اعتقال مواطن أردني بسبب انتقاد رئيس الحكومة يثير موجة واسعة من الجدل والتضامن

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: أثار اعتقال مواطن أردني يعمل بائعاً للشاي والقهوة موجة واسعة من الجدل والتضامن معه، بعد أن تبين بأنه موقوف على ذمة قضية أقامها ضده رئيس الوزراء بشر الخصاونة بسبب تعليقات نشرها المواطن على شبكات التواصل الاجتماعي تتعلق بشخص رئيس الحكومة وزوجته.

وأشعل المواطن البسيط كميل الزعبي موجة واسعة من التضامن خاصة بعد تداول صورة لابنه الطفل وهو يحل مكانه في المتجر الصغير المخصص لبيع الشاي والقهوة في محاولة لتأمين المصاريف والتكاليف المعيشية للعائلة بعد اعتقال الرجل، تسارعت وتيرة الجدل في الأردن خلال الأيام الماضية ما دفع النشطاء إلى إطلاق عدد من الوسوم التضامنية التي تعبر عن التعاطف مع المواطن المسجون وتُدين رئيس الحكومة الذي ضاق ذرعاً بتعليقات المواطن ومزاعمه على شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي تفاصيل القضية التي تشغل الرأي العام في الأردن فإن الزعبي نشر تدوينات على صفحته الشخصية على «فيسبوك» قال فيها إن زوجة رئيس الوزراء رنا سلطان استغلت نفوذ زوجها وحققت الكثير من المكاسب المادية، وأشار إلى أنها تتقاضى أيضاً مبالغ مالية ضخمة من مؤسسات حكومية مختلفة من دون وجه حق وبما يخالف القانون.
ورد رئيس الوزراء على هذه الاتهامات بتسجيل شكوى قضائية ضد بائع الشاي والقهوة ما أدى إلى اعتقاله على الفور، حيث أبلغ رئيس الحكومة المدعي العام بأن المنشور تعرض له كرئيس وزراء للأردن «من خلال نشر معلومات كاذبة عن تلقي زوجته لمبالغ مالية من خلال استغلال منصب زوجها» الأمر الذي أدى إلى توجيه عدد من التهم للزعبي وهي نشر معلومات كاذبة وذم هيئة حكومية.
وقال المحامي فراس الروسان وكيل المشتكى عليه إن المدعي العام لم يستمع إلى زوجة رئيس الوزراء رنا سلطان ولم يتم استدعاءها بالرغم من تعلق الشكوى بها، مضيفاً أن «الرئيس استخدم الضابطة العدلية خدمة لأغراض شخصية».
وأضاف: «كان على رئيس الوزراء بشر الخصاونة أن يحضر إلى مدينة الرمثا ويسجل شكواه عن زوجته رنا سلطان ضد كميل الزعبي لأن الاختصاص في نظر شكواه منعقد لمدعي عام الرمثا» مشيراً إلى أنّ مخالفة القانون وتمزيقه من حيث الاختصاص المكاني لا يصح من مواطن فكيف برئيس الوزراء.
وأضاف «أما السيدة رنا سلطان فسواء تقاضت آلاف الدنانير أم لم تتقاض فكان بإمكانها تجنيب زوجها رئيس الوزراء هذا المسار كله وأن توكل أحد المحامين وتسجل شكوى باسمها كما يفعل الناس».
وأطلق النشطاء عدداً من الوسوم والحملات التضامنية مع الزعبي ومع عائلته وطفله البالغ من العمر 15 عاماً والذي تولى العمل في غياب والده المعتقل.
ومن بين الوسوم التي رصدتها «القدس العربي» الهاشتاغ «#الطفل_البطل_بسام_كميل» والهاشتاغ «#الحرية_لكميل_الزعبي» والهاشتاغ «#الرئيس_يقاضي_مواطن_فقير» وغير هذه من الوسوم التي سجلت انتشاراً واسعاً في الأردن.
وكتبت مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية المحامية هديل عبابنة عبر صفحتها على «فيسبوك»: «هناك الكثير من أوجه الخلل في قضية شكوى رئيس الوزراء ضد كميل الزعبي، أولها قيام رئيس الوزراء شخصياً بمتابعة الشكوى نيابة عن زوجته ونحن نعلم تماماً أن المدعي العام وإدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية لا يقبلون ذلك من أي مواطن ويطلبون حضور المتضرر المباشر في المنشور لو لم يكن المشتكي رئيس الوزراء».
وأضافت «هذه القضية لا تستلزم التوقيف وفق أحكام المادة 114 من قانون أصول المحاكمات الجزائية إلا إذا توقع المدعي العام أن وجود كميل الزعبي حراً سيشكل خطرا على الناس أو خطراً على البينة أو شك أن احتمالية هربه عالية». واعتبرت عبابنة أن القضية «لا تتعلق بمواطن يمارس حقه باستخدام قانون عرفي مشرع بل برئيس وزراء يستخدم ثقله السياسي ليقتص من شخص أشاع عن زوجته معلومة كان يمكن إصدار بيان لنفيها لو كنا في بلد تستقر فيه الأعراف الديمقراطية».
وغردت الناشطة هالة عاهد على «تويتر» تقول: «ليس مستغرباً ان يقاضي رئيس الوزراء مواطنا في دولة تضيق السلطات فيها ذرعا بالتعبير؛ ستظل الانتهاكات تتكرر طالما القانون على مقاس استبدادهم ولا حسيب على خرق الحقوق الدستورية».
أما هيلدا عجيلات فغردت تقول: «لو لم تكن بموقع رئيس وزراء ولا حد داري عنك، يلي بده يشتغل في منصب عام لازم يكون باله طويل وقلبه كبير، والله مش عارفة كيف عندك وقت تبلش بهيك أمور؟».
أما علي الطراونة فقال: «تخيل أن صاحب الولاية العامة (مجازاً) في دولة تعاني من أزمات حادة في الفقر، البطالة، المديونية، ترك مهامه ومسؤولياته واهتم في تعليق لمواطن على مواقع التواصل الاجتماعي!!».
وغردت هديل عزيز: «لا للتعسف باستخدام السلطة.. ماذا تعني تهمة ذم هيئة عامة؟ وهل هناك دولة تحصن مؤسساتها من النقد في هذا العصر؟ تحصين انتقاد الأفراد الذين يديرون المؤسسات أو انتقاد أداء المؤسسات هو وصفة للخراب».
بدوره قال ياسر العوران في تغريدة له: «انت الحر يا كميل الزعبي ونعالك تعادل كل الخونة والفاسدين… وكل من استبدوا ونهبوا الوطن والمواطنين».
وكتب الصحافي غيث العضايلة «رئيس الوزراء الذي يقاضي مواطنا لأجل منشور وقبلها يغضب لأجل مقعده في مجلس الأمة من الممكن جدا أن يقضي يومه في ملاحقة نملة! #كميل_الزعبي».
أما الصحافي وليد حسني فكتب على «فيسبوك» يقول: «دولة الرئيس أنت شخصية عامة وموظف كبير في الدولة برتبة رئيس وزراء، ومن حق كل مواطن انتقادك، وعليك تقبل النقد والتوضيح وليس من حقك جر المواطنين إلى المحاكم أو حتى تهديدهم بالاعتقال، لو كنت مواطنا عاديا لا لك ولا عليك فمن حقك مقاضاة من يتهمك بما ليس فيك..».
وأضاف حسني: «استنادا لمسطرتك من حق كل الأردنيين مقاضاتك لحجم الضرر الذي يقع عليهم جراء سياساتك، وعندها ستقضي كل عمرك تنام في المحاكم، وشكواك ضد المواطن كميل الزعبي تسيء إليك وإلى مكانتك ووظيفتك».
يشار إلى أن الجدل بشأن الناشط الزعبي في الأردن جدد المطالبات بإلغاء قانون الجرائم الإلكترونية أو تعديله، وهو القانون المثير للجدل الذي يقول الكثير من الناشطين والسياسيين والصحافيين إنه سيف مسلط على رقابهم وإن السلطات تقوم باستخدامه من أجل التضييق عليهم. كما تجددت الانتقادات للأنظمة والتعليمات التي أحالتها «هيئة الإعلام المرئي والمسموع» في الأردن إلى ديوان التشريع قبل شهور، وهي أنظمة تتضمن جملة من التعديلات، ومن أبرزها زيادة رسوم ترخيص المواقع الإلكترونية من 50 إلى 500 دينار (700 دولار أمريكي) وفرض رسوم تبلغ 2500 دينار (3500 دولار) على منح رخص بث البرامج الإذاعية والتلفزيونية عبر الإنترنت، بالإضافة إلى تعديل ثالث يفرض رسوما على دور النشر.
كما تتضمن التعديلات المقترحة اعتبار البث المباشر الشخصي على شبكات التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» على أنه «بث مرئي ومسموع» وهو ما يعني أنه يحتاج للحصول على ترخيص مسبق على أن أي بث غير حاصل على الموافقات الحكومية المسبقة يُعرض صاحبه لعقوبة السجن مدة تتراوح بين عام وخمسة أعوام، أو غرامة مالية تتراوح بين 25 ألف دينار (35 ألف دولار) و100 ألف (140 ألف دولار أمريكي).
وكانت هذه المقترحات قد أثارت موجة من الغضب في أوساط الإعلاميين والنشطاء في الأردن والذين انتقدوا أيضاً رئيس الهيئة التي قدمت الاقتراح بشكل خاص، وهو طارق أبو الراغب الذي كان أحد المعارضين المعروفين وكان أحد رموز وقادة المتظاهرين المطالبين بالإصلاح في الأردن في العام 2011 مع بداية ثورات الربيع العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية