واشنطن: بينما يتجول دونالد ترامب في جميع أنحاء البلاد على الرغم من وباء كوفيد-19، اختار خصمه جو بايدن عقد لقاءات صغيرة بالقرب من مقر إقامته، واضعا كمامة. وعلى الرغم من سخرية الرئيس الأمريكي الذي يتهمه بالاختباء، يتقدم المرشح الديموقراطي في استطلاعات الرأي.
وقد أظهرت الاستطلاعات أن الناخبين الأمريكيين لا يثقون كثيراً بقدرة ترامب على دحر الفيروس، وقبل 130 يوما من الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر يتقدم بايدن في الاستطلاعات رغم قلة التجمعات التي شارك فيها شخصيا منذ منتصف آذار/ مارس.
لكن مع اقتراب مواعيد مهمة في الحملة الانتخابية- خصوصا اختياره للمرشح لمنصب نائب الرئيس في مطلع آب/ أغسطس، والمؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي في الشهر نفسه- فإن على بايدن التفكير في تحقيق التوازن بين الالتزام بتدابير الوقاية من الفيروس والظهور أكثر من مجرد مرشح افتراضي.
وكَيله الانتقادات للرئيس من منزله في ديلاوير ليس استراتيجية قابلة للتطبيق على المدى البعيد، بحسب ما يقوله المنطق وخبراء.
وقال مدير مركز أبحاث الانتخابات في جامعة ويسكونسن-ماديسون الاستاذ باري بوردن “لا أرى ذلك مستداما حتى الانتخابات في الخريف”.
وأضاف “سيأتي وقت يضطر معه بايدن إلى أن يكون متواجدا شخصيا في الحملة الانتخابية، ليطمئن الناخبين بأنه شخص حقيقي وبصحة جيدة وجاهز للخدمة”.
وهذا الخروج يجب أن يحصل في تموز/ يوليو، وفق بوردن، كي يتمكن بايدن من صقل خطابه العام قبل أن يتشارك منصة الحملة مع مرشحه لمنصب الرئيس.
وعلى بايدن أن يحرص على عدم الظهور في مظهر متناقض في حال عقد مهرجانات انتخابية مكتظة بعد التحذير من خطورتها.
وبعد تعليقات ساخرة من فريق حملة ترامب “تيم ترامب” لبثه المتواصل رسائل من استديو في الطابق السفلي لمنزله، يخطو بايدن تدريجيا نحو المشاركة شخصيا في فعاليات.
الخميس، توجه إلى لانكستر بولاية بنسلفانيا وكان يضع كمامة وجلس مع العائلات في حديقة يحيط بها سور من حجر، لمناقشة مسألة الرعاية الصحية.
وفي كلمة له بعد دقائق هاجم ترامب لمحاولته محو برنامج اوباما الصحي المعروف اوباما كير.
وقال “شاهدنا نفس القساوة في تعاطيه مع فيروس كورونا المستجد” لافتا إلى رفض ترامب الأخذ بنصيحة علمائه ووضع كمامة وإطلاقه على الفيروس تسمية “كونغ فلو” وقوله إنه يرغب في “إبطاء” فحوص الكشف عن الفيروس.
وقال بايدن “إنه مثل ولد لا يستطيع أن يصدق ما حصل له”.
وأضاف “ليست مهمته أن يتذمر بشأنه، بل أن يفعل شيئا حياله”.
نقيض مهم
ويواجه ترامب أكثر من أزمة. فالعلماء يقولون إن استراتيجيته للتصدي للفيروس فشلت إلى حد كبير، فيما مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون قال إنه غير مؤهل لمنصب الرئيس.
وتعرض لصفعتين الأسبوع الماضي من محكمة يغلب عليها قضاة محافظون، في قضايا أثارت اهتماما واسعا تتعلق بالهجرة وحقوق المثليين.
وانهالت الانتقادات إزاء تعاطيه مع الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد للمطالبة بالعدالة العرقية، ولخطابه اللاذع الذي أدى إلى إثارة الانقسامات.
ووبخ بايدن ووصفه بـ”دمية اليسار الراديكالي” وقال إن الصين تريد أن يفوز بايدن كي تتمكن من التلاعب بديموقراطي.
وباءت تلك الهجمات بالفشل، لأسباب منها أن بايدن لا يخوض حملة ومعركة انتخابية.
ويحول ترامب تركيزه على الاقتصاد لاعتباره المنقذ لولاية ثانية له.
ويرى بوردن ان تحسنا طفيفا قبل الانتخابات يمكن أن يساعد الرئيس ويعقّد رسالة بايدن.
وقال “حتى وإن لم يكن الاقتصاد بحالة جيدة، ففي حال تحسنه، سيتمكن من الحديث عن إعادة التعافي لأمريكا”.
في تلك الاثناء يقترب موعد مؤتمري الحزبين للإعلان رسميا عن مرشحيهما. وفيما يطالب ترامب بحشد كبير في مؤتمر الجمهوريين، اختار بايدن السلامة، مع إعلان الحزب الديموقراطي هذا الأسبوع أنه سيعقد مؤتمرا افتراضيا إلى حد كبير.
ولم يعد بإمكان بايدن الاعتماد على حضور تقليدي كبير، لكن الفرصة لا تزال سانحة، بحسب ايمي ديسي المخططة الاستراتيجية في الحزب الديموقراطي.
وقالت ديسي إن حملة بايدن “تصل إلى أشخاص حيث هم، ولا يطلب منهم دائما الحضور إلى مكان تواجده” وتضيف “هذا نقيض مهم جدا”.
وهناك التواصل الانساني لبايدن، لكن الوباء قد يودي بتلك الميزة. لكنه يستطيع الحفاظ على تواجد يبث الطمأنينة، ما يميزه عن ترامب الذي غالبا ما يعتبر غير متعاطف مع هموم الناس.
وترامب لا يحظى بشعبية واسعة لكنه أظهر قدرة على التكيف مع ذلك.
وفيما يعاني وسط الوهج الإعلامي يشعر بالانزعاج من أن خصمه يتجنب ذلك.
ولجأت حملة ترامب إلى السخرية من بايدن لبقائه في الظل، بحسب ما كتب كايل كونديك من مركز السياسات بجامعة فرجينا في نشرة مؤخرا.
وقال “عليهم أن يدفعوا بايدن إلى الواجهة والأمل في أن يرتكب أخطاء كي يتمكن ترامب من الظهور بمظهر أفضل مقارنة به”.
(أ ف ب)