لندن ـ «القدس العربي»: هيمن خبر اغتيال القائد العام لحركة حماس يحيى السنوار مساء الخميس الماضي على شبكات التواصل الاجتماعي في كافة أنحاء العالم وبكافة اللغات، ولم يتوقف الأمر على العالم العربي ولا على اللغة العربية وحدها، حيث تصدر اسم السنوار بعدة لغات قوائم الوسوم الأكثر تداولاً والأوسع انتشاراً في مختلف أنحاء العالم، فيما انشغل العرب من المحيط إلى الخليج في الحديث عن المعركة التي انتهى بها السنوار شهيداً.
وتداول العديد من النشطاء صوراً يظهر فيها السنوار وهو يحمل سلاحه بيده وقد تبين بأنه كان مع صفوف المقاتلين يحارب جيش الاحتلال في غزة، وذلك خلافاً لما كان يروج له الإسرائيليون بأن السنوار يختبئ داخل الأنفاق تحت الأرض ويترك الفلسطينيين يموتون بالحرب فوق الأرض.
كما تداول النشطاء مقطع فيديو نشرته القوات الإسرائيلية ويظهر فيه اللحظات الأخيرة في حياة السنوار، حيث كان يحاول إسقاط طائرة إسرائيلية مسيرة وهو مصاب وجريح قبل أن يتمكن الإسرائيليون من الإجهاز عليه بشكل تام، ومن ثم يُفاجؤوا بأن الذي كان قاتلهم هو يحيى السنوار ذاته، وهو المطلوب رقم واحد لجيش الاحتلال.
وتصدر اسم السنوار قوائم الوسوم الأوسع انتشاراً على شبكات التواصل، كما أطلق النشطاء العديد من الوسوم التي تُعبر عن تأثرهم بالأخبار المتعلقة به، ومن بينهم الهاشتاغ «#غير_مدبر» في إشارة إلى اعتراف الإسرائيليين بأن مكان السنوار لم يكن معلوماً لديهم وأن مقتله تم خلال معركة عادية في قطاع غزة وليس في عملية اغتيال مدبرة تم تنفيذها بناء على معلومات تُفيد بمكان الرجل.
وكتب الصحافي الفلسطيني والإعلامي ياسر الزعاترة معلقاً على الخبر بالقول: «عليك سلام الله في الخالدين.. وعلى من سبقوك وسيسيرون على دربك إلى يوم الدين.. من قال إن الشهداء يغيبون؟! إنهم يمتطون الريح ويلمعون في سمائنا كالبرق.. يذكّروننا بالرسالة والحلم، وينثرون في دروبنا أزهار الأمل. هُمْ هناك.. (أحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون).. (ويسْتَبْشِرُون بالذِين لمْ يلحَقُوا بهم منْ خَلْفِهِمْ ألَّا خوْفٌ عليْهمْ ولا هُمْ يَحْزَنُون)».
مات شهيداً مقبلاً
أما الأكاديمي الموريتاني الدكتور محمد المختار الشنقيطي فكتب على شبكة «إكس» يقول: «عاش يحيى السنوار جاهداً مُجاهداً، ومات شهيداً مقبلاً، بعد رحلة طويلة من البحث عن الموت في مظانِّه، كبَّد فيها العدوَّ الغاشم خسائر لن ينساها التاريخ. ولم يستشهد حتى بنى مقاومة صلبة، وأيقظ أمة غافلة، وأحيا قضية مقدَّسة كاد يطويها النسيان، ورفع راية ناصعة للسائرين على درب العزَّة».
وكتب المدير العام السابق لقناة «الجزيرة» ياسر أبوهلالة مستذكراً الاسم (يحيى): «قتلوا يحيى عياش فانتهوا إلى يحيى السنوار، بانتظار يحيى.. أمة الحياة تحيا ولا تموت» ثم نشر أبوهلالة مقطع الفيديو الذي يوثق اللحظات الأخيرة في حياة السنوار، وقال: «الفصل الأخير من السيرة الملحمية للقائد الشهيد كما وثقته كاميرا الأعداء».
