قرأت في مجلة «بوبليك» الفرنسية ما أدهشني بعض الشيء. ها هي الروائية البلجيكية الشهيرة اميلي نوثومب تكتب عن اغتصابها قبل أربعة عقود حين كان عمرها 12 سنة، وقام بذلك أربعة رجال لا تعرفهم تعاقبوا على اغتصابها!
قال البعض إنها تخترع ذلك للإثارة وللمزيد من الشهرة، ولكنها مشهورة جداً في فرنسا وتصدر كتاباً كل عام، وفي صورها كلها ترتدي قبعة سوداء كقبعات الساحرات في العصور الوسطى، فما الذي حدث حقاً؟
رواية أم حقيقة؟
في كتابها الأخير المستوحى من ذلك الاغتصاب الذي تقول إنه قتلها من الداخل، إذ ظنت وهم يقومون باغتصابها أنها ستموت، تروي ذلك الرعب الذي عاشته، ويعلق كاتب الحوار جيروم بسنار أنها أكثر حياة من أي يوم من قبل، وعلى الرغم مما حدث لها في بنغلادش فقد كان والدها الدبلوماسي الكبير ينتقل من بلد إلى آخر في السفارات البلجيكية، ولكن ابنته اميلي تتقن الفرنسية وتكتب بها كما تكتب عنها المجلات الفرنسية، وعنوان المقال الذي ذكرته هو «تم اغتصابها وعمرها 12 سنة» كما تروي، وتعتبره اغتيالاً وتأسف لأن أولئك الأربعة الذين قاموا بذلك الإجرام لن تتم معاقبتهم في أي يوم.
الممثلة اميلي بيار والاغتصاب
يبدو أن التابو حول الاغتصاب (المحرم الكلام عنه) لم يعد كذلك في فرنسا، وها هي الممثلة الفرنسية الشهيرة ايمانويل بييار تتحدث عن اغتصابها من قبل أحد أفراد عائلتها طوال أعوام، كما جاء في مجلة «هنا باريس» التي حاورتها حول ذلك، كما نشرت صورتها الجميلة على غلاف العدد الذي تتحدث فيه حول ذلك. وتروي أن عمرها كان 11 سنة حين جاء أحد أهل البيت إلى سريرها ومزق نومها وقميص نومها واغتصبها… وظل يكرر ذلك طوال 4 سنوات حتى صار عمرها 14 سنة إلى أن أنقذتها جدتها، كما تقول. هل كان (الفاعل) جدها أم والدها؟ لست معنية بذلك، لكن ايمانويل بييار تضيف أن في فرنسا 160 ألف طفلة يتعرضن لما تعرضت له، كما تقول إنه لو لامها أحد على هذا الاعتراف ستسأله: هل تظن الصمت سيمحو ذلك من ذاكرتي؟ وكنت أصرخ بصمت مرتاع.
ماذا عن عالمنا العربي؟
لا أظن شيئاً كهذا يحدث عندنا، ربما بسبب الوازع الديني أو الرقابة النسائية العفوية، ولكن المرأة لن تتكلم كما فعلت الكاتبة اميلي نوثومب ولو بعد أعوام طويلة، أو النجمة ايمانويل بييار وسواهما كثيرات سنسمع حكاياتهن تحت شعار: وأنا أيضاً.
هل ستقتله؟
إذا شاهدت مشرداً ينام على مقعد في حديقة عامة في فيينا مثلاً، هل ستقدم له يد المساعدة أم ستقتله أم ستمضي في طريقك كأنك لم تره؟
في مدينة فيينا، ثمة من يقتل المشردين الذين ينامون على الأرض في مداخل المباني أو على مقاعد الحدائق العامة.
الغريب أن مجرماً احترف قتل المشردين رجالاً ونساء، فهل يتوهم بذلك أن علينا شكره لأنه خلصهم من حياتهم البائسة ولا يوفر النساء المشردات. وإثر تلك الجرائم، أقامت منظمات إغاثية ملاجئ للمشردين للنوم خلال الليل. ليس مطلوباً مرافقة المشرد إلى بيتك للنوم في مدخله أو على أرضه لكيلا يموت قتلاً، المهم ألا تقتله!
تلك القبلة!
كان المكان يعج بالناس والمصورين وأهل الصحافة احتفالاً بإحراز فريق إسبانيا للنساء بطولة العالم في مونديال للسيدات.
وهنا قبّل روبياليس رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم اللاعبة هيرموسو مهنئاً. لكن تلك القبلة تسببت في خسارته لعمله، وقد يتم تقديمه للمحاكمة بتهمة الاعتداء الجنسي، وقيل إنه قبلها قسراً.
تأملت صورة القبلة ولم أجد اللاعبة تتملص منه خلال ذلك، بل وجدت ذراعها مستسلماً للقبلة التي لعلها أحست أنها بريئة كما أظن.
لكن القبلة لم تسبب فقط في استقالة روبياليس من منصبه، بل وتحولت إلى جدارية في أحد الشوارع وقد كتب عليها عبارة: احترم النساء.
هل كانت تلك القبلة التي وجدتها تعبيراً عن السعادة والتهنئة أكثر من الشهوة الجنسية، بريئة من ذلك وعفوية؟ هذه قد تكون وجهة نظري وليس رأي المحكمة، حين يقدمون إليها روبياليس بتهمة الاعتداء الجنسي. ولست محامية لأدافع عنه، ولكنها وجهة نظر أخرى!
لا فراق بيننا
في مثل هذا الشهر الحزين ـ كما أراه ـ رحل زوجي إلى كوكب آخر.. وأفتقده. منذ 14 سنة؛ أي منذ رحيله، أتخيل أنه سيفتح الباب فجأة بمفتاحه ويعود. وأركض لاستقباله كما كنت أفعل أيام كان يسافر لعمل ما ويعود. هذه المرة لم يعد من كوكبه، وما زلت أفتقده حتى بعد 14 سنة من غيابه، فقد عشنا معاً أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، ولم نتشاجر مرة واحدة، فقد كانت لغة الحوار تسود بيتنا.. كنا حين نختلف في الرأي نتحاور ولا نتشاجر.. حين أزور قبره يخيل إليّ أنه يراني.. وفي أحلامي أتخيله عاد إلى البيت وأكاد أعاتبه لأنه غاب طويلاً هذه المرة.. وأعتقد أن كل من فقد غالياً يعرف شعوري هذا ويشاركه.