استُدعي رئيس «حركة النهضة» التونسية راشد الغنوشي ونائبه علي العريض للمثول أمام وحدة مكافحة الإرهاب التي لم توضح الأسباب، ورشح أنها على صلة بالتحقيق في ما بات يُعرف باسم التسفير إلى سوريا وبؤر توتر أخرى. سبق ذلك أن الوحدة ذاتها أوقفت القيادي في الحركة الحبيب اللوز، كما كانت النيابة العامة قد أصدرت مذكرة توقيف طالت ثلاثة مسؤولين سابقين في الأمن، والنائب السابق عن كتلة «الكرامة» رضا الجوادي.
وإذا كانت هذه ليست المرة الأولى التي تشهد استدعاء الغنوشي، إذ سبق له أن خضع لتحقيقات في دعاوى ما سُمي تبييض الأموال وكذلك الإساءة للقوى الأمنية لأنه أثناء تشييع أحد قياديي الحركة وصفه بالشجاعة وعدم الخشية من حاكم أو طاغوت، فإن المثول الجديد أمام وحدة مكافحة الإرهاب يأتي في سياقات داخلية ذات دلالات خاصة، سياسية واقتصادية ودستورية، تبيح الافتراض بأن إلهاء الشارع الشعبي قد يكون أحد أبرز أغراض تحريك «قضايا كيدية» حسب تعبير الحركة.
فمن جانب أول أصدر الرئيس التونسي مرسوماً بدعوة الناخبين لانتخاب مجلس نواب الشعب في 17 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، ومرسوماً ثانياً يدخل تعديلات واسعة على القانون الانتخابي لعام 2014 يعتمد مبدأ التصويت للأفراد وليس اللوائح، كما يسفر عملياً عن تحجيم أو حتى تصفية أحزاب المعارضة في التمثيل البرلماني، ويضع شرط حيازة 400 تزكية لكل مترشح ومترشحة، كما يحجب دعم الدولة المالي عن الحملات الانتخابية مما يُفقد ذوي الدخل المحدود فرصة الترشح ويرفع رصيد المقتدرين ورجال الأعمال. كذلك فإن التعديلات تنطوي على مفارقة لافتة، في أنه يرفع عدد الدوائر الانتخابية إلى 161 موزعة على 151 داخل البلاد و10 خارجها، وفي الآن ذاته يخفض عدد النواب من 217 إلى 161، بينهم 10 عن التونسيين المقيمين بالخارج.
لم يكن غريباً بالتالي أن الإعلان عن مقاطعة الانتخابات بدأ من «جبهة الخلاص الوطني» وأن تحذو حذوها أحزاب «القطب» و«التيار الديمقراطي» و«التكتل» و«الجمهوري» و«العمال» وليس فقط بسبب التعديلات على القانون الانتخابي بل كذلك لأن الهيئة المشرفة على الانتخابات ليست محايدة و«موالية للسلطة التي نصّبتها وتلاعبت بالوثائق والنتائج أثناء الاستفتاء ولا يمكن أن تحظى بثقة التونسيين» كما صرّح رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي. وأعلن ائتلاف من 10 منظمات نسوية أن اعتماد نظام الاقتراع على الأفراد دون ضبط ضمانات تتيح للنساء مشاركة واسعة وفعلية، يعد خرقاً جسيماً لأحكام الفصل 51 من الدستور الجديد ذاته الذي عمل سعيّد على تمريره.
ومن جانب آخر يواصل قصر قرطاج وحكومة نجلاء بودن تجريب المناورة تلو الأخرى ضمن حرج البقاء بين اشتراطات صندوق النقد الدولي الذي يطالب بتجميد الأجور ورفع الدعم عن السلع الرئيسية وزيادة أسعار الوقود، وبين ضغوط الشارع الشعبي و«الاتحاد العام التونسي للشغل» لرفع الأجور واتخاذ إجراءات ملموسة لتحسين مستوى المعيشة ومعالجة المشكلات البنيوية المستعصية في قطاعات الصحة والتعليم والبنى التحتية. وهذه أوجاع معادلة المطرقة والسنديان، ولن ينفع في إسكاتها إلهاءات استدعاء هنا وتوقيف هناك.
(إن المثول الجديد أمام وحدة مكافحة الإرهاب يأتي في سياقات داخلية ذات دلالات خاصة، سياسية واقتصادية ودستورية، تبيح الافتراض بأن إلهاء الشارع الشعبي قد يكون أحد أبرز أغراض تحريك «قضايا كيدية» حسب تعبير الحركة…) إهـ , هو أسلوب أنظمة تفتقد لمشروعية شعبية لكن حريصة على تجنب تقارير المنظمات الدولية الحقوقية لذلك تلجأ لتلبيس المعارضين التهم الجاهزة ثم المحاكمات الصورية لينتهي الأمر بهم في السجون فتتم إزاحة كل صوت معارض وترهيب الذين قد يفكرون يوما في إبداء رأي يثير حنق الحاكم!
*(تونس) ما زالت في متاهة وكان الله في عون الشعب التونسي المنكوب..
حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد وظالم.
لا حول ولا قوة الا بالله
هذه لعنات الثوار وشعداءالثورة التوانسة تنزل كالصوعق على رؤوس الاسلاميين خاصة