د. يوسف منشروف
إعلان الرئيس الأمريكي الوافد ترامب في أن ليس في نيته أن يتدخل في الحرب في سوريا لان “هذه ليست حربنا” يدل على نظرة ضيقة تستوجب انتقالا إلى رؤية إقليمية واسعة.
إنجازات الثوار تمس بذخائر إيران الاستراتيجية في سوريا، منها أحد معابر الحدود بين العراق وسوريا، في مدينة البوكمال، عمق زجاجة مركزي في المحور البري بين إيران وحزب الله. مسؤولون كبار في منظومة الإرساليات الإيرانية صرحوا عن استعدادهم للقتال بتفان لأجل الأسد، والأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، أعلن في خطابه الخميس بأن حزب الله سيقف إلى جانب الأسد بقدر ما يستطيع. لكن في ذلك ما يغطي على المشاكل العويصة التي يمر بها الأسد. يمكننا رؤية شهادات بارزة على ذلك في إخلاء قادة فيلق القدس من سوريا إلى لبنان وإلى العراق، وفي إعلان الكرملين بأن ليس في نية موسكو إنقاذ نظام الأسد. في هذه الساعات، تتطلع العيون إلى إيران، التي ترى في سوريا “حلقة أساسية” في المحور الممتد من طهران إلى بيروت. ففي ذروة الحرب الأهلية في سوريا في صيغتها السابقة، سارع مهدي خزعلي، عضو طاقم التفكير الاستشاري لخامنئي، لإعلان في شباط 2013 بأن طهران قد تخسر إقليمها الجنوبي خوزستان (الغني بآبار النفط) لا أن تخسر سوريا، لأن سقوط سوريا معناه في نهاية الأمر سقوط طهران. منذ استؤنفت الحرب في سوريا، أعلن مسؤولون في إيران أن هذه تشكل “مؤامرة أمريكية إسرائيلية” تتطلع للوصول بعد سوريا والعراق – إلى إيران.
الوضع الصعب الذي يمر به حزب الله، والذي يصعب عليه مساعدة الأسد، بدا مفهوماً في ضوء الضربة التي تلقاها من إسرائيل. لكن الظروف التي باتت إيران بسببها في “الوضع السابق” الذي كان يمكنها فيه مساعدة نظام الأسد -مثلما شرح مسؤول أمريكي في مقابلة مع “الجزيرة”- لم تتضح بعد، لكن يبدو أنها ستتضح في الأيام القريبة القادمة.
مهما يكن من أمر، سيفهم ترامب قريباً بأن التطورات في سوريا ستؤثر على المنطقة كلها، وأولاً وقبل كل شيء على طهران. التغييرات الهامة في المنطقة في ظل حرب “السيوف الحديدية” واستئناف الحرب في سوريا، تسرع تحديد مفهوم الأمن وفقاً للأحداث. في هذا الإطار، تنطلق أصوات كبار المسؤولين في طهران إلى تغيير عقيدة النووي الإيرانية وإنتاج سلاح نووي، بهدف ترميم قوة الردع الإيرانية التي تضررت بشدة في ظل الأحداث والهجوم الإسرائيلي غير المسبوق في أكتوبر.
إسرائيل والإدارة الأمريكية الوافدة ملزمتان بوضع خطة استراتيجية تستجيب للاحتياجات الأمنية للدولتين في ضوء الواقع المتغير في سوريا الذي يؤثر على المنطقة كلها.
إسرائيل اليوم 8/12/2024