مع ارتفاع حرارة المعركة الانتخابية، على الرغم من انخفاض حرارة الطقس في بريطانيا، فإن قضايا الناخبين تسيدت ساحة المبارزة السياسية خلال الأسبوع الماضي، بدلا من الخلاف بين المحافظين والعمال. هذا الانتقال في محور الحملة الانتخابية يعكس درجة عالية من الوعي والتنظيم، لدى جماعات الضغط المختلفة التي فرضت نفسها بقوة، وأجبرت قيادات الأحزاب على التراجع، والهروب إلى خنادق الدفاع ومحاولات التماس الأعذار أمام الناخبين.
ثلاث فئات مجتمعية فرضت نفسها بقوة على المشهد الانتخابي، الجالية اليهودية، والجالية الإسلامية، والمرأة. وكان لكل منها قضيتها أو قضاياها السياسية. اليهود أثاروا اتهامات قوية ضد حزب العمال بمعاداة السامية. المسلمون اتهموا حزب المحافظين بكراهية المسلمين والتحريض ضدهم داخل الحزب وخارجة، واعتبروا بوريس جونسون شريكا كاملا في المسؤولية. أما بالنسبة للمرأة فقد طفت على السطح قضية التمييز في قانون المعاشات ضد المرأة، وطالبت جماعة ضغط نسوية بضرورة تصحيح الخلل، والمساواة مع الرجال.
مشكلة عدم المساواة بين المرأة والرجل في قانون معاشات الدولة أثارتها أمام بوريس جونسون واحدة من السيدات في حوار تلفزيوني على قناة “بي بي سي” رد جونسون لم يكن مقنعا، لأنه اعتبر الموضوع شائكا ومكلفا. تكلفة التعويض طبقا للتقديرات الشائعة تزيد على 3 مليارات جنيه إسترليني، ولم تتناولها البرامج الانتخابية للأحزاب.
ويبدو أن جيريمي كوربن، الذي شارك في البرنامج التلفزيوني نفسه في فقرة مستقلة، اعتبر أن هذه فرصة انتخابية للتودد إلى السيدات، فأعلن في اليوم التالي، أن حزب العمال سيقدم التعويضات الكافية لصاحبات المعاشات اللاتي أضرت بهن تعديلات القانون. هذا التصريح آثار عاصفة من التساؤلات حول مدى مصداقية برنامج الإنفاق الذي يتبناه الحزب، والذي لم يكن يتضمن تعويضات المعاشات للسيدات، فوقع الحزب في ورطة من حيث لم يحتسب.
بعيدا عن تعويضات المعاشات للسيدات، فإن العداء للسامية والكراهية ضد المسلمين، كانتا المنصة الرئيسية للجدل. نتيجة هذا الجدل مهمة جدا لكل من الحزبين، فالجالية الإسلامية تشكل ثقلا تصويتيا قويا جدا في دوائر وسط وشمال إنكلترا، كما أن اليهود يشكلون ثقلا انتخابيا كبيرا في دوائر شمال لندن. ومن ثم فإن حرص كل من جونسون وكوربن على كسب أصوات الأقليتين لا يقل عن الآخر، خصوصا في الدوائر ذات الأغلبية الهشة أو الهامشية.
القوة التصويتية للمسلمين
يمثل المسلمون تجمعا مهما، يسهم في رسم ملامح التنوع العرقي والديني والثقافي للبلاد. وعلى الصعيد السياسي يستحوذ المسلمون البريطانيون على نسبة 5 في المئة على الأقل من القوة التصويتية، على الرغم من انخفاض نسبة التسجيل، خصوصا بين الشباب. ويشترك الشباب المسلمون في هذه الظاهرة مع غيرهم حيث تقل نسبة المسجلين للتصويت في الفئة العمرية من 18 إلى 25 سنة بنحو الثلث عن أصحاب الحق في التصويت. وعلى الرغم من أن عدد المسلمين في بريطانيا حاليا يعادل نحو 4.8 في المئة من السكان، إلا أن هذه النسبة ترتفع إلى الضعف تقريبا بين صغار السن، حيث تظهر سجلات المدارس الابتدائية، أن الأطفال المسلمين يشكلون أكثر من 8 في المئة من عدد الأطفال في هذ المدارس.
وطبقا لبيانات أعلنها المجلس الإسلامي في بريطانيا، فإن عدد الدوائر الإنتخابية التي يشكل الناخبون المسلمون فيها نسبة 20 في المئة أو أكثر يبلغ 26 دائرة في كل أنحاء بريطانيا، بنسبة 4 في المئة من عدد مقاعد مجلس العموم الـ 650. كذلك توجد دائرتان يستحوذ فيهما المسلمون على نسبة تتجاوز 50 في المئة من عدد الناخبين هما دائرة برمنغهام هودج هيل، ودائرة غرب برادفورد. ويمتد تواجد الناخبين المسلمين إلى الدوائر المتأرجحة (31 دائرة) في أنحاء مختلفة من بريطانيا، إذ يمكنهم أن يلعبوا فيها دورا مهما في ترجيح فوز مرشح على آخر، حيث يستحوذون على نسبة في حدود 5 في المئة من عدد الناخبين.
ومثل غيرهم، فإن الناخبين المسلمين يبنون اختياراتهم الانتخابية على أساس مواقف الأحزاب المنافسة في قضايا العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، وخدمات الرعاية الصحية والتعليم، والوضع الاقتصادي بشكل عام. إلا إنهم أيضا يهتمون بشكل خاص بمواقف الأحزاب من قضايا تخص وجودهم وهويتهم واعتبارات اندماجهم في المجتمع. وقد أدى صعود اليمين القومي المتطرف، وانتشار نزعة الكراهية للمسلمين والدعاية المضادة للإسلام، إلى زيادة الميل بين الناخبين المسلمين إلى تقييم الحملات الانتخابية للاحزاب، على أساس سياستها تجاه المسلمين، وتجاه المهاجرين والأقليات بشكل عام.
وقام المجلس الإسلامي في بريطانيا بصياغة وثيقة تعهدات، تقدم بها للأحزاب البريطانية، تحدد المطالب التي يراها ضرورية لتعزيز العلاقات المجتمعية، والاندماج الثقافي، مع احترام خصائص الهوية. ويتصدر هذه المطالب ضرورة معالجة النزعة العنصرية والإسلاموفوبيا، واحترام المشاعر الدينية للمسلمين، واحترام الزي الذي ترتديه المرأة المسلمة وعدم السخرية منه، وتوفير الأمن لدور العبادة، والمساواة في المعاملة بواسطة أجهزة الشرطة وسلطات التحقيق، والمساواة في الفرص التعليمية وفرص العمل وغيرها.
ويعتبر حزب المحافظين أكبر الأحزاب المتهمة بممارسة الإسلاموفوبيا، والسخرية من المسلمين، خصوصا المظهر الذي تبدو به الأغلبية الساحقة من المسلمات. وهناك اتهامات موجهة إلى بوريس جونسون شخصيا، بسبب أوصاف وتعبيرات سلبية ضد المرأة المسلمة، استخدمها في كتاباته عندما كان محررا في صحيفة “تليغراف”. ويطالب كثير من الشخصيات القيادية في الوسط الإسلامي بضرورة اجتثاث ظاهرة الكراهية للمسلمين في كل الأحزاب وليس في حزب المحافظين فقط. وقد بادر بوريس جونسون بتقديم اعتذار عما استخدمه في السابق من أوصاف سلبية ضد المسلمين، وتعهد بإجراء تحقيقات مستقلة لاتخاذ إجراءات ضد أعضاء الحزب أو قياداته في حال اتهامهم بممارسات تتضمن الإساءة إلى المسلمين.
العداء للسامية
يتفق كثير من السياسيين في بريطانيا وفي أوروبا بشكل عام، على أن نزعة العداء للسامية موجودة في أحزاب سياسية كثيرة، وفي أوساط اجتماعية متنوعة لأسباب مختلفة. وما يقلق اليهود الآن هو زيادة هذه النزعة بصورة ملحوظة في السنوات الأخيرة. وقد انعكس ذلك بصورة قوية داخل حزب العمال البريطاني، بسبب الخلط بين الموقف من السياسة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وبين الموقف من اليهود بشكل عام، بما في ذلك الموقف من الاضطهاد الذي تعرضوا له خلال الفترة النازية. وطبقا لقوانين الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية، فإن مجرد التشكيك في هذا الاضطهاد الذي تعرض له اليهود، يدخل في باب العداء للسامية ويقع تحت طائلة القانون.
وقد صدرت عن عدد من قيادات حزب العمال في البلديات، وعن بعض المقربين من جيريمي كوربن، تصريحات تدخل في باب العداء للسامية، مما دعا لجنة المساواة العرقية المستقلة في بريطانيا إلى طلب التحقيق في هذه التصريحات. كذلك فإن كوربن نفسه يتعرض لاتهامات من هذا النوع، بسبب مواقف سابقة له في مجلس العموم، تضمنت تعاطفا أو تأييدا لحركة حماس في غزة ولحزب الله اللبناني.
وقد تعرض كوربن منذ بدء حملة الانتخابات العامة لضغوط شديدة، بسبب الاتهامات الموجهة له ولحزبه، وبلغت هذه الحملة ذروتها عندما تدخل كبير الحاخامات اليهود إفرايم ميرفيس بإضافة صوته إلى حملة الهجوم على كوربن. واتهم كبير الحاخامات حزب العمال بممارسة سياسة مؤسسية معادية للسامية، ووصف جيريمي كوربن بأنه “لا يصلح لرئاسة الوزراء” وهو ما يعد أقوى هجوم تعرض له زعيم العمال خلال الحملة الانتخابية من شخصية غير سياسية. ومع أن الحاخام لم يطلب مباشرة من أتباعه عدم التصويت لحزب كوربن، فإن المضمون الحقيقي لرسالته التي أعلنها على الملأ، هي حث الناخبين اليهود على عدم التصويت للعمال.
وعلى الرغم من أن اليهود لا يمثلون نسبة كبيرة من السكان، حيث يبلغ عددهم حوالي 300 ألف شخص، يعيش حوالي 60 في المئة منهم في لندن، إلا أن تأثير الجالية اليهودية السياسي في بريطانيا يفوق حجمها أضعافا مضاعفة. وتتركز القوة التصويتية لليهود في دوائر شمال لندن مثل فنشلي، وغولدرز غرين، وهامستيد، وهندون. وهم يلعبون دورا مهما في الانتخابات العامة، من خلال نفوذهم غير المباشر في دوائر غير سياسية، وكذلك من خلال جماعات ضغط سياسية رسمية، تقوم بدور مهم وفعال في العمل المشترك مع الحكومة والبرلمان.
إن الحملات السياسية في مناهضة العداء للسامية داخل حزب العمال، وفي مناهضة الكراهية للمسلمين لدى المحافظين، وفي المطالبة بحقوق المرأة، تركت بصماتها على توجهات الناخبين، وعلى الحملات الانتخابية للأحزاب، وخصوصا الحزبين الكبيرين. لكن الناخبين ما يزال أمامهم الوقت، قبل اتخاذ القرار النهائي باختيار من يصوتون له في انتخابات 12 كانون الأول/ديسمبر، التي تسير حتى الآن، وطبقا لاستطلاعات الرأي وتقديرات الخبراء، في مصلحة بوريس جونسون وحزب المحافظين.
بدل الصراع لماذا لا يكون هناك تكامل، ما بين سوق العولمة وسوق بريكست، في بريطانيا وأوربا في انتخابات 2019 الديمقراطية، هو أول تعليق لي على عنوان (اتهامات العداء للسامية وكراهية المسلمين تطارد كوربن وجونسون) والأهم هو لماذا؟!
على أرض الواقع تبين لي أنّ الفوضى الخلاقة = الديمقراطية = الشرعية التوافقية التي تحوّل أي تيار سياسي إلى مسخ متناقض، بلا مبادئ،
ثقافة الأنا أولاً (القرض المالي والتأمين عليه لبناء مشاريع البنى التحتية في أي دولة بلا تحمّل الموظف أي مسؤولية) لدولة الحداثة الأوربية، تتعامل مع اليهودي والمسلم على أنّه ثقافة الآخر، ومن هذه الزاوية تفهم العنوان، فهذه العقلية تسببت بالحرب العالمية الأولى والثانية وطردت قبل أكثر من خمسمائة عام (اليهودي والمسلم) من أسبانيا،
الإقتصاد يعني الإنتاج، وأي مُنتَج يتم إنتاجه في أجواء الواسطة والمحسوبية والرشوة (بداية من البغاء المهني) لن يستطيع المنافسة في سوق أجواء العولمة والإقتصاد الرقمي/الإليكتروني،
ومن هنا سر سبب أن الإيرادات لا تُغطي الميزانية، وليس المُهاجر/اللاجئ/البدون،
الذين يتم استغلالهم من (ضاربي القانون عرض الحائط) إن كانت الدولة العميقة/آل البيت أو المافيا لزيادة أرباحهم، بدون دفع حقوق الدولة (الرسوم والضرائب والجمارك)، لتوفير خدماتها، بطريقة أفضل من مكان دولة أخرى في الإتحاد الأوربي، لجذب أصحاب المال والمهن والعقول إليها.
فمن يضحك على من، ولحساب من، أو من هو أخبث مِن مَن، هنا؟!??
??????