جهود الرئيس اوباما في دفع المسيرة السلمية الى الامام لا تنتهي في الحملة المكوكية لوزير خارجيته جون كيري، او في لقاءاته مع الاسرائيليين والفلسطينيين. فالتطورات المهددة في الشرق الاوسط، والازمة في سورية والتهديد الايراني، تستدعي من الرئيس الامريكي توسيع دائرة الشركاء بحيث تضم زعماء الدول العربية. يتبين أن القيادة العربية ليست فقط لا تتعاطى بفتور مع هذه الجهود، فهي لم تهجر أبدا تطلعها لدفع المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين الى الامام ولم تتخل عن مبادرتها كما صيغت في قرار الجامعة العربية في 2002؛ وبموجبها، مقابل انسحابها من المناطق تطبع الدول العربية علاقاتها مع اسرائيل وتوفر لها حزاما وقائيا أمنيا. في اللقاء بين كيري ورؤساء لجنة المتابعة في الجامعة العربية اضاف الزعماء مدماكا هاما لمبادرتهم: الموافقة على تعديلات حدودية طفيفة وتبادل للاراضي بين اسرائيل والفلسطينيين. وهكذا تتبنى الجامعة موقف محمود عباس وتمنحه اسنادا حيويا لبعض التنازل عن المناطق. وذلك بعد أن سبق أن ايدت موقفه في مسألة حق العودة الذي قرر بانه ‘يجب الوصول الى حل عادل ومتفق عليه في مسألة اللاجئين’، وهكذا أخضعت حق العودة الى المفاوضات. لقد ردت اسرائيل بتهكم لاذع على المبادرة الجديدة. ورئيس الوزراء لم يجد حتى من الصواب ان يبارك التغيير الهام في الموقف العربي، واكتفى بقول عمومي في أنه يجب الوصول الى تسوية ‘تمنع اسرائيل من أن تتحول الى دولة ثنائية القومية، ولكن تعطي الاستقرار والامن’. الرئيس بيريز ووزيرة العدل تسيبي لفني فقط تبنيا الموقف الجديد واعترفا باهميته. وزراء آخرون، مثل يئير لبيد الذي في برنامجه طالب بتقدم المسيرة السلمية. موشيه يعلون او يوفال شتاينتس، الذي يحمل اللقب المثير للانطباع ‘وزير شؤون العلاقات الدولية’، لم يعقبوا على الاطلاق. يبدو أن في نظرهم، كل مبادرة جديدة للدفع الى الامام بالمسيرة السياسية هي تهديد يجب صده. ان اسرائيل تصر على ادارة مفاوضات على جملة مواضيع وترفض الطلب المحق لعباس بادارة مفاوضات على الحدود ومواضيع الامن أولا. وهكذا فان الحكومة تعزز صورتها كرافضة. بالذات حين تبدأ المناطق بالاحتدام. حكومة كهذه هي تهديد على مواطني اسرائيل.