بغداد ـ «القدس العربي»: أبدت القوى السياسية «الشيعية» مخاوفاً من التصعيد الذي حملته الأيام الأخيرة في الحراك الاحتجاجي في محافظات جنوب العراق، وما رافقه من تهديم مقار الأحزاب وفصائل مسلحة، وسط تحذيرات من ذهاب الوضع نحو حربٍ شيعية ـ شيعية، بين جمهور تلك الأحزاب وأهالي الجنوب، الأمر الذي يحتاج «تدخلاً حكومياً» عاجلاً لإنهاء مظاهر الفوضى، قبل تحوّلها إلى نسخة مشابهة لأحداث تظاهرات المناطق السنّية.
على هذا الأساس، عقد قادة الكتل والأحزاب السياسية الشيعية، المنضوية في تحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري، في منزل الأخير، اجتماعاً برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في ساعة متأخرة من ليلة أول أمس.
رئيس كتلة «الفتح» في مجلس النواب، محمد الغبّان، تحدّث عما دار في الاجتماع قائلاً: «قادة القوى السياسية بحثوا مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ما يجرى من أحداث وتصعيد في المحافظات الجنوبية». وأضاف، للوكالة الرسمية، أن «قادة الكتل أكدوا أهمية فرض الأمن والاستقرار وعدم السماح للمخربين أن يعبثوا بأمن البلاد، وأن مهمة إعادة هيبة الدولة وسيادة القانون هي من أهم مسؤوليات حكومة الكاظمي التي ينتظر أن تهيئ لأجواء سليمة وآمنة لإجراء انتخابات مبكرة في حزيران /يونيو المقبل».
وأشار إلى أن «رئيس الوزراء تعهد خلال الاجتماع باتخاذ الاجراءات اللازمة كافة لفرض الأمن والاستقرار وإنهاء مظاهر الفوضى والتجاوز على الممتلكات العامة والخاصة، وإصدار التوجيهات الواضحة إلى الأجهزة الأمنية لفرض سلطة القانون واعتقال الخارجين عنه».
كذلك، بين زميله في التحالف، النائب محمد البلداوي، لوسائل إعلامٍ محلية، أن «رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ومعظم القوى الشيعية عقدوا اجتماعا موسعا ومهما في منزل رئيس تحالف الفتح، حيث تناول الاجتماع مناقشة تطورات الوضع الأمني في محافظات الوسط والجنوب».
وأضاف: «أكد الجميع أن أصابع تخريبية داخلية وأجنبية ساهمت في تأجيج الأوضاع في محافظات الوسط والجنوب، يراد منها إثارة الفتنة واحتراق تلك المحافظات كما حدث في المناطق الغربية في السابق». وزاد: «المجتمعون أكدوا على الكاظمي بوجوب اتخاذ إجراءات صارمة لمنع تطور الاحداث في تلك المحافظات، والضرب بشدة على كل من يحاول العبث وإثارة الفتنة هناك» مبينا أن «الكاظمي قد وعد المجتمعين أن إجراءاته ستكون صارمة لأجل إيقاف الفتنة».
وأيضاً تناول الاجتماع، حسب المصدر، «الاستماع الى كل ما جرى من محادثات أجراها رئيس الوزراء الكاظمي في العاصمة الأمريكية واشنطن، وكذلك محادثاته خلال القمة الثلاثية التي جرت في عمان». وختم قائلاً: «الاجتماع ناقش بشكل موسع موضوع الانتخابات المبكرة، حيث أطلع الكاظمي القوى السياسية الشيعية على أهم المعوقات التي تواجهها الحكومة بشأن الانتخابات حيث أبدى المجتمعون أنهم سيتعاونون مع الحكومة لأجل تذليل تلك المعوقات». وبعد مضيّ أقل من 24 ساعة على اللقاء، زار الكاظمي مقر قيادة الشرطة الاتحادية، في العاصمة بغداد، وعقد اجتماعاً مع الوزراء والقادة الأمنيين وقادة العمليات وقادة الشرطة. وحسب بيان لمكتب رئيس الوزراء، أمس، فإن الكاظمي «أثنى على الجهود الأمنية التي تبذلها القوات الأمنية في تصديها لعصابات داعش الإرهابية، وأيضا جهودها في ملاحقة عصابات الجريمة، وتوفير الاستقرار والأمن في أنحاء العراق» مشدداً في الوقت عينه على «حق التظاهر السلمي وواجب القوات الأمنية في توفير الحماية اللازمة للمتظاهرين السلميين».
لكنه في مقابل ذلك، «رفض» الاعتداء على القوات الأمنية المكلفة بحماية التظاهرات في عموم ساحات التظاهر في المحافظات، كما رفض أيضاً «غلق الشوارع والطرقات وإلحاق الأذى والضرر بالمصالح العامة للدولة والمواطنين».
في الموازاة، عزت وزارة الداخلية، الزحامات المرورية إلى قطع الطرق من قبل المتظاهرين، داعيةً إياهم إلى التواجد في أماكن مناسبة.
وقال مدير إعلام وعلاقات الوزارة اللواء سعد معن في بيان صحافي، إن «حق التظاهر مكفول دستوريا والقوات الأمنية تقوم بحماية الإخوة المتظاهرين في كل مكان، وهذا واجبنا ولا نمن على أحد» مستدركاً بالقول: «واجبنا أن نوفر الأمن لكم في كل مكان وخاصة قضية التظاهرات».
وأضاف معن: «في الفترة الأخيرة ظهرت مشكلة حقيقية وهي قضية قطع الطرق، وبالتالي فإن وزارة الداخلية معكم في تأمين الحماية ومعكم بالتمتع بحقكم الدستوري بقضية التظاهر وجميع المطالب التي تحتاجونها أو تتكلمون بها».
وأشار الى أن «قطع الطرق بدأ يسبب زحامات مرورية ويؤثر على تقديم الخدمات في بغداد» معرباً عن أمله أن «تأخذ التظاهرات شكلها وإطارها السلمي، وبالتأكيد لن تكون أي مشكلة في ذلك، لكن نأمل أن يكون هناك تطبيق لقضية عدم قطع الطرق». يأتي ذلك في وقتٍ أقدمت قوات الأمن على فتح أحد الطرق المحاذية لمعتصمي أصحاب العقود في وزارة الكهرباء، المتجمعين منذ أسابيع أمام مقرّ الوزارة وسط بغداد. وعلمت «القدس العربي» من مصدر أمني، إن «المعتصمين المتجمعين أمام مدخل الوزارة منذ عيد الأضحى الماضي، نصبوا سرادق اعتصامهم عند الطريق المحاذي لمبنى الوزارة».
وأضاف المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إن «أعداد المتظاهرين تقدّر ما بين 500-600 شخص، يطالبون بتثبيتهم وصرف مرتباتهم» لافتاً إلى حدوث اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين عندما تم الإيعاز بفتح جانب من الطريق، والإبقاء على الطريق الآخر للمتظاهرين.
وزاد: «تم استقدام قوة من حفظ النظام والشرطة، لإسناد القوة المكلفة بحماية مبنى الوزارة» معتبراً إن فتح الطريق و«تقليص» مساحة التظاهر أمام الوزارة تسبب بحدوث الاشتباكات.
ورغم انتشار عددٍ من المتظاهرين في مناطق متفرقة من العاصمة ـ بشكلٍ متقطع ـ وتحديداً العلاوي والمناطق القريبة منها، المجاورة لمبانٍ حكومية، أبرزها مكتب رئيس الوزراء، وسط العاصمة، غير إن قوات الأمن لم تشرع بفضها بالقوّة، أو فتح الطرق المؤدية لها أمام حركة العجلات، منذ نحو ثلاثة أشهر.
وكذلك الحال بالنسبة لميدان التظاهر الأبرز في العاصمة، المتمثل بساحة التحرير، التي تشهد تواجداً قليلا جداً، غير إن الحكومة لم تقم بأي إجراء لإعادة فتح المنطقة أمام حركة العجلات.