اردوغان يعلن بدء تشغيل سد إليسو الأسبوع المقبل وسط مخاوف عراقية وتطمينات تركية

إسماعيل جمال
حجم الخط
0

إسطنبول ـ «القدس العربي»: تنوي تركيا البدء بعد أيام قليلة بملء سد إليسو لتوليد الكهرباء على نهر دجلة جنوبي تركيا، وذلك عقب سنوات طويلة من العمل عليه وبعد تأجيل لأكثر من مرة بسبب المخاوف العراقية من أن يؤدي السد إلى تقليص حصته من مياه النهر وتعريض مناطق على أراضيه للجفاف، في حين تؤكد أنقرة أنها تأخذ المخاوف العراقية على محمل وتقدم لها كل التطمينات الكافية لتبديد مخاوفها في هذا الشأن.
والإثنين، أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، عقب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، أن بلاده ستبدأ في تشغيل أول توربين في السد، وقال: «سنبدأ في تشغيل واحد من ست توربينات لسد إليسو، أحد أكبر مشروعات الري والطاقة في بلادنا، في 19 مايو/أيار»، حيث يتوقع أن يساهم في توليد 1200ميغاوات من الكهرباء، ليصبح رابع أكبر سد في تركيا من حيث الطاقة الإنتاجية.
وعلى الدوام، حذرت وسائل الإعلام العراقية بقوة من «مخاطر» الخطوة التركية على الأمن المائي العراقي، كون السد التركي الكبير سيحجز جزءاً مهماً من مياه نهر دجلة ويمنع وصولها للعراق الذي يعاني من نقص بالمياه، لكن المستويات العراقية الرسمية بقيت أقل حدة في خطابها وشددت على ضرورة التعاون مع تركيا لحل الخلاف حول سد إليسو، أبرز أعمدة مشروع غاب.
ومشروع جنوب شرق الأناضول (غاب) هو مشروع إستراتيجي تعمل عليه تركيا منذ عقود، يتضمن بناء 22 سداً على نهري دجلة والفرات، ويهدف إلى تطوير المناطق الفقيرة في جنوب شرقي تركيا من خلال زيادة المساحات الزراعية ورفع الطاقة الكهربائية المولدة من السدود.
ويعتبر سد إليسو على نهر دجلة أبرز السدود في هذا المشروع، حيث بدأ العمل به منذ عام 2010، ويمكنه احتجاز كميات هائلة من المياه لتوليد 1200 ميغاوات من الكهرباء، وقد جرى تأجيل ملئه أكثر من مرة نتيجة الاحتجاجات الرسمية التي كان العراق يقدمها لتركيا. وفي آب/أغسطس الماضي، شرعت تركيا ببدء ملء السد بعدما أجلت هذه الخطوة أكثر من مرة لتجنب إغضاب العراق. وآنذاك، استندت مصادر عراقية إلى صور للأقمار الصناعية قالت إنها تؤكد بدء ملء السد بشكل تدريجي، وهو ما أكدته مصادر إعلامية تركية، لكن دون أن يعلن عن ذلك بشكل رسمي من ذلك الحين.
ونهاية العام الماضي، أوفد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مبعوثه الخاص إلى بغداد لبحث المسألة مع المسؤولين العراقيين، وسط تساؤلات حول حجم التطمينات التي قدمها المسؤول التركي إلى المسؤولين العراقيين وإلى أي مدى كانت هذه التطمينات مقنعة، لا سيما أنها لم تتضمن هذه المرة أي وعود بتأجيل عملية ملء السد كما جرى في السنوات الماضية، وإنما وعود أخرى تتعلق في مجملها بتطوير مشاريع مياه في العراق.
وكان الرئيس العراقي برهم صالح أكد أهمية تطوير العلاقات الثنائية مع تركيا والارتقاء بسبل التعاون المشترك خدمة لمصالح الشعبين، على حد تعبيره، داعياً إلى «ضرورة التوصل لتفاهمات طويلة الأمد ومرضية لحل الإشكاليات العالقة بين العراق وتركيا في ملف المياه وبما يضمن حقوق البلدين».
وكشف لاحقاً عن أن المبعوث التركي قدم مجموعة مقترحات خاصة بتنفيذ مشاريع لاستصلاح الأراضي، وأخرى لتنمية قطاع مياه الشرب والصرف الصحي، كما دعا المبعوث التركي إلى «ضرورة زيادة التعاون في المجالين التجاري والاقتصادي، إضافة إلى إنشاء مركز أبحاث مشترك متخصص بإدارة المياه بين البلدين مقره بغداد، وكذلك التعاون في مجال زراعة الغابات، وإنشاء مشاتل لأشجار الغابات الملائمة لظروف العراق»، كما جرى الاتفاق على تبادل المعلومات الفنية حول مناسيب «الخزين المائي»، بما يسهم في تحسين تشغيل السدود وإدارة المياه، لاسيما أثناء الأزمات في مواسم الشح والفيضان.
وخلصت المباحثات التركية العراقية نهاية العام الماضي إلى أن تركيا قدمت للعراق تطمينات ووعوداً تتعلق بموضوع ملء السد بشكل مباشر، وأخرى تتعلق بتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث تعهدت أنقرة بمراعاة مصالح العراق، وملء السد بشكل تدريجي وبنسب ضئيلة والأخذ بعين الاعتبار حصول أي نقص أو مشاكل على الجانب العراقي خلال هذه الفترة، والحفاظ على استمرار وصول نسب مناسبة وكافية للجانب العراقي.
وعلى جانب آخر، قدمت وعود للجانب العراقي بمساعدته في بناء مشاريع تتعلق بالمياه والكهرباء والغابات وخطوط المياه والمجاري والتوزيع وغيرها، بما يعزز البنية التحتية للمياه في العراق ويقلل من احتمالات تضرره من السد التركي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية