اختيار وتصويت جديد على «الثقة» بمشروع الرزاز في الأردن: الميزانية المالية «الأكثر جدلاً وحساسية» في طريقها للولادة

بسام البدارين
حجم الخط
0

عمان- «القدس العربي»: أقر المجلس الاستشاري للحكومة الأردنية الملامح العامة لخطة الموازنة المالية للعام المقبل، مباشرة بعد إقرار مجلس الأعيان لقانون الضريبة الجديد، وسط توقعات بأن تزيد واردات الخزينة بسبب الضرائب الطازجة بمعدل 300 مليون دولار على الأقل في رقم مشكوك في تحصيله فعلياً لغالبية أطراف ما تبقى من عملية الإنتاج والنشاط التجاري والاقتصادي.
وأقر مجلس الوزراء خطة الميزانية وأرقامها في جلسة خاصة، الأربعاء، على أن يرسل المشروع إلى مجلس النواب اليوم الخميس، على أساس الاستحقاق الدستوري.
لافت جداً أن الميزانية المالية للدولة الأردنية تقررت هذا العام بدون المدير المختص والمعني بإعداد الخطة، وهو الدكتور محمد هزايمة، الذي قدم استقالته من الحكومة بعد خلاف مع طاقمها الاقتصادي ورئيسها الدكتور عمر الرزاز، بعدما قرر الأخير إعداد ميزانية بآلية جديدة وفي الأسابيع الأخيرة فقط، معلناً عن ميزانية مختلفة تماماً عن المألوف.
مقاصد الرزاز هنا تؤشر إلى خطته بخصوص الأولويات الوطنية المتعلقة بالاستثمار ودولة الإنتاج واحتواء قدر من البطالة وتحسين خدمات القطاع العام، وهي أولويات أعلن الرزاز أن الميزانية المالية ستناقش وتوضع على أساسها في تجربة بيروقراطية، يقول الخبراء إنها تحصل لأول مرة وبناء على تقديرات ضريبية قد يكون مبالغاً فيها، كما يقدر البرلماني المخضرم خليل عطية وهو يحذر الحكومة على هامش نقاش مع «القدس العربي» من الإغراق في أوهام الأرقام.
بكل حال، قال وزير المالية عز الدين كناكريه إن الميزانية ستقر وزارياً، الأربعاء، وسترسل للبرلمان لاحقاً، في الوقت الذي يتوقع فيه أن يحظى قانون الضريبة الجديد بصفة النفاذ الدستوري خلال ساعات فقط قبل مساء اليوم الخميس، عبر نشره في الجريدة الرسمية وتوشيحه بالإرادة الملكية وتجاوزه لكل مراحله الدستورية.
وكان وزراء في الحكومة قد أكدوا لـ «القدس العربي» في وقت سابق، أن عملية تشريع قانون الضريبة ونفاذه ينبغي أن تنتهي تماماً قبل الـ 30 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، وأن الميزانية المالية الجديدة للعام المقبل ستتضمن تلك التوقعات المتعلقة بالعوائد الضريبية للعام المقبل وعلى أمل تخفيض عجز الميزانية بمعدل 300 مليون دولار، وهو رقم قد لا تصله الخزينة، حيث أعلن وزير المالية أن نسبة العجز الإضافية بلغت 2% للعام الحالي.
معنى ذلك أن عملية «الطهي المالية والاقتصادية» تسارعت وازدحمت في وقت قصير في الأردن بعد المماطلات والنقاشات الجدلية التي أشعلها قانون الضريبة في مختلف الاتجاهات المحلية والقطاعات الاقتصادية.

اجتماعات بالجملة و«تسارع» غير مألوف بيروقراطياً و«زحمة» طهي اقتصادي

ولم تلمس بعدُ تداعيات هذا التسارع في إقرار قانون ضريبة جديد للمرة العاشرة على التوالي خلال 30 عاماً، ثم صياغة ميزانية مالية بعيداً عن المألوف البيروقراطي، وبموجب خطة أولويات وطنية يقول الخبراء إنها تحتاج بدروها إلى المزيد من المال للإنفاق العام.
بكل حال، من المرجح أن الرزاز – وهو أصلاً خبير مالي واقتصادي-يشرف على كل هذه التفاصيل، وأن حكومته تشكلت أصلاً على أساس اقتصادي وبضوء أولوية مالية، الأمر الذي يجعل تركيزه في مكانه على ترؤس كل الاجتماعات التنسيقية المتعلقة بالملف المالي، وعلى الإشراف شخصياً على كل التفاصيل وبدون أي تردد. الرزاز هنا يحاول إضافة نكهات خاصة على التخطيط المالي والاقتصادي وهو يتحدث عن أولويات وطنية ضمن مشروع نهضة وطني ستعكس ملامحه الميزانية المالية للدولة للعام المقبل.
لكنها قد لا تكون نكهات كافية للتعاطي مع نمو طموح النواب بالحد من اندفاعات الحكومة نحو الضرائب والمزيد من الإنفاق، أو للتعاطي مع عودة بعض مؤشرات الحراك الشعبي في الأطراف، مثل بلدة ذيبان وبعض القرى، بالتزامن مع حركة نقابة المعلمين وتلويحات مجلس النقباء المهنيين المتأخرة بالتصعيد والاعتراض على قانون الضريبة الجديد.
ومن الواضح أن مجلس النواب بدوره سيجد نفسه مضطراً للمرة الرابعة على التوالي، وفي وقت زمني قصير، من التحدث للشارع وهو يناقش ويجادل في الميزانية المالية التي أعدت هذه المرة بلغة متباينة، وعلى أساس ما يسميه الرزاز بالنهضة الوطنية.
وكان النواب قد حاولوا امتصاص ردة فعل الشارع الغاضبة بعد قانون الضريبة، وصوتوا للثقة قبل ذلك بحكومة الرزاز، وسيواجهون بكل الأحوال سعي الشارع وقواه المتحركة للحد من الأسعار والضرائب والغليان المعيشي والإنفاق الحكومة في وقت إقرار الميزانية المالية، والتي تعدّ نقاشات البرلمان بخصوصها بمثابة «تصويت جديد» على الثقة بحكومة الرزاز وخطتها في اختبار جديد ومتسارع.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية