رأي القدس المفاوضات الدائرة حاليا بين الدول الغربية وايران حول ملفها النووي تسير على قدم وساق، فبعد جولتين منها في بغداد واسطنبول، من المقرر ان تعقد جولة ثالثة في موسكو يومي 18 و19 من الشهر المقبل في موسكو.الاسرائيليون يشعرون بالقلق لانهم يريدون ان يتبنى الغربيون مطالبهم التي عبر عنها بنيامين نتنياهو رئيس وزرائهم كاملة دون اي نقصان ويمكن تلخيصها في نقل جميع كميات اليورانيوم المخصب الى خارج ايران، وتدمير المفاعل النووي في مدينة قم، وان تتوقف ايران عن كل عمليات تخصيب اليورانيوم.مثل هذه المطالب التعجيزية تمثل اذلالا وتركيعا لايران وقيادتها لان حق ايران في التخصيب لاغراض سلمية مكفول في معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية، ولذلك من الصعب رؤية هذه القيادة تقبل بمثل هذه الشروط.الايرانيون بارعون في التفاوض ليس من اجل التوصل الى اتفاق وانما لكسب اطول فترة ممكنة من الوقت، وحججهم بان عمليات تخصيب اليورانيوم التي يقدمون عليها بشكل دؤوب وبنسب تنتج يورانيوم مخصبا بدرجة عشرين في المئة هي لاغراض سلمية بحتة لا تقنع الكثيرين.عامل الوقت في صالح ايران حتما، والاسرائيليون يعرفون ذلك، ويعتقدون ان ايران باتت تملك كمية كافية من اليورانيوم المخصب تؤهلها لامتلاك اسلحة نووية في حال اتخاذها قرار تصنيعها.الامريكيون يختلفون مع الاسرائيليين في امرين اساسيين. الاول: ان ايران لم تتخذ قرارا بعد بانتاج اسلحة نووية ولا توجد اي دلائل تشير الى وجود برنامج نووي عسكري ايراني. الثاني: هو احتمالات فشل اي ضربة عسكرية للمفاعلات النووية الايرانية في انهاء خطرها بكشل نهائي.وجهة النظر الامريكية المشككة في جدوى اللجوء للخيار العسكري لانهاء طموحات ايران النووية صحيحة وتستند الى ادلة وبراهين واقعية تعززها. فتدمير اسرائيل لمفاعل تموز النووي العراقي عام 1981 في غارة جوية أجّل ولكنه لم ينه طموحات العراق النووية، بل انه زاد من تصميم الرئيس الراحل صدام حسين على انتاج اسلحة نووية، وقد عثر المفتشون الدوليون على برامج عراقية نووية حديثة ومتطورة كانت على وشك انتاج هذه الاسلحة وعملوا على تدميرها.القادة الاسرائيليون، ونحن نتحدث هنا عن الثالوث نتنياهو (رئيس الوزراء) وايهود باراك (وزير الامن) وشاؤول موفاز (نائب رئيس الوزراء)، لا يثقون بادارة الرئيس اوباما الامريكية ويريدون استعجال الضربة العسكرية للبرامج النووية الايرانية قبل ان تصل ايران الى مرحلة ‘الحصانة’ اي انتاج اسلحة نووية تجعل من عملية ضربها امرا صعبا.موشي يعالون نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي سابقا قال في تصريحات صحافية نشرت امس انه من الافضل بالنسبة الى اسرائيل مهاجمة ايران بدلا من ترك هذا البلد يمتلك اسلحة نووية. وقال ان اسرائيل لن تقبل تحت اي ظرف من الظروف ان تكون السكين على رقبتها. واذا كان الخيار هو بين قصف المفاعلات النووية الايرانية والقنبلة الايرانية فان الخيار الاول هو الافضل.الرئيس اوباما لا يفضل الخيار العسكري في ظل الحملات الانتخابية الرئاسية، ومارس ضغوطا وقدم تنازلات ضخمة لاسرائيل في اطار استجدائه لقيادتها بعدم الاقدام على ضرب ايران قبل انتهائها، وكان آخرها منح شمعون بيريس وسام الحرية وهو الاعلى امريكيا.نتنياهو قال ان اسرئيل لن تتنازل مطلقا عن قراراتها السيادية في رد على اوباما، ولذلك من غير المستبعد ان نرى تحركا اسرائيليا لضرب ايران قبل تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل اي موعد الانتخابات الرئاسية لخلط الاوراق واحراج اوباما وفوز الجمهوريين الذين يؤيدون هذه الضربة بقوة.Twitter: @abdelbariatwan