عمان- “القدس العربي”: “أعرف عددا جيدا منهم .. يعرفني الكثير منهم .. بعضهم أصحابي .. ما هو المطلوب مني وماذا أفعل..؟”.
كانت تلك عبارة تختصر ردة فعل وزير البلاط الأردني الأسبق الدكتور مروان المعشر على هامش استفسار مباشر من “القدس العربي” وعلى شكل إجابة توضح بدورها إجابة على السؤال التالي: لماذا اندلعت الأضواء فجأة ولاحقت المعشر تحديدا في الاعلام العربي بعد وضوح الرؤية نسبيا بشأن الطاقم الجديد الذي سيترأس عمليات الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن؟.
لا يحفل المعشر بولادة واستنساخ المزيد من الأسئلة.
ولا يجد نفسه معنيا بإدعاء تمثيل الأمريكيين أو برسيم مسافة القرب من طاقم البيت الأبيض فالمسألة عندما يتعلق الأمر بالعرب ومصالحهم والأردن كما يحبه أهله والقضية الفلسطينية لا تتعلق بالأمريكيين بصرف النظر عن هويتهم بقدر ما تتعلق بأصحاب تلك الملفات والقضايا.
المعشر تحديدا نائب لرئيس معهد كارينغي عندما كان الرئيس وليام بيرنز أو “صديقنا بيل” كما يدعى، والأخير الآن يعلم الجميع أنه رئيس لجهاز الاستخبارات في أمريكا.
والمعشر سفير سابق لبلاده في واشنطن وتل أبيب ورئيس للجنة الأجندة الوطنية ووزير للخارجية ونائب لرئيس الوزراء ووزير للبلاط سابقا.
تلك حزمة “ألقاب” جعلت تفاعله مع نخبة عريضة من القيادات الأمريكية الديمقراطية وغير الديمقراطية أمرا طبيعيا بحكم العمل وليس الصداقة.
سأل الاعلام المحلي بإلحاح مع المنصات عن الصداقة التي تجمع “بيل” إياه بالمعشر، لكن مقربون جدا من الثاني يتحدثون عن علاقات طبيعية بحكم العمل والاهتمام والملفات تتطور أحيانا في مسارات شخصية مع أكثر من 10 على الأقل من أفراد الطاقم المتقدم العامل مع بايدن الآن.
لا يريد المعشر أن يكون ذلك أكثر من مساحة لها علاقة بخبرة تراكمت تمكنه من قول المفيد لمصلحة بلاده ودولته ليس أكثر ولا أقل حيث لا خطط ولا طموحات بأي مواقع رسمية وميل شديد للبحث والتأمل والهدوء وزهد أكبر بالأضواء التي تسلطت قسرا.
ظهر المعشر بصفته خبير أكثر من مرة في عمان ليتحدث عن حكام البيت الأبيض الجدد واتجاهاتهم ومساء الأحد ظهر في ندوة عامة نظمها مركز “حماية وحرية الصحافيين” وقدم خلالها مداخلة تشخيصية لها علاقة بالخبرة وبالطريقة التي يفهم فيها الأمور.
ثمة خلاصة يمكن استنتاجها في تلك الندوة على النحو التالي وباختصار: حل الدولتين ميت وإدارة بايدن الجديدة ستحيد ما يسمى بصفقة القرن لكنها ليست بصدد الضغط على إسرائيل وإجبارها ومشروع اليمين الإسرائيلي المعادي للأردن دولة وقيادة وشعبا لا يزال في عمق الاتجاه والخارطة.
والمسار اليتيم المتبقي فلسطينيا هو حصرا اللعب بورقة الحقوق الإنسانية المتساوية في عمق التركيبة السكانية والديموغرافية ولا مزيد من المساعدات الأمريكية أو الخليجية للأردن والعلاقات بين إدارة بايدن وكل من السعودية ومصر قد لا تنفعل أو تتفاعل إيجابيا لكنها لن تتحول إلى خصومة أو عداء والأولوية المطلقة حددتها وثيقة بايدن قبل الانتخابات.
تبدو خلاصة مثيرة خصوصا إذا صدرت عن ما تصنفه النخب السياسية والإعلامية العربية باعتبارهم “الصديق العربي” الأكثر خبرة حاليا بطاقم بايدن.
السؤال هو “ما تقدم به الدكتور المعشر مؤخرا تحت إلحاح وضغط الإعلام والصالونات هل هو تقدير ورأي أم معلومات أيضا؟.
تعلم “القدس العربي” ومن مصدر أمريكي هذه المرة بأن المعشر وبيرنز تواصلا لأغراض التقييم وحتى لأغراض التهنئة للموقع الثاني الأخير.
وتعلم بأن برينز نفسه ووزير الخارجية الجديد انتوني بلينكن تلقيا رسائل وإيميلات تمنيات بالتوفيق من 4 شخصيات أردنية على الأقل ومثلها من الشخصيات الفلسطينية.
لكن أردنيا ما تعلمه “القدس العربي” قد يكون الأهم في بناء الصورة والنمط، فمجلس السياسات الذي لم يسأل المعشر يوما عن أي شيء طرح استفسارا مبكرا بعد فوز بايدن.
وتراكم وجود محبين للأردن في طاقمه بصورة قد تؤدي إلى دفع كلفة الحب لاحقا.. السؤال كان له علاقة بالصيغة الوطنية المقترحة في ملف الإصلاح السياسي والديمقراطية تجنبا لما يمكن أن يصدر بالسياق عن طاقم بايدن لاحقا.
استشعرت مؤسسة العمق الأردنية التغيير الدراماتيكي في واشنطن وقررت طرح سؤال الاستفسار منذ ستة أسابيع وعشية احتفالات المملكة بمئوية الدولة ويمكن القول سياسيا بأن الاستفسار انتهى بمبادرة ملكية علنية ظهر الأحد توجه بالعودة إلى مراجعة تشريعات الإصلاح السياسي.
وهي مبادرة قد تكون في وقتها تماما وقد تخرجها الأيدي التي تعبث بالإصلاح السياسي موسميا عن سياقها.
لكن المهم أن الصديق الأردني للاعبين بارزين في طاقم بايدن تحدث علنا مشخصا وناصحا ومتقدما بتقدير موقف لا بل ببعض المعطيات المعلوماتية ودون أي تفكير أو تخطيط أو حتى قرائن على أن هذه النصائح والمعطيات سيأخذ بها في النهاية، الأمر الذي لا يهتم به المعشر عمليا الآن فهو يقول ما لديه ويمضي فحسب.
العرب متعودين على تمشيه الامور من باب العلاقات الشخصية، و من هنا لا استغرب هذا الاحتفال بفلان او علان انه صديق للشخصية الامريكية الفلانية او غيره. قد تكون هناك علاقات شخصية او صداقة نعم ولكن هذا لا يعني من قريب او بعيد ان تؤثر هذة العلاقة بطريقة تفضيلية على مصالح امريكا الاستراتيجية او حتى التكتيكية. احتفال ساذج لا معنى له الا حالة اليأس و التخبط.
الرؤساء في الغرب لا يعلمون مسبقا ماذا سيواجههم خلال فتراتهم الرئاسية ولاكيف سيتفاعلون مع الأحداث التي سيواجهونها ولا الإكراهات التي عليهم التأقلم معها. فكيف إذن بصديق شخص ما، في إدارة تعمل وفق نخبة من عدة أشخاص، أن يتنبأ بماذا سيحصل ويفتي في مايعتبره حل ميت وحل حي. زد على ذلك ما اعترف به أوباما في مذكراته الأخيرة حول استحالة أن يقوم أي رئيس أمريكي بأي شئ لفرض تغيير في أهداف وسياسة إسرائيل