بقايا

رأى الطفل خالته منحنية على الأرض تحدق إليها كأنها تبحث عن شيء ضائع، فسألها: عما تبحثين؟
فأجابت أنها تبحث عن أولادها الذين قتلوا، ولم يرسلوا إليها أية رسائل كأنهم نسوا أمهم التي حملت كل واحد منهم في بطنها تسعة شهور.
ورأى الطفل أمه مشعثة الشعر ترتدي ثوباً أسود اللون، وتعانقه، وتقول له : الحمد لله لأنك صرت رجلاً ذا شاربين تستطيع أن تقتل من قتل زوجي وقتل إخوتك، وسيقتلك إذا لم تقتله.
ورأى الطفل في المرآة طفلاً هزيلاً أصفر الوجه غاضب العينين يقول له : تعلم ألا تخاف من الظلمة والجن.

يا علي مدد…

لا شيء في سوريا حالياً سوى الجنون الخطر المتحرر من كل القيود والمنطلق على هواه: جنون الرئيس الذي قرر الإستغناء عن الشعب السوري وطرده شر طردة واستيراد شعب آخر من البلدان المجاورة، وجنون هؤلاء الذباحين الملطخين بالدم الذين يعتقدون أن الثورة السورية لا غاية لها إلا إعادة الخلافة الإسلامية.

وما النصر إلا من عند الله

استجمع الرئيس المقاوم الممانع قواه المحلية والإقليمية والدولية معتزماً تأديب اسرائيل أقسى تأديب وتلقينها درساً لا ينسى، واختار مجلة اميركية نشرت صورة كبيرة لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتأمل الصورة بنظرات مزدرية تطحن العظم واللحم بغير رحى ثم مزقها بحركات جريئة وبأصابع لا ترتجف من دون أن يجرؤ بنيامين نتنياهو على النطق بكلمة.
وابتسم الرئيس مزهواً بما أقدم عليه، وتخيل آلاف المقاومين الممانعين يطلقون صيحات التهليل والتكبير احتفالاً بهذا النصر النادر الجليل.
وما حدث ليس بمستغرب، فهو الرئيس المقاوم الممانع.

نبوءة الرضيع

ضمت المرأة الجميلة طفلها الرضيع إلى صدرها، وطلبت منه بصوت ضاحك أن يحدثها ويقول لها إنه يحبها، ولكن الرضيع لم يتفوه بأية كلمة حتى لا تتهم أمه بأنها مصابة بجنون يجعلها تعتقد أن رضيعها قادر على التكلم، ولم يقل لها إنه سيقتل على صدرها رضيعاً، وستقتل بعد أن يمزقها رجال أجلاف، وستشرق الشمس على أرض ليس فيها غير الأنقاض والقتلة وقبور ضحاياهم.

القفص الفارغ الذي ينتظر
طلب طفل صغير السن إلى قط أن يطير ويصيد عصفوراً حياً يحضره إليه ليضعه في قفص ويتفرج عليه ويستمتع بتغريده، فتأمل القط الطفل بنظرات متفحصة ثم قال له: طلبك مرفوض.
فغضب الطفل، وقال للقط: أتعلم من يحدثك؟ أنا ابن رجل يرتجف الناس رعباً حين يذكرون اسمه، ولم أتعود أن يرفض طلب من طلباتي، وستندم لأنك رفضت.
فلم يبال القط بتهديد الطفل، وقال له بصوت مؤنب: الكذب عيب، فلو كان أبوك كما قلت لما احتجت إلي، ولطرت كالطائرات، ولكان العصفور أتاك راجياً أن تسجنه في قفصك.
وضحك القط، وقال للطفل: ما هذه المصادفة اللطيفة؟ قبل دقائق، طلب مني عصفور برهاناً على صداقتنا الجديدة أن أصيد له طفلاً ليضعه في قفص ويتسلى بالتفرج عليه.

الممثلون والممثلات

اشتكت الممثلة المسرحية المعروفة قائلة: لم أعد أستطيع التمثيل بنجاح على خشبة المسرح لأن الممثلين والممثلات على خشبة الحياة اليومية أكثر من الهم، فهذا يمثل دور قائد الناس وهو لا يصلح لأن يقود قطيعاً من الماعز، وذلك يمثل أنه معارض خطير بينما هو لم يعارض طوال حياته سوى حماته حين قالت عنه إنه لئيم وخسيس وبخيل، وتلك تمثل أنها محبة لكل أطفال العالم وهي العاجزة عن حب أبنائها.
وقالت الممثلة المسرحية: لو ظللت أتكلم عن الذين يمثلون، فسأتهم بالثرثرة، ولن ينتهي كلامي إلا بعد أشهر.

حكاية مواطن محظوظ
تنبه حمود الشامي فجأة إلى أمر غريب في حياته، فكلما تمنى أمنية نالها في اليوم نفسه.
تمنى صباحاً أن تشرق الشمس، فأشرقت الشمس، وغمر ضياؤها الشوارع والأبنية.
ووقف صباحاً على موقف الباص، وتمنى أن يأتي الباص فارغاً، فأتى الباص بعد ثوان، وركب فيه قاصداً عمله.
وتمنى أن يستدعيه مديره ويوبخه لتأخره عن الدوام في معظم الأيام، فنال ما تمنى، واختتم مديره توبيخه بتهديده بحسم جزء من راتبه عقاباً له.
وتمنى أن يدعوه زميله في العمل هشام القاري إلى غداء في مطعم، فدعاه هشام القاري إلى الغداء في مطعم صيفي ليحكي له قصة حبه لمنيرة العبود زميلتهما في العمل، ويطلب نصحه خاصة وأن منيرة لا تهتم به وتعامله كأنه صرصار، فبادر إلى نصحه، وقال له إن منيرة لا تفهم بالحب والغرام، ولا تفهم إلا بالزواج. لا تقل لها: أحبك، وقل لها: هل تتزوجيني؟
وتمنى أن تنكث منيرة بوعدها، وانتظرها في بيته في الوقت المتفق عليه، ولكنها اتصلت به تلفونياً لتخبره أنها اضطرت إلى البقاء في البيت بسبب مرض مباغت دهم أمها العجوز.
ولم يتمن حمود الشامي أن تدهسه سيارة، ولكن ثمة سيارة عسكرية ملأى بجنود سكارى دهسته، ونقل إلى المستشفى، وفحصه الطبيب، وقرر أنه فارق الحياة، فاحتج حمود الشامي قائلاً للطبيب بصوت عال إنه لا يزال حياً، فقال له الطبيب بصوت ساخر نزق: هل أصدق كلامك وأكذب تشخيصي وخبرة عشرين سنة؟
وطلب الطبيب إليه ألا يزعج المرضى ويرضى بنهايته التي لا تسر، فشعر حمود الشامي بالحرج، ولكنه وجد نفسه مضطراً إلى تنفيذ ما طلبه الطبيب، وأغمض عينيه ومات على الرغم من أنه لم يتمن أن يموت.