير أمامه”.

حال المريض

لنا أن نتخيل والكلام ما زال لهالة فؤاد، حال مريض بالمرض الخبيث لو اضطر للعلاج عن طريق متاهة التأمين الصحي.. من المؤكد أنه يحتاج عمرا آخر فوق عمره المهدد بالموت، كي ينتهي من تلك الإجراءات الروتينية بفرض ألا يسبقه الأجل قبل أن ينهيها. لا يختلف الوضع كثيرا عما يمكن أن ينتظره في معهد الأورام، الدائرة الروتينية المرهقة نفسها، الإجراءات الصعبة نفسها، القدر نفسه من استنزاف الجهد والطاقة والصبر، للهاث وراء تقرير طبي وعرض على لجان وصرف أدوية وانتظار لدور في تلقى جرعات العلاج الكيميائي، أو جلسات العلاج الإشعاعي. ولنا أن نتخيل حال مريض أوقعه حظه العثر لتحويل علاجه من التأمين الصحي لمعهد الأورام.. فالدائرة الروتينية هنا ستتضاعف وتيرتها لتزيد من حجم معاناة المريض.. بين تفسيرات لتقارير وتحديد لجرعات وتقنين لأدوية وتشخيص لعلاج.. لا تقتصر صعوبة وتأويل تفسيرها على جهة واحدة فقط، بل تتبادل الجهتان اجتهادات التفسير والتدقيق والتأويل.. يصر أطباء التأمين الصحي على تحديد مواعيد للجرعات بينما يتمسك أطباء المعهد بعدد الجرعات.. وبين التفسيرات المتعنتة يتوه المريض، يعجز عن إقناع مسؤولي التأمين بأن تحديد الجرعات بتواريخ لا يتناسب مع طبيعة مرض وحالة مريض قد تضطره ظروفه الصحية، وضعف مناعته واضطراب حاله واضطراب تحاليله الطبية، أن يعجز عن تلقي الجرعات في مواعيد محددة، بل الأمر يتطلب في الغالب تأجيل تلقي الجرعات حتى يستعيد الجسم جزءا من قوته وقدرا من مناعته.. لكن لا أحد يستجيب، بينما يصر مسؤولو معهد الأورام على الالتزام بتحديد جرعات محددة للعلاج، وبين تعنت التأمين والمعهد، ما على المريض إلا الصبر أو الموت كمدا، أو البحث عن واسطة تقرب وجهات النظر وتعيد قراءة إنسانية، وتمنح قدرا من رحمة للتعامل مع مريض لا يملك رفاهية الانتظار. ارحموا انكسار المرضى، لا تفرضوا عليهم تسولا للعلاج، فشموخ البشر أحق وأولى من شموخ كباريكم المشيدة.

مقار الوزارات

ما زالت مباني الوزارات في القاهرة قضية لم تحسم حتى الآن، وهي قضية تحت البحث وتقرير المصير، يقول عباس الطرابيلي في “المصري اليوم”، وفي المقدمة مبنى مجمع التحرير، الذي يضم العديد من مقار الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية، بل أرى أن مباني مثل مباني وزارة الخارجية – على نيل القاهرة – مشكلة تبحث عن حل، وهو المبنى الذي استوحى فيه مصممه زهرة اللوتس، وهل سيتم نقل هذا المبنى شديد الروعة من شط النيل إلى موقع آخر في العاصمة الإدارية الجديدة؟ وكذلك مباني وزارة المالية في ضاحية مدينة نصر وعمرها لا يصل إلى 20 عامًا.. هل سيتم أيضًا نقلها إلى العاصمة الإدارية الجديدة.. وكذلك مباني الأجهزة المركزية «المحاسبات والإحصاء والتنظيم والإدارة والتخطيط»، وكلها في مدينة نصر.. هل سيتم نقلها هي أيضًا إلى العاصمة الجديدة.. ويواصل الكاتب، أمامي أيضًا مباني وزارة التضامن الاجتماعي التي بنيت في منطقة العجوزة فوق أرض كانت حديقة لملجأ الفتيات.. هل أيضًا سيتم نقلها.. رغم أنها بنيت في مدينة الجيزة. وهناك مبان جديدة للسفارات العربية أقيمت في السنوات الأخيرة، مثل سفارات السعودية والكويت وسلطنة عمان.. هل ستلحق أيضًا بمباني الوزارات إلى حيث العاصمة الإدارية الجديدة، بكل ما يتبعها من قصور وفيلات تستخدم سكنًا للسفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي. ونخشى ألا تستجيب هذه الدول التي أقامت هذه المباني الضخمة الفخمة على شط النيل، وربما يكون سهلًا نقل الوزارات التي تمركزت في منطقة الزمالك أو جاردن سيتي، أو حول قصر عابدين، وحول مبنى البرلمان المصري. وأخشى أن تتعثر عملية الانتقال هذه.. أو نفقد السبب الأساسي الذي أقيمت لتحقيقه هذه العاصمة الإدارية الجديدة، وهو التخفيف من تركز مباني الوزارات في القاهرة القديمة، حول وبالقرب من مقر البرلمان المصري، وكذلك مقر مجلس الوزراء الذي كان قصرًا للأميرة شويكار مطلقة الملك فؤاد، وكذلك وزارات التربية والتعليم والصناعة والصحة والعدل والحربية، بل الخوف كله أن تتأخر عملية الانتقال هذه المقرر لها العام الحالي 2021. وربما تبقى هذه المقار لسنوات عديدة إلى أن يتم حسم مصيرها.. أو نتفق على إشغالها بأنواع أخرى من النشاطات.. وتلك قضية تؤرق الحكومة الآن.

استرخاء وهمي

ما زالت أزمة السد الإثيوبي تتفاعل، ومن بين المهتمين بها الدكتور ياسر عبد العزيز في “المصري اليوم”: “لم يجد الرئيس السيسي وصفاً دقيقاً يعبر عن خطورة مشكلة مياه النيل سوى أن يصفها بـ«قضية حياة أو موت»، حين سُئل عن تطورات المحادثات مع إثيوبيا في شأن سد النهضة، واحتمالات فشلها، خلال مقابلات صحافية عديدة أجراها على مدى السنوات الفائتة. تكمن المشكلة التي تؤرق القيادة والشعب في مصر راهناً في أن حصة مصر التاريخية في مياه النيل، التي تم تحديدها في حقبة بعيدة، لا تكفي استخدامات المصريين، الذين بلغ عددهم الآن أكثر من مئة مليون نسمة، ومع ذلك فإن تلك الحصة التي تم تحديدها قبل عقود طويلة لا تزيد، بل باتت معرضة للنقصان. بعد عشرة أعوام من التفاوض مع إثيوبيا، لا يبدو أن هناك حلاً مرضياً للأطراف كافة، ويرى خبراء مصريون أن مصر يجب أن تمتلك بدائل في حال واصلت إثيوبيا تعنتها وفرضها لسياسة الأمر الواقع. وينصح هؤلاء ببحث خيارات أخرى بديلة للحفاظ على حصة مصر من المياه، وهو الأمر الذي تطالب به قطاعات في النخبة، وعدد من الكتاب والمحللين المعروفين في وسائل الإعلام”.

