عندما سلّم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي العاصمة صنعاء للحوثيين على طبق من ذهب، بلا مقاومة من أي نوع كانت، صاحت اصوات في طهران: هذه رابع عاصمة عربية تسقط في أيدينا.
كانت هذه الأصوات على حق. وحقَّ لها اكثر أن تبتهج لأن ما يتحقق لإيران في المنطقة العربية لم يكن ليحضر حتى في أحلامها قبل 2003.
قبل صنعاء سُلّمت لإيران، في غفلة من العرب والعالم، بغداد ودمشق وبيروت مع نصف لبنان. الآن لا شيء يتقرر في المنطقة العربية، بمشرقها وخليجها، من دون حضور إيراني.
في هذه المنطقة تتفوق طهران اليوم على الجميع بكونها اللاعب الرئيسي في أكثر الملفات تعقيدا، وبكونها تمسك بأقوى وأخطر الأوراق: أنظمة حكم، ميليشيات، ولاءات مذهبية وطائفية واقتصادية، وجيوش جاهزة لخوض حروب بالوكالة تطلبها إيران لأهدافها وحساباتها.
هي الوحيدة القادرة على اختلاق المشاكل وعرقلة الحلول متى ما أرادت. وسيلجأ لها العالم، مرغما، في كل كبيرة وصغيرة تخص حاضر ومستقبل المنطقة.
ليس جميلا أن تكون جزءاً من المشكلة. وليس كافيا أن تكون جزءاً فقط من الحل. إيران، في ملعب العرب، جمعت المجد من طرفيه: هي تقريبا المشكلة كلها والحل جله.
لا الولايات المتحدة ولا روسيا ولا فرنسا ولا بريطانيا ولا أيّة قوة أخرى تتحكم بأربع عواصم عربية بهذه الأهمية الجيوسياسية، مثلما تفعل إيران.
بل من الممكن إعادة رسم مصير هذه المنطقة من دون الحاجة للدول الكبرى، لكن لا يمكن أن يحدث ذلك من دون إيران.
انتصرت إيران ومضت بعيداً في انتصاراتها على العرب. هي الآن تفاوض مجموعة دول الخمس زائد واحدا بعواصمها العربية الأربع وما تمسكه من أوراق فيها، مدعومة من روسيا.
لكن مهلا، من الأقوال المأثورة في ليبيا: «شوية من الحنّة وشوية من رطابة اليد»! ما تحقق لإيران لم يكن ليتحقق لولا الخيبة العربية التي لا مثيل لها.
تبدأ الخيبة العربية من العجز المزمن اقتصاديا وعسكريا وعلميا واستراتيجيا، ثم تمر بالمؤامرات والانقسامات والدسائس، وتنتهي عند رهان العرب المستمر على الولايات المتحدة التي لم تكسب حربا واحدة أو معركة أو صراعاً في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
لا شك أن إيران، قدمت لفصائل وجيوش عربية غير تقليدية في صراعها مع إسرائيل. بل ادّعت أنلمحطات الحاسمة في صيرورة شعوب هذه المنطقة تحققت بفضلها، مثل حرب 2006 في لبنان وثورة الشعب المصري على نظام حسني مبارك.
لكن طهران السخية أبانت عن براغماتية لا لبس فيها، إذ مقابل هذه المساعدة المادية والعسكرية، تنتظر ثمناً معينا يجب أن يصلها. ومن طرق تحصيل هذا الثمن، مشاكسة الحكومات الرسمية بطريقة تشكل تهديداً أمنيا وسياسيا ومذهبيا على كثير من الدول والدول العربية، بالذات في الخليج، خصوصا وأنها لا تتورع عن كشف مطامعها التي تتوزع وتتنوع بين العسكري والمذهبي.
العرب واجهوا هذا الاندفاع الإيراني بين صنف متلقٍ منهزم ومستسلم، وصنف آخر، في أفضل الأحوال يمكن وصفه بالمتفرج. لم يكن بين صنوف العرب مقاوم أو جريء. والمقصود بالمقاوم هنا ليس بالضرورة من يعلن حربا وقتالا، بل حتى من يمتلك شجاعة أن يخاطب الإيرانيين في الوجه وسؤالهم: ماذا تريدون.. تعالوا نتفاوض؟!
ربما يمتلك العرب بعض الأعذار في تعاطيهم مع الاندفاع الإيراني، كون طهران تمتلك اذرعاً وأوراقا داخل الدول والمجتمعات العربية يمكن توظيفها بشكل سلبي ضد الحكومات. لكن هل يكفي هذا لتبرير كل هذه السلبية التي تتكرس مع مرور الايام؟
أخطر ما يجنيه العرب على أنفسهم أنهم أوكلوا مهمة حمايتهم من إيران إلى أطراف أجنبية على رأسها الولايات المتحدة. والأخيرة تنظر للأمر بواقعية التجار. وتتفاوض مع إيران على ملفها النووي علنا وحول العراق وسوريا وتنظيم الدولة الإسلامية سرا، ولا تخفي رغبتها في التوصل إلى اتفاق.
الاتفاق، سيتحقق عاجلا أم آجلا، بأي شكل من الاشكال. ولا يمكن إلا أن يشكل صفعة للحكومات العربية. هذا أحد الأسباب التي تبرِّر الأنباء عن خشية السعودية من أي اتفاق في الأفق حول النووي الإيراني وضغطها على فرنسا لكي تؤخر التوصل إليه في مفاوضات فيينا في الأيام الثلاثة الماضية مستعملة صفقة أسلحة سابقة موجهة للجيش اللبناني.
لا يمكن أن تكون صورة الدول العربية أسوأ من هذه: السعودية، القوى المالية والروحية الأولى، تستنجد بأمريكا ضد إيران، وعندما تقترب أمريكا وإيران من اتفاق محتمل، تستنجد (السعودية) بفرنسا لتأخير التوصل إليه.
أكملت إيران برنامجها النووي أم لم تكمله، لقد انتصرت. وجهته للأغراض العلمية المدنية، أم وجهته للأغراض العسكرية وللتسلح، لقد انتصرت. توصلت إلى اتفاق مع القوى الكبرى بقيادة واشنطن في ماراثون المفاوضات، لقد انتصرت. لم تتوصل الى اتفاق، لقد انتصرت.
الانتصارات والهزائم هنا لا تقاس بمن يطرح الآخر أرضا بقدر ما تقاس بمن دافع عن حقه واضطر الآخر للاستماع إليه إلى حد الاقناع.
والانتصار لن يكون على واشنطن، لأن الأخيرة تتصرف في ملف إيران بالوكالة عن دول عربية وعن إسرائيل. الانتصار سيكون على العرب أولاً وإسرائيل ثانيا.. في انتظار سقوط العاصمة العربية الخامسة، وأن تصبح إيران الشرطي الأقوى في الشرق الأوسط والخليج.
٭ كاتب صحافي جزائري
توفيق رباحي
لدى إيران مشروعها الثقافي تدعمه آلاف السنين من الحضارة ومعظم قادتها خبراء في مجال عملهم. فى حين، معظم الزعماء العرب لا يحسنون القراءة . فمن ياترى سيفوز؟
أحسنت التلخيص يا فيصل أكرمك الله. قادة أكبر دولتين فى الوطن العربى – مصر والمملكة العربية السعودية – لا يستطيعان قراءة خطاب مكتوب حتى. إنّه لأمر محزن ومخجل ومثير للشفقة. هذه الأنظمة وغيرها مشغولة بمحاربة المواطنين وهى مهمومة فقط بالمحافظة على الكراسى، والتذهب مصالح الشعوب إلى الجحيم. سيفاجؤن يوماً بتدمير كراسيهم وقصورهم على رؤوسهم من قبل إيران ويومها لن تنفعهم أمريكا التى ستتفرج بنشوة على مصيرهم البائس. أتمنى أن أكون مخطئاً. طيّب الله أوقاتكم..
الديموقراطية في مواجهة الديكتاتورية،العلم في مواجهة الجهل ،الحضارة في مواجهة الظلامية،البراغماتية في مواجهة الدوغماتية،الولاء في مواجهة الكفاءة،العمل والجد في مواجهة الكسل والتسيد على الآخرين،الحكامة في مواجهة الفساد والرشوة و”الاكراميات”،الاخلاص للمذهب والعيدة في مواجهة العبث بالمذهب والعقيدة. هذه المفارقات واخرى لا يمكن الا ان تنتج الواقع المتناقض للطرفين المتصارعين.فامة تقودها العاطفة الجياشة والتغني بالماضي الذي لم تصنعه وامة يحكمها العقل وحسن البصيرة والتبصر تقف في وجه اكبر قوة في العالم وتتجاوز كل اشكال الحصار وتخرج من حرب ضروس مكسرة ولكن تستعيد عافيتها بسرعة وتصبح قوة اقليمية في غضون سنوات والآن تلعبدور قوة عالمية.ما خطا ايران في ان تكونقوة وما خطاها ان تقف بجانب الطرف الذي “يقوم بمغامرات غير محسوبة” ولكن ينتصر فيها؟اين “دهاء وحنكة العرب” من دهاء ايران؟هل السطحية العربية يكن ان تتفوق على العمق الحضاري الايراني”الفارسي” ان شات؟
ان القوة لا تقاس بالمال ولا بالعدد ولكن تقاس بالطموحات والاستراتيجيات وبالنوعية والعدة.متى يستحكي حكام العرب-بدون استثناء- ويصارحوا انفسهم وشعوبهم بانهم ليسوا اهل لحكمهم ولا لتمثيلهم. فهناك في “العالم العربي” كفاآت عالية ولكم مقهورة او مغمورة في اماكن لاتستطيع ابراز مواهبها وطموحاته.فهذه الكفآت معزولة وتشتغل في اطار لنعزالي وفردي وليس في اطار جماعي.ايران تاخذ بالعمل الجماعي والمنظم والهادف والمبني على الابداع ومكافاة المبدعين لذالك تقدت في حين تاخر العرب. ما ذا بعد؟
حقيقتا الايرانيون “ظمنوا الفخر من أطرافه ” دوخوا العالم بقدراتهم التفاوضية اللتى ليس لها مثيل اليوم.و كان لعمر رضى الله عليه الفضل فى دخول الفرس فى الاسلام وأرتقوا به الى القمم فى شت المجالات بغض النظر على التطاحن المذهبى المقيط بين سنى و شيعى وهى بدعة “بشرية” لا تخدم الا أعداء الاسلام و يهدى الله الجميع . كلنا مسلمون و لنا رسول واحد صلى الله عليه و سلم.
إيران دولة يا أخي … وليست إقطاعة لأسرة تتصرف بها كما تشاء.
لماذا الخوف من إيران..؟
على ماذا نخاف و عن أي شيء نتحسر..؟ ونحن في العالم العربي الغارق في الظلم والإستبداد، المستباح بتبعيته الضائع في تيهه..