سحبت قوات النظام عناصر حرس الحدود من المخافر الممتدة بين 25 إلى 41 جنوب درعا في المنطقة المواجهة للأكيدر الأردنية، ونشرت عوضا عنهم عناصر ميليشيات إيرانية.
تجدد قصف النظام على أحياء درعا البلد وحاولت الفرقة الرابعة التي يقودها اللواء ماهر الأسد اقتحام عدة أحياء فيها، بهدف الضغط على اللجنة المركزية المفاوضة والمقاتلين السابقين من أجل تسليم السلاح. وإلى أن يجري التوصل إلى اتفاق نهائي حول خريطة الطريق الروسية، يسعى رئيس إدارة المخابرات العامة-إدارة أمن الدولة، اللواء حسام لوقا إلى إحداث إرباك في صفوف المفاوضين وهز العلاقة بين الأطراف المحلية العسكرية والمدنية.
وتتجلى تكتيات لوقا بإخراج من يريد الخروج إلى الشمال، فبدأ بإخراج ثمانية مقاتلين مطلع الأسبوع الماضي، ثم خرج نحو 80 آخرين هم عبارة عن 23 مقاتلا سابقا وعوائلهم، في حين كان من المقرر خروج قافلة أخرى تضم نحو 350 مقاتلا سابقا ومدنيا، يوم السبت، قبل كتابة هذا التقرير.
ويشرف اللواء لوقا على المفاوضات بشكل مباشر، بل أنه تحول إلى المفاوض من جهة النظام في الأسبوعين الأخيرين بعد أن كان رئيس فرع المخابرات العسكرية في المنطقة الجنوبية، العميد لؤي العلي هو من يرأسها. وبث ناشطون صورا لعدد من القادة الأمنيين إلى جانب الباص الأخضر الذي ركبه ثمانية مقاتلين سابقين، توجهوا إلى مدينة الباب في الشمال السوري. وتحققت «القدس العربي» من ثلاث شخصيات منهم، هم اللواء لوقا، والعميد لؤي العلي، إضافة إلى قائد شرطة محافظة درعا، العميد ضرار دندل.
ميدانيا، قتل ضابط وعدد من عناصر النظام في محاولة اقتحام درعا البلد، كما فتح حاجز للمخابرات الجوية الواقع بين بلدتي المسيفرة والجيزة، فجر الجمعة، النار على حافلة تقل عددا من المدنيين بينهم القيادي في اللواء الثامن المدعوم روسيا والذي يقوده أحمد العودة. وأكد مصدر في اللواء الثامن مقتل رامي الحريري أحد القادة الميدانيين، وعدد من المدنيين بإطلاق النار على سيارتهم بعد توقيفها والتدقيق بركابها. كذلك، نقل تجمع أحرار حوران عن الناجي الوحيد من المجزرة «أثناء عودتنا من بلدة الجيزة بريف درعا الشرقي، مروراً بالحاجز الرباعي التابع للنظام، لاحظنا وجود استنفار كبير لعناصر النظام على الطريق بالقرب من بلدة الجيزة».
مضيفا «عند وصولنا إلى أول نقطة في الحاجز الرباعي، استعد العناصر وصوبوا سلاحهم نحونا، وطلبوا منا عدم الخروج من السيارة، وإغلاق الهواتف المحمولة، وحينها ارتجل رامي الحريري من السيارة، وعرف عن نفسه، وسألهم عما يجري، ولماذا تم توقيفهم، فأجاب أحدهم أن هناك عنصراً من الحاجز مخطوف ونبحث عنه، في حين كان هناك ضابط آخر يحمل مصباحا كهربائيا، وبدأ يلتفت إلينا واحداً تلو الآخر. وعندما أضاء المصباح باتجاه مالك خليفة، قال الضابط هؤلاء هم، وبدأوا بإطلاق النار بشكل مباشر باتجاه السيارة، وكان أول الذين قضوا بالاستهداف رامي الحريري كونه كان خارج السيارة وأمامهم مباشرة. وعندها اتجهت نحو السهول الزراعية المحيطة بالحاجز، وزحفت عبرها حتى خرجت من منطقة الحاجز وتواصلت مع شبان عبر الهاتف قاموا بتأميني» حسب ما أوضح الناجي.
وفي تكريس للتواجد والهيمنة الإيرانية في جنوب سوريا، سحبت قوات النظام عناصر حرس الحدود «الهجانة» من المخافر الممتدة بين المخفر 25 قرب قرية خراب الشحم إلى المخفر 41 جنوب مدينة درعا في المنطقة المواجهة لمنطقة الأكيدر الأردنية. ونشرت الفرقة الرابعة عوضا عنهم عناصر من ميليشيات الرسول الأعظم وفاطميون وزينبيون. فيما نقلت عناصر حرس الحدود إلى مقر كتيبة الهجانة غرب مدينة درعا، وقسم آخر إلى منطقة فليطة بالقلمون.
وفي حادثتين منفصلتين، خطفت السفارة السورية في لبنان خلال الأسبوع الفائت خمسة شبان سوريين، والمختطفون هم، توفيق الحاجي وأحمد زياد العيد وابراهيم ماجد الشمري ومحمد عبد الإله سليمان الواكد ومحمد سعيد الواكد. وينحدر الحاجي من بلدة جاسم في ريف درعا الشمالي، وأما الشبان الأربعة فهم من مدينة إنخل بالريف الشمالي أيضا.
وحول ما جرى مع الشبان الأربعة الأخيرين، يوم الجمعة، أفاد الناشط والصحافي إبراهيم عواد لـ»القدس العربي» أن السفارة «استدرجت الشبان الأربعة لاستلام جوازات سفرهم التي تقدموا بطلب الحصول عليها من السفارة». وحمل النظام «مسؤولية سلامتهم وأمنهم». ولفت عواد أن «عدة رجال يرتدون بدلات رسمية، دخلوا بسيارة نوع مرسيدس ونقلت الشبان من السفارة إلى جهة غير معروفة» رجح أن تكون دمشق.
وما حصل مع الشبان الأربعة، بدأته سفارة النظام، يوم الثلاثاء، باعتقال محمد توفيق فايز الحاجي وهو عضو في اللجنة المركزية بريف درعا الشمالي، وكان قائد للواء فرسان الأبابيل أحد ألوية جيش الأبابيل المنضوي تحت فصائل الجيش الحر في الجبهة الجنوبية، وينتشر في جنوب دمشق وريف درعا الشمالي. ويعد الحاجي أحد أبرز القادة العسكريين في جنوب مدينة دمشق.
وفي اتصال مع «القدس العربي» قال الناشط الحقوقي و «عضو مكتب توثيق الشهداء في درعا» عمر الحريري للتعليق حول حادثة خطف الشبان الأربعة في السفارة السورية في بيروت: «كان هناك اتصال معهم لغاية الوصول للسفارة وأكدوا دخولهم إلى السفارة ومن بعدها انقطع الاتصال بهم جميعا» مشيرا إلى أنه لا يستطيع التأكيد بشكل قاطع إذا كان الخطف حصل «داخل السفارة أو بعد خروجهم مباشرة. كان الاتفاق ان يتصلوا بعد مغادرة السفارة ولم يتصل أحد».
ويستغل النظام السوري الوضع المتدهور اقتصاديا واجتماعيا والأزمة السياسية في لبنان لتنفيذ حادثة خطف الشبان السوريين، خلال الأيام الماضية، وفي حال صحة أنباء نقلهم إلى دمشق فانه سيعتبر سابقة في العلاقات السورية اللبنانية، واختبارا وتحديا في الوقت نفسه لوجود الدولة اللبنانية وسيادتها. فعلى الرغم من ان أذرع النظام قامت بقتل وخطف عدد من المعارضين السوريين منذ اندلاع ثورة أذار (مارس) 2011 إلا أنها المرة الأولى التي يتم خطف مواطن سوري داخل السفارة أو أمامها.
وتشير المعطيات الأولية إلى ان اثنين من شبان أنخل الأربعة ينتسبون إلى اللواء الثامن الذي يقوده العودة وتدعمه روسيا، وهو ما يشير إلى رغبة ضمنية إذا ما أضفنا حادثة تصفية رامي الحريري القيادي في اللواء، إلى انزعاج النظام من الدور الذي يلعبه أحمد العودة بشكل أو بآخر، كما انه رسالة تفيد أن النظام لا يتساهل مع المدن التي وقفت إلى جانب درعا في أحداثها الأخيرة، مثل ما حصل في جاسم وأنخل ونوى في الريف الشمالي، وهي رسالة أكثر تحديدا للعودة بأن روسيا غير قادرة على حمايته إلى ما لانهاية، فمناطق تصفية الحسابات والانتقام منه كثيرة والروس غير قادرين على حمايته وإن كانوا قادرين فهم غير قادرين على حماية عناصره وكوادر لواءه.
أخيرا، يدلل الانتشار الإيراني وتمركز الميليشيات التابعة لها في المخافر الحدودية إلى أنها أكثر حضورا مما يعتقد البعض أو يرغب. فالتمركز في المخفر 25 يعني أنها أمر واقع، وبعد فترة ستتوجه لتسيطر على المخافر في حوض اليرموك والمشتركة مع إسرائيل.
بشار اكتشف نفسه أنه يصلح أن يكون زعيم عصابة أكثر منه رئيس دولة ،فصار يتصرف على هذا الأساس