اخطاء جون كيري

حجم الخط
0

إن حقيقة ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل استقالة رئيس وزرائه سلام فياض بعد زيارة وزير الخارجية الامريكي جون كيري فورا، تتحدث من تلقاء نفسها. إن الضغط الامريكي الثقيل لابقاء فياض في منصبه لم ينجح كما فشل الضغط الامريكي لمنع إثارة موضوع الدولة غير العضو في الامم المتحدة. توجد اشياء لا تستطيع ان تفرضها حتى امريكا ايضا. واذا استمر كيري في الأخطاء السياسية التي يقوم بها فمن شبه المؤكد أن بعثته ستفشل برغم ارادته الخيّرة.
كانت الادارة صادقة في رغبتها في ان ترى فياض رئيسا للوزراء في المستقبل ايضا. ويصعب جدا ان نفهم ما الذي جعل القيادة الفلسطينية تتخلى عن خدماته الطيبة لشعبه في السنوات السبع الاخيرة، لكن من الحقائق انه كان غريبا في قيادة فتح واستقر رأي عباس على أنه يجب عليه ان يستجيب لقادة حركته. وكانت الادارة على حق حينما طلبت الى اسرائيل ان تجمد المستوطنات لكن التصور السياسي لحكومة اسرائيل السابقة ولهذه الحالية ايضا لا يتساوق مع ذلك. والادارة صادقة جدا ايضا في رغبتها بالتوصل الى تسوية دائمة لكنها غير مستعدة لأن تُسلم لعدم وجود استعداد عند طرف لدفع ثمن السلام وعدم وجود قدرة عند الطرف الآخر على الاتيان بحماس وقطاع غزة الى طاولة التفاوض.
والنتيجة هي قرار خطأ فشل في المحادثات التي تمت في العام الماضي في الاردن، وستفشل الآن ايضا في أخذ اثنين من الموضوعات الخمسة التي سيتناولها الاتفاق الدائم ويحاول جعل الطرفين يتفقان عليهما فقط بصورة نهائية. ومن يعمل انه لا خيار الآن سوى محاولة التوصل الى اتفاق انتقالي في الطريق الى الاتفاق الدائم يجب ان يعلم ان اتفاقا كهذا يجب ان يشتمل على خطوات مرحلية، وأن محاولة التوصل الى نهاية الطريق في جزء من عناصر الاتفاق الدائم، لا أمل له لأنه توجد صلة قوية جدا بين هذه العناصر. ومجال مصالحة الطرفين ايضا أكبر بكثير حينما يكونان قادرين على التخلي في مجال وعلى ان يكونا أكثر تشددا في مجال آخر.
هل يؤمن كيري حقا بأنه يمكن التوصل الى اتفاق على الحدود الدائمة بغير البحث في مستقبل القدس؟ لا يوجد لهذا أي احتمال ولذلك اذا حدث غير المتوقع ايضا وتم الاتفاق على كل شيء ما عدا القدس، فسيضطر هذا المقطع من هذه الحدود المركبة الى ان يُترك ليُحسم أمره بعد ذلك، ومن هنا لا يمكن الحديث عن حدود دائمة باعتبارها جزءا من اتفاق ليس هو اتفاقا دائما.
اذا كانت الادارة الامريكية قد تحققت من ذلك وأدركت انه لا يمكن التوصل فورا الى اتفاق دائم كامل فيجب عليها ان تحاول التوصل الى تسويات مرحلية في موضوعات التسوية المختلفة. وسيكون الاجراء الأسهل هو تحقيق المرحلة الثانية من خريطة الطريق التي تبناها الطرفان حينما أثارتها الرباعية (برئاسة الولايات المتحدة وبمشاركة الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا) قبل عشر سنين. والحديث عن انشاء دولة فلسطينية ذات سيادة تكون حدودها مؤقتة.
يجب ان يكون هدف التفاوض الاتفاق على الحدود المؤقتة لهذه الدولة (في مكان ما بين المنطقة الحالية التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية سيطرة ما وبين الخط الاخضر)، وعلى الترتيبات الامنية وعلى القيود التي ستفرض على البناء في الضفة الغربية في المنطقة التي ستبقى تحت سيطرة اسرائيلية وعلى مباديء الاتفاق الدائم (الذي يفترض ان يتم الاتفاق عليه في غضون عدد محدود من السنين). ويصعب علي ان اؤمن ان يستطيع كيري ان ينجح بطريقة اخرى.

اسرائيل اليوم 17/4/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية