استناداً إلى نبض الشبكات الاجتماعية: هل سيكون الوباء سبباً لـ”ربيع صاخب” ضد الأنظمة العربية؟

حجم الخط
0

مقابل إيران وتركيا حيث الوفيات بالآلاف وعدد المرضى حتى الآن نحو المئة ألف، ففي معظم الدول العربية تعد الأرقام هامشية بالنسبة لحجم السكان، ووتيرة تفشي الوباء أدنى بشكل يبعث على الاشتباه. فالشيطان كما هو معروف يكمن في التفاصيل.. أو في غيابها. يتبين أن في العالم العربي من يسعى لأن يرى في فائض المعلومات تعبيراً عن الضعف، بينما يبقى غياب المعطيات الدقيقة مصدراً للقوة والقدرة بالذات. فبعد كل شيء، وفي ظل عدم وجود خدمات صحية متطورة، وكمية فحوصات ضيقة، لا ينكشف المرضى ولا يمكن ربط حالات الموت بالمرض.

إلى جانب ذلك، يجدر بالذكر أنه، مثل دول العالم الثالث الأخرى، تتميز الدول العربية بسكان شباب، وذلك بسبب معدلات التكاثر الطبيعي العالية ومدى العمر المتدني. وإسرائيل كذلك، فمعدل السكان كبار السكن فوق الستين فيها نحو 16 في المئة، بينما يبلغ في إيطاليا نحو 30 في المئة. أما في الأردن وسوريا والعراق فيبلغ هذا المعدل أقل من 5 في المئة، بينما أغلبية السكان دون سن الـ 30. ولكن من السابق لأوانه جداً الفرح فرحة الفقراء. فبمتابعة لانتشار المرض في أرجاء العالم تبين أنه، حتى وإن بتأخير، سيصل الفيروس إلى العالم العربي. المغزى الأكبر لتحدي كورونا لا يكمن فقط في التصدي الصحي، بل أيضاً وبالأساس في التصدي للآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهذه من شأنها أن تضرب في المناطق الأكثر فقراً وضعفاً في العالم، حيث لا بنية تحتية اقتصادية متطورة ولا قوة بشرة مهنية وخبيرة تسمح بالانتعاش من الأزمة بسرعة.

إن مشكلة مصداقية معطيات انتشار كورونا في العالم العربي لا تكمن فقط في غياب جهاز صحي متطور، بل وأيضاً في الجهود التي يبذلها قسم من الأنظمة العربية لمنع نشر المعلومات عن انتشار المرض خوفاً من إثارة انتقاد جماهيري واسع ضدها وضعضعة استقرارها.

غير أن العالم أصبح منذ زمن بعيد قرية عالمية واحدة، ومعنى الأمر أن الانتشار العالمي للفيروس سيرافقه انتشار للمعلومات والمعطيات دون أن يكون للنظام قدرة على التحكم بها أو منعها، كما تفيد حالة الصين وبالطبع الحالة الإيرانية. وهكذا فإن الحقيقة التي تحاول الأنظمة العربية إخفاءها يكتشفها متصفحو الشبكات الاجتماعية، التي هي النبض الفاعل للعالم العربي كما هو حقاً.

في ردود فعل المتصفحين يتصاعد الانتقاد ضد عجز السلطات وتخلف الأجهزة الصحية وضعفها، ويعرب الناس عن عدم الثقة بالمعطيات الرسمية التي تنشرها السلطات وبالتقارير التي تتحدث عن الوباء.

لا غرو أن في العالم العربي وخارجه بات هناك من يتنبأ، وفق الخطاب الصاخب عبر الشبكات الاجتماعية، بأن ربيعاً عربياً متجدداً سيندلع في نهاية الوباء بعد ظهور الآثار الاقتصادية للأزمة، وسيكون ربيعاً عاصفاً بقدر لا يقل عن سابقه، على شكل موجة احتجاج جديدة توجه ضد الأنظمة العربية لعجزها تجاه مشاكل المواطن البسيط. هكذا في العالم العربي، وهكذا في إيران حيث يتصاعد الانتقاد ضد النظام الذي يحاول إخفاء المعلومات الحقيقية عن أضرار الوباء، وهكذا حتى في تركيا حيث يتهم الناس اردوغان بالاستخفاف الذي أدى إلى انتشار الفيروس. لا غرو أن هناك أنظمة عربية كانت تفضل لو أن رعاياها في هذه المرحلة تواصل الانغلاق في بيوتهم وألا يخرجوا إلى الشوارع للتظاهر والاحتجاج ضدها.

بقلم: ايال زيسر
إسرائيل اليوم 30/4/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية