استمرار الهجوم الضاري على ثورة يناير من جانب الإعلام المحسوب على الأجهزة الرسمية أو القريب منها

حسنين كروم
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: كان الموضوع الأبرز والأهم سياسيا وشعبيا هو المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيسان السيسي والفرنسي ماكرون، بعد انتهاء محادثاتهما، والاتفاقيات الاقتصادية التي تم توقيعها بين البلدين، وتم خلاله تبادل الغمزات والتعبير العلني عن الخلافات حول مفهوم حقوق الإنسان. وتعرض ماكرون إلى هجمات عنيفة واتهامات مباشرة بأنه أدلى بتصريحات لوكالات أنباء أكد فيها أن الحريات وتعامل الشرطة في مصر أيام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك أفضل منها الآن. ولم يحدث من قبل أن تعرض رئيس زار مصر إلى موقف كهذا في ما عدا وزير الخارجية الأمريكي بومبيو، بسبب محاضرته في الجامعة الأمريكية في القاهرة.

المؤتمر الصحافي للرئيسين السيسي وماكرون يتحول إلى مساجلات عن الحريات وحقوق الإنسان في مصر

وتوزعت اهتمامات الأغلبية كالعادة حسب مصالح كل فئة منها، ومقدار ما سينالها من ضرر من إجراءات حكومية أو منافع منها، فالذين خالفوا قوانين البناء يتابعون المناقشات الدائرة في مجلس النواب حول مشروع قانون التصالح. والبنوك وشركات الصرافة والمستثمرون يتابعون ظاهرة تراجع الدولار أمام الجنيه وأسبابها. ومستوردو وتجار السيارات منزعجون من نجاح حملة «خليها تصدي» الداعية إلى عدم شراء السيارات لإجبار التجار على خفض أسعارها. وأصحاب المنشآت السياحية والفنادق وشركات النقل مهتمون بإجازات الجامعات والمدارس في منتصف السنة وقضاء العطلة مع أسرهم في المشاتي. والمستفيدون من برنامج الرئيس السيسي الجديد بالكشف على عيون خمسة ملايين تلميذ في المدارس الابتدائية وعلاجهم على حساب الدولة، يتابعون ما يحدث. وإعجاب ودهشة من كثرة زوار معرض القاهرة الدولي للكتاب. ومطالبة السيسي بإحياء مشروع سوزان مبارك لمكتبة الأسرة. واستنكار مصادرة كتاب لباحث مغربي عن نهاية أسطورة البخاري، واستنكار آخر من موقف النظام من ذكرى ثورة يناير/كانون الثاني رغم إشادة السيسي بها، ومطالبة بالإفراج عن شبابها المحبوسين حتى الآن. والشكوى التقليدية من ارتفاع أسعار السلع والخدمات والمخاوف من مقالب جديدة تعدها الحكومة لهم.

خلافات

ونبدأ بالخلافات التي ظهرت في المؤتمر الصحافي للرئيسين السيسي وماكرون، وتسببت فيها أسئلة الصحافيين الفرنسيين عن حقوق الإنسان في مصر، وموقف فرنسا منها وكذلك التصريحات التي نسبتها وكالات أنباء أجنبية لماكرون وانتقد فيها أوضاع حقوق الإنسان في مصر فقال الرئيس نقلا عن إسماعيل جمعة في «الأهرام»: «شدد الرئيس عبدالفتاح السيسي على أنه موجود في منصبه رئيسا لمصر بإرادة الشعب المصري، مؤكدا أنه ما لم تكن الإرادة موجودة فإنه لن يتردد في تركه فورا.


وأشار إلى أن حرية التعبير والتقاضي مكفولان بنصوص الدستور، في ظل دولة القانون، وأن الشرطة لم تستخدم العنف ضد المواطنين حتى وإن كانوا إرهابيين أو متطرفين عزلا. وطالب السيسي، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، عقب مباحثاتهما أمس في قصر الاتحادية، بعدم اختزال حقوق الإنسان في مفهوم معين.
منوها بجهود الدولة المصرية لتحسين حياة المواطنين وتقديم أوجه الرعاية الصحية والتعليمية والتشغيل وغيرها، بينما تخوض منفردة مواجهة عاتية مع الإرهاب. وعدد الرئيس الجهود التي تقوم بها مصر، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس في قصر الاتحادية عقب انتهاء مباحثاته مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، مشيرا إلى أن علاج 120 ألف مواطن كانوا على قوائم الانتظار في الجراحات الكبرى يمثل أحد أهم حقوق الإنسان، وهو الحق في العلاج.
وأكد الرئيس أن مصر لن تقوم بالمدونين ولكن تقوم بالبناء والجهد والعمل، ومن خلال تصحيح المسارات الاجتماعية وترسيخ مفهوم المواطنة، وتصويب الخطاب الديني من الانحراف. وأكد أن هذا ليس كلاما ولكنها ممارسات، مصر تقوم بتنفيذها. وطرح الرئيس سؤالا للجانب الفرنسي قائلا «ماذا كنتم ستفعلون لنا إذا سقطت الدولة المصرية؟». لا يوجد ما نخجل منه ولكننا نقود بلدنا بالأمانة والشرف والعزة، مشيرا إلى أن مصر تقوم بحملة هي الأضخم على مستوى العالم للكشف على 55 مليون مصري من فيروس سي وعلاج المصابين منهم».

الدولة المستقرة

كما خصصت «الأهرام» تعليقها على هذا الخلاف قائلة: «على خلاف بعض الدول الغربية التي تنظر نظرة قاصرة إلى مفهوم حقوق الإنسان، وتختزله في مجرد الحقوق السياسية لبعض العناصر التي تتبنى العنف وتمارس القتل والتفجير والتخريب، وتتغاضى عن حقوق ضحايا تلك العناصر، سواء من المواطنين الأبرياء أو من ضحايا الأجهزة الأمنية، فإن مصر تتبنى مفهوما شاملا لحقوق الإنسان يتضمن الحقوق السياسية وحرية التعبير، وفقا للقانون وكذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى ذلك فإن الحفاظ على الدولة الوطنية واستقرارها وسلامتها يعد من أبرز حقوق الإنسان، لأنه بدون دولة مستقرة ذات مؤسسات قوية وفاعلة لا يمكن للأفراد أن يمارسوا أو يتمتعوا بحقوق الإنسان الأخرى، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية».

الشرق غير الغرب

وفي «الأخبار» قال كرم جبر مهاجما ماكرون ووفده: «كنت أتخيل أن الرئيس الفرنسي ماكرون والوفد المرافق له سينظرون بعيون موضوعية لما شاهدوه بأنفسهم في مصر في مدينة أبو سمبل الرائعة، وفوق كوبري 6 أكتوبر، الذي مرّ عليه موكبه، وفي المسجد والكنيسة ومدينة الفنون في العاصمة الإدارية الجديدة. مصر تبني نفسها وتحارب الإرهاب وتنعم بالسلام والاستقرار، لكنهم لم يفعلوا لعلهم يسترجعون أيام مصر التي كانت على شفا الضياع.
تبني نفسها بالعرق والجهد وتحفظ أمنها واستقرارها بتضحيات مئات الشهداء، لكنهم جاءوا مشبعين باستنشاق سحابات سوداء وتحدثوا بلسان مزاعم الجماعات الإرهابية خصوصاً الصحافيين الفرنسيين، الذين طرحوا على رئيسهم أسئلة تفتقد الكياسة واللياقة مثل: هل حصلت على تطمينات من الرئيس المصري بشأن حقوق الإنسان؟ «يا سلام» وهل تأكدت أن الأسلحة الفرنسية لمصر لا تستخدم في قمع المتظاهرين.
كان ماكرون منصفاً عندما أكد أنه مرة واحدة قبل 2014 من بين 200 حالة جرى فيها استخدام مدرعة ضد المتظاهرين، لكنه كان غير منصف في أشياء أخرى فقد تحدث عن حقوق الإنسان بأسلوب شاعري، وعن القيم المثالية السائدة في بلاده، غير مدرك أن الشرق غير الغرب، لا أنكر أن الغضب كان يسري في عروقي وحسدت الرئيس على حزمه وصبره وواقعيته، وهو يرد على مزاعم تفتقد المصداقية والواقعية: يا جماعة نحن في منطقة مضطربة كانت مصر على شفا الضياع لإقامة دولة دينية في المنطقة لكنها لم تنجح في مصر».

«السترات الصفراء»

وعلى طريقة واحدة بواحدة فقد تعرض ماكرون أيضا إلى محاولات إحراج من الصحافيين المصريين ونقلتها إلينا جريدة «اليوم السابع» بقولها: «تلقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أسئلة قوية من عدد من الإعلاميين المصريين، الذي حضروا المؤتمر الصحافي العالمي، الذي عقده الرئيس السيسى في ختام لقائه مع نظيره الفرنسي في قصر الاتحادية، وكان أول هذه الأسئلة عن حقوق الإنسان في مظاهرات «السترات الصفراء» في فرنسا وما إذا كانت الشرطة الفرنسية ومختلف أجهزة الدولة قد التزمت بصيانة حقوق الإنسان، كما وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟ الكاتب الصحافي خالد ميري رئيس تحرير «الأخبار» سأل ماكرون مباشرة حول أحداث «السترات الصفراء» في فرنسا وقال: «اندهشنا عندما قام بعض المتظاهرين بالتخريب وأعمال عنف، ورأينا تعامل الشرطة مع المحتجين، وكيف تم القبض على المئات منهم، وما نشر عن وقوع قتلى منهم، كيف سيتم التعامل مع من تم القبض عليهم في إطار حقوق الإنسان؟».
ورد الرئيس الفرنسي ماكرون قائلا: «الفرنسيون يعبرون عن آرائهم وأحيانا يقولون آراء ضد الدولة، وضد الرئيس والحكومة. وأنا آسف لذلك لكنها الديمقراطية، وبالطبع أنتم رأيتم صور الاحتجاجات في الشوارع، وهي تتضمن عدة أنواع من الغضب، إذا صح القول، وخلال هذه التظاهرات لاحظتم أنها لم تمنع رغم دخول عدد من المتطرفين في صفوف المتظاهرين، دخلوا وحطموا واعتدوا على المنشآت العامة والممتلكات الخاصة، وخربوا المتاجر وارتكبوا أعمال عنف ضد الشرطة، وبالتالي تم توقيفهم لأنهم دمروا وخربوا واعتدوا على رجال الشرطة، وليس لأنهم عبروا عن آرائهم، وحسب القانون سوف يعرضون على المحكمة.
بعضهم أطلق سراحهم وينتظرون الإجراءات القضائية والبعض الآخر ما زال قيد المحاكمة وفق القانون» .ووجه الكاتب الصحافي والإعلامي محمد الباز سؤالا مباشرا للرئيس الفرنسى مفاده: «سيدي الرئيس لم يكن الشعب المصري وحده، ولم يكن الشعب الفرنسي فقط عندما كان الرئيس عبد الفتاح السيسي في زيارته إلى بلدكم، وكان هناك المؤتمر المشترك، قلت سيادتكم فيه بشكل واضح جدا أنك ترفض أن تتدخل أي دول في الشؤون الداخلية لدولة أخرى، وأعلنت أيضا بوضوح أنه ليس عليك أن تلقي محاضرة على المصريين حتى تقول لهم ما الذي يجب أن يفعلوه، لأن المصريين يعرفون ما الذي عليهم أن يفعلوه، وبالأمس ولساعات قليلة ماضية، اطلعت كما اطلع الجميع على التصريحات المنسوبة لسيادتكم نشرتها وكالات الأنباء والمواقع، سأسأل سيادتك في البداية عن مدى دقة هذه التصريحات، لكن ما قلته الآن عن ملف حقوق الإنسان أكد لي أن التصريحات دقيقة بنسبة 100٪ ما الذي تغير خلال هذ العام لدى سيادتكم، لتتغير قناعتك ولتتراجع عما أعلنته من قبل؟ هل نحن أمام سياسة جديدة ستنتهجها فرنسا في المنطقة؟».
أجاب الرئيس الفرنسي على السؤال قائلا، سياسة فرنسا لم تتغير، وسوف أفسر لك كيف أعتقد وأنا مقتنع بقوة بمبدأ سيادة الشعوب. الشعب هو الذي يقرر مستقبل بلده، ولهذا ومنذ أن انتخبت رئيسا للجمهورية، فرنسا لا تمارس سياسات تتدخل فيها لتفسر لكل شعب كيف يجب أن يرسم مستقبله، نحن نحرص فقط على المصالحة، وعلى أن يتمكن الشعب من التعبير عن رأيه عندما يكون محروما منه، وهذا ما نفعله في سوريا معا، وهذا لا يعني أبدا أننا نحاول أن نملي من الخارج أي شيء على حكومة، وأن نغير مسيرة الأمور هذا هو المبدأ في قلب السياسة الدولية التي ننفذها».

الدولار والجنيه

وإلى ظاهرة تراجع الدولار أمام الجنيه التي اختلفت الآراء حولها فنشرت «الدستور» تحقيقا لرانيا التوني قال فيه الخبير المصرفي مجدي عبد الفتاح: «هناك أسباب رئيسية وراء تراجع سعر الدولار أبرزها تراجع الطلب من تجار السيارات على الدولار، بسبب حالة الركود في المبيعات، وزيادة معدل الاستثمار الأجنبي في مصر، بفضل تسهيلات الحكومة والمرونة في تحويل العملة إلى المستثمرين الأجانب، كذلك انتعاش السياحة وزيادة تحويلات المصريين في الخارج.
من جانبه اعتبر الخبير المصرفي محمد عبدالعال أن تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه كان متوقعًا، في ظل آلية تحرير سعر الصرف التي تعتمد على العرض والطلب، تزامنًا مع تحقيق مؤشرات مصر الاقتصادية والمالية. المعدلات التي كانت مقدرة بشهادة كل مؤسسات التقييم الدولية واستقرار سعر الصرف خلال 2018 وتوقع أن يستمر تراجع سعر الدولار ليتراوح ما بين 17.25 جنيه و18.50 جنيه طوال 2019، ويدعم ذلك توقع استمرار سعر الفائدة مرتفعًا نسبيًا طوال العام.
من جهتها كشفت علياء ممدوح رئيسة قطاع البحوث في بنك الاستثمار بلتون فاينانشيال عن أن أغلب التوقعات كانت تشير إلى مواصلة الأجانب خروجهم من أذون الخزانة المصرية مع دخول العام الجديد، لكن المفاجأة جاءت بعكس هذا وسجل الأجانب صافي دخول إيجابيًا خلال شهر يناير/كانون الثاني الجاري لأول مرة منذ أشهر طويلة».

سؤال الساعة

سؤال الساعة عن الجنيه كان عنوان مقال مجدي سرحان في «الوفد « ومما جاء فيه : «ماذا يحدث للجنيه المصري؟ وما هي الأسباب الفنية الحقيقية لهذا الارتفاع المفاجئ والكبير في سعر صرف العملة المحلية بأكثر من 20 قرشاً دفعة واحدة.. وهو أكبر تغير يحدث ربما خلال عام كامل.. خاصة أن كل توقعات مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية وبنوك الاستثمار كانت تشير إلى عكس ذلك؟ هذا هو ما أصبح سؤال الساعة في مصر، نظراً لما لهذا الصعود من تأثير إيجابي ترقبه الجميع كثيراً، لأنه ينعكس على الاقتصاد بشكل عام، وعلى الأحوال المعيشية بشكل خاص في ظل ما شهدته الأسواق من ارتفاع مستمر لأسعار السلع منذ تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016.
احتار الناس، وتضاربت التحليلات حول أسباب هذا الصعود المفاجئ، بينما تباينت آراء المحللين وتعددت في ظل عدم صدور أي تصريح رسمي من الحكومة أو البنك المركزي تبرر ما حدث.
بعض المحللين يرون أن مثل هذا التغير الكبير ما كان ليحدث ما لم يقم البنك المركزي بالتدخل بشكل مباشر لتحريك سعر الصرف، لكن البنك المركزي ينفي ذلك دائماً وبشكل قاطع، ويؤكد أنه لا يتدخل مطلقاً في سعر الصرف، لأن هذا يتناقض بالطبع مع التزامات مصر مع مؤسسات الإقراض والتصنيف الاتئماني العالمية. أما أكثر التفسيرات شيوعاً فيرجع صعود الجنيه إلى ما يشهده شهر يناير/كانون الثاني الحالي من زيادة التدفقات المالية من جانب المستثمرين الأجانب، الذين يتزايد إقبالهم على الاستثمار في الأوراق المالية المصرية.. سندات وأذون الخزانة بالعملة المحلية.. فيقومون ببيع الدولار وشراء الجنيه لاستثماره في الأوراق المالية، وهو ما خلق وفرة كبيرة في الأسواق من العملات الأجنبية، انعكست إيجابياً بالتالي على سعر صرف الجنيه، خاصة في ظل قرار البنك المركزي الذي بدأ تطبيقه نهاية مارس/آذار الماضي بإلغاء آلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب في الأوراق المالية إلى الخارج، في حال تخارجهم من هذه الأموال.. التي كان يجري تمويلها من خلال حساب خاص لدى المركزي. ومنذ أيام أدلى محافظ البنك المركزي طارق عامر بتصريحات صحافية.. توقع خلالها حدوث تحرك كبير لسعر صرف الجنيه خلال الفترة المقبلة، بعد إلغاء آلية التحويلات، لكنه لم يفصح عما إذا كان اتجاه هذا التحرك صعودياً أم هبوطياً؟ غير أن المحللين فسروا هذه التصريحات بأنها إشارة إلى انخفاض مرتقب للجنيه، خاصة أن المحافظ أشار إلى ما لدى البنك المركزي من تحوطات لمواجهة أي مضاربات على العملة قد تحدث قريباً.
لكن ما حدث هو العكس.. ارتفع الجنيه بنسبة كبيرة مخالفاً التوقعات. ورغم التحليلات التي ترجع صعود الجنيه إلى زيادة إقبال المستثمرين الأجانب على أدوات الدين الحكومية أو الأوراق المالية المصرية.. إلا أن الإحصائيات الرسمية المتوفرة حتى الآن كانت تشير إلى أن حجم هذا الاستثمار كان يسير في اتجاه هبوطي. إننا نترقب بالتأكيد ما إذا كان هذا الصعود للجنيه المدفوع بزيادة إقبال الأجانب على الاستثمار في أدوات الدين سيستمر طويلاً.. أم أنه ظاهرة مؤقتة سرعان ما تنتهي ويعود الحال إلى ما كان عليه.. أو يسير وفق سيناريو الاتجاه الهبوطي المزعج الذي سبق أن توقعته المؤسسات العالمية؟ وإلى أن تجيب الأيام المقبلة عن هذا السؤال.. فإننا لا نطالب الحكومة إلا بمزيد من الشفافية حول هذه المسألة.. وسرعة إصدار بيانات رسمية لشرح ما يحدث، وطمأنة الناس على اقتصاد بلدهم.. وعلى أنفسهم ومصالحهم أيضاً.. وهذا حقهم».

حكومة ووزراء

وإلى الحكومة ووزرائها ومنهم وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري الدكتورة هالة السعيد، التي نشرت لها مجلة «آخر ساعة» حديثا أجرته معها علا العيسوي عن صندوق مصر السيادي، الذي أعلنت الحكومة إنشاءه لإدارة واستغلال أملاك الدولة فقالت عنه: «يهدف إلى استثمار الأصول بفكر اقتصادي يحقق عائدا تنمويا، مشيرة إلى اعتماد القانون المؤسسي للصندوق وقرب انتهاء النظام الأساسي المنظم لأعماله واختيار، رئيس مجلس إدارة الصندوق والجمعية العمومية له والمجلس الاستشاري.
وأوضحت وزيرة التخطيط أنه يتم إعداد حصر بالمشروعات والفرص الاستثمارية التي من الممكن طرحها على القطاع الخاص والمستثمرين، خاصة الأصول الموجودة بعد الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة. مشيرة إلى أن القائمة النهائية لهذه المشروعات المبدئية سيتم الاتفاق عليها بعد اختيار رئيس مجلس إدارة الصندوق، مقترحة كذلك إمكانية مشاركة الصناديق السيادية الصينية في الاستثمار في تلك المشروعات، وهناك لجنة تم تشكيلها لاختيار الرئيس التنفيذي لإدارة الصندوق، ومن المقرر أن يتم الانتهاء من مقابلة المجموعة الأخيرة في أقرب وقت، وقد بلغ عدد المتقدمين نحو 220 شخصا من ذوي الكفاءات ووقع الاختيار على 20 شخصا في القائمة المختصرة».

«قرضا حسنا»

وإلى أن يحدث ذلك وتجني الدولة أيضا ثمار هذا الصندوق فقد اقترح الكاتب الساخر عاصم حنفي من الدول العربية الغنية أن تمنح مصر قرضا حسنا، أي بدون فوائد وقال في «المصري اليوم»: «ما دمنا أمة عربية واحدة، ما رأي السادة الحكام من أصحاب المليارات المودعة في بنوك الخواجة، ما رأيهم في تقديم قرض حسن لمصر ونقول قرضًا حسنًا لأنه بدون فوائد وبفترة سماح طويلة نسبيا تماما كما فعلت الجماعة الأوروبية مع إسبانيا واليونان، خصوصا أن مليارات الحكام عند الخواجة لا يحصلون في مقابلها فوائد يعني هي راكدة هناك».

«تكبير الدماغ»

وسرعان ما تدخل الدكتور إبراهيم السايح في «الوطن» للسخرية من تصريحات الوزراء وعدم تصديق الناس لها وقال: «يحتاج السادة المسؤولون في مجلس الوزراء المصري إلى دروس مكثفة في «تكبير الدماغ» حتى يكفوا عن إصدار بيانات يومية لتكذيب الشائعات، فالواقع أن السادة البشر في هذا البلد لا يصدقون شيئاً من هذه البيانات إلا في حالة التحديد الرسمي أو الإلغاء الكامل لأحد أيام الإجازات، أو أي شيء من هذا النوع، أما باقي الكلام حول الأسعار والموازنة والتصدير والاستيراد وسائر أنشطة الدولة، فإن أحداً لا يصدقه، خاصة لو كان إيجابياً وفى صالح النظام. الناس الذين ما زالوا يصدقون كلام الحكومة ينصحون الدكتور مدبولي بالاستعانة بمستشارين من حكومات حسني مبارك لتدريب الحكومة الحالية على فن تكبير الأدمغة».

أمر محزن

«احتفلت الأغلبية العظمى من الشعب المصري بذكرى ثورة 25 يناير/كانون الثاني، واحتفل الإعلام المملوك للدولة ومختلف الأجهزة بعيد الشرطة. إنه أمر محزن بالنسبة لمحمد أبوالغار في «المصري اليوم»، أن ينفصل الشعب عن إعلامه الذي أصبح يغرد وحده بدون مشاهدين أو مستمعين إلا قلة.
الناس تعرف لقطات مما يقوله الإعلام المصري عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت الوسيلة الأكثر انتشاراً بمراحل والأكثر تأثيراً بدون أي منافس، تضاف إليها الأعداد الهائلة من المصريين، التي تشاهد قنوات تركيا وقطر الموجهة إلى مصر، لا يعرف الكثيرون أن المقصود بعيد الشرطة هو الاحتفال بشهداء الشرطة يوم 25 يناير/كانون الثاني عام 1952 بسبب صدام عسكرى مع قوات الاحتلال الإنكليزي المدججة بالدبابات والأسلحة الثقيلة مقابل جنود بسطاء في الإسماعيلية يحملون بنادق قديمة محدودة الكفاءة والذين دفعوا إلى معركة غير متكافئة بعد قرار وزير الداخلية، الذي لم يتوقع من الإنكليز أن يستخدموا القوة المفرطة التي أدت إلى استشهاد عدد كبير من الشرطة المصرية.
الحدث كارثي والشهداء يستحقون كل التحية والتقدير في ضمير مصر والمصريين، ودماؤهم لم تذهب هباء فاندلعت المظاهرات واشتدت الحركات الفدائية وانتهى الأمر بتولي الضباط الأحرار السلطة، بعدها بستة أشهر، ثم وقعت اتفاقية الجلاء وخرج الإنكليز بعد عامين من هذا الحدث الرهيب.
عيد الشرطة الذي أعلن عنه حبيب العادلي، كان المقصود به تكريم العادلي وشركاه، واتخذوا من الحادث الرهيب الذي حدث عام 1952 سبوبة ليكرموا أنفسهم. وكان التصفيق الحاد لمدة خمس دقائق لثورة 25 يناير/كانون الثاني في القاعة الكبرى للأوبرا، مقارنة بتصفيق هافت لثوان معدودة لعيد الشرطة دليلاً على المشاعر الحقيقية للمصريين. تحية للشهداء المصريين الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم في 25 يناير 1952، والتي أدت تضحياتهم بأرواحهم الغالية إلى استقلال مصر وخروج الإنكليز. 25 يناير/كانون الثاني 2011 كانت حدثاً هائلاً أحدث زلزالاً حقيقياً في مصر وما زال مستمراً إلى الآن، وكذلك أحدث زلزالاً في المنطقة كلها أدى إلى هجوم كثيف من كل المسؤولين في المنطقة خوفاً على مناصبهم وخوفاً من شعوبهم التى قد تقلد الشعب المصري والشعب التونسى.
كانت الأوامر يوم 25 يناير بعدم استخدام العنف أو إطلاق الرصاص على المتظاهرين، ومرّ اليوم كله بدون ضحايا في القاهرة بينما حدث عنف في السويس، وحتى حين فرقت الشرطة المعتصمين في ميدان التحرير مساء 25 يناير حدث ذلك بدون خسائر في الأرواح واستمرت السلمية إلى حد كبير حتى يوم 28 يناير. الثورة كانت تلقائية، وكل ما يقال عن مؤامرة خارجية يهين الشعب المصري.
والثورة بالتأكيد لم تحقق أهدافها وذلك راجع إلى أنها لم يكن لها قيادة واعية قادرة على أن تلم الشمل ولم تكن هناك قوى أو أحزاب مدنية منظمة. وكان الثوار من مختلف الاتجاهات يريدون التغيير السلمي ولكن بدون هدف أو نظام محدد.. الثورة انتهت فعلياً ولكنها لم تمت في قلوب المصريين، وخاصة الشباب، وتركت أثراً كبيراً في زيادة الوعي والمعرفة، التي ساعد عليها وسائل التواصل الاجتماعي. المصريون أصبحوا أكثر شجاعة وقدرة على التعبير والمطالبة بالحقوق. الثورات في التاريخ لا تموت وإنما تحدث تغييراً نادراً ما يكون فورياً. مصر يجب أن تتقدم إلى الأمام بعمل ديمقراطي يحقق الحريات وبدون فوضى، لأن ظروفنا الاقتصادية والظروف العامة في المنطقة تشير إلى مخاطر حقيقية على الدولة المصرية، التي يجب أن نحافظ عليها، بينما نحقق الديمقراطية والحرية مقبلة بدون شك ولو بعد حين».

مأزق التناقض

لا نزال مع ثورة يناير/كانون الثاني ومع مقال زياد بهاء الدين في «الشروق»: «مع حلول 25 يناير/كانون الثاني من كل عام، تجد الدولة نفسها في مأزق التناقض بين ما تعلنه رسميا من تقدير وتوقير للثورة، التي تمثل أساس شرعيتها الدستورية، واستمرار الهجوم الضاري عليها من جانب الإعلام المحسوب على الأجهزة الرسمية أو القريب منها. هذا العام لم يختلف كثيرا، إذ بينما أشاد السيد رئيس الجمهورية بالثورة التي عبرت عن طموح الشعب المصري، فإن الخطاب الرسمي السائد آثر السلامة وتجاهل الموضوع، بينما لم يخل الأمر من التذكير الإعلامي بما جلبته مؤامرة يناير/كانون الثاني من فوضى وعنف وخراب.
وإن كان تقييم الثورة سيظل موضوعا يشغل الباحثين والمؤرخين لسنوات مقبلة، فإن ما يشغلني هنا هو اعتقادي بأن ثورة يناير ينبغي أن لا تكون مصدرا للانقسام في المجتمع، بل الأرضية الصالحة لبناء توافق وطني جديد. وهذا يقتضى ــ من وجهة نظري ــ الاعتراف بأربع حقائق أساسية: الحقيقة الأولى أن ثورة يناير/كانون الثاني لم تكن مؤامرة، بل انتفاضة شعبية ضد الاستبداد والفساد وأن نجاحها في إسقاط النظام كان بسبب تضحيات وعزيمة من شاركوا فيها. وما وقع من أخطاء بعدها لا ينتقص من صدق وحماس الجماهير الغفيرة التى نزلت الشوارع رفضا لاستمرار الوضع السابق وأملا في التغيير. الحقيقة الثانية أن انتصار ثورة يناير في يومها الرابع لم يكن على الشرطة المصرية، ولا على أي من مؤسسات الدولة الأخرى، بل على المنظومة السياسية الحاكمة التي كانت هذه المؤسسات أدواتها التنفيذية.
ولهذا فما كان يجب أن يقع أنصار الثورة في فخ الاعتقاد بوجود عداء مبيت بينهم وبين جهاز الشرطة، بل كانت الفرصة متاحة أكثر من مرة لإعادة بناء جسور الثقة بينهما، ولكن نجح أصحاب المصلحة في إجهاض الثورة وفي تعميق الهوة وترسيخ فكرة العداء الحتمي بين الطرفين. وهكذا انقسم المحتفون بالخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني هذا العام إلى فريقين، واحد يراها عيدا للشرطة فقط، والثاني يصر على أنها عيد لثورة يناير وحدها. أما الحقيقة الثالثة فهي أن غياب القيادة القادرة على توجيه الطاقة الإيجابية للثورة في أيامها الأولى نحو مسار توافقي دفع بالخلاف بين الثورة والدولة كي يتعمق ويستفحل، بسبب المبالغة في العداء تجاه كل ما كان محسوبا على الفترة المباركية، وتجاهل تطبيق العدالة والقانون بدعوى الحساب والقصاص، والاستهتار بالوضع الاقتصادي المتردي وبشكوى الناس من الفوضى وغياب الأمن، والعجز عن إدارة حوار كان ممكنا وضروريا مع أجهزة الدولة ومؤسساتها. وهذا في تقديري هو ما مكن جماعة الإخوان المسلمين من السيطرة على الساحة والانفراد بالسلطة بعد أن مهد لها الانقسام بين الدولة والثورة الطريق ومنحها الفرصة التي ظلت تنتظرها لسنوات طويلة.
الحقيقة الرابعة أن على الدولة إنهاء حالة العداء الظاهرة والضمنية تجاه ثورة يناير/كانون الثاني والاعتراف بحقيقتها وقيمتها وتقدير تضحيات شهدائها ومصابيها واحترام من شاركوا فيها، والأهم من ذلك الإفراج عن المحبوسين من أنصارها، ورد الاعتبار إليهم، لأن أنكار الثورة وما عبرت عنه من رغبة الشعب المصري في التغيير لن تؤدي إلا إلى مزيد من الانقسام في المجتمع ومزيد من عزوف الشباب عن المشاركة ومزيد من عزلة الدولة عن جمهور كبير شارك في الثورة أو ناصرها على أي نحو آخر، وهو جمهور قد يكون صامتا الْيَوْمَ بسبب ما تتعرض له الثورة من هجوم وتشويه مستمر، ولكنه لم يتخلَ عن أحلامه في بناء وطن يسوده العدل والمساواة والحرية».

معرض القاهرة للكتاب

لا تزال التحقيقات الصحافية والمقالات تتوالى عن معرض القاهرة الدولي للكتاب وظاهرة اهتمام المواطنين به، وهو ما يظهر من كثرة زواره رغم نقل مكانه من حي مدينة نصر القريب إلى مكان أبعد في التجمع الخامس، ونشرت مجلة «آخر ساعة» حديثا مع وزير الثقافة الأسبق وأستاذ الجامعة الدكتور جابر عصفور، أجرته معه إيثار حمدي، طالب فيه الدولة والرئيس السيسي بإحياء مشروع مكتبة الأسرة الذي تبنته السيدة سوزان مبارك، لأنه كان المشروع الثقافي الأهم وجاء في الحديث: «يصف الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق مشروع مكتبة الأسرة بأنه في غاية الأهمية، بغض النظر عن أن سوزان مبارك هي التي نفذته، لافتا إلى أن فكرته في الأصل تعود لتوفيق الحكيم ويأسف لأنه الآن لم يعد له التأثير نفسه.
وأضاف كنا نجد المكتبات منتشرة في كل الميادين، وداخل الجامعات. أما حاليا فلا نجد سيارة واحدة من المكتبات المتنقلة متواجدة في الشوارع، نظرا لأن سوزان مبارك هي من كانت تتولى الإشراف عليه، بحكم سلطتها. وأوضـــح عصفـــور أنها جزء مهم من المشروع، متمنيا أن تتبناه وزيرة الثــقافة الحالية الدكتورة إيناس عبد الدايم وتعيده مرة أخرى، الأمور تحتاج لتدخل سريع من الرئيس عبد الفتاح السيسي، خاصة أن المعرض الذي افتتحه الرئيس هذا العام يحظى بإقبال غير مسبوق».

خطاب شكر للجمارك

لكن وقع حادث أثار غضب الناقدة الأديبة عبلة الرويني في «الأخبار» بسبب مصادرة إدارة المعرض كتابا لباحث مغربي وقالت عن الحادثة: «غضب الكاتب والباحث المغربي رشيد إيلال من مصادرة الجمارك المصرية كتابه «البخاري نهاية أسطورة» الصادر عن دار الوطن في الرباط 2017 ودار المتوسطية في تونس 2018 غضب لمنع الكتاب من دخول معرض القاهرة الدولي للكتاب، بعد قيام الجمارك بنزع نسخ الكتاب من كراتين شحن كتب دار النشر التونسية المشاركة في معرض الكتاب.
ولو أنني مكان رشيد إيلال لأرسلت إلى الجمارك المصرية خطاب شكر على «حسن تعاملهم» فقد أدى فعل المصادرة لكتاب البخاري إلى تحويله «براند» رائجا وتحقيق أعلى تداول للكتاب على صفحات التداول الاجتماعي وشبكات النت، وتم طبعه «بي دي إف» وتوزيعه إلكترونيا محققا أعلى نسبة قراءة وتداول وقام أكثر من مئة ألف قارئ بتحميل الكتاب «بي دي إف» على صفحاتهم خلال يومين فقط.
طبعا الطبع الإلكتروني خسارة مادية لناشر الكتاب «دار الوطن والمتوسطية» لكنه انتصار لفكر الكتاب وقضيته وتأكيد على أن فكرة المصادرة باتت فكرة قديمة متهالكة ومضحكة. رشيد إيلال باحث في علم مقارنات الأديان، وحرص على مناقشته وتفنيده وبحثه في كتابه اعتمادا على 70 مخطوطة من مخطوطات البخاري بادئا منهجه بالتشكيك، لينتهي إلى تحطيم أسطورة حملتها الوهابية ما لا يحتمل. ويفسر رشيد إيلال رواج البخاري «الحنبلي» في المغرب المالكي المذهب ذي العقيدة الأشعرية والتصوف الجنيدي بسبب الفضائيات الخليجية والفكر الوهابي ومعها دخل التطرف والإرهاب».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية