لعل المتفرج دائما يكون اكثر الناس تعليقا ونقدا لما يدور حوله من احداث وما هذه الحياة الا مسرحا كبيرا مليئا بالاحداث والمشاهد المختلفة. وتعد ثورات الربيع العربي التي اسقطت العديد من الانظمة العربية من الاحداث العظام والجسام التي شهدها التاريخ المعاصر، حينما استطاعت تلك الشعوب المنتفضة اسقاط انظمة احكمت قبضتها على تلك الشعوب عقودا من الزمن دون ان يهتز لها رمش، ولكن بين ليلة وضحاها اصبح قادة تلك الانظمة مطلوبين للعدالة ومنهم من قضى نحبه دفاعا عن كراسيهم ومنهم من لا يزال يحرق الاخضر واليابس من اجل البقاء. الان بعد مرور سنتين تقريبا على هذه الثورات نشهد ثورات مضادة وما يطلق عليها من البعض مؤمرات مضادة للشرعية من ساحات تلك البلدان الربيعية كما نرى تحركات على مستويات دولية واقليمية لاغتصاب تلك الثورات وتقزيمها لاعادة قطع الشطرنج التي بعثرتها الثورات الى اماكنها التي كانت عليه قبل ان تبعثرها تلك الثورات الشعبية حيث نرى عبدالفتاح السيسي يطالب باعلان الحرب على من يطالبون بعودة الرئيس محمد مرسي الذي اسقطت شرعيته بانقلاب عسكري تولاه الجيش المصري بقيادة السيسي. وها هو اليوم السيسي يطالب انصاره من الشعب المصري باعطائه تفويضا لمحاربة ما يسميه الارهاب المحتمل ليحظى بشرعية شعبية لتصفية الاخوان وادراجهم ضمن قائمة المنظمات الارهابية. ان هذا الطلب الذي تظمنه خطاب السيسي لهو انزلاق خطير سوف يجر الشعب المصري الى برك من الدم ولعله سيكون ثمنا كان مؤجلا ليدفعه الشعب المصري الذي استطاع بثورته الاطاحة بنظام حسني مبارك باقل الخسائر البشرية مقارنة ببعض الدول التي هزتها ثورات الربيع العربي. ومن التحركات الاقليمية التي تزامنت مع الاطاحة بالرئيس المنتخب في مصر محمد مرسي هو الترحيب الخليجي السريع بالانقلاب العسكري الذي حدث في مصر، ولعل التيار الاخواني الذي استطاع ان يصل للسلطة من خلال صناديق الانتخابات لم يتقبله بعض الانظمة الخليجية برحابة صدر، وهذا ليس يغريب حيث ان علاقة هذه الانظمة بالنظام المصري السابق الذي اطاحت به ثورة 25 يناير كانت علاقة وطيدة، ولذا بادرت حكومات هذه الانظمه الى تقديم المليارات من الدولارات لدعم الحركة الانقلابية ضد مرسي ولايصال رسالة للشعب المصري انهم سوف يدعمون الاقتصاد المصري ما دام ان الاخوان ليسوا في الحكم. مرسي الذي كان في السجن معتقلا من قبل نظام مبارك خرج منه ليتبوأ مقعد سجانه والضباط الذين اعتقلوا مرسي سابقا صاروا يؤدون له التحية ويدعونه بسيادة الريس؛ انها فعلا مفارقات عجيبة حصلت في فترة وجيزة، ومنذ استلام مرسي السلطة في مصر لم يتنفس الصعداء حتى يوم اسقاطه، وما زالت مصر تغلي حتى الان بمسيرات مليونية لعودة مرسي كونه رئيسا شرعيا منتخبا من الشعب المصري. ولعل خطوة مرسي في عزل طنطاوي وكنعان ورئيس المخابرات بعد احداث مقتل الجنود المصريين في سيناء في شهر رمضان الماضي كانت خطوة جريئة حيث دخل حينها الجيش المصري سيناء لاول مرة بعد انتهاء حرب اكتوبر 73 ولكن مرسي حينها اعتبر ان الجيش المصري سوف يتواجد في سيناء ما دام الوضع الامني لمصر يحتاج لذلك رغم احتجاج اسرائيل على ذلك؛ وحينها كسب مرسي هذه الجولة التي رأها الكثير انها كانت مقصودة لهز عرش مرسي واستطاع مرسي ان يرمي بذمة هذه العملية واسباب وقوعها على ذمة الجيش والمخابرات، ولهذا تم عزلهم فورا. ولكن الان السيسي ضد من ستكون حملته على ما يسميه الارهاب المحتمل؛ هل ستكون ضد المعتصمين المعارضين للانقلاب العسكري ويطالبون بعودة الشرعية المغتصبه ام ضد جماعة الاخوان المسلمين ومن هم الارهابيون بنظره وهم في مسيرات سلمية واعتصامات تنقلها الشاشات عبر الاثير. هل سيقبل الشعب المصري منهم على خلاف مع مرسي باستخدام القوة ضد المعتصمين في ميادين مصر المختلفة من اجل اصواتهم التي اعطوها لمرسي وهل هذا النداء من السيسي سوف يشعل نار الحرب الاهلية، هل فعلا اعتصبت ثورتكم يا ابناء مصر! بخيت كيرداس الشحري