نظراً لما تعانيه البلدان العربية من ضعف شديد وتأخر عن ركب التقدم والتطور، أصبحت محط أنظار للطامعين وأصحاب مشاريع التوسع والنفوذ؛ فمساعي كل من الجمهوريتين الإيرانية والتركية للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط أصبح أمراً يهدد السيادة العربية ويرميها في صندوق مغلق خارج المشهد برمته. غدت اليوم كل من إيران وتركيا دولتين قويتين بالقرب من عالم ضعيف يعاني من مرض التشطر، يصفه الكثيرون بالتخلف والرجعية رغم كثرة موارده البشرية والاقتصادية، ولو نظرنا لسياستي كل من تركيا وإيران فسنجدهما تعملان بجهد شديد للتوسع في منطقة الشرق الاوسط، حيث أن الظروف ملائمة هناك لتحقيق أهدافهما الاستراتيجية، نظراً لما تعانيه بلدان المنطقة من تراجع شديد وركود حاد في عملية التقدم، اضافة الى الغياب الكامل لأي قيادة عربية تضاهي كلا من إيران وتركيا. عند الحديث عن المشروع التوسعي الإيراني فسنجد السياسة الإيرانية المتبعة لمد النفوذ الإيراني تستخدم أكثر من ورقة لاكتساب ميل الشارع العربي، كالمناداة بالدولة الاسلامية وتوظيف المذهبية الدينية، وإظهار العداء لإسرائيل وأمريكا، وغير ذلك بما من شأنه أن يظهر إيران حارسا أمينا للأمة الإسلامية. لكن الواقع يكشف لنا عن تباين شديد يزداد وضوحه كل يوم بين ما تزعم إيران تبنيه وما تطبقة واقعاً، حيث أن تحسن العلاقات الامريكية ـ الايرانية، واظهار كل من الطرفين بوادر حسن نية تجاه الاخر، والصمت الغربي تجاه المشروع النووي الايراني، مقارنة بما حدث مع المشروع العراقي، كلها أمور تطرح الكثير من التساؤلات حول النوايا الايرانية ومدى مصداقية تبنيها للمشروع الاسلامي الحق. إن استخدام ايران لورقة الدين في سبيل التوسع وبسط النفوذ في الاراضي العربية أمر جلب لها العديد من الأنصار، الذين باتوا يعلنون ولاءهم الكامل لطهران ودعمهم للسياسة الايرانية. ولكن كثيرا من هؤلاء العرب الذين أصبحوا سلاحاً ايرانياً داخل البلاد العربية لا يدركون أن المشروع التوسعي الإيراني مشروع قومي أكثر منه دينيا، لذلك فهؤلاء الموهومون بالشعارات الدينية والمذهبية قد يتفاجأون بالموقف الإيراني حيالهم بعد تحقيق الغرض منهم، حيث أنهم في النهاية عرب ولا يمتون للأصل الفارسي بصلة. وفي الجانب الآخر نجد الجهورية التركية أصبحت تتبنى مشروعا توسعيا أيضاً في سياساتها الخارجية، ويبدو أنها قادمة وبقوة للمنافسة على أخذ نصيبها من تركة الرجل العربي المريض. يظهر هذا الطموح التركي واضحاً، وذلك من خلال تسخير الإعلام المكثف للتعريف بالثقافة التركية والمسلسلات والبضائع التركية خير دليل على ذلك. ولأن العربي موصوف بالتدين فلعبة الدين كالعادة سيكون لها أثر على قلبه، وهذا ما تتبناه الحكومة التركية في سياساتها مع العالم العربي، ولكن بشكل مغاير تماماً للطريقة الايرانية، فبينما إيران تعتمد على حلفائها من أنصار المذهب الشيعي نجد تركيا تميل إلى الجماعات السلفية والتنظيمات السنية الأخرى. ونظراً لما لمسه الجانب التركي من تقدم باهر في علاقاته مع العالم العربي ونجاحه السريع في استقطاب الكثير من المعجبين والأنصار والمؤيدين، بدأ بالتدخل المباشر في السياسات الداخلية العربية على الطريقة الإيرانية، وصارت تركيا خلال عشر سنوات أحد أهم اللاعبين السياسيين في منطقة الشرق الأوسط. تظل هناك أوجه كثيرة للشبه بين كل من تركيا وإيران في طرقهما المستخدمة لأقناع الشارع العربي بأنهما حارستا الأمة وحماتها، بإظهارهما العداء المستمر لإسرائيل وهما في هذا الموقف تلعبان على المشاعر العربية التي ترى في إسرائيل عدواً ومحتلاً لها، في ظل غياب تام لأي صوت عربي يجهر بالعداء لإسرائيل، ولقد أثبتت الأيام الخوالي أن كلا من إيران وتركيا قد نجحتا بامتياز في كسب التعاطف العربي نحوهما ونحو مشاريعهما من دون أي إدراك عربي لجوهر هاتين القوتين الصاعدتين في سماء الشرق الأوسط. المشروع التوسعي الإيراني في دول الشرق الأوسط أصبح واضحاً للعيان، لكن يبقى هناك المشروع التركي الذي ينمو بإطراد شديد ويطمح لاستعادة ما فقده أجدادهم من الإرث العثماني في البلاد العربية. إن كلاً من المشروعين الإيراني والتركي في حقيقتيهما قوميان، ينادي احدهما بسيادة الأصل الفارسي والآخر بسيادة الأصل التركي، يستخدمان ورقة الدين لتحقيق اهداف سياسية وكلاهما ينظران للعرب كغنيمة ولثرواتهم ككنوز لا صاحب لها.
ان عالمنا العربي بحاجه لمثل هذه الاقلام التي تتفجر عروبة وتكشف خطط ومطامع الاجنبي
تسلم يالكاتب