طرابلس-«القدس العربي»: لا تزال محاولات إيجاد توافق وإحداث تفاهم بين مجلسي النواب والدولة مستمرة حتى الآن، إلا أن التقارب في وجهات النظر بدأ يميل إلى المعسكر الشرقي عقب تشكيل حكومتين، حتى إن الاجتماعات الهادفة للتوافق بدأت تعقد في شرق ليبيا، حيث اجتمع أعضاء من مجلسي النواب والدولة، الإثنين، في مدينة البيضاء، من أجل تقريب وجهات النظر والوصول بالبلاد إلى مرحلة الاستقرار الدائم، وفق ما أعلن المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة.
وكان على رأس وفد مجلس الدولة الذي زار البيضاء، النائب الثاني لرئيس المجلس عمر بوشاح، وعضوية كل أحمد الأوجلي والسنوسي القمي وأحمد لنقي والسيد الحداد وعبد الكريم حسين ومحمد القطراني وناصر مطرود وعثمان عابد ومرعي رحيل وخالد الناظوري.
وأوضح المجلس، في بيان عبر صفحته على فيسبوك، أن الوفد عقد أمس الإثنين سلسلة من اللقاءات مع أعضاء مجلس النواب، ومشائخ وأعيان القبائل، لغرض تقريب وجهات النظر .
وتابع أن عددًا من مشائخ قبيلة الدرسي وأعضاء مجلس النواب، أقاموا مأدبة عشاء عقب وصول الوفد، تخللها حلقات نقاش حول الأوضاع السياسية بالبلاد.
وأوضح البيان أن وفد المجلس استمع إلى آراء الحاضرين ورؤاهم من أجل الوصول إلى توافق وطني ينهي المراحل الانتقالية ويعزز اللحمة الوطنية .
في المقابل، قدم عدد من أعضاء مجلس الدولة شرحًا موسعًا عن آخر المستجدات، مبدين أملهم في معالجة الانسداد السياسي بالتوافق مع مجلس النواب.
لكن هذا الاجتماع أثار شائعات حول مناقشة دستور المملكة الليبية وفقاً للمقترح والمطالبات الصادرة من النواب سابقاً، ما دعاهم للرد حول هذه الشائعات.
ونفى المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة، مساء الثلاثاء، أن يكون وفد المجلس قد طالب بتفعيل دستور سنة 1963، خلال زيارتهم إلى مدينة البيضاء، ولقائهم أعضاء مجلس النواب.
وقال، في بيان عبر صفحته على فيسبوك، إن المجلس لا يزال على موقفه الثابت بشأن إنهاء المراحل الانتقالية عبر قاعدة دستورية توافقية.
وفي الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، طالب عدد من أعضاء مجلس النواب رئيس المجلس عقيلة صالح، بعرض دستور العام 1951 غير المعدل على المجلس للتداول بخصوص العودة إلى النظام الاتحادي.
وفي مراسلة وقع عليها 30 نائبًا من نواب إقليم برقة، قالوا إنهم يطلبون تعديل دستور 1951 غير المعدل، مع ضرورة تداول الأمر داخل جلسة خاصة ومنقولة على الهواء مباشرة للنظر في العودة إلى النظام الاتحادي وفقًا للأقاليم التاريخية الثلاثة.
وأردف النواب: “نطلب من إخواننا وشركائنا عن أقاليم طرابلس وفزان دعم هذا الطلب الذي نراه الضامن الحقيقي لوحدة وأمن وسلامة ليبيا في وقت أصبحت فيه كل هذه الأمور مهددة”.
وذكر الخطاب بتعثُّر الاستفتاء على مشروع الدستور المنجز من قبل هيئة كتابة الدستور العام 2017، لما شابه من طعون قضائية ورفض من العديد من مكونات الأمة الليبية.
كما لفت النواب إلى عقد اجتماعات بخصوص الدستور الليبي تحت إشراف البعثة الأممية في القاهرة خلال أشهر نيسان/أبريل، وأيار/مايو، وحزيران/يونيو عام 2022، وما أفضى إليه هذا الحوار عن وجوب تقديم الدستور الليبي غير المعدل عام 1951 ميلادي، لغرض التداول في مجلس النواب والدولة، هذا الأمر الذي جرى تحت الإشراف المباشر للبعثة الأممية في ليبيا وتسلمته بصفة رسمية السيدة ستيفاني وليامز المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، من أعضاء لجنة المسار الدستوري المشكلة من مجلسي النواب والدولة، عن إقليم فزان.
وفي 17 من حزيران/يونيو، أصدر الأمير محمد الحسن الرضا المهدي السنوسي حفيد الملك الليبي عبد الله السنوسي، بياناً تضمن رؤية لحل الأزمة الليبية المستمرة منذ 11 عاماً، تقوم أساساً على مد الصلات بين ليبيا وتاريخها عبر استعادة دستور ما قبل العام 1969، باعتبار ذلك السبيل الوحيد القابل للتطبيق لاستعادة وحدة ليبيا وشرعية مؤسساتها .
وقال إن تاريخ ليبيا الحديث هو نقطة انطلاق جيدة لربط البلاد بتاريخها، وأوضح أن لكل دولة هوية وطنية تطور مؤسساتها، وبينما تشترك الديمقراطيات الكبرى في العالم في قيم متشابهة، فإنها تعبر عن هذه القيم بشكل مختلف، فمثلاً لن تنجح وثيقة الحقوق الأمريكية في فرنسا؛ ولن تنجح الرئاسة الفرنسية القوية في الولايات المتحدة، ومع ذلك فإن كلتا المؤسستين ديمقراطيتان وشرعيتان لأنهما تشكلتا من تاريخ مشترك، حسب الأمير.
وأضاف السنوسي، أن التاريخ هو أساس الهوية الوطنية، التي تجبر الناس العاديين، وليس السياسيين فقط، على التفكير والاهتمام بمستقبل الأمة، مضيفاً أن ليبيا مثل أي دولة أخرى، تحتاج إلى صلات بالماضي، ولديها هذه الصلات. فالليبيون لا يبنون بلداً من الصفر، لكنهم يكملون من حيث توقفوا منذ أكثر من 50 عاماً.
وفي أيلول/ سبتمبر من العام 2018، قال الأمير محمد الحسن الرضا المهدي السنوسي، إن دستور المملكة الليبية للعام 1951 يمكن تعديله لتكييف مبادئه مع واقعنا الحالي.