حياة أو موت

واصل الدكتور ياسر عبد العزيز تعاطيه مع أزمة السد الإثيوبي الذي تسبب في حالة من الخوف، ما زالت تخيم على الأغلبية: “طمأن الرئيس السيسى المصريين مجدداً، وطالبهم بـ «عدم القلق»، وهي رسالة يراها الكاتب مبطنة يمكن أن نترجم معناها إلى أن «مصر الآن لا تتحدث سوى عن التفاوض ولا ترغب إلا في حل سياسي لتلك الأزمة، وستجتهد في هذا الإطار، ولكل حادث حديث». يقول بعض الخبراء أن مصر أمامها خيار فعال يكمن في الضغوط السياسية والتحشيد، لكن هذا الحل بدا غير ناجع، حتى عندما تدخلت الولايات المتحدة في الملف وحاولت حلحلته.لا يمكن ضمان نتائج مثل تلك السياسة بطبيعة الحال، خصوصاً في ضوء قيام بعض الدول المهمة بمساندة إثيوبيا ودعمها، لتمضى قدماً في بناء السد وتجاهل المخاوف المصرية. إذا عدنا إلى مقولة الرئيس عن كون مياه النيل «قضية حياة أو موت»، سنأمل ألا تدفعنا إثيوبيا إلى التفكير في خيارات أخرى غير التفاوض، وهي خيارات صعبة ومُكلفة، وقد أظهرت مصر الحنكة والصبر اللازمين لتفاديها.

رحمة بالبؤساء

طالب أحمد هاشم في “الأخبار” الحكومة بأن تقوم بتقسيط الضرائب، كما فعلت العام الماضي مؤكداً أنه يجب على وزارة المالية أن تتخذ الإجراء خلال موسم الإقرارات الضريبية الحالي، الذي ينتهي في 30 إبريل/نيسان المقبل، لأن كورونا لا تزال تسبب أضرارا كبيرة لبعض القطاعات الاقتصادية، ما أدى لتراجع إيراداتها، أو انخفاض معدلات الإنتاج فيها، وبالتالي تحتاج إلى الفرصة نفسها التي أتاحتها وزارة المالية لهذه القطاعات خلال موسم الإقرارات الضريبية للعام الماضي، خاصة أن تقسيط الضريبة لم يؤثر في الحصيلة الضريبية للعام المالي الماضي، بل ربما يكون سببا إيجابيا على حجم الحصيلة، لأن تحصيل الضريبة في موعدها القانوني كان يضع أعباء كبيرة على عدد كبير من الشركات المتضررة، وربما كان بعضها قد توقف عن السداد، وبالتالي كان سيتعرض لغرامات تأخير وفوائد على عدم السداد، وهو ما كان يمكن أن يتسبب في إغلاق عدد ليس بالقليل من هذه الشركات.. ولذلك فإن تقسيط ضريبة موسم الإقرارات الحالي حتى نهاية السنة المالية الحالية في 30 يونيو/حزيران المقبل، قد يكون سببا في إنقاذ الشركات والقطاعات المتضررة، وفي الوقت نفسه لن يلحق ضررا بحصيلة الضرائب، خاصة أن الهدف الأسمى الذي تسعى وزارة المالية لتحقيقه يتمثل في عدم إغلاق الشركات بسبب الضريبة، لأنها تسعى إلى تشجيع الشركات على أن تتوسع في أنشطتها، وبالتالى توفير فرص عمل أكثر، وزيادة الإنتاج.

المطلوب الترشيد

تتساءل أمينة خيري في “المصري اليوم”، “هل لو قلنا إننا في حاجة إلى ترشيد بناء دور العبادة، والتوسع أكثر في بناء الحدائق العامة والمستشفيات والساحات الرياضية والمدارس، ومضمارات الدراجات الهوائية والأماكن المخصصة للمشي والمسارح – سيتهموننا بالكفر؟ وهل لو طالب أحدهم بأن تقتصر الدراسة في الكليات التابعة للمؤسسات الدينية على العلوم الدينية، مع دمج مادة الأخلاق، والتوقف عن تدريس العلوم غير الدينية من طب وترجمة فيها، سيكون بذلك على قوائم الموعودين بنار جهنم؟ وهل لو أشار أحدهم إلى أن القنوات التلفزيونية المخصصة على مدار ساعات اليوم الـ24 لجمع تبرعات المؤمنين لبناء عشرة مساجد في القرية الفلانية الواقعة تحت خط الفقر، أو لإنهاء صب السقف في المسجد الفلاني في القرية العلانية، لأن أهلها لا يملكون قوت يومهم لإكمال عملية الصب، وغيرها من أنواع الضحك على الذقون بالذقون، ما هي إلا عمليات نصب واحتيال بدون أدنى شك، سيصنف باعتباره كارهًا للدين ومعاديًا للمتدينين؟ تقول لأحدهم: مش كان أولى نبني نادي رياضي وثقافي يمارس فيه الشباب الرياضة، ويتلقون قدرًا من الثقافة، سواء كانت أدبًا أو رسمًا أو اكتشاف مواهب وسماع موسيقى، تنظف الآذان وتسمو بالروح، وحين يحين موعد الصلاة يصلون ويشكرون الله على نعمة العقل والعلم والفن؟ فيرد عليك بكل ثقة: يعني نبني مساخر فن ودعارة ولا نبني مساجد؟ وقبل أشهر قليلة أخبرنا وزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة أن «مصر أصبحت – ولله الحمد – بلد المئة ألف مئذنة وليس بلد الألف مئذنة، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يشكك في إيمان مصر وتدينها». وللعلم فإن جهود وزير الأوقاف في محاولات تطهير الخطاب الديني واضحة، وكذلك مقاومتها. ملف المساجد فيه شقان: الأول هو تعلق أبناء ومريدي وأتباع جماعة الإخوان بأي قشة قد تؤدي إلى استعادة الشعبية، وبالتالي وكعادتهم فهم يخبرون أتباعهم المغيبين ممن محوا عقولهم بأن الدولة تهدم المساجد وتحارب الدين وتقضى على المتدينين. وهنا يبرز الشق الثاني ألا وهو مفهوم الدين الجديد لدى الكثيرين، إذ كلما زاد عدد المساجد تأكد الإيمان وثبت، وطالما صلى أحدهم فهو حتمًا مؤمن ومتدين، وكلما زادت أعداد مكبرات الصوت تغلغلت حلاوة الإيمان أكثر في قلوب الملايين، وكلما تداخلت رنات الهواتف المحمولة بأصوات الأدعية والآذان، ارتعب الكافرون وارتعد أعداء الدين. نظرة موضوعية على مصرنا العزيزة تشير إلى أن عدد المساجد زاد زيادة كبيرة ولله الحمد. مليارات تم إنفاقها على البناء والترميم ناهيك عن بناء الجديد والكبير في كل مكان. وهذا إنجاز عظيم. لكن الإنجاز لن يكتمل إلا باكتمال المواطن، فلا يعقل أن يكون لدينا هذا العدد العظيم من دور العبادة، ورغم ذلك نئن من وطأة التحرش والتنمر وقلة الضمير والنظافة واحترام حقوق الغير، حتى لو أصبح لدينا مسجد لكل مواطن نحتاج لما هو أكثر من ذلك.

