إسطنبول ـ «القدس العربي»: يواجه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم صعوبات بالغة في إقناع الناخبين الشباب بالتصويت لهم في الانتخابات التركية رغم أنهم يمثلون الكتلة الانتخابية الأوسع في البلاد، ما يعزز مخاوف الحزب من تراجع التصويت له في الانتخابات البلدية/المحلية، المقررة يوم الأحد المقبل.
وفي العادة، يلقى حزب العدالة والتنمية تأييداً واسعاً من قبل كبار السن والمتقاعدين وسكان الأحياء الفقيرة، بينما يفقد كمّا كبيرا من أصوات الشباب والناخبين الجدد الذين يطمحون بخدمات أفضل وفرص عمل أوسع ورفاهية أكبر، على عكس الأجيال الأكبر التي ترى ما قام به الحزب إنجازا كبيراً مقارنة بالحقب الأخرى في تاريخ البلاد الحديث.
وحسب آخر إحصائية رسمية صادرة عن الهيئة العليا للانتخابات، فإن عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات المقبلة تجاوز الـ57 مليون، منهم أكثر من مليون شاب بلغوا حديثاً سن الثامنة عشر وبات يحق لهم المشاركة في التصويت للمرة الأولى.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن الرئيس رجب طيب اردوغان قوله في أحد الاجتماعات مع كبار قادة حزب العدالة والتنمية: «علينا التركيز في الحملة الانتخابية على فئة الشباب، لدينا أكثر من مليون شاب سوف يصوتون لأول مرة، هذا أمر مهم للغاية، بشكل خاص على الأذرع الشبابية للحزب أن تتحرك بقوة في هذا الاتجاه، يجب أن نعمل معهم عن قرب ونضمن أصواتهم».
وفي محاولة لاستمالة الشباب، أجرى اردوغان ضمن الاستفتاء الأخير على التعديلات الدستورية، تعديلاً قانونياً ينص على خفض سن الترشح للانتخابات البرلمانية من 25 إلى 18 عاماً، كما دفع الحزب بـ57 مرشحاً تقل أعمارهم عن 25 عاماً في قائمته للانتخابات البرلمانية، العام الماضي من أصل 600 مرشح يمثلون عدد نواب البرلمان، كما عين عدد من الشباب في مناصب بارزة في تركيبة النظام الرئاسي الجديد.
جيل كامل لم يعاصر سوى 17 عاماً من حكم العدالة والتنمية
وتركز وسائل الإعلام المقربة من الحزب الحاكم على بث أفلام وثائقية تعتمد على المقارنة، وتبث صور لإسطنبول في العقود الماضية لإظهار حجم التطور الذي شهدته المدينة، وتركيا ككل تحت حكم العدالة والتنمية، ويقول اردوغان: «حزب الشعب الجمهوري ـ أكبر أحزاب المعارضة ـ يعني الفقر يعني تلوث الهواء، يعني أطنان القمامة في شوارع إسطنبول، يعني طوابير لتعبئة المياه كما طوابير الحصول على المساعدات، يعني خدمات صحية سيئة، نحن من نظف إسطنبول وطورها».
وفي إطار الحملة الانتخابية التي يقوم بها العدالة والتنمية، أعد الحزب سلسلة من مقاطع الفيديو القصيرة بطابع تمثيلي تستهدف الشباب بالدرجة الأولى وتهدف إلى إظهار التغيير الذي أحدثه حزب العدالة والتنمية خلال سنوات حكمه الـ17.
وخصص واحداً من المقاطع التي كانت جميعها عبارة عن حوار بين الآباء وأبنائهم للحديث عن أن «العدالة والتنمية أنهى زمن الوقوف بالطوابير لساعات طويلة للحصول على موعد لتلقي العلاج»، ومقطع آخر خصص للحديث عن أنه «على زمنهم لم يكن هناك حريات وكانت الطالبات يضطررن لترك الدراسة أو خلع الحجاب من أجل الدخول للجامعات»، وآخر خصص للحديث عن أن الآباء كانوا يقفون بطوابير تمتد لمئات الأمتار للحصول على عبوة مياه، وعن تحسين الطرق والمواصلات، وغيرها الكثير من الأساليب التي تحاول اقناع الشباب بإنجازات الحزب.
ويبدأ بن علي يلدريم، مرشح الحزب لرئاسة بلدية إسطنبول، الفيديو الدعائي الرئيسي له مخاطباً الشباب بشكل مباشر، عارضاً الخدمات التي قام بها على صعيد تطوير الطرق والمواصلات وخطوط المترو السكك الحديدية وبناء المطارات وغيرها.
ويرى مراقبون أن 17 عاماً من حكم العدالة والتنمية كانت كفيلة بظهور جيل جديد وشريحة واسعة من الناخبين الشباب الذين لم يعيشوا أي حقبة أخرى في تاريخ تركيا، وبالتالي فإن الحزب ولو تمكن من حسم هذه الجولة في الانتخابات، فإنه سيبقى يواجه تراجعاً في شعبيته مع تزايد حجم شريحة الناخبين الجديدة الذين تتزايد عندهم رغبة التغيير والاطلاع على تجارب الأحزاب الأخرى في الحكم.
وبشكل عام، تجمع استطلاعات الرأي على وجود تراجع طفيف في شعبية العدالة والتنمية، وبينما تبدو النتائج «مطمئنة إلى حد ما» لفوز الحزب برئاسة بلدية إسطنبول، تتحدث بعض استطلاعات الرأي عن نتائج «مقلقة جداً» لمرشح الحزب الحاكم في العاصمة أنقرة.
لكن ورغم الحديث عن تراجع شعبية الحزب، تمكن تحالف الجمهور الذي يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية من تنظيم ثلاثة تجمعات جماهيرية وصفت بـ«التاريخية» في المحافظات الثلاث الكبرى، فبعد أيام من مهرجان ضخم في إزمير معقل المعارضة العلمانية، نظم مهرجان في أنقرة قال اردوغان إن قرابة نصف مليون شخص شاركوا فيه، بينما تحدثت وسائل إعلام الحزب الحاكم عن مشاركة مليون ونصف في مهرجان إسطنبول المركزي، الذي عقد الأحد، بمشاركة اردوغان وزعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشيلي، وهو ما اعتبر بمثابة مؤشر مهم على استمرار تقدم «تحالف الجمهور» في انتخابات الأحد المقبل.