غزة – “القدس العربي”:
رغم تراجع وضعه الصحي، لا يزال الأسير خليل عواودة (40 عاما) من محافظة الخليل، يواصل إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الـ 50 على التوالي، رفضا لاعتقاله الإداري، فيما يستمر الأسير رائد ريان (27 عاما) من قرية بيت دقو شمال مدينة القدس إضرابه لليوم الـ 16، احتجاجا على تجديد اعتقاله الإداري للمرة الثانية.
ويشهد وضع الأسير عواودة في هذه الأوقات تراجعا خطيرا حيث لا يزال يتواجد في “عيادة سجن الرملة” التي نقل إليها من العزل الانفرادي الذي كان يقبع فيه بسبب إضرابه في “سجن عوفر”، حيث أمضى هناك فترة أكثر من شهر، كعقاب إسرائيلي له بهدف كسر عزيمته.
ويعاني هذا الأسير حاليا من آلام في الرأس والمفاصل، وصداع وهزال وإنهاك شديد، وعدم انتظام في نبضات القلب، ومجرى التنفس، كما يعاني من التقيؤ بشكل مستمر وانخفاض حاد في الوزن، إذ فقد من وزنه أكثر من 16 كيلو غراما.
ورغم تراجع وضعه الصحي لا تزال سلطات الاحتلال ترفض الاستجابة لطلبه بإنهاء اعتقاله الإداري التعسفي أو التعاطي معه. والأسير عواودة أب لأربع طفلات، وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلته بتاريخ 27 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، وحولته سلطات الاحتلال للاعتقال الإداري بدون أن توجه له أي اتهام، وهو أسير اعتقل سابقا عدة مرات لدى الاحتلال.
حملات الاعتقال المكثفة لقوات الاحتلال ترفع عدد الأسرى الإداريين إلى 650
وهذا هو الإضراب الثاني له حيث خاض سابقا مع المعتقلين الإضراب الجماعي عام 2012، ويعاني هذا الأسير في الأصل من عدة مشاكل صحية منذ سنوات تفاقمت جراء عمليات الاعتقال، وكان من المقرر قبل اعتقاله أن يجري عملية في إحدى عينيه.
إلى ذلك لا يزال الأسير ريان والمحتجز حاليا في “سجن عوفر”، يواصل إضرابه عن الطعام، حيث كان قد اعتقل بتاريخ 3 نوفمبر/تشرن الثاني من العام الماضي، بعد مداهمة قوات الاحتلال لمنزله واستجواب ساكنيه.
ووقتها تم تحويله للاعتقال الإداري لمدة 6 أشهر، إلا أنه وبعد قرب انتهاء مدة الاعتقال تم تجديده إداريا لمدة 4 أشهر إضافية، ليعلن بعدها إضرابه المفتوح عن الطعام.
وفي المناطق الفلسطينية، تتواصل وقفات الدعم للأسرى المضربين، أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر وفي مراكز المدن، بمشاركة ذويهم وقادة الفصائل وحشد من النشطاء، كما تخلل شهر رمضان تنظيم بطولات رياضية، شاركت فيها فرق تحمل أسماء الأسرى.
والجدير ذكره أن عشرات الأسرى الإداريين خاضوا سابقا إضرابات فردية عن الطعام، استمر بعضها لأكثر من أربعة أشهر، ورغم تراجع وضعهم الصحي رفضوا كسر الإضراب، حتى نالوا قرارات من الاحتلال تقضي بإطلاق سراجهم أو عدم تجديد مدة الاعتقال الحالية.
وتؤكد المؤسسات، التي تتابع أوضاع الأسرى، أن سلطات الاحتلال فرضت جملة من التحولات حول كيفية التعامل مع الإضراب، لافتة إلى أن تجربة المعتقلين الذين أضربوا نهاية العام الماضي كشفت عن مضاعفة الاحتلال من أدوات التنكيل بحقهم، وأنها أيضا طورت من الأدوات الهادفة إلى ثني المعتقلين عن تجربة الإضراب عن الطعام. وارتبطت هذه التحولات تحديدا بتوقيت نقل المعتقل المضرب عن الطعام إلى مستشفى “مدني” والتعمد بعزله لأطول فترة ممكنة، إضافة إلى التضييق على بعض القرارات التي خرجت بها المحكمة العليا للاحتلال كقرار “تجميد الاعتقال الإداري”.
