الرباط – “القدس العربي”:
تجدد الجدل بين السلطات المغربية ومنظمة “هيومن رايتس ووتش” على خلفية تقريرها الجديد حول أوضاع حقوق الإنسان في المغرب للعام 2023، الذي تحدثت فيه عن “استمرار قمع حرية التعبير وتكوين الجمعيات، مع سَجن صحافيين، ونشطاء، وقادة احتجاجات بارزين عدة”.
ومن بين الحالات التي توقف عندها التقرير قضية المحامي محمد زيان، وهو وزير سابق لحقوق الانسان، يقضي عقوبة سجنية بتهم جنائية، وقالت إنه “محبوس انفراديا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022 في سجن العرجات قرب الرباط، ومُنعت عنه مواد القراءة أو الكتابة لمدة ستة أشهر تقريبا، بحسب محاميه”.
وعادت المنظمة المذكورة في تقريرها إلى الحديث عن الصحافيين عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين، مشيرة إلى أنهم يقضون “أحكام السَّجن الصادرة بحقهم بعد إجراءات قضائية تشوبها عيوب بتهم مختلفة، تشمل الاعتداء الجنسي والتحرش الجنسي”.
حالات أخرى ذكرتها “هيومن رايتس ووتش” تهم محاكمة نشطاء بسبب تدوينات مثلا، وقالت إنها وثقت “قضايا لعشرات الصحافيين والنشطاء على وسائل التواصل أدانتهم المحاكم المغربية بتهم التشهير ونشر (أخبار كاذبة) و(إهانة) أو (التشهير) بمسؤولين محليين أو هيئات حكومية أو رؤساء دول أجنبية، والمس بأمن الدولة أو مؤسسة النظام الملكي”.
وخصصت المنظمة حيزا لـ “حرية التجمع”، جازمة أن “السلطات واصلت عرقلة عمل (الجمعية المغربية لحقوق الإنسان)”، وأنها “رفضت لسنوات معالجة الإجراءات الإدارية لعشرات الفروع المحلية للجمعية، ما أعاق قدرتها على فتح حسابات مصرفية جديدة أو الاستئجار”، وكل تلك المعطيات واردة بناء على تصريحات الجمعية المعنية.
ولم تفوت مناسبة التقرير للحديث عن “منطقة الريف”، والعقوبة السجنية التي يقضيها عدد من الذين توبعوا في قضايا تخريب همت أحداث الحسيمة، وقالت إن محاكمتهم جاءت “بانتزاع اعترافات تحت التعذيب”، وذكرت من بينهم ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق.
تقرير “هيومن رايتس ووتش” قوبل بالرفض من طرف “المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان“، التي جددت تأكيدها على استعدادها للتفاعل البناء والإيجابي مع المنظمات غير الحكومية الجادة والمهنية، مسجلة “أن هذه المنظمة تصر على مواصلة الانخراط في حملاتها المضادة لبلادنا، واتباعها نهجا لتقييم وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، يتجاوز، بشكل مقصود، أهم الضوابط المنهجية والمعايير المتعارف عليها في عمل المنظمات غير الحكومية، من حياد وموضوعية ومهنية”.
وأوضحت المندوبية في بيان لها، أنه “بسبب عجز هذه المنظمة عن تقديم صورة واقعية عن حقوق الإنسان بالمغرب، اقتصر تقريرها على إعادة تدوير ادعاءات مجترة من تقارير سابقة بناء على روايات أحادية بالية تروج من قبل جهات متحاملة أو تستغل ملف حقوق الإنسان لأغراض خاصة، منها ما يتعلق بأحداث تعود إلى ما يفوق أو يقارب عقدا من الزمن، وأخرى ترتبط بقضايا تمت معالجتها في إطار احترام تام للشرعية القانونية وحقوق الإنسان، مع الإمعان في تجاهل أهم المعطيات الموثوقة والمقدمة من مصادر رسمية، بما فيها تلك المتاحة عبر الصفحات الإلكترونية الرسمية لآليات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان”.
ومن الأمثلة التي ساقتها المندوبية الوزارية، “أن المنظمة أعادت نسخ بعض الفقرات من تقاريرها السابقة، تتعلق بانحيازها لما تدعيه إحدى الجمعيات، بأنه تتم (عرقلة عملها)، دون أن تفصح المنظمة عن معطيات توثيقية كفيلة بتبرير المزاعم”.
وبالنسبة للمندوبية فإن التقرير “يؤكد استمرار النهج الانتقائي للمنظمة، وعدم حيادها، من خلال اللجوء إلى انتقاء بعض القضايا التي كانت محل نظر القضاء دون غيرها، وإطلاق استنتاجات عامة دون تقديم أدلة أو أسانيد بشأنها، وذلك في غياب إجرائها لملاحظة مستقلة حولها، ودون تقديم معطيات مستقاة من قراءة رصينة للأحكام والقرارات القضائية، فضلا عن عدم الالتفات إلى المعطيات النوعية المتوفرة من ملاحظات مهنية لمؤسسات مستقلة مؤهلة لتتبع مجريات المحاكمات المتعلقة بها، هذا علما أن بعض القضايا المعاد طرحها من جديد في هذا التقرير، كانت هذه المنظمة قد تجاوزتها في تقارير سابقة، والتي يعرف معدو هذا التقرير الغاية من إعادة تدويرها الآن”.