لهذا يفرحون

شريحة كبيرة من أولياء الأمور؛ يسعدهم تأجيل الدراسة، ويبتهجون فرحًا لوقف الامتحانات، هؤلاء ينتظرون بشغف وسعادة قرارا من الحكومة بتأجيل الامتحانات والدراسة. على غرار ما تم اليوم بمدّ إجازة نصف العام أسبوعا إضافيا. هذه الظاهرة الاجتماعية كما أوضح علي محمود في “الأهرام” يجب التوقف عندها، والبحث في جذورها، ربما يقول البعض إن الفرحة مبعثها حماية الطلاب من الإصابة بكورونا؛ لكن وإن كان ذلك بالطبع صحيحًا؛ لكن لا يمكن إنكار أن الفرحة في جانب كبير منها مرجعها أعباء العملية التعليمية؛ فالذهاب إلى المدرسة لم يعد مريحًا، حتى وإن اتخذت الدولة الإجراءات الاحترازية الصارمة كافة، التي تمنع انتشار الوباء. أسئلة كثيرة تمثل في مجملها حالة مصرية خاصة، ترتبط بمستقبل هذا البلد، وتقدمه وتطوره، وبعيدًا عن أن يكون توقف الدراسة بسبب قهري – وهو فيروس كورونا – إلا أن رد الفعل الجماهيري هو الذي يجب التوقف عنده.. لماذا يفرحون؟ التعليم في مصر يمثل أحد أخطر الأزمات التي تعوق تقدم هذا البلد، ففي تجارب الأمم التي حققت النهضة التنموية، جاءت انطلاقتها من قاعات الدرس، ومن مراكز الأبحاث؛ فاليابان بنت نهضتها الصناعية على عقول طلاب الجامعات، وأمريكا وكندا.. وغيرها من الدول. إلا إننا في مصر ما زلنا نبحث عن نظام تعليمي يتعاطى مع متطلبات العصر، قدماء المصريين من الأجداد علموا العالم، بينما الأحفاد ما زالوا يبحثون عن طريق يهدي إلى العلم النافع. المؤكد أن مرجع الفرحة وسبب البهجة لدى الطلاب وأولياء الأمور، أن العملية التعليمية برمتها باتت مرهقة ماديًا ومؤذية معنويًا، المصريون ينفقون مليارات الجنيهات كل عام على الدروس الخصوصية بدون جدوى، بعد أن خرجت المدرسة من الخدمة وتحولت من مؤسسة تعليمية وتربوية إلى مجرد مبنى لتحصيل الرسوم.

علينا أن نعتاده

رغم التقدم، المعلن عنه، في إنتاج وتوزيع لقاحات كورونا في العالم، ما زال الفيروس يفرض نفسه على أخبار العالم، مع تقارير متضاربة بعضها يشير كما يقول أكرم القصاص في “اليوم السابع”، إلى تراجع أو ثبات في أعداد الإصابات والوفيات، لكن بعض التقارير الأخرى تشير إلى أن التراجع إنما هو الاعتياد في ما يتعلق بأخبار كوفيد – 19، التي تهدأ أو تدخل في سياقات الاعتياد. ولا يعني تراجع التركيز على كورونا أنها تتراجع، وبالفعل فقد قالت أندريا أمون مديرة المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها: إن على العالم أن يستعد لفرضية أن فيروس كورونا سيبقى بيننا. وأشارت في تقرير نشرته قناة “الحرة” وصحف أمريكية، إلى أن بقاء الفيروس هو الأكثر ترجيحا، ويبدو أنه تكيف بشكل كبير مع الإنسان. علينا تاليًا أن نستعد لفرضية أنه باق بيننا. تصريحات مسؤولة الصحة الأوروبية تزامنت مع أنباء عن أن اللقاحات رغم أنها تقلل من خطر الإصابة، فإن العلماء لا يزالون يجهلون ما إذا كانت تحول أيضًا دون انتقاله من شخص إلى آخر. مع إشارة إلى الطفرات والنسخ المتحورة، خصوصا المتحورين الجنوب أفريقي والبرازيلي. لم تكن المسؤولة الأوروبية هي أول من يشير إلى احتمالات بقاء الفيروس مثلما يجري مع فيروس الأنفلونزا. فقد سبق وتم الإعلان عن ذلك، والاستعداد لتكرار تلقي اللقاح سنويًا وموسميًا. على جانب آخر، هناك خبراء وأطباء، يقولون إن الفيروس سوف يختفي، وإن ما يجري ربما كان نوعًا من التخويف، هدفه استمرار إنتاج وبيع اللقاحات لفترة حتى تستعيد الشركات المنتجة أرباحها، وما أنفقته على اللقاحات، وإن هذه الشركات قلقة من تكرار ما جرى، مع لقاحات سارس وميرس اللذين اختفيا قبل أن يتم توزيع اللقاحات عالميًا. وفي ما يتعلق باللقاحات فقد تواصلت عمليات تطعيم المواطنين في أوروبا وأمريكا، مع استمرار إثبات الإصابات رغم تطعيم عشرات الآلاف، والبدء في ضم اللقاح الروسى سبوتنيكV، إلى اللقاحات المستخدمة في أوروبا، وفي الوقت نفسه ثار الجدل حول لقاح استرازينيكا، قبل أن تحسم منظمة الصحة العالمية الأمر، وتوصي باستعماله على نطاق واسع حتى بالنسبة لمن هم فوق سن 65 عامًا. هذا عن الجدل في الخارج، لكن في مصر لم يتوقف الأمر، وأعلنت وزارة الصحة استمرار تطعيم الأطقم الطبية قبل البدء في تطعيم الفئات الأكثر احتياجًا من كبار السن والمرضى بأمراض مزمنة، خاصة مع استمرار نسب الإصابات بشكل متوسط، وما أعلنت عنه وزيرة الصحة، أن هناك توقعات بارتفاع الإصابات في شهر إبريل/نيسان، وتتراجع في مايو/أيار، وتم تفسير هذا بأن إبريل يتزامن مع شهر رمضان، ما يرفع احتمالات العدوى. وبالطبع فإن رسم التوقعات من خلال لجنة مواجهة الفيروس، هو أمر جيد ويفترض أن تتكثف الدعاية لتقليل الاحتكاك، والتزام الإجراءات الاحترازية بما يساهم في خفض الإصابات مع دخول الصيف وزارة الصحة لم تمانع من عودة المدارس بعد انتهاء إجازة نصف العام خلال عشرة أيام، وهو ما سوف يحسمه اجتماع اللجنة العليا لمكافحة كورونا.

مأزق قديم

لو أن مشكلة إيجارات الشقق القديمة تنحصر كما يقول حازم منير في “الوطن” في تدنى قيمتها الإيجارية فقط، فإن حل المسألة سهل ويسير، ومن دون إثارة أي أزمات أو مشكلات اجتماعية بين المصريين، ويُمكن بالعديد من الأفكار والمقترحات الإيجابية تقديم حلول عادلة مرضية لكل أطراف المعادلة المعنيين. المشكلة كما يراها الكاتب، أن أزمة هذا الملف الحقيقية تتعلق برغبات تحقيق الثراء السريع غير المنطقي، ولو على حساب أطراف أخرى في المجتمع، كما تتعلق بمصالح شركات وأصحاب أنشطة مقاولات، يسعى بعضهم إلى استثمار الفرصة تحت شعارات تحقيق العدالة، بهدف استغلال الموقف في عمليات شراء وهدم وبناء، وباختصار خطف جانب مهم من الثروة العقارية لمصالحهم الذاتية، وهي أهداف ستلحق بالمجتمع أضراراً بالغة بعضها في أحيائه التاريخية، والبعض وهذا الأهم في تماسكه المجتمعي. قبل الدخول في تفاصيل هذا الملف الشائك، من المهم الإشارة إلى جماعات ضغط، تتكون من مُلاك عقارات، ويقف خلفها شخصيات ومقاولون وأصحاب شركات، وجميعهم من قبل سنوات عدة، وهم ينظمون حملات إعلامية، من خلال البرامج المُستأجرة في بعض الفضائيات «شراء الهواء»، وتوظيفها في الضغط من أجل تحرير العلاقة الإيجارية في المساكن القديمة، وإخلاء المساكن من المستأجرين، بإثارة عواطف الناس «المُلاك المقهورون» «المستأجرون الظالمون» «نملك عمارات ولا نستطيع مواجهة أعباء الحياة» أو «المستأجرون أغنى من أصحاب العمارات»، وهكذا تم ترتيب تلك الحملات الإعلامية، لصناعة بيئة ملائمة تدعو لإعادة الحق إلى أصحابه المقهورين. الحاصل أننا أمام مشكلة حقيقية، لو نظرنا لها من جوانبها الصحيحة، وهي تلك المتعلقة بحقوق المجتمع من ناحية، وبحقوق أطراف المشكلة المختلفة، التي تأثرت كثيراً من فترة جمود تشريعي لعشرات السنوات تسببت في تعقيدات وتشابكات مزعجة، حذر الكاتب من أزمة فعلية، لو تعاملنا بحساب السعي لتحقيق الثراء السريع، أو الانتقام من الذين «احتلوا» البيوت لسنوات طويلة، والتعامل مع الأمر بمنطق «البتر» السريع للمشكلة.

العجلة الدوارة

مشروع كويس في المكان الغلط، هذه هي العبارة التي قالها المهندس نجيب ساويرس عن مشروع «كايرو آي» أو «عين القاهرة» أو «عجلة القاهرة»، الذي تم الإعلان عنه في 21 يناير/كانون الثاني الماضي، عن إقامته في حديقة المسلة التراثية المجاورة لحديقة الأندلس على النيل، مقابل برج القاهرة في مدخل جزيرة الزمالك. هذا ما بدأ به عماد الدين حسين مقاله في “الشروق”، المشروع لمن لم يسمع عنه هو إقامة أكبر عجلة دوارة ترفيهية وسياحية فى افريقيا والشرق الأوسط على مساحة 20 ألف متر، والعجلة بارتفاع 120 مترا، وتضم 48 مقصورة، وتتيح للزوار مشاهدة 50 كيلومترا دائرية في القاهرة. المشروع يفترض أن يتكلف 500 مليون جنيه، وطبقا لأحمد متولي رئيس مجلس إدارة شركة هاواي صاحبة ومنفذة المشروع، فإنه سيجذب 205 ملايين زائر سنويا.
يقول الكاتب، عبارة ساويرس التي بدأت بها الحديث استخدمها الكثيرون، وهم يناقشون الموضوع مناشدين الحكومة أن تستجيب لرغبة غالبية الناس، وتنقل المشروع لمكان آخر. الخبراء والشخصيات العامة يؤكدون أن المشروع فعلا مهم، وهو يحاكي «عين لندن» الشهيرة، وسيجذب المزيد من السائحين، لكن لماذا لا يتم تنفيذه فى مكان آخر، طالما أنه سيؤدي إلى الزحام في جوار الأوبرا، والتأثير في البيئة في منطقة تعاني بالفعل من كل المشاكل المرورية. وباستثناء الشركة صاحبة المشروع، فإن الجميع تقريبا يعارضه أو يتبرأ منه. وزير السياحة والآثار الدكتور خالد العناني، الذي حضر الإعلان عن تدشين المشروع، وحينما سألته النائبة نورا علي، قال بوضوح: “ليس لنا علاقة من قريب أو بعيد بالمشروع، ولا يقع ضمن اختصاصات وزارة السياحة، وأرض المشروع ليست سياحية، ولم يحصل على ترخيص من الوزارة”. رئيس لجنة الصحة في مجلس النواب الدكتور أشرف حاتم وعضو المجلس عن دائرة قصر النيل، التي يقع المشروع في نطاقها، كان شجاعا في تحركه حينما تقدم مبكرا باستجواب لمجلس النواب متسائلا عن سر منح محافظة القاهرة الشركة موافقة بالأمر المباشر بالمخالفة للقانون والدستور، بحكم أن الزمالك محمية طبيعية، وحديقة المسلة تراثية ومرفق لا يصح التصرف فيه، إلا بالقوانين والإجراءات والقواعد الصحيحة. وطلب حاتم من وزيرة البيئة وقف المشروع وعمل دراسة للآثار البيئية والحصول على موافقة المواطنين والمجتمع المدني.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية