اغتصاب الأجساد واغتصاب منظومة القيم والقوانين: مجتمع لا يرى ولا يسمع… يؤنب فقط!

ما تشهده الدول المغاربية من حالات موت غير عادية من قتل وتنكيل بالجثث واغتصاب للنساء من مختلف الأعمار، ليس سوى دلالات على انتشار ثقافة الموت واللامبالاة بالآخرين، مهما كانت درجة القرابة. فالضحية ليس كما يروج لها البعض من منطق «مريض» كما جرت العادة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيمإ إذا تعلق الأمر بالنساء، وأن سلوكياتهن ومظهرهن السبب.
درجات التشفي وصلت إلى حد لا يمكن تصديقه، حيث يرفع الجرم عن الجناة ويلحق بالضحايا. تعود، في كل مرة، حكاية المظهر و»قلة التربية» والابتعاد عن تعاليم الدين. وغيرها من التهم الجاهزة الباطلة التي يقذفون بها «الأموات» والأجساد الهشة قبل أن تدفن!
منظومة القيم تتلاشى في كل لحظة. غياب الخوف على من نحب وعلى الجيران، مسألة «تخطي راسي». هي من حولت البيوت والأحياء والقرى ناهيك عن المدن إلى مسارح مفتوحة على الإجرام في كل بشاعته.
من رحمة لحمر بزغوافي بتونس، والتي اختطفت تحت التهديد بالسلاح وعنفت واغتصبت وقتلت ورمي في القرب من الطريق السريع تونس – المرسى، إلى نعيمة، الصبية ذات الخمس سنوات القاطنة في تفركات في اقليم زاكورة في المغرب، إلى شيماء. من المسؤول عن قتلهن؟ وهل المجتمع خارج اللعبة؟

مقتل رحمة الأحمر: المجتمع شريك في الجريمة

هذا ما وصل إليه الناشط السياسي والجامعي عدنان منصر معلقا على الجريمة الفظيعة. والعثور على الشابة رحمة ذات 29 عاما مرمية في حفرة على حافة الطريق السريع تونس – المرسى. حيث جاء في تدوينته على صفحته في الفيسبوك (أنباء تونس كابتاليس) وهي في العامية التونسية مما جاء فيها:
«الفتاة التي وقع اغتصابها وقتلها وتقطيع جثتها، يستحيل حد ما شاف شي من أطوار الجريمة هذه؟!
يستحيل ما كان ثمة حتى حد مار، أو ما شاف شي. آلاف الجرائم تتم وغالبا يكون ثمة أحد رأى حاجة، لكنو شاف وتعدى. هاذم نعتبروهم شركاء في الجرائم هذه وإلا لا؟ في الشوارع الرئيسية في المدن، جرائم السطو المسلح تتم كل ساعة، وتتم في شوارع معبية بالناس، والضحايا تستغيث، والناس يعملوا أرواحهم في الغالب ما شافوا شي، وقت اللي يطلبوهم حتى للشهادة والتعرف على الجناة يرفضون»؟
ويواصل في تشريح لا مبالاة الناس بما يحدث حولهم، المهم أن الأمر لا يخصه ولا يخص عائلته وكأن الناس في منأى عما يحدث للآخرين.
ثم يواصل تدوينته في التعريج على وضع المجتمعات التي نجحت إلى حد ما في محاصرة الجريمة بنجاح ليست تلك المجتمعات التي تطبق الإعدام، ولا تلك التي لديها جهاز شرطة ينتزع الاعترافات بالتعذيب، ولا المجتمعات ذات السجون الأكثر قسوة من غيرها، بل المجتمعات التي تقاوم جذور الجريمة، والتي يلعب المواطن فيها الدور الأساسي وليس فقط من يرمي كل شيء على أجهزة الدولة البوليسية والقضائية.
ثم يواصل: «دعونا نتفق على شيء آخر: المجتمع الذي ينكر أنه منتج للجريمة، والذي يتوجه في كل مرة بطلباته للدولة لكي تسجن وتعدم، لن يكون قادرا أبدا على مواجهة أمراضه والتخلص منها. مجتمعنا منتج للجريمة أم لا؟ يجيب بنعم «منتج ليها، بأنواعها. فإعدام المجرم ربما يشفي غليل أهل الضحة ، لكن لا يحل المشكلة من جذورها. ما هي جذور الجريمة في المجتمع؟ التربية، القيم، غياب التضامن بين الناس، الفارق الكبير بين ما يقال وما يفعل، الرشوة، الفساد القيمي بكل مظاهره. حتى انعدام الذوق. «وقت الاذاعات تعديلك يوميا غنايات تتغزل بالمخدرات، ماذا ستكون النتيجة؟
بالفعل غياب القيم والتضامن وانعدام الإحساس بالآخرين والرشوة الاجتماعية والمؤسساتية والصمت على الظلم وتقوية الصف، كيف لا ضد الحق والعدل ومحاصرة القيم الإنسانية وهذا أس الجرائم في المجتمع، الذي يصبح نموذجا للاقتداء والذي يخرب الإنسان والمجتمع والذوق العام والأخلاق. ويوصل لأبشع ظواهر الإجرام.

ما ذنب نعيمة صاحبة الخمسة أعوام؟!

ككل مرة تهتز القرى والأحياء على وقع جرائم بشعة تتبعها تنديدات وهاشتاغات. وتنتهي بتحقيقات والقاء القبض على مرتكبي تلك الجرائم. من بين هذه الجرائم قضية مقتل الطفلة نعيمة، والتي ما زالت تفاصيل مقتلها تظهر بين الحين والآخر.
آخر التفاصيل تلك التي نقلها موقع «أنفاس برس» «خبايا وتقاطعات مافيا الكنوز بزاكورة» بينما أرجعت العديد من المواقع مقتل الطفلة الى الشعوذة والاغتصاب (موقع آشكاين وموقه هاشتاغ) يفصل «أنفاس برس» في تفاصيل جديدة حول القضية. الذي يربطها بعصابة الكنوز بزاكورة…» الكل يعرف أننا أمام عصابة إجرامية تحت غطاء البحث عن الكنوز وليس عمل اجرامي فردي محدود. لكن هناك جهات اليوم في زاكورة تعمل على تغيير منحى البحث وربطه بعمل فردي، في حين أن واقع الأمر يؤكد عكس ذلك، لكن من هي الجهات التي ليس من مصلحتها كشف حقيقة هذا الأمر؟
إننا وبكل تأكيد أمام عصابة تتداخل فيها عدة خيوط: منها ما يرتبط بالسلطة وما يرتبط بالسياسة وما يرتبط بالمال.
فهذه الشبكة التي تتوحد عناصرها حول البحث عن الكنوز تتوحد كذلك على خدمة مصالح سياسية ومالية.
ما حدث في قضية نعيمة المسكينة المريضة جسديا وعقليا، فيلم رعب مخيف ومن حوله مصاصو دماء نافذون، حسب نفس المصدر، فالأمر يتعلق بمجموعة محصنة بالسياسة ودواليبها في اقليم زاكورة وتوجه الجاني السياسي والانتخابي في الإقليم وتتحكم في الخريطة الانتخابية هناك. «ولها ارتباط بمشاريع ترميم المساجد القديمة حيث يتم استغلال الترميم للحفر والبحث عن الكنوز، وأكثر من ذلك تمتد خيوط هذه المجموعة لمشروع ترميم القصبات التي يشتغل عليه قريب لمنتخب نافذ والمدعوم من طرف هذه المجموعة. فعدد من القصور اليوم تحتوي على آثار الحفر والبحث عن الكنوز من طرف هذه الشبكة، وعلى رأسها القصر المقابل لمشروع سياحي في بنزولي، بالإضافة إلى قصبات أخرى في نفس المنطقة نظرا لكونها جزءا من التراث اليهودي.
شبكة تنشط بشكل كبير تحت غطاء الترميم وأشياء أخرى. وعلى أبناء المنطقة التصدي لهذه المجموعة ورفع قضية لأن الأمر يتعلق بشبكة متعددة الأطراف، لأن كشف الحقيقة سيعري مواقع الفساد وأعمدته في إقليم زاكورة. وفرصة لانقاذ المنطقة».
ونعيمة هي قربان للجن، التي تسكن المغارات والكهوف والقصور القديمة. وضحية ذكور مرضى. ومن ينصفها؟ إذا كانت فئات كبيرة من المجتمع قد ساهمت في اخفائها شهرا كاملا. إلى أن وجدت جثة متحللة اكتشفها أحد الرعاة صدفة.
المحامية مريم جمال الإدريسي تتحدث عن اغتصاب شابات في سلا وقتل الطفل عدنان.
هو نفسه الصمت المجتمعي، الذي تكلم عنه الناشط السياسي والجامعي التونسي عدنان منصر في قضية مقتل رحمة تشير له المحامية مريم جمال الإدريسي في قضية اغتصاب شقيقتين في سلا، حيث نددت بهذه الجريمة البشعة التي مست كل الأسرة في غياب الأمن. فلم يعد هناك أمان في البيوت، التي تهاجم من طرف ملثمين ومسلحين بالسيوف، الأمر الذي حدث للشقيقتين حيث قطعت شعورهما وأخرجتا عاريتين أمام مرأى وسمع الجيران. وهذا الأمر تراه المحامية، مسألة خطيرة وجنحة لأنهم لم يتدخلوا ويبلغوا. هكذا اقتيدت الفتاتان إلى مكان خال وتم اغتصابهما جماعيا من طرف عدة ذكور وليس رجال، كما قالت. الاغتصاب الجماعي أسوأ أنواع الاغتصاب.
كما تطرقت المحامية لعدم التعامل مع القضايا بالمثل سواء في الجانب القانوني أو الجانب المجتمعي. فقانونيا تقارن بين عقوبة المغتصب، التي تصل 20 سنة للبكر، أي حدوث افتضاض، بينما اغتصاب الأرملة أو المطلقة عقوبته من 5 إلى 10 سنوات فقط؟
فهي ترى أن الاغتصاب هو اغتصاب والآثار التي يتركها نفسها. كما عرجت على مقتل الطفل عدنان الذي انتهك عرضه ومقتله آلمنا جميعا، ولكنها تركز على ما خلفه مقتله من حملات على مواقع التواصل الاجتماعي لتطبيق الإعدام، فترى «أن الإعدام موجود في النص القانوني، لكن تتساءل، لماذا تمت مناقشة قضية الإعدام بهذه الحدة؟ «نحن نتعامل مع بعض القضايا بنوع من الانتهازية أو السياسة يأتي بعض السياسيين ليركبوا على العواطف والمشاعر لتمرير خطاب سياسي معين. كفانا عبثا بمشاعرنا كمجتمع. الظاهرة الاجرامية تهمنا جميعا كمجتمع. لا بد من الحديث عن القضايا دون تمييز، لا يجب مناقشة القضايا من منطق ذكوري وهذه الجريمة لا تقل بشاعة عن غيرها!
الإعدام موجود في النصوص إذا تعلق الأمر بهتك عرض القاصر. لكن يطبق أو لا يطبق هذه مسألة أخرى. وملف بنات سلا لم تعط له القيمة نفسها التي أعطيت لحوادث أخرى مماثلة. ألا يمثل اقتحام عصابة اجرامية ملثمة بالسلاح المنزل جريمة لا يمكن السكوت عليها؟ هذه الأمور لا تحرك مشاعرنا!؟
لا بد من مناقشة هذه القضايا من خلال هيئات وتنظيمات وجمعيات خارج المشاعر الجياشة وكلنا من أجل هدف واحد من أجل الأمن داخل المجتمع والأسرة.

شيماء وظلم الناس

ظروف هشة من حيث المسكن والظروف النفسية التي تعرضت لها بعد اغتصابها في 2016 . قتلت لأنها لم تصمت على جريمة اغتصابها وتقدمت بشكوى لمصالح الأمن، والتي على إثرها سجن قاتلها «ريان».ظل تحت تهديدات والدته التي لم تستسغ الأمر. إلى أن أفرج عنه وفعل فعلته الشنيعة، ربما بعد أن أعطاها الأمان أو الله أعلم كيف استدرجها من الرغاية إلى الثنية. هي بين يدي الخالق وهو موقوف على أن ينال العقاب، الذي يليق بحجم الجرم الذي خلفه لأهلها وللمجتمع. لم نعد آمنين. لكن ظلم الناس الذين دائما لا يرون ولا يسمعون صرخة المستغيث، لكنهم يبادرون لنشر سمومهم على مواقع التواصل الاجتماعي، الذي أصبح فضاء للغمز واللمز. فلأنها شابة وجميلة يرون أنها تستحق ما جرى لها. ويرجعون سبب مقتلها إلى ما تلبسه. وهناك من رد سبب مقتلها وخروجها «متبرجة» الدياثة المسؤولة عنها! وغيرها مما جاء في الكثير من صفحات على الفيسبوك.
إجرام في الواقع وإجرام الكتروني فهل من رادع؟ كلما تموت إمرأة أو فتاة مهما كان سنها يظهر حجم الحقد «الذكوري» بحجة العذاب النفسي لرؤية النساء في الشارع ممن أخرجتهن الظروف. أما أن تخرج المرأة لتستجم، فتلك مسألة لا يمكن أن يتصورها هؤلاء «المرضى»!
كثر الإجرام من كل لون وقلت الأبحاث الاجتماعية والإنسانية بحجة قلة الأموال. بينما تصرف ميزانيات مهولة من أجل تصنيفات تراثية لا تغني منظومة القيم والأخلاق ولا تسمن الجياع ولا تؤثث فضاءات آمنة لهم.

 كاتبة من الجزائر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جزايرية:

    كارثة!!! لا اجد الكلمات للتعبير!!!!

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    سؤال للغاصبين:
    هل تقبل الإغتصاب لأمك, لأختك, لزوجتك, لبنتك؟
    قد تكون للمخدرات دخل بالموضوع؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول يوسف:

    الاعدام حل ..ثم اذا كان حلول اخرى تربوية فليكن

إشترك في قائمتنا البريدية