وعلق الصحافي الأردني غيث العضايلة بالقول: «في كل بيت بفلسطين المحتلة يوجد يحيى السنوار».
أما الإعلامية في التلفزيون الأردني تمارا النهار فغردت على شبكة «إكس» تقول: «تأدبوا في حضرة الموت.. مهما بلغت بيننا الخلافات السياسية فلا شماتة ولا فرحاً لوفاة يحيى السنوار اثر اشتباك مسلح على يد الصهاينة، هو ضحية مشروع صهيوني إيراني، قام بواجبه تجاه وطنه وغزة وفق ما كان يراه مناسباً، مات مرابطاً مقبلاً غير مدبر، أفضى إلى ربه وقد قضّ مضاجع الكيان المحتل المختل، وهو اليوم دحض ادعاءات العدو أنه مختبئاً بالانفاق وهرب منها خارج غزة.. ذات يوم صكوك الغفران التي يوزعها هؤلاء الشامتون الفرحون ستوزع عليهم عندما يكونون في ضيق اللحود.. وردة الفعل في حضرة الموت هي انعكاس لأخلاقنا.. وكفى بالموت واعظاً يا عمر».
وكتب الناشط بدر الحويان: «الشهيد السنوار لم يكن مختبئاً بالانفاق كما ادعيتم، شفتو إنه كان على رأس المقاومة على الأرض يحارب ويقاوم».
ونشر الناشط صلاح صافي صورة للسنوار يُقال إنه تم التقاطها له فور استشهاده، وكتب معلقاً: «قطعوا اصبعه السبابة وأخذوه للفحص الجنائي، وهذه هي اللحظات الأولى للعثور على جثمان الشهيد يحيى السنوار: أولاً: رصاصة في رأسه وهذا يعني أنه مقبل غير مدبر، ثانياً: فوق الأرض هذا يعني أنه غير مختبئ بالأنفاق بين الأسرى، ثالثاً: مشتبك في الميدان وهذا يعني أنه يعرف طريقه وغايته».
أما الدكتور أحمد الذايدي، وهو أستاذ جامعي كويتي، فكتب يقول: «سيبقى الشهيد البطل يحيى السنوار أسطورة تتناقلها الأجيال وتتغنى بها الصبيان لعقود قادمة. ستدوي كلماته المجلجلة في كل ركن من بلاد المسلمين، وسيحيى ذكره كما حيي ذكر القسام وياسين وعمر المختار، وستدرس سيرته في الأكاديميات العسكرية في كل أرجاء الدنيا. كيف لا وقد كان رحمه الله استثنائياً في كل شيء؛ في حياته، وفي سجنه، وفي قيادته للمجاهدين وفي استشهاده. لقد ضحى السنوار بكل شيء من أجل فلسطين بينما ضحى غيره بفلسطين من أجل فتات الدنيا».
وأضاف الذايدي: «سيبقى أعظم إرث قدمه أبا ابراهيم للشعب الفلسطيني والشعوب المسلمة (وتلك التي تتطلع للحرية) هو رسم خريطة الطريق لتحرير فلسطين كل فلسطين، والقضاء على النفوذ الصهيوني الذي طغى وتجبر في الأرض وتحكم بمقاليد الأمور في أعظم دول العالم بواسطة المال والإعلام والابتزاز».
وانتهى الأستاذ الجامعي الكويتي إلى القول: «لن يكون استشهاد يحيى السنوار (الذي قضى في اشتباك مع العدو مقبلاً غير مدبر) حدثاً عابراً كلا، لا في تاريخ النضال الفلسطيني ولا في مسيرة الحركات الجهادية المعاصرة، ولا حتى حركات التحرر الوطني في العصر الحديث. اللهم ارحم ابا ابراهيم واخلف لشعب فلسطين خيراً، واجعل شهادته شعلة مضيئة على طريق تحرير فلسطين والمسجد الاقصى والشعوب الاسلامية».
وكتب فايز الكندري، وهو ناشط كويتي وأسير سابق في سجن غوانتانامو: «نعمةٌ كبيرةٌ.. أن تلقى اللهَ كما يُحِبُّ وكما تُحِبُّ.. أن تكون نهايتُك الدنيوية بدايةً لخلودك الأبدي.. أن تَقْضي محتضنًا دينَك ومبدأك.. أن تلفظ أنفاسَك بين من شاركوك مسيرةَ الألم والأمل.. أن تقول بلسانِك ما تُصَدِّقُه دماؤك».
وعلق مختار الرحبي: «قالها انه يخشى الموت على الفراش مثل البعير أو بجلطة دماغية أو بحوداث طرقات لكنه لا يخاف من الموت في سبيل الله وهو يقاتل أعداء الأمة والإنسانية، ولا يليق بقائد عظيم مثل السنوار أن يموت إلا شهيداً في سبيل الله».
وقال الدكتور خالد العتيبي: «إن صحت الأخبار فكل ما كنا نشاهده من عمليات رفح البطولية كان يقودها البطل يحيى السنوار من الخطوط الأمامية، لابساً جعبة الحرب متسلحاً ببندقيته، مجاهدا مقبلا غير مدبر، مشتبكاً مع العدو، لا مختبئاً في الأنفاق كما يدعي الصهاينة العرب وإعلامهم المنحط.. وهذا الاشتباك حصل بالصدفة وليست عملية اغتيال خطط لها العدو.. فسنة كاملة وهم في تيه وتخبط وفشل.. أذاقهم المجاهدون أصناف العذاب».
وعلق أحمد السيد: «مع كون شبكات التواصل امتلأت بالحزن والتعزية والرثاء إلا أنها لم تخلُ كذلك من المنافقين الذين اشتغلوا بالشماتة والفرح والتهكم والسخرية، وهم بذلك يجدّدون لنا قصص عبد الله بن أبي بن سلول وجماعته الذين أنزل الله فيهم قرآناً يُتلى إلى يوم الدين، ومن ذلك قوله سبحانه: (إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها). فهذا شأنُهم دائماً: يفرحون عند مصائب أهل الإيمان ويستاؤون عند مواقف نصرهم».
وأضاف السيد: «يجب فهم طبيعة المعركة التي يخوضها العدوّ ضدّ هذه الأمّة اليوم وإدراك أبعادها، فهي ليست معركة جزئية، ولا تتعلق بفلسطين وحدها، وليس يخوضها الكيان المحتلّ وحده، كما أنها ليست معركة لإنهاء وجود المقاومة الفلسطينية فحسب، بل هي معركة لتغيير الخارطة وتحقيق الهيمنة الشمولية من الكيان المحتل وحلفائه في المنطقة، لتشكيل صورة جديدة للشرق الأوسط تتربع إسرائيل على عرشه، مع دعم تامّ ومعلن من بعض القوى الغربية عسكريا ومعنويا وماديا».
وانتهى السيد إلى القول: «إنّنا نؤمن أنّ الله عزّ وجلّ يدبّر الكون، ويريد الخير لهذه الأمة، وأنه سينصر من ينصره، فلعل كل ما يجري اليوم يفتح الله به أبواب الفتح للأمة غداً، بعد أن تستيقظ وتعمل وتجد وتقدم الآخرة على الدنيا وتوالي أولياءها وتعادي أعداءها».
استشهد وهو
يرتدي كوفيته وبندقيته
وكتب الناشط الإماراتي حمد الشامسي: «لو وجدت المقاومة جثمانه وقالت إنه استشهد في اشتباك، لربما شكك الكثيرون في الأمر، وربما ادعى العدو أنه قتل في نفق، ولكن الله أراد أن تُنشر صور استشهاده على يد أعدائه، ليرفع مقامه، ويبرئه من شبهة الاختباء بين شعبه».
وعلق خالد صافي: «رحمه الله وتقبله في الشهداء والصالحين، استشهد يحيى السنوار أبو إبراهيم مقبلاً غير مدبر، مقاتلاً عن أرضه وشعبه وحقه فوق الأرض وبين رجاله ومع صفوف مقاتليه، استشهد وهو يرتدي جعبته وكوفيته وبندقيته.. لم يكن مختبئاً في نفق تحت الأرض ولم يتخذ الأسرى دروعاً بشرية».