انطلقت في تركيا خلال الأيام القليلة الماضية مظاهرات عارمة هزت الحكومة وبلغ صداها الأفاق وسرعان ما تناولت وسائل الإعلام العالمية المختلفة تلك الأحداث وبثت صورا تظهر استخدام الشرطة القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين وسرعان ما انطلقت الاستنكارات وتوالت الإدانات من هنا وهناك علما لم تسجل أي حالة قتل في هذه الأحداث ومع ذلك أدان العالم كله الحكومة التركية على استخدامها القوة المفرطة للتصدي للمتظاهرين المعترضين على قرار حكومي بتحويل متنزه إلى مبنى على الطراز العثماني، ومن العجيب أن يدين الجميع هذه الأحداث ولم يقتل فيها أي شخص ويبقى صامتا ساكتا أمام ما يحدث في سورية والعراق وقد قتل فيهما الآلاف والآلاف وصدق الشاعر بقوله (وعين الرضا عَن كُل عيب كليلة.. ولكن عين السخط تبدي المساويا)! ومن الجدير بالذكر أن المظاهرات في تركيا ليس هدفها الاعتراض على قرار حكومي فحسب وإنما وراءها ما وراءها من أهداف وغايات وخاصة إذا لعب دورها خصوم الحكومة ومعارضيها الذين يتحينون الفرص لإسقاطها واخذ مكانتها ودورها في العالم ومن هنا وضعت المظاهرات اردوغان بين حلم إعادة الأمجاد وبناء الخلافة الإسلامية العثمانية التي حكمت العالم الإسلامي آنذاك وساهمت بشكل كبير في حمايته وتقدمة وازدهاره وشواهدها وآثارها أكبر دليل وبرهان على ذلك، هذا من جهة ومن جهة أخرى جعلت اردوغان ضمن سونامي الربيع العربي الذي يحاول معارضوه ركوبه وإمراره بالقوة على حكومته ليقلعه كما قلع أعتا الطغاة وخاصة أن حكومة اردوغان قد حفها الأعداء وكثر المبغضون لها الرامون إلى إسقاطها وإنهاء عهد استقرارها وازدهارها وخاصة إنها قد فاجأت الجميع بسياساتها ونجحت بحسن اللعب في أوراق حلفائها وأنصارها مما ساهم وساعد بشكل واضح وملحوظ في نمو اقتصادها وكسب المستثمرين لها حتى أصبحت تضاهي الدول الأوروبية في تقدمها وإظهار علومها ومعارفها ونشر منتجاتها وإبداعاتها في جميع أنحاء العالم خاصة في الدول المحيطة بها، فهل سيحقق اردوغان حلمه ويبني مجده وحضارته كما بناها أجداده أم سينجح الخصوم في ركوب الربيع وإدارة دفته نحو حكومته فيسقطوها وحينها ستخرج تركيا من المعادلة العالمية ويزول هذا الرقم الصعب في تحقيق التوازن في الشرق الأوسط خاصة في هذه المرحلة الحرجة . عقيل حامد