ما إن هدأ غبار المعركة الدبلوماسية بين طهران والدول الكبرى في جنيف بتوقيع ‘الاتفاق التاريخي’، أو ‘الخطأ التاريخي’ على رأي نتنياهو حول البرنامج النووي الإيراني، إلا وبدأت طهران بهجوم آخر شرس ‘من البسمات’ على دول الخليج العربي. شمل ‘هجوم البسمات’ هذا كلاً من الإمارات والكويت وعمان وقطر حتى الآن.
ما هي الخطوة التالية إذن بعد جنيف في الاستراتيجية الإيرانية الجديدة التي يقودها روحاني بمباركة من الولي الفقيه، خامنئي؟
ظاهر الأمر أن زيارة وزير الخارجية الإيراني لعدد من العواصم الخليجية تشير إلى رغبة طهران في التقارب مع جيرانها من دول الخليج العربي، غير أن السياسة الإيرانية التي تحاول أن ترسل رسالة واضحة عبر ‘دبلوماسية البسمات’، وأخرى تخفيها تحت هذه البسمات، هذه السياسة تحتم على المراقب البحث في ما وراء البسمة، وما إذا كانت البسمة الإيرانية صادقة تجاه الجيران، تنطلق من منطلق ‘الأخوة الإسلامية’ التي صدعت إيران رؤوسنا بها، أم أنها نوع قديم من التقية في مظهر سياسي.
صاحب العمامة السوداء في طهران يقول ‘إننا لن ننخدع ببسمات الأعداء’، وقراءة ما وراء هذه العبارة تعني كذلك ‘اننا نبتسم لنخدع’. ولعل ذلك ما دعى الأمير تركي الفيصل إلى أن يطلق تحذيره من البسمات الإيرانية في المنامة قبل أيام.
ما هو الهدف إذن من زيارة ظريف إلى دول الخليج؟
الأخذ بحسن النوايا يحتم قراءة الزيارة في إطار محاولات إيران المحمومة لتحسين صورتها الإقليمية والدولية، وإرسال رسائل للعالم والأمريكيين أن طهران لا تشكل تهديداً لحلفاء واشنطن، ولعل الإيرانيين سعوا لطمأنة الخليجيين بدافع من الأمريكيين أنفسهم، وهذا حال إحسان الظن بطهران، التي يبدو أنها ترفع شعار معاداة الغرب وإسرائيل، لتغطي به على عدائها الحقيقي للعرب. أما إذا أسأنا الظن بطهران، فإن ذلك يحتم قراءة ما وراء ‘بسمات ظريف’ في زيارته لدول الخليج العربي، بالنظر إلى حركة عينيه، وقديماً قال أحد الحكماء ‘راقب عين من يبتسم’، لأن العين تفضح كذب البسمات وزيفها. راقبوا ‘عين طهران’، لتعرفوا حقيقة ‘بسمات ظريف’، عين طهران على الخليج العربي كله، وقد قال والد شاه إيران السابق لابنه ‘لقد حررت ضفة الخليج الفارسي الشرقية، وعليك تقع مسؤولية تحرير الضفة الغربية’. والضفة الشرقية للخليج كانت تضم دولة عربية أحوازية التهمتها إيران قبل ما يقارب قرنا كاملا، أما الضفة الغربية فهي مجموعة الدول العربية في مجلس التعاون العربي.
قد يقول قائل إن في الأمر مبالغة، غير أن أحداً لو قال بعد هزيمة خميني، وتجرعه كأس السم، إن إيران ستسيطر على بغداد بعد ذلك، لاتهم حينها بالجنون، ولو قال آخر إنها ستضع لبنان ودمشق وجزءاً من اليمن في جيبها لاتهم بالشطح والمبالغة.
ماذا تريد طهران من دول الخليج العربي؟
لا يشك أحد بأن لدى طهران أطماعاً توسعية، وما سعي إيران المستميت، وتصريحات مسؤوليها ليل نهار بضرورة خلو المنطقة من الوجود الأمريكي إلا لكي يحل الإيرانيون مكان الأمريكيين، وليس لدعم شعوب المنطقة في التحرر من هيمنة الشيطان الأكبر. ولا يعارض أحد بالطبع الدعوة إلى خروج القوات الأجنبية، غير أن الهدف الإيراني من هذه الدعوة يبدو ملتبساً كبسمات ظريف في أبو ظبي.
ما هي الخطوة الأولى لطهران في سبيل تحقيق ذلك؟
يبدو أن الخطوة الأولى هي السعي لتفكيك مجلس التعاون الخليجي، وذلك عن طريق دق إسفين الخلافات بين دوله الأعضاء، ولا ينبغي أن ننسى أن الإيرانيين أعلنوا معارضتهم قبل عام للدعوة التي أطلقت لتحويل مجلس التعاون الخليجي من حالة ‘التعاون’ إلى حالة ‘الاتحاد’، رغم تشدقهم بالدعوة إلى الوحدة الإسلامية ليل نهار.
المغريات الاقتصادية لبعض دول الخليج سيكون لها دور، اللعب على وتر الخلافات السياسية بين دول المجلس مهم بالنسبة لـ’الحائك الإيراني’، تخويف الدول الصغيرة من هيمنة ‘الشقيقة الكبرى’، سيكون ناجعاً في مخططات طهران. وقد لاحظنا خلال اليومين الماضيين، كيف بدأ الإعلام العربي اللسان، الإيراني الهوى يعزف على وتر الخلافات السياسية، بل والمذهبية بين دول المجلس، ويضخمها لتكون أداة طهران في تفكيكه.
وقد ركز المحللون خلال الأيام الماضية على الخلاف السعودي القطري في مصر واليمن، والخلاف الإماراتي السعودي حول البنك المركزي الخليجي وغيره، وأخيراً وفي سبيل تحقيق المزيد من التشرذم بدأت طهران تلمح إلى الفروق المذهبية بين ‘عمان الإباضية والسعودية الوهابية’.
تريد طهران إذن أن تعزل الرياض، هذه حقيقة لا تستطيع تصريحات ظريف الإيجابية، وأمنياته أن يزور السعودية إخفاءها. وما لم تغير الرياض من سياساتها، فإن طهران ستصل إلى مرادها بعزل الرياض عن محيطها الخليجي الأقرب. يلزم الرياض مقاربة جديدة، قائمة على قاعدة طمأنة أشقائها في مجلس التعاون، وحل خلافاتها معهم، والكف عن التصرف بعقلية ‘الأخ الأكبر’، إلا أن يكون ذلك في سياق تحمل المسؤولية، لا تحصيل المكاسب. الرياض ليست مطالبة بإزالة الاختلافات بينها وبين أعضاء مجلس التعاون والجوار الإقليمي، الاختلافات أمر محمود، لأن الاختلافات تعني التنوع الذي هو سمة المجتمعات الحديثة، ما يلزم الرياض هو إزالة الخلافات، التي هي مبعث الخصومة والعداء. بإمكان الرياض لو انفتحت قليلاً أن تلعب دوراً مؤثراً في المنطقة، وهي مؤهلة- بحكم الجغرافيا والدين والنفط – أن تفعل، يلزمها فقط دماء جديدة حتى لا تصاب بعض شرايينها بالتصلب، إذا لم تكن قد أصيبت بالفعل.
واحدة من أهم مشكلات العلاقات البينية العربية أن العرب يثقون بجدوى العلاقة مع الآخر (الغربي خاصة)، ويقدمونها على العلاقة مع الشقيق، ويخشى أن تقدم العواصم الخليجية المختلفة علاقاتها مع الآخر الإيراني على علاقاتها البينية ما لم تدرك هذه العواصم أن الآخر الإيراني كالآخر الغربي عينه على مقدرات المنطقة، مع فارق جوهري، وهو أن الآخر الإيراني يرى المنطقة جزءاً من تراثه التاريخي، ويريد إخضاعها سياسياً، وتحويلها مذهبياً لتسهل السيطرة عليها.
طهران تخلت عن طموحها النووي، أو هكذا يبدو، ولكنها تخلت عنه لتحقيق ما سعت إلى تحقيقه عن طريق هذا الطموح، طهران أرادت القنبلة النووية للهيمنة الإقليمية، والصعود العالمي، وتخليها عن القنبلة، لا يعني بحال تخليها عن هدف الهيمنة والصعود، ولكن يعني أن يلجأ الثعلب الإيراني إلى ‘القنبلة الناعمة’، بدلاً من ‘القنبلة النووية’ في سعيها المحموم للوصول إلى الشاطئ الغربي للخليج العربي، والشاطئ الشرقي للمتوسط.
التوقعات تشير إلى أن الصراع سيتخذ منحى آخر اقتصاديا وثقافيا ومذهبيا، سيكون صراعاً ناعماً، أو ربما نوعاً من ‘الحرب الباردة’، التي ربما تفضل طهران شنها على العرب بعد أن خسرت الكثير نتيجة تهور سياساتها الماضية، وانكشاف نواياها بشكل فج على لسان بعض قادتها العسكريين والسياسيين والدينيين، وتورطها بشكل فاضح في دماء السوريين. وقديماً نصح أحد حكماء فارس ابنه بقوله ‘إذا ابتسمت لعدوك، فاغمض عينيك’ .
هل لهذا كان ظريف في العواصم الخليجية التي زارها يبتسم وهو مغمض العينين؟
‘ كاتب يمني من اسرة ‘القدس العربي’
احسنت يا دكتور فلقد شخصت الوضع بدقة
السؤال الذي يطرح نفسه : إذا رأينا روحاني رئيس الجمهورية الايرانية حضر مراسم تآبين نيلسون مانديلا و قام أوباما بمصافحته ، فماذا سيكون رد الفعل ؟؟
تصافح اوباما مع كاسترو بالرغم من العداء بين كوبا وأمريكا
الشعب الايراني يعاني الأمر في ظل العقوبات الاقتصادية . زاد الفقراء فقرا و الأغنياء ثراء وضاعت الطبقة المتوسطة هباء منثورا .
وأصبحت أعداد الطبقة المتوسطة قليلة جدا مقارنة بالسنوات الماضية .
رأيت منتقدين كثيرين لمكالمة أوباما مع روحاني ، فهل سيكون على حسابب العرب ؟
إذا كان العرب لم يستطيعوا نصرة أخواننا المسلمين في فلسطين ، فلماذا لا نشاهد فارسيا يقوم بذلك ؟
حتى إذا فرضنا أن ايران لم تكن كما كانت وأن الدولة المعنية أفغانستان مثلا أو الصومال وأصبحت دولة عظمى على مرور الزمن . فهل سيتم محاربتهم و استهجانهم لأنهم أفغان أو صوماليين .
إيران ستظل في سعي حثيث لتصدير ثورتها الإيرانية . وما تنازلها عن النووي الا لكي تحصل على المال لتمويل مشروعها الأكبر في تصدير فكرها والهيمنة على المنطقة
مقال جمیل جدا تسلم ایدک…
احذرو ایران…