الغربة هي أيضاً أن تعلم برحيل أصدقاء الأمس بعد ذلك بوقت طويل.. فقد تناثرنا بين القارات كالعصافير في العاصفة. ولم أعلم برحيل الشاعر اللبناني روبير غانم إلا مؤخراً، وكان قد لفتني خلقه الرفيع على الرغم من أنني في ندوة أدبية عن كتاب له برفقة أنسي الحاج كانت مداخلتي بعنوان «روبير غانم شاعر مع وقف التنفيذ».. أحزنني رحيله ورحيل الصديقات والأصدقاء: أنسي الحاج، وديزي الأمير، ومي منسي، وياسين رفاعية، وجان ألكسان، وحافظ محفوظ، وسواهم كثير. شعرت بالحزن لأنني كنت بعيدة عنهم في لحظاتهم الأخيرة ولم أودعهم. وتذكرت قول الشاعر ييتس: كل شيء يتغير… ويتساقط الواحد منا قبل الآخر!
ورحل الصحافي الصديق وليد عوض الذي أشتري مجلته كلما كنت في بيروت «الأفكار».. وهبّت عليّ ذكريات عملنا معاً برفقة غسان كنفاني في «الحوادث» كسرب من الفراشات والدبابير، حين علمت مؤخراً بنبأ رحيله وأدركت أنه عاد إلى مسقط رأسه في طرابلس.
أمير الحلو، عاد إلى النجف وكربلاء
علمت مؤخراً أيضاً برحيل الصديق العراقي الإعلامي العزيز أمير الحلو، ولم أدر من قبل لأكلم، معزية، زوجته صديقتي ابتسام عبد الله الصحافية والروائية. وها هو أمير يعود إلى مسقط رأسه في النجف وكربلاء.. مع رحيل كل صديق أو صديقة يتفجر نبع الذكريات وأيامي معهم ومع إبداعهم، ويركض نهر الحنين.. كأنني كلما رحلت صديقة/صديق لي أموت قليلاً بموتهم.. كأننا نموت بالتقسيط مع رحيل رفاق الأبجدية..
حافظ محفوظ: ربع قرن من الصداقة
منذ وفاة زوجة حافظ محفوظ الصديقة، شعرت بأنه سقط في بئر الغم، لكنه كان يكابر ويغرق أحزانه في عمله في مجلة «الحصاد» كرئيس تحرير. ولعله الوحيد من أصدقائي الذي علمت برحيله صباح اليوم التالي، إذ اتصلت بي السيدة ابتسام أوجي، رئيسة مجلس الإدارة، التي تعرف مدى صداقتنا، ونقلت لي النبأ. كما اتصل بي ابنه بسام في اليوم التالي. عملت وحافظ حوالي ربع قرن في «الحوادث»، وكان مثالاً للصداقة الأخوية الصافية كنبع جبلي.. وكان يحن إلى مسقط رأسه في «مرجعيون» لبنان.. ولكنه رحل في لندن.. وبعد موته عاد إلى مرجعيون..
نحن نعرف مكان ولادتنا.. لكننا لا نعرف مكان وفاتنا وتوقيت ذلك!.. وحين يموت أصدقاء الأمس يذكروننا بموتنا الشخصي الآتي..
عيسى الفلسطيني حتى قاع عظامه
ورحل عيسى بلاطة.. سمعت باسمه للمرة الأولى من الفلسطينية حنان عواد التي كانت تحضر أطروحتها عني بالإنكليزية في جامعة ماكجيل (مونتريال) الكندية، بإشراف أستاذها البروفيسور عيسى بلاطة، وكان عنوانها «قضايا عربية في أدب غادة..»، ثم أصدرتها في كتاب عن دار نشر كندية. وقامت «دار الطليعة» بإصدار ترجمة لها إلى العربية.
البروفيسور بلاطة كتب التقديم لها
وتواصلت أبجدياً مع د. بلاطة، ولم نلتق يوماً، وربطتني مودة مع زوجته أيضاً، ولفتني علمه وسعة اطلاعه وانكبابه على العمل..
ورغم نجاح د. عيسى بلاطة في مغتربه.. ظل يحن إلى القدس، المدينة التي اضطر إلى الهجرة القسرية منها بعد الاحتلال الإسرائيلي لجزء منها عام 1967 وهزيمتنا العربية التي يدعوها البعض نكسة، وتجلي ذلك الحنين في روايته «عائد إلى القدس».
يُغرق حزنه لفراق القدس في النجاح
بلاطة كان أستاذاً للأدب العربي في جامعة ماكجيل، والمشرف على الدراسات العليا في «معهد الدراسات الإسلامية».. وغزير العطاء في حقل الترجمات والدراسات الأدبية وفي إصداراته للكتب؛ لتعريف الغرب بالأدب العربي، وهكذا أصدر دراسات عن (فدوى طوقان ومشكلة الموت) وتوفيق صايغ (الكركدن المحاصر)، وعن هشام شرابي، وترجم مذكرات الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا (البئر الأولى).. وكنت سعيدة بترجمته لمجموعتي القصصية «القمر المربع» وحاز الكتاب «جائزة الكتاب العربي المترجم للإنكليزية» من جامعة أركنساس.
ولكن روايته «عائد إلى القدس» تركت أثراً أليماً في نفسي، إذ شعرت فيها بلوعة الفقد، فقد فلسطيني لوطنه. وهي رواية وجدتها جيدة، ولكنها لم تحظ بالاهتمام النقدي الذي كانت تستحقه ولا بإقبال القراء.. وإصدار الكتب هو مغامرة حب، وأحياناً يحب القراء من لا يستحق ثم يكتشفون جمالية عمل أهمله آباؤهم.. وأظن أن كتاب «عائد إلى القدس» من هذا النمط..
دعمني بلاطة حين أصدرت «رسائل غسان كنفاني» لي، وكتب قائلاً: وجدت في رسائل غسان أدباً شخصياً رائعاً وجزءاً من تاريخ الأدب العربي الحديث، ونشرها يفتح آفاقاً جديدة للأدب الشخصي الذي نفتقر إليه في العالم العربي، وقد حان لنا أن ننزع الأقنعة عن ازدواجية الروح فينا.
هل تعود أرواحهم إلى فلسطين؟
أولئك الذين ولدوا في فلسطين وطردهم المحتل الإسرائيلي من أوطانهم في هجرة قسرية.. هل تعود أرواحهم بعد وفاتهم إلى البيوت التي ولدوا فيها وإلى أرضهم السليبة؟
هل عادت أرواح سميرة عزام وشفيق الحوت وكمال ناصر وغسان كنفاني وسواهم كثير من أصدقائي الفلسطينيين.. هل تعود أرواحهم إلى الوطن وإلى بيوتهم الأولى؟
بيوت مسكونة بالأرواح
هل عادت روح عيسى بلاطة إلى بيته في القدس كما جاء في عنوان كتابه «عائد إلى القدس»؟
وهل يشعر الإسرائيلي الذي احتل بيته وسريره بأن البيت صار مسكوناً بروح أو أكثر؟ كثيرة هي الأفلام والروايات عن البيوت المسكونة بالأرواح والأشباح. هل عالمنا ليس فقط ما نراه؟ هكذا تساءلت حين علمت بنبأ رحيل عيسى بلاطة.. تراه كان يعني بعنوانه «عائد إلى القدس» أنه سيرجع يوماً إلى بيته حياً أو ميتاً؟ من يستطيع إثبات ذلك أو إثبات العكس؟
يتبع
العلامة الاردني الدكتور الرائد رئيس الجامعة الأردنية الاديب الكبير رئيس حوار الأديان ناصر الدين الأسد الذي خصني برسائل قيمة مازلت أحتفظ بها ومنحني ثقته وتشجيعه
الشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي
كنت التقيه في غاليري الفينيق بعمان وشجعني على ركوب امواج الشعر وقال لي شعرك جيد وله مستقبل
أنا إسلامي, لكني أحيي كل شخص وقف مع القضية الفلسطينية حتى لو كان ملحداً! وأشعر بالعار من كل مسلم خذل قضية فلسطين!! ولا حول ولا قوة الا بالله
ما معنى اسلامي حفظك الله .. و مقابلة هذا الوصف للملحد في تعليقك. و شكرا.
.
انا مسلم و أومن بتحييد رجال الدين عن السياسة .. و لست متزوجا أربعة .. فهل انا اسلامي؟
حياك الله عزيزي اللدود ابن الوليد وحيا الله الجميع
الإسلامي يريد تحكيم الشريعة بكل مجالات الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية! وأما المُلحد فهو الذي لا يؤمن بالله!! ولا حول ولا قوة الا بالله
لا يوجد شيئ بالإسلام إسمه رجال دين, بل علماء بشتى مجالات الحياة! فلا رهبانية بالإسلام!! ولا حول ولا قوة الا بالله
لا يوجد علماء دين في تاريخ البشرية إلا عند المسلمين .. يوجد فــــقهــــاء دين .. مثل فقهاء القانون الدولي .. و هذا ليس تنقيص من شأنهم، بل هو وصف معرفتهم.
.
الراجح هو أنهم اطلقوا على أنفسهم لقب “علماء” خوفا أن تفوتهم تفاحة “إنما يخشى الله من عباده العلماء”. هذا كل ما في الأمر.
.
العلم يجدد نفسه بسرعة مدهلة .. و الفقه لا يفعل .. بل ربما يتراجع بسبب المغالات في “درء ا للمفسدة”.
علماء الدين موجودون حتى عند اليهود. بدليل قوله تعالى: ( أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ).
اما الفقه لغة فهو: العلم بالشيء والفهم له. اي ان مصطلح فقيه اقوى من مصطلح عالم. لان العلم بالشيء لا يعني بالضرورة الفهم له.
كلمة علماء في الآية الكريمة هي لمن يعلم معلومة محددة أن “النبي رسولا” .. و كل من يعلم هذا فهو عالم بالامر طبعا …
.
لكن ان تعلم هذه المعلومة لا يحطك في مكانة انشتاين و نيوتن … و لا من يعمل في المختبر لعلم أشياء لا توجد امامه كالمعلومة اعلاه.
.
لذلك وجب التفريق في الامر … هناك لبس شديد في استعمال كلمة علماء لرجال الدين عند المسلمين، فهم يرون انفسهم كمن أوجد
الكهرباء لإضاءة العالم … و هذا غير صحيح … بل اوجدوا في غالبيتهم (لأكون عادلا) منطقا يحرم أعمال الفكر و النقد.
.
و الاستشهاد بكلمة في القرآن و اقتلاعها من نسفها لاسقاطها على موضوع آخر امر لا يستقيم … هذا ليس علما …
شرفنا متعلق بتحرير فلسطين! ومتى إستغنينا عن تحرير فلسطين, فلا شرف لنا!! متى ستهتز الشوارب؟ ولا حول ولا قوة الا بالله
حالفني الحظ أن ألتقي بالراحل د. عيسى بلاطة عدة مرات في امسيات ثقافية حصلت هنا في مونتريال، وقد انبهرت من ذهنه الحاد وذاكرته القوية وقابليته في الأخذ والعطاء في النقاش بالرغم من كبر سنه .
في الكتاب الموسوم ” عروق القدس النازفة ” الذي حرره بالانكليزية وترجمه الى العربية ، الاستاذ منير العكش ، يذكر فيه الراحل د. عيسى بلاطة عن الإرباك والإشكال الذي واجهه عندما وصل الحدود الكندية سنة 1975 ، براً مع عائلته قادما من الولايات المتحدة الامريكية لغرض بدأ عمله الجديد في الجامعة في مونتريال ، وكيف احتار موظف الحدود الكندي لعدم وجود رمز رقمي في قائمته يمثل فلسطين واراد أن ينسبه الى اسرائيل أولا ومن ثم الى الاردن ، لكن مسقط رأسه كما هو مدون في شهادة ولادته البالية ، سنة 1929 هو في القدس الفلسطينية التي كانت تحت الانتداب البريطاني . وكما يذكر ايضا انه غادر القدس سنة 1968 حيث ولد اطفاله فيها ، وأنه لا يزال له أبناء عمومة وأقرباء ممن يسكن في القدس .
تحياتي لسيدة المنبر الأيقونة غادة السمان ، وتحياتي الى جميع متابعي المنبر ، والى الأخ الكبير الاستاذ رؤوف بدران .
أفانين كبة – كندا
شكرآ على هذا الصدق
على كل قبر ضم مهجةفاضل
مآثر تحييه وإن كان فانيا
شمائله منشورة فوق قبره
تشع منارات الخلود بواقيا
ملخص مقال اليوم:
أرواحنا
جيلا
بكت°
جيلا
هلا
تعود
بيوتها
الأولى؟
سيدتي الكريمة، وتاج رأسي، يا ست الشام الكبير
إذا سألتني عن الروح فإني أجيب أن الروح تسكن البيت الذي ولدت فيه ولا ترحل وإن رجل الجسد. وأرواحنا جميعا تركناها في منازلنا البعيدة قسرا لاحتلال صهيوني أو لقمع أسدي كيماوي، أو لفقر لئيم.. ومن عاش في بيت في القدس أو دمشق وهجرها فإنه لاشك انه يغادر بدون روح..
في هذا الصباح أود ان اوجه تحية لأخينا العزيز رؤوف بدران ولشاعرنا تاج الحكمة وكل الاخوة والأخوات المعلقين ولروحك أجمل تحية ياست الشام الكبير
أهلا بالاخ سوري نحن نسكن ببلد واحد حاليا
[email protected]
الأرواح تحلق وتشتاق وتتزاور فيما بينها وتزور الأماكن والأزقة والطرقات. أذكر قبل سنوات، عندما منعني الاحتلال من دخول القدس لأسباب أمنية في ذلك الوقت عدت حزينا مكتئبا والدموع في عيني. ثم عدت إلى المانيا وبعد اسبوع من عودتي رأيت في المنام بأنني ذهبت إلى القدس وتمشيت في ازقتها ودخلت في حوانيتها كلها واشتريت منها أشياء اريدها وتحدثت مع البائعين والزائرين ومع الأطفال. ثم أكملت المسير بمشاهد غنية بأدق التفاصيل إلى إن وصلت إلى ساحات الأقصى فسجدت لله شكرا ثم صليت وبكيت ثم استيقظت وأنا مذهول من تلك التفاصيل الشاملة التي رأيتها. لقد كانت زيارة كأنها حقيقة وربما كانت فعلا كذلك فذهبت الغصة وارتاح القلب التعب. نعم أرواح المحبين تتزاور وتتحدث حتى وإن غابت الأجساد وانقطع الاتصال ولي في ذلك قصص عديدة . فسبحان واضع الأسرار في الأرواح إذ جعلها من أمره فحجب عنا سرها ليعلمنا أننا مهما وصلنا وارتقينا في سلم العلوم تبقى الحقيقة الأزلية التي ذكرها ربنا في كتابه تقول ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا). رحم الله امواتنا وحرر أوطاننا من الصهاينة والمستبدين ودمتم أعزائي بخير.