طرابلس: تشهد ليبيا تحركات مكثفة في إطار عملية تشكيل “سلطة تنفيذية مؤقتة” تقود البلاد إلى انتخابات عامة مقررة في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، صدّق “منتدى الحوار السياسي الليبي”، الذي تقوده الأمم المتحدة ومكون من 75 عضوا تم اختيارهم من مناطق البلاد المختلفة، على آلية انتخاب أعضاء السلطة التنفيذية، ثم بدأت مرحلة تقدّم المرشحين.
وبعد تلك المرحلة، التي انتهت في 28 يناير الماضي، انطلقت مرحلة بلورة القيادات المرشحة لإدارة شؤون البلاد وإعادة توزيع الأوراق في الحياة السياسية الليبية، والتي تتضمن أيضا إنشاء نظام جديد يحدد مهام وصلاحيات المجلس الرئاسي ورئاسة الوزراء.
ويمثل أعضاء منتدى الحوار السياسي، الذي سيعمل على تحديد شكل النظام الجديد، مناطق الغرب الليبي (37 عضوا) والشرق (24 عضوا) والجنوب (14 عضوا). كما يتم تعريف تلك المناطق الثلاث على أنها دوائر انتخابية كبرى.
وعملت المناطق الثلاث على تسمية أربعة مرشحين لكل منها لرئاسة المجلس الرئاسي، واثنين لنائبه، وواحد لرئاسة الوزراء.
والسبت، أعلنت الأمم المتحدة اعتماد 21 مرشحا لرئاسة مجلس الوزراء، و24 لعضوية المجلس الرئاسي.
وبدأ ملتقى الحوار السياسي، في جنيف الثلاثاء، تصويتا على المرشحين لعضوية المجلس الرئاسي، وفق آلية المجمعات الانتخابية للأقاليم الثلاثة، وهي طرابلس (غرب)، وبرقة (شرق)، وفزان (جنوب).
ويعتبر المترشح فائزا في حال حصوله على 70 في المئة من أصوات مجمعه الانتخابي (إقليمه).
ويتطلب فوز مرشح إقليم برقة حصوله على 17 صوتا من 24، فيما ينبغي نيل مرشح إقليم طرابلس 26 صوتا من 37، في حين يجب أن يحوز مرشح إقليم فزان 10 أصوات من 14.
وإذا لم يستطع أي من المرشحين الفوز في الجولة الأولى، فسيتنافس المرشحان الحائزان على أكبر عدد من الأصوات في جولة ثانية، وسيكون الفائز هو من يحصل على 50 بالمئة+1.
ويشترط في المرشح الذي يفوز برئاسة المجلس الرئاسي أن يعين نائبين له من الإقليمين الآخرين.
خلال الفترة الانتقالية، سيتم إنشاء نظام جديد يحدد مهام وصلاحيات المجلس الرئاسي ورئاسة الوزراء.
ومن المحتمل أن تحل مكان رئيس المجلس الرئاسي الحالي فائز السراج، شخصية أخرى من شرقي البلاد.
ويعتبر رئيس مجلس النواب بمدينة طبرق (شرق) عقيلة صالح، الموالي للجنرال الانقلابي خليفة حفتر، من أبرز المرشحين لرئاسة المجلس الرئاسي.
كما يعتبر النائب السابق في البرلمان الشريف الوافي، من أبرز السياسيين المرشحين عن المناطق الشرقية.
وفي حال فوز صالح برئاسة المجلس الرئاسي، فمن المحتمل جدا أن يكون نائباه هما عبد المجيد سيف النصر، وهو النائب الرابع للسراج، ممثلاً عن الجنوب، وأسامة الجويلي، وزير الدفاع بالحكومة المعترف بها دوليا، وهو من مدينة الزنتان (شمال غرب)، ورئيس المجلس العسكري للزنتان سابقا.
ومن المحتمل أيضا أن تحل محل السراج، شخصية من الغرب.
ويعتبر وزير الدفاع صلاح الدين النمروش، مرشحا قويا لخلافة السراج.
فيما اعتبر البعض أن ترشيح رئيس المجلس الأعلى للدولة (استشاري ـ نيابي) خالد المشري، كان تطورا مفاجئا.
فيما رشحت مدينة مصراتة (غرب)، وهي تضم أعدادا كبيرة من الليبيين من أصول تركية، شخصيتين للتنافس على منصب رئاسة الوزراء.
ويرى مراقبون أن أحدهما، وهو وزير الداخلية فتحي باشاغا، من أقوى المرشحين لذلك المنصب.
أما المرشح الآخر من مصراتة فهو أحمد معيتيق، ولا يزال يشغل منصب المساعد الأول للسراج.
وسبق أن انتُخب معيتيق رئيسا للوزراء من جانب البرلمان، في 4 مايو/ أيار 2014، لكنه استقال في 9 يونيو/ حزيران من العام نفسه، بسبب ظروف الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد.
ومنذ سنوات، يعاني البلد الغني بالنفط صراعا مسلحا، فبدعم من دول عربية وغربية، تنازع مليشيا حفتر الحكومة على الشرعية والسلطة، ما أسقط قتلى بين المدنيين، بجانب دمار مادي هائل.
يقول السنوسي إسماعيل، خبير في الشؤون السياسية الليبية، إن “آلية انتخاب الممثلين التنفيذيين، الذين سيقودون البلاد إلى الانتخابات (برلمانية ورئاسية)، تتميز بالشفافية، وعلى الليبيين الاستفادة من تلك الفرصة”.
ويضيف أن الانتخابات المرتقبة ستعني توزيعا جديدا للأوراق السياسية في ليبيا، حيث ستظهر شخصيات سياسية جديدة تضطلع بأدوار مهمة على صعيد لملمة جراح الوطن الليبي.
ويردف أن الانتخابات القادمة قد تكون قادرة على رسم خريطة سياسية جديدة لليبيا.
ويتابع إسماعيل أن ليبيا تشهد حالة من الضبابية بشأن جدية روسيا في سحب المرتزقة الروس (الداعمين لحفتر) من الأراضي الليبية، وهو أحد بنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الفرقاء الليبيين.
ومنذ 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يسود ليبيا وقف لإطلاق النار، تخرقه مليشيا حفتر بين الحين والآخر.
وقال رئيس المكتب السياسي لحزب “الوطن” الليبي جبريل الزاوي، إن حزبه اعترض في البداية على انتخاب أعضاء “منتدى الحوار السياسي” بسبب وجود أسماء بين الأعضاء لم تمتلك رؤية واضحة عن الوضع السياسي للبلاد.
وأشار الزاوي إلى الموعد المعلن للانتخابات العامة المقبلة، بقوله إن هذا التاريخ (24 ديسمبر المقبل) لم يتم تحديده في إطار توافق دولي حول تلك المسألة.
(الأناضول)