اردوغان: سنقتلع «القوات الإرهابية» قريباً بالدبابات والمدفعية من شمال سوريا

هبة محمد وإسماعيل جمال
حجم الخط
0

عواصم – «القدس العربي»: على وقع استمرار الضربات الجوية والمدفعية للجيش التركي على مواقع الوحدات الكردية في شمالي سوريا، هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتنفيذ عملية برية جديدة شمالي سوريا “قريباً” وذلك عقب أيام من عملية جوية واسعة نفذها الجيش التركي واستهدفت عددا كبيرا من المواقع في سوريا والعراق مخلفة عشرات القتلى في صفوف الوحدات الكردية، في حين دعت واشنطن إلى “ضبط النفس” بينما زادت موسكو على ذلك بأنها تتفهم هواجس تركيا الأمنية ودعتها لعدم زعزعة استقرار المنطقة أمنياً.
وعقب يوم واحد من تأكيده أن العملية الواسعة التي نفذها الجيش التركي “لن تبقى جوية فقط”، هدد أردوغان بعملية برية أوسع بالقول “منذ أيام نلاحق الإرهابيين بطائراتنا ومدافعنا وفي أقرب وقت سنقتلع جذور الإرهابيين بدعم جنودنا ودباباتنا أيضاً”، كما هدد بالقول: “سنقتلع جذورهم جميعاً بأقرب وقت إن شاء الله”.
ونفذت القوات الجوية التركية عملية “المخلب – السيف” الأحد عبر شن سلسلة غارات استهدفت مواقع حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في شمال العراق وفي سوريا. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان مساء الاثنين بأن الغارات أسفرت عن مقتل 37 شخصًا، بينهم 18 عنصرًا من قوات النظام السوري، على الجانب السوري.

استهداف قاعدة لـ«قسد» والتحالف

دعت واشنطن وموسكو الثلاثاء أنقرة إلى ضبط النفس، بعدما هدّد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بشنّ عملية برية على مواقع المقاتلين الأكراد في شمال سوريا. والثلاثاء، استهدفت مسيرة تركية قاعدة مشتركة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن وقوات سوريا الديمقراطية التي قتل اثنان من عناصرها، وفقاً لما أفاد متحدث باسم تلك القوات والمرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، وعلى رأسها المقاتلون الأكراد، فرهاد شامي لوكالة فرانس برس إن المسيرة التركية استهدفت “قاعدة مشتركة لقوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي لتخطيط وانطلاق العمليات ضد تنظيم الدولة في شمال محافظة الحسكة (شمال شرق)”. وأسفر القصف بالمسيرة، وفق شامي، عن مقتل عنصرين من قوات مكافحة الإرهاب التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، وإصابة ثلاثة آخرين بجروح.
استهدفت مسيرة تركية الثلاثاء قاعدة مشتركة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن وقوات سوريا الديمقراطية التي قتل اثنان من عناصرها، ورداً على سؤال فرانس برس حول القصف، قال المكتب الإعلامي للقيادة المركزية للجيش الأمريكي إن “القوات الأمريكية كانت بمنأى عن الخطر، ولم تقع أي غارات على مواقع تستضيف قوات أمريكية”، مشيراً إلى أن الغارات، الأقرب لمكان تواجد قواتها، وقعت على بعد حوالى 20 إلى 30 كيلومتراً منها.
وقال الكولونيل جو بوشينو، المتحدث باسم القيادة المركزية، “نعارض أي عمل عسكري يزعزع استقرار الوضع في سوريا”، مضيفاً أن “هذه التصرفات تهدد أهدافنا المشتركة وبينها قتالنا المستمر ضد تنظيم الدولة الإسلامية لضمان ألا يعود مجدداً ويهدد المنطقة”. والتحالف الدولي هو الداعم الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها أنقرة منظمة “إرهابية” وتعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً ضدها منذ عقود. وأسفر القصف بالمسيرة، وفق شامي، عن مقتل عنصرين من قوات مكافحة الإرهاب التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، وإصابة ثلاثة آخرين بجروح.
وأوضح أن الموقع المستهدف هو “قاعدة عمليات ثابتة” للتحالف وقوات سوريا الديمقراطية على بعد 25 كيلومتراً شمال مدينة الحسكة، من دون توضيح الموقع بالتحديد. وأكد المرصد السوري استهداف “القاعدة المشتركة” ومقتل العنصرين، من دون أن يؤكد إن كانت قوات التحالف متواجدة داخلها أثناء الاستهداف.

دعوات لوقف التصعيد

وأثارت تصريحات الرئيس التركي قلق واشنطن وموسكو، ما دفعهما إلى دعوة أنقرة إلى ضبط النفس. وهاتان الأخيرتان متورطتان في الحرب في سوريا التي لقي فيها نحو نصف مليون شخص حتفهم منذ العام 2011. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس في بيان “ندعو إلى وقف التصعيد في سوريا لحماية المدنيين ودعم الهدف المشترك المتمثل في هزيمة تنظيم الدولة”. وأضاف “نواصل معارضة أي عمل عسكري غير منسق في العراق ينتهك سيادته العراق”.
وتدعم الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب في شمال شرق سوريا في إطار محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، فيما تدعم روسيا مجموعات موالية للنظام في المنطقة نفسها. حذّر الكرملين تركيا الثلاثاء من “زعزعة الاستقرار” في شمال سوريا. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين “نفهم مخاوف تركيا المرتبطة بأمنها … لكن في الوقت عينه، ندعو جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي مبادرة يمكن أن تؤدي إلى زعزعة خطيرة للوضع العام”. وأضاف “قد يأتي ذلك بنتائج عكسية ويزيد من تعقيد الوضع الأمني”. وأعربت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا عن “قلقها” إزاء الغارات الجوية التي شنّتها تركيا ليل السبت-الأحد، مناشدة أنقرة “ضبط النفس”. ودعت ألمانيا الاثنين تركيا إلى ردّ “متناسب” يتوافق مع القانون الدولي.
وطالبت تركيا الثلاثاء حلفاءها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، بأن “يوقفوا كل دعم” لوحدات حماية الشعب، وهي الفصيل الكردي الرئيسي في سوريا وتعتبرها أنقرة “إرهابية” فيما تدعمها واشنطن في محاربة تنظيم الدولة. وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار “نؤكد لجميع محاورينا، والولايات المتحدة على وجه الخصوص، أن وحدات حماية الشعب تعادل حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا وحلفاؤها الغربيون إرهابيًا، ونطالبهم بقوة بأن يوقفوا كل دعم للإرهابيين”.
ودعا القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي موسكو وواشنطن لمنع التصعيد. وقال لوكالة فرانس برس “تتركز مساعينا الأساسية حالياً على خفض التصعيد من قبل الطرف التركي، وسنفعل كل ما في وسعنا من أجل تحقيق ذلك من خلال التواصل مع جميع المعنيين في الملف السوري”. ومنذ 2016، شنت أنقرة ثلاث عمليات عسكرية استهدفت أساساً مناطق ينتشر فيها مقاتلون أكراد في سوريا، وسيطرت مع فصائل سورية موالية لها على منطقة حدودية واسعة. ومنذ آخر هجوم لها في 2019، هددت مراراً بشن هجوم جديد، وقد تصاعدت تهديداتها في وقت سابق العام الحالي. ويرى المحلل المستقل أنتوني سكينر أن “الظروف مجتمعة لشن هجوم قوي بشكل خاص على حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية” في تركيا في حزيران/يونيو 2023.

اختراق المجال «الأمريكي – الروسي»

وقالت مصادر تركية ومن المعارضة السورية إن طائرات حربية تركية اخترقت المجال الجوي الذي تسيطر عليه روسيا والولايات المتحدة لأول مرة لمهاجمة وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، وحشدت حلفاء سوريين لتوسيع الحملة على الأرجح. ووقعت الغارات بطائرات (إف-16) في الأيام القليلة الماضية مع تصعيد تركيا ووحدات حماية الشعب من الضربات المتبادلة التي أدت إلى مقتل مدنيين على جانبي الحدود، عندما قالت أنقرة إنها كانت ترد بعد انفجار أوقع قتلى في 13 نوفمبر تشرين الثاني بإسطنبول.
وكثّفت المدفعية التركية لليوم الرابع على التوالي قصفها المدفعي والصاروخي، على مواقع قوات “قسد” في مناطق ريف حلب الشمالي، المتاخمة لمنطقة العمليات التركية “درع الفرات”، رداً على عمليات قصف من قبل “قسد” استهدفت مناطق داخل الأراضي التركية في كل من ولايتي غازي عنتاب وكيليس، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص في قصف صاروخي مصدره “قسد” على منطقة قرقميش، كما أسفر قصف سابق عن إصابة 8 عناصر شرطة بقصف استهدف نقطة أمنية بولاية كيليس.
من جهتها، قالت مصادر شبكة “بلدي نيوز” المحلية من ريف حلب، إن القوات التركية استهدفت منذ، مساء الاثنين، حتى فجر الثلاثاء، بأكثر من 45 قذيفة مدفعية وصاروخية قرى وبلدات “أبين، دير جمال، كلجبرين، شيخ عيسى، حربل، شيخ هلال، مرعناز، عين دقنة، محيط بلدة تل رفعت وحساجك وشوارغة”، دون معرفة حجم الخسائر. وكانت قيادة الجيش التركي أوعزت برفع الجاهزية القصوى، تمهيداً لعملية عسكرية شمالي حلب، وفقاً لما أكّده رأفت جنيد الذي يشغل مدير وحدة الإعلام الحربي في الجيش الوطني المعارض. وأوضح جنيد في تصريحات له، أن الأوامر جاءت للوحدات العسكرية كافة بالاستعداد التام، وعدم مغادرة الثكنات العسكرية، دون أن يتم توضيح أية تفاصيل أخرى.
وعن إمكانية استعادة مدينة “تل رفعت” قال “جنيد” إن كل شيء محتمل، مشيراً إلى أنه من المحتمل أن يتم فتح معركة من ثلاثة محاور من قبل الجيش التركي بالتعاون مع “الجيش الوطني” دون أن يتم الكشف عنها. وأشار إلى أن الجيش التركي بدأ التمهيد لاستهداف مواقع “قسد” شمالي حلب، وفقاً لإحداثيات تم رصدها خلال الأشهر الماضية في مواقع عدة، منها تل رفعت ومنغ ومناطق أخرى.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية