اطلق الرصاص على المتظاهرين

حجم الخط
0

إن الكشف عن حقيقة أن جنديا ليس مقاتلا في عمله، ضُم الى قوة حرس الحدود في بيتونيا، أطلق رصاصا مطاطيا وقت المظاهرة قبل اسبوعين – لا يساعد الآن ألبتة في حل السؤال الرئيس في التحقيق في الحادثة، وهو من الذي قتل الشابين الفلسطينيين وكيف حدث ذلك؟.
ما زال الجيش الاسرائيلي الآن ايضا يبحث في الظلام. ولا يعرف القائمون بالتحقيقات العملياتية ولا فريق الشرطة العسكرية السرية تفسير كيف قُتل الشابان. فجنود الجيش الاسرائيلي، ورجال الشرطة من حرس الحدود وقادة القوتين ينكرون أن تكون أُطلقت نار حية زمن الحادثة. وفي مقابل ذلك فان المسافة الكبيرة بين المتظاهرين ورجال الجيش الاسرائيلي وحرس الحدود تنفي تماما تقريبا امكانية أن يكون الاثنان قُتلا برصاص مطاطي (قد يكون قاتلا عن مسافة 20 مترا في الاكثر فقط). ولا تسارع السلطة الفلسطينية برغم تصريحاتها الى المساعدة في الكشف عن الحقيقة. فبعد اسبوعين لم تنجح اجهزة الامن الفلسطينية الى الآن في أن تنقل الى الجيش الاسرائيلي الرصاص الذي تم اخراجه من جثتي الشابين في المستشفى في رام الله.
ومع ذلك كله فان اطلاق الرصاص المطاطي الذي عُلقت خدمة الجندي بسببه، يُعلم بضعة اشياء عن سلوك الجيش وقت المواجهات العنيفة مع المتظاهرين. عُلقت خدمة الجندي وبدأ تحقيق الشرطة العسكرية السرية في شأنه لأن اطلاق الرصاص المطاطي لم يكن جزءاً من مهماته وقت المظاهرة. وقد جرى عليه في الحقيقة اعداد مقاتل لكن كان عمله اتصاليا في أساسه (وقد حظرت المحكمة العسكرية أمس نشره بصورة دقيقة لسبب ما). وكان رجال الشرطة والجنود الآخرون الذين أطلقوا رصاصا مطاطيا وقت المظاهرة مخولين بفعل ذلك أما الجندي فلا. وتحول تعليق عمله الذي لو حدث في ظروف عادية لما أثار أي اهتمام، الى قصة اعلامية لأنه حدث على إثر حادثة وثقت عدسات تصوير حراسة وعدسات تصوير تلفاز جزءً كبيرا منها. ولو كان الحديث عن جنود قتلوا فلسطينيين غير مسلحين في وقائع لم يتم توثيقها، ومثل ذلك يجري في الضفة الغربية كل شهر تقريبا، فانه يُشك في أن القرار كان سيحظى بصدى ما في الصحف.
لكن الجندي ليس شاذا كثيرا. والحقيقة التي لا يكثرون الحديث عنها هي أن غير قليل من الجنود الذين يشاركون في فض المظاهرات ينظرون الى ذلك على أنه تجربة «فيلم حركة» – فثمة تجربة اطلاق النار (بوسائل غير قاتلة في الاكثر) في خضم الجلبة وارتفاع مستوى الادرينالين في الصدام. ومن المنطق أن نفرض أن الجندي بحث عن تجربة قوية، أو عن ملاذ من الملل وأن رجال شرطة حرس الحدود استجابوا لطلبه أن يُمكنوه من اطلاق رصاص مطاطي على المظاهرة. إن أكثر المواجهات بين الجيش الاسرائيلي وحرس الحدود والمتظاهرين الفلسطينيين تحدث في السنوات الاخيرة في مواعيد واماكن حددها الطرفان قبل ذلك وهي التي يسميها الجيش «مراكز احتكاك». وبرغم أن اللقاء يتكرر في كل اسبوع احيانا، لا تكون سيطرة القادة على الجنود كاملة فانه يوجد دائما امكان أن يُخل جندي بتوجيهات اطلاق النار دون أن يعلم قادته بالضبط بما يفعله في المظاهرة.
ويزيد احتمال الضرر حينما يكون مُطلق النار جنديا ضُم الى القوة وليس جزءاً من وحدة عضوية. وفي الجيش الاسرائيلي مؤدو أدوار كثيرون كهؤلاء – سائقون وموجهو كلاب واستخباريون وغيرهم – يتجولون بين الوحدات وينضمون الى مهماتها بضع ساعات أو بضعة أيام. وهذا مجال يحتمل الشغب لأن الجندي ليس جزءً من سلسلة القيادة العادية. ولا يعرفه قائد العمليات على الارض قبل أن يتولى فريقه المهمة، أما قادته من الوحدة في الساق فليسوا في الميدان لمراقبته والتحقق من أنه يعمل في اطار التعليمات.
في مدة سنوات الانتفاضة الثانية حدثت عدة وقائع ورط فيها جنود مضمومون دُفعوا الى خط المواجهة، الوحدة التي ضُموا اليها إما باطلاق النار التي لا رقابة عليها على مدنيين وإما بأخطاء في العمليات (بل باطلاق النار خطأ على جنود آخرين). وهذه نقطة ضعف تستدعي الاخطاء تقريبا برغم أن الجندي من وحدة الاتصالات لا صلة له هو نفسه بقتل المتظاهرين كما بين التحقيق الى الآن.

هآرتس 29/5/2014

عاموس هرئيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية