الرباط -“القدس العربي”: اعتمد المغرب منذ سنة 2011 قائمة للشباب في مجلس النواب، بتخصيص 30 مقعداً لمن هم دون 40 سنة. وفي التعديلات الجديدة التي طرأت على القوانين الانتخابية، ألغيت تلك القائمة، وأضيفت حصة الشباب إلى الحصة المخصصة للنساء، بهدف دعم تمثيلهن داخل المؤسسة التشريعية، إذ بلغت تلك الحصة حالياً 90 مقعداً، عوض 60 مقعداً في السابق.
إجراءات لم تحد من استمرار العزوف عن المشاركة السياسية، فحسب إحصائيات وزارة الداخلية المغربية، لم تتجاوز نسبة الشباب المسجلين لهذه السنة في اللوائح الانتخابية المتراوحة أعمارهم بين 18 و24 سنة نسبة 3 في المئة، مقابل 19 في المئة لدى الشباب ما بين 25 و35 سنة.
وخلال الانتخابات التشريعية لعام 2016 لم تتجاوز نسبة تصويت 43 في المئة، وفي سنة 2011 بلغت 45 في المئة، في وقت لم تتجاوز نسبة المشاركة في انتخابات عام 2007، 34 في المئة، وهي أدنى نسبة تصويت في تاريخ المغرب.
وفي تصريح لصحيفة “بيان اليوم”، قال عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي في جامعة القاضي عياض بمراكش ورئيس “المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات” في الرباط، إن هناك العديد من المشاكل المتراكمة في العمل السياسي والعمل الحزبي على وجه التحديد تؤدي إلى عزوف الشباب المغربي عن السياسة وعن المشاركة السياسية بشكل فعال، وأعطى مثالاً على ذلك بالنقص الموجود في منهجية تجديد النخب داخل الأحزاب، وعدم الثقة في ترشيح الكفاءات الشبابية في الاستحقاقات الانتخابية المختلفة، مما يؤدي إلى نوع من الإحباط في صفوف الشباب وعدم الأخذ بالاعتبار لطموحاتهم.
وأضاف قائلاً: “حتى عند تبني لائحة خاصة بهم في الانتخابات البرلمانية في الولايات السابقة، نلاحظ أن حضورهم انطلاقاً من كوتا معينة لم تكن عاملاً إيجابياً لتوحيد الرؤى فيما بين الفرق المختلفة حول قضايا الشباب والعمل بشكل مشترك ومنسق، للتركيز على تأهيل السياسات العمومية المستهدفة لهذه الفئة من خلال التشريع والعمل البرلماني عموماً”. وأضاف أن صعوبة تغيير القيادات الحزبية وهيمنتها على المشهد لعدة ولايات متتالية يؤدي بالضرورة إلى نوع من الاحتكار وانحباس الأفق لدى كفاءات وشخصيات جديدة لاستكمال المسار، خصوصاً الكفاءات الشابة منها.
ويرى الباحث نفسه أن إلزامية المشاركة في الانتخابات عن طريق التصويت ليست حلاً لمعضلة توسيع المشاركة السياسية، كون هذا الإجراء هو مسألة تدخل ضمن الحقوق الشخصية، فمن شاء أن يصوت هذا حق ومن أبى لا يمكن إلزامه.
وشدد البلعمشي على أن الحديث عن المشاركة السياسية للشباب يستلزم الديمقراطية الداخلية، وتطوير منهجية المشاركة، والعمل على توفير آليات لتجديد النخب، وكذلك تحفيز العمل على المساهمة في تأطير المواطنات والمواطنين وتكوين النخب الحزبية، وتوضيح التصورات الحزبية والبرامج والالتزام بتنفيذها.
وأوضح أنه “لا يمكن التغاضي عن كل الأمور التي تؤدي إلى العزوف عن المشاركة السياسية في الانتخابات والاقتراع، ونتحدث عن النتيجة كأنها المشكل الأساسي وتترك الأسباب والمسببات التي تفرز هذه النتيجة التي هي ضعف المشاركة في التصويت”، على حد تعبيره.