طرابلس -«القدس العربي»: تصاعدت الاتهامات الموجهة لروسيا باستغلال الموانئ الليبية في عمليات تفريغ أسلحة ومعدات مستمرة في إطار تجهيزها لإطلاق الفيلق الروسي في مختلف أنحاء أفريقيا وسط قلق أوروبي من هذا النفوذ الروسي المقابل لسواحل أوروبا.
وجددت ما يسمى بـ “مجموعة كل العيون على فاغنر البحثية”، اتهام روسيا بزيادة استخدامها موانئ ليبية في سرت وطبرق لتفريغ الأسلحة والجنود، على الرغم من نفي موسكو المتكرر.
وتحدث المسؤول عن المجموعة لو أوزبورن، عن عمليات إنزال روسية في تلك الموانئ، مشيراً إلى نقل مقاتلين روس تابعين للفيلق الأفريقي عبر الموانئ إلى النيجر وبوركينا فاسو، وفق تصريح إلى إذاعة فرنسا الدولية.
وبهذا المعنى، تلعب موانئ ليبية دور منصة لوجستية للعمليات الروسية، وهو الدور نفسه الذي لعبته خلال حقبة مجموعة فاغنر، حسب لو أوزبورن الذي أشار إلى بقاء بعض المقاتلين في ليبيا ضمن خطة روسيا لإنشاء قاعدة بحرية، وفق زعمه، منبهاً إلى أن روسيا تسعى إلى امتلاك قاعدة بحرية في مواجهة أوروبا مباشرة.
ورداً على سؤال يتعلق بحفاظ العديد من أعضاء فيلق أفريقيا على شعارات فاغنر على زيهم الرسمي، أوضح لو أوزبورن أنه منذ وفاة زعيم الشركة الروسية يفغيني بريغوزين، كانت هناك رغبة في استئناف أنشطة المجموعة ووضعها تحت سيطرة موسكو، لا سيما المخابرات العسكرية الروسية، لكن ظل الأمر معقدًا جدًا لتمييز من هو مع من؟ ومع ذلك لا تزال فاغنر علامة تجارية ناجحة جداً وتحمل ثقلًا كبيرًا، لذا لم تدمر بالكامل.
وكشف عن وصول منظمة تركية شبه عسكرية أخرى إلى جزء من الساحل تسمى “سادات”، ولها وجود فعلي في ليبيا منذ عدة سنوات، والتي من شأنها ضمان أمن المسؤولين في مالي، بينما تفيد التقارير أنهم وصلوا أيضاً إلى النيجر.
وفي إطار المساعي الأوروبية لمواجهة هذا النفوذ الروسي، قال مصدر ليبي لوكالة الأنباء الإيطالية الجمعة، إن العاصمة الفرنسية باريس احتضنت في الأيام الأخيرة اجتماعاً على المستوى الفني حضره ممثلون من فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وإيطاليا، ركز على تشكيل قوة عسكرية مشتركة في ليبيا بناءً على طلب الولايات المتحدة.
وأضاف المصدر الذي لم يكشف هويته، أن الاجتماع هدف إلى التحقق ودراسة المشاريع المشتركة لصالح القوة العسكرية المشتركة، وتابع: “كان اجتماعاً استكشافياً للغاية على المستوى الفني، ولم تطرأ حتى الآن أي تطورات مهمة”.
ونفى أن يكون هذا الاجتماع رداً على مناورات موسكو في ليبيا، وأوضح: “لقد كان اجتماعاً على مستوى منخفض للغاية، ولم يكن له أي علاقة بالروس”.
وسبق أن كشف موقع “أفريكا إنتليجنس” الفرنسي الاستخباراتي، استعداد العاصمة الفرنسية باريس لاستضافة قمة أمنية مصغرة تركز على ليبيا برئاسة المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي بشأن ليبيا بول سولار، ومشاركة من بريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا، وسيكون على رأس جدول الأعمال خطة إنشاء وحدات عسكرية مشتركة.
كما تمحور اللقاء حول تأمين الحدود التي تخضع حاليًّا لسيطرة الفصائل القبلية في الغرب والجنوب، وقوات حفتر في الشرق، حسب ما نشره الموقع الفرنسي.
في المقابل، كثر الحديث عن قرب تشكيل ما سمى بالفيلق الليبي – الأوروبي في غرب البلاد عبر شركة غربية، وهو ما يثير التكهنات عن علاقة الخطوة بمواجهة الفيلق الروسي الأفريقي في شرق ليبيا.
وذكر تقرير حديث لمنصة ميليتري أفريكا، المعنية بالشؤون الأمنية والعسكرية في أفريقيا، أن طائرات شحن روسية وصلت إلى قاعدة براك الشاطئ في ليبيا تحمل عشرات الجنود الروس، بينما وصلت سفن شحن محملة بالعتاد العسكري والأسلحة إلى ميناء طبرق.
وأشار التقرير، المنشور بأبريل، إلى أن معدات وأسلحة الفيلق الأفريقي وصلت إلى ليبيا عن طريق سفينتي الإنزال إيفان غرين وألكسندر أوتراكوفسكي.
ويشمل العتاد العسكري مركبات مدرعة خفيفة وثقيلة، ومركبات عسكرية من طراز غاز وكاماز، وكذلك مدفعية مضادة للطائرات من طراز ZU-23-2 معتبراً ذلك دليلاً على أن موسكو بدأت في نشر قواتها تحت مظلة ما بات يعرف بالفيلق الأفريقي في جنوب ليبيا.
ويقدر محللون أن الوجود الروسي في شرق ليبيا يتراوح بين 1000 – 1500 جندي، وتسهل القواعد الجوية في الشرق، مثل قاعدة الجفرة، الرحلات الجوية العسكرية الروسية حيث تعمل بمنزلة محطات توقف قبل التوجه جنوباً إلى دول أفريقية أخرى.
ويرى تقرير ميليتري أفريكا، أن الهدف الاستراتيجي للكرملين من الوجود في ليبيا واضح، وهو تعزيز نفوذه في القارة الأفريقية.
وسبق أن كشفت تقارير إعلامية نشر وحدات تابعة للفيلق الأفريقي في النيجر وبوركينا فاسو، مشيرة إلى أن حجم ونطاق تلك العمليات يؤكدان امتداد عمليات القوات الروسية خارج حدود ليبيا.
وأضاف التقرير أن روسيا تهدف إلى تأسيس نواة الفيلق الأفريقي بحلول صيف العام الحالي، مع خطط لتشغيل تلك الوحدات التي ستستبدل مجموعة فاغنر شبه العسكرية في عديد البلدان الأفريقية، التي تشمل جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي، إلى جانب ليبيا والنيجر.