نيويورك: تركت دعوات قادة ومسؤولي الدول بشأن إصلاح النظام الدولي، بصمتها على اجتماعات الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في ظل عجز المنظمات الدولية عن إنهاء أزمات إنسانية واقتصادية وحروب في العديد من الدول.
والثلاثاء انطلقت في نيويورك أعمال الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعتبر واحدة من أكبر الأحداث الدبلوماسية في العالم، بحضور قادة دول وحكومات، وتستمر حتى 30 سبتمبر/ أيلول الجاري.
وفي الوقت الراهن، تقف الأمم المتحدة ومنظماتها التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية للحفاظ على السلام العالمي، مكتوفة الأيدي غير قادرة على معالجة مآسي المدنيين في الحرب الروسية الأوكرانية والأزمة الإنسانية في قطاع غزة بسبب الهجمات الإسرائيلية.
وتسود حالة من القلق لدى الرأي العام العالمي، من أن تؤدي مثل هذه المشاكل والعجز الأممي إلى أزمات إقليمية وعالمية أكثر سوءا.
وفي هذا الإطار، رصد مراسلو الأناضول تصريحات أبرز قادة ومسؤولي دول وحكومات شاركوا في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة، وطالبوا بإصلاح النظام العالمي.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال إن النظام العالمي الحالي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، وأنه إذا لم يحدث إصلاح فإن التشرذم أمر لا مفر منه.
وشدد في كلمة ألقاها خلال افتتاح جلسات الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة على أن الوضع الحالي الذي يعيشه العالم غير قابل للاستمرار.
كما شدد على ضرورة تغير البنية المالية أيضا للنظام العالمي، متوقعا في الوقت نفسه أن يعرقل أصحاب القوة السياسية والاقتصادية هكذا نوع من التغير.
وأكد المسؤول الأممي على وجوب أن تكون الآليات الدولية لحل المشكلات والأزمات، فعّالة.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أشار في خطابه إلى ازدياد التوقعات من الأمم المتحدة والمؤسسات والمنظمات التابعة لها، بشأن تعزيز العدالة الاستقرار والسلام العالمي.
وأضاف أن الأمم المتحدة “باتت في السنوات الأخيرة عاجزة عن الاضطلاع بمهمتها التأسيسية وتتحول مع الوقت إلى كيان عديم الوظيفة متهالك وخامل”.
وشدد أردوغان على الحاجة هذه الأيام أكثر فأكثر إلى القيم التي يمثلها شعار “العالم أكبر من خمسة”، في إشارة إلى احتكار الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن للقرارات المصيرية.
وتابع: “سلام وأمن العالم مهمان أكثر من أن يتركا لأهواء 5 دول صاحبة امتياز”.
بدوره، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن الأمم المتحدة غير قادرة على لعب دور قيادي لمواجهة التهديدات المتزايدة و”ثمة حاجة لهيكلية فعالة لإيجاد حلول مشتركة للمشاكل العالمية”.
وشدد في كلمة خلال “قمة المستقبل” المنعقدة بمدينة نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة الأممية، على ضرورة أن تكون الأمم المتحدة هيكلية “أكثر شمولية وتعددية”.
فيدان أكد كذلك على وجود حاجة لـ”إصلاحات شاملة” في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، داعيا إلى جعل آليات صنع القرار في الأمم المتحدة “أكثر ديمقراطية”، ولتطوير الوسائل اللازمة للحيلولة دون الاستقطاب.
أما الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، فقد شدد على أن “ميثاق الأمم المتحدة بصيغته الحالية فشل في معالجة بعض التحديات الملحة التي تواجه الإنسانية”، مبينا أن الميثاق لم يخضع لإصلاح شامل.
ودعا إلى إعادة هيكلة بنية الأمم المتحدة والقيام بمراجعة شاملة لآلية العمل الأممي، لا سيما فيما يتعلق ببنية مجلس الأمن وحق النقض (فيتو).
من جهتها، جددت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في كلمة خلال “قمة المستقبل”، على موقف بلادها المطالب بإصلاح مجلس الأمن الدولي، مؤكدة على ضرورة أن يكون الإصلاح شاملا للجميع ولا يقتصر على البعض فقط.
بدوره، شدد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بكلمة في “قمة المستقبل”، على أن “الإصلاح شرط لا بد منه” في مؤسسة دولية مثل الأمم المتحدة.
رئيس قرغيزيا صدر جباروف، حذر أيضا بكلمة في “قمة المستقبل” من التحديات والأزمات التي يواجهها النظام العالمي، داعيا لجعل “قمة المستقبل” منصة لوضع “أسس بنية عالمية جديدة تناسب الجميع، وليس النخبة فقط”.
وقال الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن، بكلمة في “قمة المستقبل”، إن تحقيق التنمية المستدامة في العالم، يتطلب اتخاذ الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية والإقليمية، خطوات أكثر نشاطا في تنسيق جهود المجتمع العالمي.
وفي السياق ذاته، دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في كلمة خلال ندوة بمقر الأمم المتحدة، إلى ضرورة إجراء إصلاحات في آلية اتخاذ القرار الأممية.
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فقد دعا إلى بناء نظام دولي جديد، لافتا إلى الحالة “غير الكاملة وغير العادلة” للنظام الدولي الحالي، على أساس أن العديد من الدول ذات الكثافة السكانية العالية لا تتمتع بتمثيل كاف.
وأضاف في كلمة الاثنين، خلال افتتاح فعالية نظمتها طائفة كاثوليكية بالعاصمة باريس، أن هناك حاجة إلى “نظام لا تستطيع فيه هذه الدولة أو ذاك من عرقلة الآخرين، وتكون فيه الدول ممثلة بشكل صحيح، وتقوم بذلك من خلال مؤسسات أكثر عدالة من الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي”.
أما وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو، فقال بكلمة في “قمة المستقبل”، إن هناك حاجة لـ “إصلاح النظام الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي” وجعله “أكثر تمثيلا وأكثر فاعلية”.
ملك الأردن عبد الله الثاني، حذر في كلمة أمام الجمعية العامة، من أن الأمم المتحدة تواجد أزمة “تضرب في صميم شرعيتها وتهدد بتقويض الثقة العالمية والسلطة الأخلاقية”.
من جهته، دعا رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى “إصلاحات شاملة” في مجلس الأمن الدولي، مؤكدا أن الأخير لا يمكن له “أن يستمر في كونه ناديا حصريا لـ 5 بلدان”.
ووصف رامافوزا الهيكل الحالي لمجلس الأمن بأنه “عفا عليه الزمن وإقصائي”، مطالبا بإدراج بلدان إفريقية ودول أخرى في عملية صنع القرار فيه.
(الأناضول)