إيكونوميست: خان المدعي العام للجنائية الدولية خيار مثير للجدل خاصة في كينيا

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن– “القدس العربي”: نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا عن تعيين المدعي العام الجديد للمحكمة الجنائية الدولية قائلة إنه خيار مثير للجدل.

وقالت إن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون طار من الفرح في 12 شباط/فبراير عندما تم اختيار المحامي البريطاني كريم خان في منصب المدعي العام للمحكمة الجنائية في هيغ في إشارة لدور بريطانيا الدبلوماسي في مرحلة ما بعد البريكسيت.

وكتب وزير الخارجية دومينيك راب أن انتخاب خان هو “نقطة محورية تؤكد على معاقبتنا للمسؤولين عن الجرائم الشنيعة”.

ويقول آخرون إن تعيين خان ليس انقلابا دبلوماسيا لبريطانيا ولكن نتيجة ما فعلته كينيا من ضرر على مصداقية الجنائية الدولية.

وقالت المجلة إن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان حول العالم لم تتحقق لهم العدالة منذ إنشاء المحكمة عام 2002. واستطاع سلفا خان، لوي مورينو أوكامبو وفاتو بنسودة، فيما بينهما تأمين 5 إدانات مهمة خلال 18 عاما من عمر المحكمة.

ويتحلى خان بالعديد من المزايا التي يحتاجها المدعي العام الناجح، فهو يحظى بإعجاب وصدامي وداهية و”ذكي جدا”. ولديه خبرة عقد في القانون الدولي، آخرها عمله في التحقيق بجرائم تنظيم “الدولة”. وحصل ترشيحه على دعم 6 منظمات إفريقية غير حكومية من بين عدة جهات. وهناك نقاده، ففي الشهر الماضي عارضت 22 منظمة حقوق إنسان إفريقية معظمها من كينيا حملة ترشيحه.
وجاء الاعتراض من دوره كمحامي دفاع رئيس لوليام روتو، نائب الرئيس الكيني الحالي، في واحدة من المحاكمات الأكثر إشكالية في تاريخ الجنائية الدولية.

ففي 2012 اتهمت المحكمة روتو وأهورو كينياتا، الرئيس الكيني، بحملة عنف أدت إلى مقتل 1.000 في انتخابات جرت قبل 5 أعوام واختلف عليها.
وانهارت الحالتان، حيث تم إسقاط التهم عن كينياتا عام 2014 وعلقت محاكمة روتو بعد عامين نظرا لتراجع الشهود عن شهاداتهم أو لأنهم اختفوا.

ورفض قضاة المحكمة تبرئته حيث استندوا على أدلة عن التحرش بالشهود وتخويفهم “والتدخل السياسي الذي لا يمكن التسامح معه”، وأكدوا أن الحالة يمكن إحياؤها من جديد.

ولا توجد أدلة تشير إلى أن خان ارتكب خطأ بالدفاع عن روتو، فكل متهم يستحق محاميا يدافع عنه قدر ما يستطيع. ولا يوجد أي سبب يدعو للاعتقاد أن خان لم يشعر بالرهبة من استفزاز الشهود. وشهد القضاة في القضية بحياديته ومدحوا إشارته إلى تلاعب الشرطة بالأدلة، مع أن قضية روتو تثير الكثير من الأسئلة.

الأول: ماذا سيفعل خان لو تم إحياء قضية روتو؟ وحتى لو طلب خان أن يعفى من التعامل مع أي شيء له علاقة بكينيا، “فالمسألة ليست عن التحيز ولكن مفهوم التحيز” كما يقول محام كيني.
وبهذا المعنى لم يساعد خان نفسه. ويقول نقاده في كينيا إن خان قام خلال محاكمة روتو بتجاوز حدود المحامي القانوني. ففي 2016 وبعد انهيار القضية تحدث أمام تجمع احتفالي دعا إليه الحزب الحاكم ووعد فيه كينياتا بعدم السماح بمحاكمة أي كيني أبدا أمام محكمة أجنبية. وانتقد خان المحكمة في لقاء تلفزيوني وقال إنها كانت “تهدف لتغيير النظام في كينيا”.

وحصل خان في أدائه للدفاع أمام المحكمة الجنائية على إعجاب الطبقة الحاكمة في كينيا. وهو مدين لها بفوزه في المنصب الحالي. فقد عين سلفا خان بالإجماع بين أعضاء الجنائية الدولية. ففي منتصف العام الماضي أصدرت لجنة في الجنائية الدولية قائمة من المرشحين لم تضم خان. ورفضتها الحكومة الكينية وأصرت على ضرورة فتح باب الترشيح من جديد.

وأذعنت اللجنة مما سمح لخان وغيره لحرف ميزان الترشيح. وبالنسبة لخان فإن فترة عمله كقاض في الجنائية الدولية ستكون بالتركيز على حقوق الإنسان وانتهاكاتها. ولكن جورج كيغورو، مدير مفوضية حقوق الإنسان الكينية، يشك في هذا. واعتبر تعيينه تراجعا في مسار الجنائية الدولية وقد “يحطم المحكمة”. وأول تحد لخان سيكون هو توفر تطمينات أن المحكمة الجنائية ستكون قادرة على توفير الحماية للأشخاص الذي يتحلون بالشجاعة ويبلغون عن المسؤولين البارزين القتلة.

وبخاصة بعد مقتل ميشاك يبي، الشاهد في قضية روتو الذي عثرت على جثته مشوهة في 2015. ولا أحد يتوقع تغيير نقاد خان مواقفهم منه، ولكن قد يبدأ بخطوات لبناء الثقة والتأكيد للشهود الكينيين الذين لا تزال أسماؤهم مجهولة بأنهم في مأمن. وقال موتولا كيلنزو، السيناتور والمحامي الكيني “كل واحد له دخل في القضية خائف”. لكن خلال تعلم أخطاء الماضي وتقوية أساليب الحماية للشهود يمكن لخان أن يفتح الباب أمام شهود المستقبل للحديث بثقة وبدون خوف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية