عولنا، وما زلنا نعول كثيرا على الثورة المصرية، التي اطاحت بديكتاتورية الفساد في مصر، ولكننا نعترف باننا نشعر بالقلق والخوف على هذه الثورة، كلما طال امد حالة انعدام الوزن التي تعيشها مصر حاليا، حيث تبدو سفينتها تائهة، وربانها عاجزا عن السيطرة عليها في مواجهة الامواج العاتية.
من شاهد منظر الرئيس المخلوع حسني مبارك وهو في ابهى حلته، يحيي انصاره من خلف القضبان، الذين كانوا اكثر عددا وصراخا من اهالي الشهداء للمرة الاولى منذ بدء المحاكمات، يدرك جيدا حجم الفارق الكبير في النظرة الى هذا الرجل، مثلما يدرك في الوقت نفسه حجم التغيير الذي طرأ على البلاد والمزاج الشعبي العام فيها، بعد عامين من اندلاع شرارة الثورة.
مبارك بدا في قمة الثقة، وعلامات الثقة والارتياح بادية على وجهه، ووجهي نجليه اللذين وقفا الى جانبه في القفص يهمسان في اذنه بين الحين والآخر، مصدر الثقة ليس الاطمئنان فقط الى امكانية اخلاء سبيله لاسباب قانونية بحتة، وليس لبراءته من التهم التي حبس احتياطيا بسببها، وانما لتدهور الاحوال الامنية والاقتصادية والاجتماعية في مصر الثورة.
مصر تعيش حالة من الضياع وعدم الاستقرار، فالنخبة السياسية التي وحدتها الثورة وفساد النظام السابق باتت تتقاتل فيما بينها، وتكره بعضها البعض اكثر من كرهها للنظام السابق، بل لا نبالغ اذا قلنا انها نسيت ذلك النظام، او تناسته، في غمرة اعمال الشحن التحريضي، من خلال وسائل اعلام محسوبة على هذا الطرف او ذاك.
لا نعرف مشاعر اهالي الشهداء وهم يستمعون الى القاضي يوم امس ينطق باخلاء سبيل مبارك من التهمة الاساسية التي جرى حبسه احتياطيا من اجلها، اي المسؤولية الاولى عن قتل هؤلاء، او عندما شاهدوا الفرحة على وجوه انصاره في المقابل، لكنه يوم كئيب بالنسبة اليهم دون ادنى شك.
‘ ‘ ‘
للمرة الاولى، ومنذ نجاح الثورة المصرية قبل عامين، تتزايد وتيرة المقارنات التي تخلص الى نتيجة الترحم على حكم مبارك، والاشادة بـ’انجازاته’ في حفظ الامن وتحقيق الامان للشعب لاكثر من ثلاثين سنة، ونمو اقتصادي ناتج عن استقرار وتدفق الاستثمارات الخارجية، وان كان هذا النمو انحصر في اوساط القطط السمان والطبقة الطفيلية المحيطة بهم ولم يصل الى الشعب الذي عاش اكثر من نصفه تحت خط الفقر وما زال.
النخبة السياسية بشقيها الاخواني الحاكم وجبهة الانقاذ المعارضة، تتحمل المسؤولية الكبرى عن هذا الصعود المتسارع لانصار الحكم السابق، وتدهور الاوضاع الامنية والاقتصادية في البلاد، عندما فشلت في الاتفاق على خريطة طريق تقودها، اي البلاد، الى بر الامان، وتقديم مصلحة مصر على كل اوجه الانانية الحزبية والشخصية التي تجلت في ابشع صورها في التنافس على الحكم.
حركة الاخوان تتحمل المسؤولية الاكبر لانها فشلت في التعايش مع الآخرين، بمن في ذلك المقربون منها مثل التيار السلفي، وعجزت كليا، عن ادارة دفة الحكم بطريقة عصرية حديثة، من خلال وزارة قوية من اهل الخبرة والتجربة.
وجبهة الانقاذ تشارك بحسن نية او سوئها، في حالة الانهيار التي تعيشها البلاد، لان كل همها بات محصورا في افشال الرئيس مرسي، وحكومته، من خلال تصعيد حالة التوتر، وهز الاستقرار، بل وفي بعض الاحيان مطالبة بعض احزابها بتدخل المؤسسة العسكرية واعلان حالة الطوارئ.
مبارك اذل الشعب المصري، وهمش دور بلاده، وفرط بسيادتها، وهز صورتها، وحولها الى تابع لقوى ومصالح اقليمية وخارجية، وسلم الحكم وادارة شؤون البلاد الى نجل ارعن، ومجموعة من الانتهازيين، الذين لا يجيدون الا شيئا واحدا هو نهب عرق الفقراء والبسطاء والمحرومين.
لو كان حكم مبارك رشيدا مثلما يطالب بعض انصاره والمطبلين لنظامه، في بعض وسائل الاعلام، لما خرج ملايين المصريين الى الشوارع للمطالبة باسقاطه والقصاص من كل رجالاته الذين عاثوا فسادا في الارض.
‘ ‘ ‘
مصر تواجه اخطارا كبيرة هذه الايام، ابرزها الخطر الطائفي الذي تنفخ في قربته قوى عديدة داخلية وخارجية تريد اشعال فتنة طائفية في مصر على غرار ما حدث في العراق، وما يحدث في سورية، وبما يؤدي الى تحويلها الى دولة فاشلة بحكومة ضعيفة.
ثلاث دول رسمت تاريخ المنطقة العربية لالاف السنين، وهي مصر والعراق وسورية، وقد جرى تدمير الدولتين الاوليين، وهناك من يتطلع الى تدمير الثالثة والمؤشرات كثيرة في هذا الصدد.
نتمنى على المعارضة والسلطة في مصر ان ترتقيا الى درجة الوعي الكافية بما يمكنهما من ادراك ابعاد المخطط المرسوم لبلدهما، حتى لا ينزلق الى هاوية بلا قاع حيث قد يتعذر الانقاذ.
السلطة في مصر اضعف من ان تكسر المعارضة، واقوى من ان تهزم وتخسر الحكم الذي وصلت اليه، اتفقنا او اختلفنا، عبر صناديق الاقتراع، في انتخابات حرة نزيهة وشفافة. مما يعني ان الجانبين بحاجة الى وقفة جادة.
نأمل الا تكون ابتسامة الرئيس مبارك اثناء مثوله امام المحكمة بعد اسبوعين اكبر من ابتسامته الاخيرة، مثلما نأمل ان يكون عدد اسر شهداء الثورة اكبر عددا، واكثر تذكيرنا بحكم هذا الرجل الديكتاتوري الفاسد.
نكتب عن مصر لانها القاطرة لهذه الامة، ومركز الثقل فيها، وعنوان الخلاص لنا جميعا، والشعب المصري في مقدمتنا.
بلاد خصبة يمر بها النيل الثائر و لا تجد مخزون من القمح لشهرين فقط .المحاكمة الشعبية العادلة أثناء االثورات لا تستغرق ساعات إما سحلا أو البراءة المعدومة الملايين يسكنون في المقابر و مثلهم يغتربون لمدن لا تمر بها الأنهار الميتة بنائها محليا يحتاج عشرين قرنا صحراويا في النهاية يطردون و يرحلون من دون تقدير لعرقهم الطاهر تدمير السدود أتي ليحدث الطوفان جائع يستعير رغيف خبز يقهر و هادم هرم الإنسانية يعيش في مشافي الألماس و المرجان الشرمية .شكرا.
مقال رائع ونظرة موضوعية ثاقبة للأحداث وشاملة لجوانب وأبعاد الأزمة برمتها
مشكلة التحول الديموقراطي في كل بلدان الربيع العربي هي في النخب اكثر من الشعوب. من يستطيع ان ينجح ويقود البلد الى بر الامان اذا كان هدف الخاسر في الانتخابات هو عرقلة منافسه واسقاطه ولو عبر اسقاط البلد؟؟؟؟؟؟؟؟ يحدث هذا في مصر وتونس ايضا رغم ان النهضة تحكم عبر تحالف مع علمانيين وقد قدمت كل التنازلات الممكنة حتى ان ان انصارها اتهموها بالانبطاح. الاخ عبد الباري عندما تتحدث عن اسقاط بلدين عربيين تختلف تجربتهما, كانك تصف ضمنا الثورة السورية بانها مؤامرة خارجية كالتي حدثت في العراق بينما المؤامرة الحقيقية على هذا البلد هو ذاك النظام الذي يقصف شعبه بالكيمياوي والسكود والقنابل العنقودية والذي كان طوال عقود مضت خنجرا مسموما في خاصرة العراق الذي تعرض لكل محاولات الغزو والتامر على سيادته وترابه
صدقت يا ستاذ عبد الباري بأن مصر هي قاطرة الأمة وأنا واثق بإذن الله بعد أن تمكن شعبها العظيم من تحطيم فرعون العصر الذي باع مصر بملاليم أنها أي مصر ستكون عند حسن ظن كل شرفاء الأمة وستنهض من كبوتها ولن ينال أعداء مصر إلا خيبتهم لأنها ثورة شعب عظيم وليست حدثاً عابراً ولازالت فئة عريضة من الشعب غير شاعرة بشدة الزلزال الذي أطاح بفرعون العصر وآخر فراعنة الزمان.
مناشدة خاصة الى د. عطوان :
لم اكن اعتقد يوما انك قد تتبنى راي تلك الطبقة من المجتمع التي تتاثر بالقيل والقال ولا من تلك الجماعة التي تنظر الى ذلك الانعكاس على سطح الماء دون النظر الى الاصل في السماء … عجبت منك عندما وصفت مرسي بالقبطان التائه … وعجبي زاد عندما لم تنظر في ذلك المنظار الذي يحمله … بل نظرت في تلك العدسه التي يرى خلالها معارضوه … قد لا ينجح مرسي في جعل مصر الدولة الاولى على خارطة العالم … لكنه على تلك الخطى يسير ..واضعا لمن ياتي بعده الدرجات الاولى …
انت يا د. عطوان من اولئك الاشخاص القلة الذين تجد لكلمتهم صدى .. والتي لازال لها قيمة كالذهب الخالص الذي لا تتاثر قيمته على مر العصور فلا اانخفاض الدولار او نزول الدينار يؤثر بها …. مرسي يستحق منك اكثر من ان تصفه بالتائه العاجز عن تحديد اتجاه اليابسة …. هو ليس ضعيفا ..انجازاته ستدركها انت عاجلا ام اجلا .. ولكن اذا كان رايك هكذا … لا تجعل غيرك ينظرون الى الى ذلك النصف من الكوب الفارغ …على الاقل دع لهم حرية النظر ..علهم يرون الكاس الممتلئ …كما لم تره انت ….
وتقبل مني فائق الاحترام…
أليس الذي أصدر الحكم هو قاضي يتمتع بإستقلالية نادت بها شعوب الثورات فالجدير أن يكون الحكم عادلا أما أن نحشر السلطة التنفيذية والثورة في الموضوع فهذا جدل لا طائل من ورائه.
ما سمي بالربيع العربي زورآ لم يكن الا مخطط ماسوني أمريكي لضمان سيطرتهم على شعوبنا المتخلفة عديمة الضمير والاخلاق .. ولاثبات ذلك لم يعد هناك صلات رحم وقربي بين هؤلاء العربان المتخلفين لانعدام الضمير والاخلاق قبل الدين ومن يتمسحون بالدين ما هم الا عملاء للماسونية العالمية وعملاء من الطبقة المنحطة ينفذون التعليمات بدون نقاش أو عقل .. لإنتظروا عندما تصبحون 52 دويلة قبلية متصارعة تقودكم اسرائيل وتكون سيدتكم ..هذا هوا مصيركم المحتوم ..لانكم اناس بلا عقول ولا ضمير ولا أخلاق .
يا سيدى انت تلقى اللوم على الطرفين الأخوان و المعارضة لكن نسيت أن تقول لنا ما مسؤلية جبهة الانقاذ الحقيقية عن سوء أدارة البلد , فى النهاية جبهة الانقاذ اخطاءها مردودة عليها و الناس تستطيع أن تتجاهلها(تتجاهل جبهة الأنقاذ), أما من يدير البلد عندما يخطئ , تعود أخطاءه على 90 مليون مصرى ,و لا تستطيع الناس أن تتدعى انه غير موجود , ما مسؤلية المعارضة عن المعطلين و الجوعى و المرضى اللذين تتحمل مسوليتهم الجهة الحاكمة و التى بسياستها تستمر معاناتهم . الله يرحم عمر بن الخطاب الذى يخاف ان يسأله الله على بغلة تعثرت فى العراق لماذا لم يمهد لها الطريق.
رحم الله الزعيم الخالد جمال عبدالناصر
مهما طال الظلام ستشرق شمس الحق يوم نثق بانفسنا وببعضنا البعض وليس بالغرباء
أشكرك أستاذ عبد الباري على هذا الفهم العميق و التحليل الدقيق و أتمنى ان يفهم المصريون و ان يعرفوا قدرهم الحقيقي في قلوب و عقول الشعوب العربية
و ان لا ينجروا وراء بعض العملاء و المنتفعين و يضيعوا بلادهم و أمتهم
كما أطالبهم بان يعطوا الرئيس الحالي حقه الطبيعي في حكم البلاد و دعمه و الالتفاف حوله لخيرهم و خير بلادهم و خير الأمة من خلفهم