وأكدت أيضا أن التقرير المذكور يبين “عجز المنظمة الواضح عن مواكبة المنجزات الوطنية والديناميات الحقوقية بالمغرب، باختيارها، على غرار نهجها القار في تقاريرها السابقة، أن تروج لادعاءات مضللة ووقائع وهمية بعيدة عن أي مصداقية أو واقعية، في ظل انفتاح المغرب على مختلف أشكال المراقبة الدولية ولا سيما المنظومة الأممية لحقوق الإنسان، التي عرفت وتيرة التفاعل معها في السنتين الماضيتين زخما كبيرا أظهر بكل جلاء زيف تلك الادعاءات، لا سيما وأن هذه الاستحقاقات الدولية شملت من بين مواضيعها القضايا موضوع هذا التقرير، والتي لم تلتفت إليها هذه المنظمة”.
من أوجه هذا “العجز والضعف البين” تضيف المندوبية، “استبعاد المنظمة للمعطيات النوعية التي يوفرها المجلس الوطني لحقوق الإنسان على صعيد أدواره الحمائية، ولا سيما آلياته الوطنية والتي تشهد تقاريرها المنتظمة على المجهود الكبير الذي بذله المغرب لتعزيز التمتع بحقوق الإنسان”.
وعلاوة على ذلك، “يظهر من التقرير افتقاره للأدلة البينة والإثباتات الكافية على ادعائه حدوث تجاوزات أو تسجيل خروقات، لا سيما وأن هذه المنظمة تعتمد أسلوب الترويج لخطابات جهات معروفة بتوظيفها لخطاب حقوق الإنسان لأغراض سياسوية”.
وتوقفت المندوبية في توضيحاتها، عند اختيار منظمة العفو الدولية “الانحياز وعدم الحياد بشأن النزاع الإقليمي المفتعل حول قضية الصحراء المغربية المعروض على مجلس الأمن، بعدم التفاتها للجهود المغربية لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل، وهي الجهود التي وصفها المنتظم الدولي، وبالأخص مجلس الأمن، بالجدية وذات المصداقية”، كما أنها “اختارت في المقابل الترويج لادعاءات معادية لخصوم المغرب”.
في سياق متصل، أدانت “المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد” ما أسمته “محاولة هيومن رايتس ووتش النيل من كل النجاحات التي حققها المغرب ميدانيا ودبلوماسيا لتعزيز وحدته الترابية، واستغلالها المكشوف لملف حقوق الإنسان من أجل تمرير مواقفها السياسية بشأن الصحراء وتلفيق اتهامات باطلة ضد السلطات العمومية والقضائية المغربية”.
ونددت في بيان لأمانتها العامة، بمحاولة هيومن رايتس ووتش “اليائسة والمغرضة” لتبخيس مكتسبات الحقل الحقوقي بالمملكة المغربية وذلك من أجل خدمة الأجندات الانفصالية غير المشروعة، معبرة عن رفضها لما تضمنه التقرير من ترويج لطرح سياسي معاد للوحدة الترابية للمملكة المغربية والتطورات الإيجابية التي عرفتها هذه القضية مؤخرا.
وأشارت إلى أن المنظمة “لجأت، كعادتها، إلى ادعاءات مغرضة لا تستند إلى أي وقائع حقيقية في محاولة لإضفاء طابع حقوقي على خطابها، ضاربة عرض الحائط المنهجية المتعارف عليها عالميا فيما يتعلق بضوابط الحياد والموضوعية، المؤطرة لعمل المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان”.
وأدلى مدونون مغاربة بدلوهم في الموضوع، إذ كتب أحدهم في صيغة تهكمية: “هل فعلا كتبت أمنستي تقريرا جديدا حول المغرب؟”، وأحصى أوجه التشابه والتطابق بين التقرير الحديث وما سبق من تقارير لم تتوان فيه هذه المنظمة الدولية عن مواصلة هجومها على المغرب.
وكتب الباحث والمدون نجيب الأضادي: “قلناها دائما ونعاود قولها: هيومن رايتس ووتش منظمة مرتزقة غير محايدة تقاريرها ملطخة بالمال الفاسد تعودت على ابتزاز المغرب واستهدافه، يجب على الدولة المغربية منعها من أي نشاط فوق التراب المغربي بقرار سيادي… نحن دولة ذات سيادة وتحترم المواثيق الدولية لكن لا تجتمع سيادة بلد مع شعارات حقوق الإنسان الزائفة..”.
https://www.facebook.com/AddadiNajib/posts/pfbid02v458NMGSksSWYnK6fncy6RSqYBet97BaU71aK39maDtbufXy1eYzeuNm2gZaXgQ6l