ولا يزال كافة المعتقلين الإداريين يواصلون عملية مقاطعة محاكم الاحتلال، لليوم الـ 112، على التوالي، ضمن معركة التصعيد التي دخولا بها منذ بداية العام الجاري تحت شعار “قرارنا حرية”، وتشمل المقاطعة كل إجراءات القضاء المتعلقة بالاعتقال الإداري (مراجعة قضائية، استئناف، عليا).
والاعتقال الإداري هو اعتقال يكون دون تهمة أو محاكمة، ودون السماح للمعتقل أو لمحاميه بمعاينة المواد الخاصة بالأدلة، في خرق واضح وصريح لبنود القانون الدولي الإنساني، حيث أن إسرائيل هي الجهة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه السياسة. وتتذرع سلطات الاحتلال وإدارات السجون بأن المعتقلين الإداريين لهم ملفات سرية لا يمكن الكشف عنها مطلقا، فلا يعرف المعتقل مدة محكوميته ولا التهمة الموجهة إليه. وفي أغلب الأحيان تقوم سلطات الاحتلال بتجديد مدة الاعتقال أكثر من مرة لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو ثمانية، وقد تصل أحيانا إلى سنة كاملة، ووصلت في بعض الحالات إلى سبع سنوات كما في حالة المناضل علي الجمّال.
ويؤكد نادي الأسير إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل إصدار المزيد من أوامر الاعتقال الإداري بحق العشرات من المعتقلين، حيث تجاوز عدد الأوامر الصادرة منذ بداية أبريل/نيسان الجاري إلى أكثر من 140 أمرا، من بينها 50 أمرا بحق معتقلين جدد، موضحا أن سلطات الاحتلال أصدرت منذ مطلع العام الجاري نحو 540 أمرا للاعتقال الإداري.
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن أعداد المعتقلين الإداريين المحتجزين في سجون الاحتلال ارتفع ليصل إلى 650 معتقلا، مشيرة إلى أن السبب وراء ارتفاع أعداد الأسرى الإداريين خلال فترة وجيزة، يأتي بسبب حملات الاعتقال المسعورة التي نفذتها قوات الاحتلال بمختلف المدن الفلسطينية، لا سيما مدينة القدس المحتلة، والتي تشهد هجمة شرسة ضد سكانها، إضافة أيضا إلى قرارات الاعتقال الإداري المكثفة والتي أصدرتها سلطات الاحتلال بحق العديد من المواطنين خلال شهري فبراير/شباط ومارس/آذار الماضيين.
وشددت هيئة شؤون الأسرى على ضرورة تضافر الجهود الوطنية من أجل تسليط الضوء على سياسة الاعتقال الإداري، التي استهدفت الشعب الفلسطيني بمختلف مستوياته، مؤكدة ضرورة مواصلة الضغط على الاحتلال بكل الأشكال من أجل وقفها، وطالبت المؤسسات الحقوقية والإنسانية والمجتمع الدولي بالخروج عن صمته وتحمل مسؤولياته تجاه الأسرى.
إلى ذلك انضم الأسيران عبد المجيد مهدي وزياد حمودة، وكلاهما من محافظة رام الله والبيرة، إلى قائمة عمداء الأسرى، بقضائهم أكثر من 20 عاما في الأسر، حيث ارتفعت هذه القائمة لتصل إلى 187 أسيراً. وكان جيش الاحتلال قد اعتقل الأسير مهدي بتاريخ 21 ابريل/نيسان 2002 وحكم بالسجن المؤبد، والأسير حمودة بذات التاريخ وحكم بالسجن لـ23 عاماً.
والجدير ذكره أن من بين “عمداء الأسرى” المصطلح الذي يطلق على الأسرى القدامى، يوجد نحو 25 أسيراً معتقلون منذ ما قبل “اتفاق أوسلو”، حيث يوجد من بين هؤلاء 13 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين سنة بشكل متواصل، أقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس المعتقلان منذ يناير/كانون الثاني عام 1983.