لندن – “القدس العربي”: رأت مجلة “إيكونوميست” أن الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن بحاجة للتعامل مع السعودية بطريقة مختلفة عن تلك التي تعامل فيها سلفاه باراك أوباما ودونالد ترامب معها، فهو بحاجة لمدخل يتراوح بين عدم التساهل مع دوافعها السيئة ولا يحرك أسوأ مخاوفها.
وقالت إن قرار جوزيف بايدن الأخير وقف الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن وكذا قراره مراجعة صفقات أسلحة مررتها إدارة دونالد ترامب يعتبران صدمة للسعودية ورسالة لقادتها. ويعني وقف الدعم العسكري عن الحرب في اليمن عدم قدرة السعودية على مواصلة الحرب هناك. ولكن هل ستكون هذه الإجراءات كافية لوقفها بالكامل؟ وقبل الجواب على هذا السؤال علينا العودة إلى خمسة أعوام سابقة عندما أرسل أوباما رسالة إلى السعودية وحذر فيها من أن “التنافس بين السعوديين والإيرانيين ساعد على تغذية حروب الوكالة والفوضى في سوريا والعراق واليمن”. وقدم الحل: “عليهم البحث عن طريقة فعالة للتشارك في الجوار” الإقليمي.
ولم تكن رؤية أوباما حول التوازن في الشرق الأوسط مريحة للسعوديين ودول الخليج بشكل عام. وربما شعرت هذه الدول بنفس الضربة التي جربتها مع أوباما عندما استمعت لجوزيف بايدن في 4 شباط/فبراير. وتحدثت المجلة عن خطاب الرئيس الذي تطرق فيه لعدد واسع من القضايا وألقاه من وزارة الخارجية وأشار فيه تحديدا للحرب في اليمن التي ستدخل سنتها السابعة ووصفها بـ “الكارثة الإنسانية والإستراتيجية”. وهي الحرب التي تقود فيها السعودية تحالفا ضد الحوثيين الذين تدعمهم إيران.
قرار جوزيف بايدن الأخير وقف الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن وكذا قراره مراجعة صفقات أسلحة مررتها إدارة دونالد ترامب يعتبران صدمة للسعودية ورسالة لقادتها
ورغم تأكيد بايدن على استمرارية دعم الولايات المتحدة السعودية في المجال الدفاعي ولمواجهة تهديدات إيران التي تزود الحوثيين بالصواريخ لإطلاقها على السعودية، إلا أنه قال إنه سينهي “الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في حرب اليمن بما فيها مبيعات السلاح المتعلقة بها” معلقة أن هذا قد يعيق آلة الحرب السعودية. ففي الفترة ما بين 2015- 2019 كانت السعودية أكبر مستورد للسلاح في العالم، وذلك حسب إحصائيات معهد ستوكولهم الدولي لدراسات السلام. وجاءت ثلاثة أرباع هذه الأسلحة من الولايات المتحدة و13% من بريطانيا.
ومع أن السعودية لديها كل المدرعات والمقاتلات والأسلحة والمقاتلات إلا أن قرار بايدن قد يقطع عنها إمدادات الذخيرة، بما في ذلك قرار اللحظة الأخيرة من إدارة ترامب لتمرير صفقة قنابل وقطع غيار. وتظل التفاصيل التي ستقدمها إدارة بايدن عن التغيرات في السياسة مهمة. فلو أوقف الأمريكيون تدفق القنابل الذكية فعند ذلك سيلجأ السعوديون لاستخدام القنابل الغبية، بشكل يزيد من معاناة اليمنيين.
وربما ذهب بايدن أبعد من هذا، حيث لن يتعامل مع موضوع الأسلحة ولكن مع وسائل استخدامها. ورغم وقف إدارة ترامب ممارسة تزويد المقاتلات السعودية الوقود في الجو إلا أن إدارته واصلت تقديم الدعم اللوجيستي والاستشارة العسكرية والمعلومات وأشكال أخرى من الدعم.
ولو قررت إدارة بايدن وقف صيانة طائرات سلاح الجو السعودي فستتأثر نسبة 50% من المقاتلات، حسب تقدير توم بيكيت من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية. ولكن تحرك بايدن قد يدفع شركاء السعودية الآخرين للتحرك. ففي 29 كانون الثاني ألغت إيطاليا صفقة صواريخ بـ485 مليون دولار ومبيعات قنابل إلى السعودية والإمارات العربية المتحدة حيث استندت إلى حرب اليمن كمبرر لإلغاء الصفقة. وفي 4 شباط/فبراير قال النائب البريطاني المحافظ والوزير السابق لشؤون المحاربين القدماء والذي يترأس لجنة الدفاع في مجلس العموم إن على بريطانيا اتخاذ قرارات مشابهة. وصنعت الطائرات السعودية التي اشترتها من مصادر غير أمريكا، مثل تايفون ويوروفايتر، شركات أوروبية ويجب أن يقوم بصيانتها خبراء غربيون.
ما لن يتغير لسوء الحظ هو الحرب التي لن تتوقف. فالسعودية هي طرف واحد في هذه الحرب الطويلة والمعقدة
وما لن يتغير لسوء الحظ هو الحرب التي لن تتوقف. فالسعودية هي طرف واحد في هذه الحرب الطويلة والمعقدة. ويقاتل الحوثيون الدولة اليمنية منذ عقود، ومنحتهم السيطرة على العاصمة صنعاء الجرأة وهم ليسوا في وارد التنازل. وهناك حكومة عبد ربه منصور هادي، المعترف بها دوليا والتي تواجه الانفصاليين الجنوبيين. وينظر إلى هؤلاء على أنهم حلفاء ولكن بالاسم. وحصلت مواجهات بين الطرفين دعمت فيها السعودية طرف هادي، أما الانفصاليون فدعمتهم الإمارات التي كانت حليفا في الحرب وانسحبت منها في 2019.
وربما ألمح خطاب بايدن إلى تحول أوسع في العلاقات الأمريكية مع السعودية. وكلاهما حليف من 75 عاما، ومنذ أن قابل فرانكلين روزوفلت الملك عبد العزيز بن سعود على متن البارجة الأمريكية عام 1945. إلا أن الشراكة تعاني من خلل وظيفي. فهجمات 9/11 قادت الكثير من الأمريكيين لربط السعودية بالتطرف. وبعد عامين غزت الولايات المتحدة العراق والذي عارضه المسؤولون في السعودية خشية من زعزعة استقرار الشرق الأوسط. وفي أثناء حكم باراك أوباما تعامل السعوديون معه كساذج وعبروا عن غضبهم من قراره دعم الانتفاضات العربية عام 2011 وطلبه من حسني مبارك الذي حكم مصر لـ 30 عاما التنحي. وكان السعوديون غاضبين لأنهم رأوا في قراره خيانة وتساءلوا عما سيحدث لهم وشركائهم في الخليج.
وحدث الشق الأكبر عندما وقع أوباما الاتفاقية النووية مع إيران، والتي رأى فيها لحظة مهمة من رئاسته، أما السعوديون فنظروا إليها على أنها دفعة لعدوتهم إيران ومنحتها منظورا وشرعية للنمو الاقتصادي. ولهذا لم يحزنوا على نهاية حكم أوباما وسارعوا للتقرب من خليفته ولم يوفروا أي جهد للتودد إليه. واختار ترامب خارقا تقاليد الرئاسة الأمريكية بأن تكون أول رحلة خارجية للرئيس المنتخب جارتيه المكسيك أو كندا، زيارة السعودية. واستقبل استقبالا حافلا برقصة السيف وحفلة غريبة حول كرة أرضية متوهجة. وقضى السنوات القادمة مدافعا عن السعودية ورافضا انتقادها وبل وحماها من تداعيات مقتل الصحافي جمال خاشقجي الذي خنق وقطعت جثته في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.
لكن ترامب لم يكن حليفا يثق به السعوديون. وشعرت السعودية ودول الخليج الأخرى بالصدمة عندما رفضت الانتقام للهجمات التي استهدفت فيها إيران المنشآت النفطية السعودية في 2019. وأدى موقفه من السعودية لتحويلها لموضوع انقسامي بين الحزبين في الكونغرس. ويريد الكثير من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين معاقبة الرياض على المذابح في اليمن وجريمة قتل خاشقجي.
ووعد بايدن في نقاش انتخابي بتحويل المملكة إلى دولة “منبوذة”. ولن يحدث هذا، فربما كان الأمريكيون مستاءين من المملكة، ولكنها أكبر مصدر للنفط في العالم وعضو في مجموعة الـ 20 وحليف مهم في مكافحة الإرهاب. ولا يستطيع بايدن قطع العلاقة بسهولة. ولكن عليه البحث عن حل وسط بين تساهل ترامب وتشدد أوباما.
هذا الخرف بايدن يريد عقد نفط من أتباعه الارهابيين بالسعودية لابنه متعهد التنقيب عن النفط هنتر بايدن وتصريحاته كلها لمصلحة ايران التي يريد دعم موسساتها ودعم ارهابها ودعم مرتزقة الدين الذين يستلمون المليارات من امريكا امثال مقتدى والبرزاني وطالبان وحفتر