اشتباكات بين أهالي جزيرة الورّاق والأمن المصري رفضا لهدم منازلهم

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: واصل المئات من أهالي جزيرة الوراق في مصر، الاحتجاج على قرارات الإخلاء، والمطالبة بإلغاء الأحكام الصادرة ضد 34 من أبنائهم اتهموا بـ”التصدي” لقوات الشرطة.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات تظهر الاشتباكات بين الأهالي وقوات الشرطة، وإقدام عناصر الأمن على اقتحام المنازل.
ورفع المحتجون لافتات كتب عليها “الجزيرة ليست للبيع”، و”لن نتركها”، ورددوا هتافات تؤكد تمسكهم بمنازلهم ورفضهم قرارات التهجير.
ونقل موقع “مدى مصر” عن مصدرين من أهالي الجزيرة، قولهما إن عمليات رفع قياسات منازل في الجزيرة تمهيداً لنزع ملكيتها توقفت بعد يومين متتاليين من محاولة إتمامها بالقوة وسط مقاومة اﻷهالي، كما أفرجت قوات الأمن عن 23 من أهالي الجزيرة كانت ألقت القبض عليهم أمس لمقاومتهم عمليات رفع القياسات.
ووفق المصدرين، أدت المواجهات العنيفة بين الأهالي الذين تجمعوا احتجاجاً على الاعتقالات إلى نفاد ذخيرة القوات الأمنية من القنابل المسيلة للدموع التي استخدمت بكثافة طوال اليوم، ما اضطر القوات لمحاولة التراجع السريع في مواجهة الاحتجاجات وصولًا إلى حصار العشرات منهم في حيز مغلق بين بعض المساكن.

مفاوضات لساعات

دخلت قيادات أمنية محاصرة في تفاوض امتد لعدة ساعات مع عدد من ممثلي الأهالي للسماح بمغادرة القوات للجزيرة، مقابل الإفراج عن المعتقلين من الأهالي، وهو الاتفاق الذي تم بالفعل بالإفراج عن المعتقلين من الأهالي من مقر جهاز الأمن الوطني في منطقة الكيلو عشرة ونصف، بعد مغادرة القوة اﻷمنية المحاصرة، حسب المصدرين.
أحد المصدرين الذي التقى عدداً من المعتقلين بعد الإفراج عنهم، نقل عنهم أنهم “نُقلوا معصوبي الأعين إلى جهة غير معلومة، قبل نقلهم إلى مقر جهاز الأمن الوطني حيث حقق معهم وهم معصوبو الأعين في ظل معاملة حسنة نسبياً، قياساً لما تعرضوا له من اعتداءات قبل نقلهم من الجزيرة”.
وحول ما جرى في الجزيرة، أوضح المصدر أن قوات الأمن حاولت التوسع في عمليات رفع القياسات لتتعدى منطقة حوض القلمية وصولًا لما تعرف بمناطق الثلاثين مترا، التي تقع في نطاق ثلاثين مترًا من شاطئ النيل والتي كانت هيئة المجتمعات العمرانية أعلنت نيتها نزع ملكية سكانها.

«الدستور» يدين

وأدان حزب الدستور “الاقتحام الذي قامت به قوات الأمن لجزيرة الوراق، وإلقاء القبض العشوائي على عدد من المواطنين، واستخدام القنابل المسيلة للدموع، لتفريق السكان الذين تجمعوا رافضين المحاولات المستمرة لهدم منازلهم بالقوة”. وتابع في بيان له، أنه “يستنكر تكرار هذه الاقتحامات، التي هددت حياة المواطنين منذ الاقتحام الأول الذي وقع في عام 2017، وأسفر عن وفاة المواطن سيد الطفشان، وإلقاء القبض على 9 آخرين، كما تكرر في أبريل/ نيسان من عام 2018 ثم يونيو/ حزيران من عام 2019 ويونيو/حزيران 2022 الأمر الذي يمثل تحدياً لإرادة المواطنين، وتهديدًا لسلمهم، واعتداءً على حقوقهم”.
وأبدى “دعمه لنحو مئة ألف من السكان المهددين”. وطالب بـ”تنفيذ الوعود التي قدمت لهم من جانب الدولة، وكذلك تنفيذ مطالبهم بالإفراج الفوري عن الأهالي الذين تم توقيفهم خلال الفترة الماضية، ورفع يد الجهات التنفيذية عن المعديات، وتشغيلها بالصورة التي تيّسر حياة الأهالي اليومية بشكل طبيعي”.
وطالب بـ “إعادة تجهيز مستشفى بدلاً من الذي هدم، لتقديم الرعاية الطبية لأهالي الوراق، فضلًا عن التوقف عن أي محاولات لإخراج الأهالي قسرياً من بيوتهم، وأن يكون أي إخلاء نتاج عملية تفاوض بين الأهالي، وبرضائهم الكامل، احتراماً للدستور والقانون، وحرمة حياة الناس، وأملاكهم الخاصة”.
كذلك عبر حزب التحالف الشعبي الإشتراكي عن “استنكاره الشديد لممارسات السلطة الحاكمة ضد أهالي جزيرة الوراق خلال اليومين الماضيين، والمتمثلة فى استخدام القوة المفرطة وأعداد كبيرة من القوات للتمكين من هدم وإزالة مركز الشباب، ثم مستشفى جزيرة الوراق الذي يخدم المواطنين، وهو سابقة لا مثيل لها ترقى لحد الجريمة “.
وقال في بيان إن “تلك الأعمال الأخيرة ضد المواطنين المصريين فى جزيرة الوراق تأتي استمرارا لسياسة ممارسة الضغوط القصوى والتنكيل المتكرر بعشرات الآلاف من سكان تلك المنطقة التى تقع في الجيزة في القاهرة الكبرى، والتي تكررت بإصرار في الأعوام الثلاثة الأخيرة في محاولة لإجبار السكان على إخلاء مساكنهم وأراضيهم فى تلك المنطقة التى يعيشون فيها بشكل مستقر منذ مئات السنين ويحوز كثير منهم أوراق ثبوت ملكية بها”.
وأوضح أن ذلك “يجري بادعاء وجود خطة تطوير لم يشارك السكان أبدا ولا ممثلو المجتمع المدني فى إبداء الرأي فيها، وفقا لما يقضي به القانون ، خدمة لمصالح استثمارية لشركاء أجانب أو مصريين لا يحق لهم إجبار السكان على الخروج كرها من منازلهم وأرضهم”.

ممارسات تعسفية

وشدد على أن مثل تلك الممارسات التي تكررت في الفترة الأخيرة في مناطق متعددة في مصر بذرائع مختلفة هي في الغالب استثمارية، تتستر زورا باسم المنفعة العامة، إنما هي ممارسات تعسفية تتناقض بالمطلق مع حقوق المواطنين المصونة في الدستور والقانون، وتسلب المواطنين تلك الحقوق ومن بينها حقهم في السكن والتملك”.
ودعا لـ “وقف هذه الممارسات على الفور”، مؤكدا “تعارضها مع ما يدعون إليه من إصلاح ومعالجة الأخطاء من خلال حوار يضم المصريين بمختلف توجهاتهم، وهو حوار كان من المتعارف أن المناخ المناسب له يقتضي الإفراج عن كل سجناء الرأي وليس إضافة ممارسات تعسفية على نطاق واسع مع قطاعات واسعة من المصريين البسطاء المسالمين”، حسب البيان.
ومنذ بداية يونيو/ حزيران الماضي، عادت المواجهات بين قوات الأمن والأهالي إثر تقدم الحكومة في أعمال الإخلاء، واعتراض الأهالي على مشروعات التطوير التي تتجاهل مطالبهم في إعادة التوطين مع التطوير غير مطالب تتعلق بالتعويضات، إضافة إلى مطلب أساسي هو الإفراج عن السجناء الذين تم حبسهم والحكم عليهم بعقوبات متفاوتة وبتهم مقاومة السلطات والتظاهر.
و71% من إجمالي مساحة الجزيرة، التي تبلغ نحو 1295.5 فدان، باتت تحت حيازة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وبدأت بالفعل أعمال التطوير، حسب ما أكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي
وأوضح أن عدد المنازل التي تم نقل ملكيتها، أو جار نقل ملكيتها، بلغ نحو 2458 منزلاً، لافتا إلى أنه تم استلام أراضي الأوقاف بالكامل عدا مساحة 23.5 قيراط، كما تم استلام 32.5 فدان من الأراضي أملاك الدولة، البالغة مساحتها 68 فداناً، والمتبقي استلام 35.5 فدان.
وقال إن خطة تطوير جزيرة الوراق تتضمن في المرحلة العاجلة تنفيذ 94 برجاً سكنياً، تضم 4092 وحدة سكنية، بمساحات تلبي مختلف المتطلبات للمستهدفين بها، حيث يتم حالياً تنفيذ 40 برجاً، بإجمالي 1744 وحدة سكنية، إلى جانب تنفيذ عدد من الخدمات مثل المدارس ووحدات طب الأسرة، ومراكز الشباب، ومراكز تجارية وخدمية وترفيهية.
وأواخر شهر يوليو/ تموز الماضي، نشرت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، صورا قالت إنها لمدينة “حورس”، جزيرة الوراق “سابقا”.
وكشفت عن خطة تحويل الجزيرة إلى منطقة استثمارية، وعلقت الهيئة على الصور: “نعم. مدينة ومركز تجاري عالمي على أرض مصرية يضاهي أبرز مراكز التجارة حول العالم”.
وتابعت: تبلغ مساحة الجزيرة 1516 فداناً أي ما يعادل 6.36 كيلومترا مربعا، وتصل التكلفة التنفيذية للمشروع 17.5 مليار جنيه وحسب الهيئة المصرية للاستعلامات، قدرت دراسة الجدوى الإيرادات الكلية بما يساوي 122.54 مليار جنيه مصري، فيما أوضحت أن الإيرادات السنوية تبلغ 20.422 مليار جنيه مصري لمدة 25 سنة.
وزادت: يضم المشروع 8 مناطق استثمارية، ومنطقة تجارية ومنطقة إسكان متميز، كما سيتم إنشاء حديقة مركزية ومنطقة خضراء ومارينا 1 و2، وواجهة نهرية سياحية، كما سيشمل منطقة ثقافية وكورنيشا سياحيا، وإسكانا استثماريا.
وسبق وكشف مكتب (آر أس بيه) للهندسة العقارية في الإمارات، عن مخطط استثماري لمشروع جزيرة الوراق، يعود إلى عام 2013، اعتبر تطوير الجزيرة نموذجا للتنمية المستقبلية في القاهرة، لما تملكه من موقع مذهل على نهر النيل، ليدمج تصميم المدينة الجديدة مع نظيرتها التاريخية في قلب العاصمة.
ويهدف المشروع إلى تحويل الجزيرة إلى منطقة خدمات مالية بعد اخلائها من السكان، على غرار جزيرة “مانهاتن” في مدينة نيويورك.
وبدأت الأزمة بين أهالي الجزيرة والحكومة المصرية، في صيف عام 2017، عندما طوقت وحدات أمنية المنطقة بشكل مفاجئ وبدأت بإخلاء المساكن وهدمها على رؤوس السكان لتندلع مواجهات عنيفة مع رجال الأمن تسببت في سقوط قتيل بالرصاص الحي وإصابات بين الأهالي وقوات الأمن.
وتعود أحداث القضية إلى صيف عام 2017 التي بدأت فيها أعمال نزع الملكية، ما قابله السكان بصور متعددة من الاحتجاج منها التقاضي واختصام كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الإسكان، بالإضافة إلى التظاهر، وأصدرت محكمة جنايات القاهرة، في ديسمبر/ كانون الأول 2020، حكماً بالسجن على 34 من أهالي الجزيرة، بتهم منع موظفين من ممارسة أعمالهم، والبلطجة، واستعراض القوة، وقطع الطرقات والتظاهر.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية