الأثرياء يخططون لالتهام دعم البسطاء وأفراد الطواقم الطبية يحصلون على قبلة الحياة

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: سادت حالة من الترحيب البالغ على إثر قرار الرئيس السيسي زيادة مكافآت أفراد الطواقم الطبية، أولئك الذين يعدون أول الجيوش في خط المواجهة ضد الفيروس القاتل، وقد أشارت مي عزام الكاتبة في «المصري اليوم» إلى أن استغاثة العالم بالأطباء، والإعلان عن رغبة الغرب في زيادة أعداد الأطباء العاملين فيها، ومنحهم إقامات وأوراقا قانونية، والخوف من سفر الأطباء المصريين للخارج، وراء الإسراع بزيادة بدل المهن الطبية. وشدد العديد من كتاب صحف أمس الاثنين 30 مارس/آذار، على أن الأطباء وأطقم التمريض أبطال هذه الفترة، ونال هؤلاء نصيب الأسد في اهتمامات الكتّاب..

الوباء القاتل أحنى رؤوس زعماء العالم… وأصحاب الشاليهات يطاردون كورونا على الشواطئ

اهتمت الصحف كذلك بالخطاب الذي وجهه الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إلى العالم بشأن فيروس كورونا، أكد خلاله ضرورة أن يتحمل الجميع مسؤوليته في مكافحته وحماية الإنسانية من أخطاره، والالتزام بالتعاليم الصحية والتنظيمية، وأن ذلك واجب شرعي يأثم تاركه، وأن اختلاق الشائعات وترويجها وإفقاد الناس الثقة في إجراءات الدولة حرام شرعًا، لخرقهما حظر التجول. وأكد شيخ الأزهر أن ما يقدمه الأطباء وطواقم التمريض وكل العاملين في المجال الصحي، يجب أن نذكره بفخر واعتزاز، داعيا فضيلته إلى ضرورة التقرب إلى الله، وبذل الصدقات والالتزام بالتعاليم الوقائية للقضاء على كورونا، وتقديم يد العون إلى كل المتضرّرين والمنكوبين منه، وتضامنه مع كل الدول والشعوب التي تكافح هذا الوباء الخبيث.
فيما كشفت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة، موعد عبور مرحلة الخطر قائلة: «وفقًا لمنظمة الصحة العالمية وتجارب الدول التي سبقتنا، تشير إلى أن أسابيع الذروة هي السادس والسابع والثامن، ومصر الآن في الأسبوع السابع، ونبذل كافة الجهود الممكنة لعمل حصر، وتقصٍ وعزل للتأكد من عدم انتشار الفيروس مجتمعيًا، وبالتالي جميع الحالات هي من المخالطين وهذا جيد». من جانبها قالت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج، أن الوزارة وجميع أجهزة الدولة تعمل على حلّ أزمة المصريين العالقين في الخارج، مشيرة إلى أن الدولة تعمل على إعادة 37 من المصريين العالقين في مطار تونس، مشيرة إلى أنها تلقت العديد من الاستغاثات والمناشدات من المصريين العالقين.

تبرعوا لساويرس

هذا الأسلوب الذي يصفه محمد البرغوثي في «الوطن» بـ«السلوك المفترس» كان هو الأكثر سطوعاً في تصريحات بعض كبار رجال الأعمال المصريين، بمجرد وصول فيروس كورونا المستجد إلى مصر، فقد سارعوا، إلى إلقاء ثقل مواجهة هذا الوباء القاتل على الدولة، بل إن بعضهم لم يكتف بذلك، وإنما سارعوا، مثل سميح ساويرس، إلى «مطالبة الحكومة بتدبير حزمة مساعدات للعاملين في شركاتهم وفنادقهم التي تضررت»، وقد ذهب ساويرس إلى إرهاب الدولة، بكلام يبدو منطقياً من ظاهره، بقوله «هناك ملايين من المصريين يعملون في الفنادق وقطاعات الخدمات التي تضررت من تفشي فيروس كورونا، وهناك حزم دعم مالي قدمتها حكومات أمريكا وبريطانيا وسويسرا للعاملين المتضررين، نظراً لأن هؤلاء يشكلون عاملاً أساسياً في دورة الاقتصاد، وعدم وجودهم في السوق كقدرة شرائية يؤدي إلى كساد الاقتصاد ويؤثر في الدولة». في الوقت الذي كشف فيه عمال وموظفو الفنادق والمنتجعات السياحية، عن أوامر تسريحهم ووقف مرتباتهم بدون رحمة، سارع ساويرس بإلقاء مسؤولية صرف مرتباتهم على الدولة، ليس رأفة بهم، وإنما للحفاظ عليهم كـ«قوة شرائية» تحمي اقتصاد «سميح» وأمثاله من الركود لا قدر الله. الأمر ذاته، وربما أسوأ، حدث في قطاع آخر، حيث تكللت جهود بارونات تصدير الحاصلات الزراعية – وهم من أغنى أغنياء مصر- بأخذ موافقة البنك المركزي على استفادة محطات التعبئة والثلاجات والمزارع السمكية ومزارع الدواجن، من مبادرة الـ100 مليار جنيه، بفائدة متناقصة، بالإضافة إلى استفادتهم جميعاً من مبادرة تأجيل سداد أقساط القروض. وندد البرغوثي بمساعي بعض الأثرياء تصدير الكمامات المصرية: أمام هذا التوحش الرهيب لكبار الأغنياء، الذين يحاولون تحقيق أقصي ربح من هذه الكارثة العالمية، لا نملك إلا أن نحمد الله على أن أغنى أغنياء العالم ليسوا في مأمن من إصابات فيروس كورونا المستجد».

حان الوقت

طالب وجدي زين الدين رئيس تحرير «الوفد» النخبة المالية المصرية، التي وصفها بأنها وطنية ولا أحد يشكك في ذلك، بالقيام بدورها في دعم المجتمعات الفقيرة: «آن الأوان لها كي تضع كل إمكانياتها من مصانع وموارد تحت تصرف الدولة المصرية، في هذا التوقيت اللعين، الذي تمر به البلاد، ونعلم جيداً أن عدداً لا بأس به من رجال الأعمال المصريين تبرعوا بمبالغ مالية، لكن هذا غير كافٍ، ولا يرقى إلى المستوى المطلوب في ظل هذه الأوضاع الخطيرة، ولابد أن تكون هناك مشاركة فعالة على قدر هذه الأحداث الخطيرة. وحتى لا يساء الفهم من هذا الحديث، لا أقول تأميماً كما قد يتخيل البعض، ولكن الذي أقصده أنه يجب أن يكون هناك تكاتف بشكل أكبر من أصحاب المال والأعمال، فالأمر يحتاج منهم إلى المزيد والمزيد، ويجب ألا نركن إلى الدولة وحدها في هذا الشأن، لأنه في وقت الأزمات، لابد من التكاتف والتلاحم وبكل قوة حتى تمر الأزمة إلى غير رجعة. وشدد الكاتب على أن أصحاب الأعمال من النخبة المالية في مصر لن يضنوا أبداً على بلدهم بتقديم أموالهم حتى يعبر هذه الأزمة، والحقيقة أن النخبة المالية في مصر لديها الكثير من السوابق الوطنية في دعمها الوطن، ولديها قناعات كاملة بأن أموالها من خير هذا البلد، ويوم يناديها الوطن فلن تتخاذل أبداً.. وأمام هذه الدعوة أتوقع من النخبة المالية الإيجابية أن تكون أكثر إيجابية في ظل هذه الأوضاع الخطيرة التي تهدد الأخضر واليابس في البلاد».

أنقذوا الفقراء

طالب سليمان جودة الدولة أن تقوم بدور محوري في حماية الفقراء، مؤكداً في «المصري اليوم»: «تخيّلتُ حال مواطنين كثيرين عندنا، يمرون بالظرف نفسه، الذي مرّ به مواطن الجُديدة المغربية، الذي انتحر مؤخراً لأنه لم يعد يجد مصدراً للرزق، بعد فرض حظر التجول من قبل السلطات. ويؤكد جودة أن الظروف نفسها يمرّ بها الكثير من المصريين، ولكن تمسكهم بإيمانهم يمنعهم من الذهاب إلى النهاية نفسها، ويجعلهم يستيقظون في كل صباح، ولديهم سؤال حائر عما إذا كانت تطورات الإصابة بالفيروس تسمح بالعودة إلى العمل والسعي وراء الرزق من جديد، أم أن ما يمرون به من أزمة، ومن ضيق، ومن وقف الحال، سوف يدوم أيامًا وأسابيع؟ وقبل يومين كانت الحكومة قد نفت تحملها أجور العاملين في القطاع الخاص، أو زيادة مرتبات الموظفين.. وهو نفي مفهوم.. ولكن على الحكومة أن تنتبه إلى أن عدم تحملها أجور العاملين في القطاع الخاص، لا ينفي مسؤوليتها عن دور لا بديل عنه في وضع قواعد عادلة، يلتزم بها هذا القطاع تجاه موظفيه، وأفراده العاملين فيه.. ولا ينفي مسؤوليتها كذلك عن مواطنين ليسوا موظفين في أي جهة، ولا مورد رزق عندهم سوى أعمال حرة، تباطأت وتيرتها مع بدء ظهور كورونا، ثم توقفت تمامًا مع فرض ساعات الحظر! الجميع في النهاية رعايا للحكومة، سواء كانوا موظفين لديها، أو لدى غيرها، أو كانوا بلا دخل ثابت وبلا وظيفة مضمونة.. وهذه الفئة الثالثة الأخيرة هي بالتحديد التي خرج منها المواطن المغربى، وهي التي تضغط عليها تداعيات الوباء بغير أمل قريب في شيء».

لا علاقة للأمر بالاستبداد

يرى عمرو الشوبكي في «المصري اليوم»: «أنه لا يمكن القول بإن الصين سيطرت على الوباء لأنها سلطوية، أو أن أمريكا وبريطانيا وفرنسا لن تسيطر عليه لأنها نظم ديمقراطية، فالصين سيطرت على الفيروس بكفاءة الأداء، وباختيارها العلم طريقًا لمقاومته، والصرامة والانضباط، كأسلوب في التنفيذ، فقد عزلت ووهان (مركز الوباء) عن باقي مدن ومقاطعات الصين، واستخدمت نظامًا تكنولوجيًّا متطورًا لمتابعة الناس عن طريق هواتفهم النقالة، مستفيدة من نظام المعلومات الضخم (Big Data) الذي تعرف من خلاله الدولة كثيرا من التفاصيل عن مواطنيها، فحددت المشتبه في إصابتهم بالفيروس، بمجرد إدخال الرقم الوطنى. صحيح أن الوجه الأمني كان حاضرًا حين طالبت السلطات كل مواطن بأن يبلّغ عن أصدقائه وأقاربه، في حال شعر بأنهم يخفون إصابتهم بالمرض، كما قاموا بإجبار المشتبه في إصابتهم على الذهاب إلى العزل الصحي. لقد ترسخت مركزية النظام السياسي وثقافة الحزب الواحد، عقب ثورة الصين الشيوعية في 1949، وأصبحت ثقافة مجتمعية، لا يمكن استنساخها في خبرات تاريخية أخرى، وهذا ما قد يفسر لنا استجابة الناس التلقائية لتوجيهات السلطات بخصوص إجراءات الوقاية من الفيروس لأنهم تربوا داخل نظام سياسي رسخ مفهوم المركزية في اتخاذ القرارات. والحقيقة أن الصين نجحت لكفاءة نظامها السياسي وتقدمها الصناعي والعلمي، وليس بسبب سلطوية نظامها، لأن باقي النظم الاستبدادية التي يعرفها العالم فشلت في مواجهة مشاكل (وليست كوارث) أقل خطرا من فيروس كورونا، بسبب انعدام الكفاءة وكراهية العلم والمهنية، وعدم استخدام العقل. ستصعد الصين وستروّج لكفاءة نظامها السياسي واعتماده على العلم، ليس لأنه نظام شيوعي أو سلطوي، بل لأن الجوانب الأولى قابلة للتسويق والتأثير، والثانية لن يشتريها أحد يذكر».

حقهم علينا

أما محمد على إبراهيم في «المصري اليوم» فيقول: «لقد أشاد الرئيس والدكتور مصطفى مدبولي بالجهد المشكور الذي يبذله الأطباء وأطقم التمريض في مكافحة هذا الوباء، والحقيقة أنهم يستحقون أكثر من التقدير لأنهم على مستوى الشهداء الذين يضحون بأرواحهم دفاعًا عن الوطن العزيز الغالي.. جنود الجيش الأبيض، أطباء وممرضين وعلماء في مجال البحث العلمي، يستحقون أكثر من التشجيع اللفظي والمعنوي.. هذا الجيش الأبيض الذي يعتدي عليه المصريون بالضرب والسخرية، وأحيانًا بالسباب في المستشفيات العامة، إذا ما توفي أحد الأقارب، أو لم يجدوا سريرا في العناية المركزة – يستحق أفراده تحسين ظروفهم المادية ومعاشاتهم النقابية.. خاصة أنهم يسعون للهجرة والعمل في الخارج بأعداد كبيرة.. الجيش الأبيض بكل أفراده يتصدون نيابة عن المصريين لمخاطر العدوى وبالأخص فيروس كورونا، الذي اجتاح العديد من الدول، ويقف الأطباء هم وعائلاتهم وذووهم في وجه الوحش، ولا يعرفون ماذا يخبئ لهم الغد، وأحيانا يعملون بدون كمامات لنقص في توريدها.. لا أطلب من الدولة تطبيق نظام المخاطر الذي تطبقه بريطانيا وفرنسا على الأطباء، ولكن أطالب بالقليل.. فقد حصل ملائكة الرحمة على بدل عدوى مرتين في التاريخ، الأولى بقرار الرئيس عبدالناصر عام 1960 وكان 3 جنيهات، ثم صدرت قرارات متتالية في عهدي الرئيسين الراحلين السادات ومبارك، كان آخرها عام 1995 في وزارة الدكتورعاطف صدقي برقم 2077 وتتراوح تلك الزيادة ما بين 19 جنيها إلى 30 جنيها. إن مطالب الأطباء تتلخص في شيئين: زيادة بدل العدوى بقرار من الرئيس السيسي أو الدكتور مدبولي، برفع بدل العدوى أسوة بفئات أخرى لا تتعرض لما يتعرض له أبناء وبنات الجيش الأبيض، بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى لتكليف الأطباء إلى الحد الأقصى، وتطبيق معاشات وأوضاع شهداء الجيش والشرطة على أطقم الأطباء والممرضين، إذا توفوا نتيجة لعدوى أصابتهم أثناء تأدية عملهم. صحيح أن جهد الأطباء وأطقم التمريض إنساني في المقام الأول وتنفيذًا لقسم أبقراط، ولا يمكن أن يقدر بثمن، إلا أن تقدير الرئيس والدولة لدورهم المهم سيضاعف من شعورهم وأسرهم بالأمان والانتماء لمصر المحروسة برعاية الله وإخلاص أبنائها من كافة طوائف الشعب، إجعلوا يوم الانتصار على كورونا بإذن الله عيدا للجيش الأبيض بمبادرة كريمة من السيسىي. فهم يستحقون الكثير».

لا وقت للتأخير

من بين المؤيدين لإجراءات الحكومة عبلة الرويني في «الأخبار»: «خطوة مطمئنة، تهدئ من قلق الناس والخوف من عدم توافر أماكن كافية للعلاج عند الضرورة… البدء في إنشاء مستشفيات ميدانية، مستشفيات طوارئ سريعة في القاهرة ومحافظات مصر المختلفة، والاستعداد لتجهيز بعض أبنية المدارس كمستشفيات ميدانية، شكل من جاهزية الدولة واستعداداتها وإجراءاتها الوقائية الدقيقة الحاسمة، التي وصفتها منظمة الصحة العالمية بالمهنية، واعتبرت مصر من الدول السباقة في اتخاذ الإجراءات الوقائية والاحترازية، وهو بالطبع أداء وجهد للحكومة، يستحق الشكر والتقدير، تماما كما يستحق الجيش الأبيض من الأطباء، وأطقم التمريض، الشكر والتقدير أيضا لجهودهم المضاعفة في مواجهة الوباء، ولعل المصريين جميعا، بإحساسهم العميق بالمسؤولية، والوعي بخطورة الوباء، والحرص بدقة على سلامتهم وسلامة كل من حولهم، والالتزام بكافة صور الوقاية وإجراءات الحظر، والبقاء في البيوت، مساهمين بدرجة عالية من الوعي والمسؤولية في مواجهة الفيروس، ودعم جهود الدولة في مقاومة الوباء.
جهود الحكومة وجهود وزارة الصحة لا يمكن إنكارها، لكن يظل السؤال: لماذا لا يسمح بتحليل الفيروس، ولا يسمح بعلاج المصابين به، إلا داخل معامل ومستشفيات وزارة الصحة المحددة فقط، الحميات، الصدر، الدمرداش؟ لماذا لا يسمح لبقية المستشفيات الأخري والمعامل والمراكز الطبية والمستشفيات الخاصة، بالمشاركة في الجهود الضخمة المبذولة، للعلاج ولمنع انتشار وتفشي الفيروس؟».

رجل مريض

الأمر المؤكد أن العالم بعد كورونا سوف يختلف عما قبله في أمور كثيرة لعل أهمها وفق رأي عبد المحسن سلامة في «الأهرام»: «الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي سوف تنشأ نتيجة كورونا ومخاطرها، ومشكلاتها، وتداعياتها الاقتصادية الرهيبة. بدأت هذه المشكلات تظهر في العالم، وفي أكبر الاقتصادات العالمية، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، التي فقد فيها 3 ملايين مواطن عملهم هناك خلال الأسبوع الماضي، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم خلال الأسبوع الحالي، وربما يصل إلى أكثر من 14 مليون مواطن خلال الأيام القليلة المقبلة، نتيجة الأزمات التي تواجهها الشركات هناك، في ظل نظام رأسمالي متوحش لا يعرف إلا لغة العمل والإنتاج والكسب، وإلا أغلقت الشركات والمصانع أبوابها على الفور وشردت العمالة، وأطاحت بهم. ليس معنى ذلك أن النظم الاشتراكية أفضل حالا من النظم الرأسمالية من حيث الخسائر والمشكلات الناتجة عن توقف حركة العمل والإنتاج، إلا أنه تظل الشركات العامة والمملوكة للدول هي السند في الأزمات والكوارث، لأنها شركات لا تهتز بسرعة مثل شركات القطاع الخاص، وتظل أكثر تماسكا وقدرة على البقاء، وأيضا أقل توحشا ضد عمالتها في أحلك الظروف والأوقات. ويؤكد الكاتب على أنه لا أحد يستطيع التكهن بمستقبل العالم بعد كورونا، ومن سيفوز في الصراع، الصين كممثل للاشتراكية، أم أمريكا كممثل للرأسمالية، أم الدول التي في المنطقة الوسطى مثل روسيا، التي عادت بقوة من جديد إلى صدارة المشهد الدولي، بعد فترة من التعثر والارتباك، عقب انهيار الاتحاد السوفييتي. مصر أيضا ضمن دول المنطقة الوسطى، ففيها قطاع خاص قوي وفي الوقت نفسه فيها قطاع عام لا يزال موجودا وبقوة، حيث يوجد 210 آلاف عامل في القطاعات الاستراتيجية المختلفة، ضمن منظومة شركات قطاع الأعمال العام في كل الصناعات بلا استثناء تقريبا، وهو قطاع حيوي ومهم إلا أنه يعاني الكثير من الأمراض، التي باتت تؤثر في قدراته الإنتاجية والربحية، وتحول إلى «الرجل المريض»، في النشاط الاقتصادي نتيجة تراكم هذه المشكلات».

وجه آخر

هل لكورونا وجه آخر غير الوجه القبيح الذي نعرفه، الذي ظهر لنا فجأة كشبح ؟ يجيب علاء عبد الهادي في «اليوم السابع»: «بالفعل نحن في أزمة أو كارثة حلت بكوكب الأرض، ولا منجاة لأحد، الكل أصابه الضرر، ولكن بدرجات متفاوتة، إن عاجلا أو آجلا سوف تخرج مصر بإذن الله من الكارثة، أصلب عودا وأقدر على مواجهة تحديات المستقبل، أنا متفائل، ولست متشائما، مصر قوية، وبنيتها الأساسية قادرة وعفية، وتستطيع تجاوز الأزمة، ورغم كل شيء عرّفنا الفيروس القاتل أهمية الاهتمام بالنظافة الشخصية، والنظافة العامة، في وقت كان البعض تبعد سلوكياته الشخصية عن النظافة بكثير، كما اهتم الناس بصحتهم العامة وصحة ذويهم، الآن تركب المترو، تجد غالبية الناس يرتدون قفازات ويضعون كمامات على وجوههم، وتوقف الناس عن القبلات والعناق، بسبب وبدون سبب، خوفا من تفشي المرض.. كشف لنا فيروس كورونا خطورة الفوضى التي كنا نعيش فيها: أكل في الشارع، بدون حد أدنى من الاحتياطات الصحية، ومقاه تقدم السموم لروادها على مدار الساعة، وشيشة تنقل الأمراض، وعلى رأسها فيروس كورونا وغيره.. رب ضارة نافعة، الناس تفاعلت إيجابيا مع قرار رئيس الوزراء لمحاصرة المرض، بوقف الكافيهات والكافتيريات والمقاهي العامة وأماكن اللهو والمطاعم من السابعة مساء، وطالبوا باستمرار هذ القرار، حتى بعد انكشاف جائحة كورونا، الفيروس أعادنا إلى إنسانيتنا، وأعادنا قهرا إلى بيوتنا وأسرنا، أعاد الأب إلى بيته بدلا من السهر في المقهى، لذا فالخوف من الفيروس أعاد إلينا دفء الأسرة، الذي غاب واختفي مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي».

الأداء عن بعد

ملمح أساسي من الملامح التي سوف تميز «عالم ما بعد كورونا» يتمثل في سيطرة مفهوم «الأداء عن بُعد» على كافة مناحي الحياة البشرية. المفهوم ليس جديداً، في رأي محمود خليل في «الوطن»، بل له تطبيقات متنوعة في العديد من دول ومجتمعات العالم، بما في ذلك مصر، وقد أصبح جزءاً من واقع الحياة المعاصرة بعد ظهور شبكة الإنترنت، وانغماسها في العديد من جوانب الحياة الإنسانية، فالعديد من الشركات والأعمال والمشروعات تعتمد على مفهوم العمل عن بُعد، فتوظف مبرمجين أو مصممين في أماكن مختلفة من العالم، يُطلب منهم أداء مهام معينة نظير مقابل مالي يصل إليهم. الأمر نفسه ينطبق على فكرة «التعليم عن بُعد»، التي توسعت العديد من الجامعات في تطبيقها خلال السنوات الأخيرة، حتى الصحف بشكلها التقليدي المطبوع توشك أن تدخل إلى متاحف التاريخ، بعد أن اكتسحتها الصحافة الإلكترونية، ولعلك تابعت الدعوات التي تبنّاها البعض لإلغاء النسخ الورقية من الصحف، خوفاً من انتقال عدوى كورونا. التحول الرئيسي في عالم ما بعد كورونا يرتبط بحصول مفهوم «الأداء عن بُعد» على دور البطولة، ليتخلي عن دور «السنيد» الذي ظل يلعبه لسنوات طويلة، إلى جوار العمل أو الأداء بمفهومه التقليدي، الذي يعتمد على الوجود في المكان. لم تعد للمكان قيمة، بعد أن ذابت الحدود بين الأماكن بفعل التحولات التكنولوجية، لم يعد المكان يحظى بالأهمية التي كان يتمتع بها في ما سبق، بالنسبة للتعليم الجامعي والمدرسى، أو للوزارات والمؤسسات الحكومية، أو للمنتجين في العديد من المجالات. محنة كورونا تثبت يوماً بعد يوم أن تزاحم البشر في مكان، أو بقعة معينة قد يشكل في أوقات مصدر خطر يصح أن يفر منه البشر. وليس هناك خلاف على أن تحقق مفهوم العمل أو التعليم أو الإنتاج أو الإدارة عن بُعد، يحتاج بنية أساسية، لا بد أن تتوافر داخل الدولة، وظني أن التطورات المتلاحقة في مجال تكنولوجيا الاتصال، أصبحت توفر ذلك بدرجة محسوسة من اليسر والسهولة. منذ أن توقفت الدراسة في مصر – ضمن الإجراءات الاحترازية ضد انتشار كورونا- والمدارس والجامعات تخوض تجربة مثيرة للتعليم عن بُعد. برامج عديدة أصبحت تيسر هذا الأمر على المعلم والمتعلم، وتتيح أعلى درجات التفاعل الهادئ بين طرفي العملية التعليمية، تصب في هذا الاتجاه أيضاً تجربة «التعليم بالتابلت» وكذا استخدامه في الامتحانات النهائية. فرغم تحفظ البعض على عدد من الجوانب الإجرائية للتجربة، إلا أنها تدعم اتجاهاً إيجابياً لحل العديد من مشكلات التعليم في مصر. نحن نشتكى، على سبيل المثال، من التكدس في الفصول وقاعات المحاضرات، ولك أن تتخيل كيف يمكن أن يسهم التوسع في التجربة الحالية في حل هذه المشكلة، ناهيك من حل مشكلات أخرى عديدة تتعلق بنظم الامتحانات. تطبيق مفهوم «الأداء عن بُعد» الذي اضطرتنا إليها محنة كورونا يكشف لنا عن وجه «المنحة» في تلك «المحنة». وظني أن بمقدورنا البناء على التجربة الحالية لينتقل المفهوم من خانة «المضطر» إلى خانة المباح.

التحدي القاتل

صبري غنيم في «الوفد» يكتب متألما ومندهشا من بعض أصحاب الفيلات والشاليهات الذين يتحدون الوباء القاتل بما يضرهم ويضر الجميع يقول: «بالله عليكم لما كلنا نعيش في حالة من الاكتئاب، وأيدينا على قلوبنا نخشى من المقبل المجهول، ورئيس الحكومة بحّ صوته ويكاد يبوس على رؤوس المصريين، وهو يطالبهم بأن يلتزموا البيوت حماية لهم ولأولادهم وجيرانهم من الفيروس القاتل كورونا.. وفجأة تنشق مجموعة من أصحاب الفيلات والشاليهات في الإسكندرية والعين السخنة والجونة، يعلنون رفضهم لدعوة رئيس الحكومة، وبدلاً من أن يلتزموا بيوتهم خرجوا إلى المصايف، مع أنهم يعرفون أن هذا الوباء، أحنى رؤوس زعماء العالم.. لدرجة أن أحدهم فشل في مواجهته وأصبح ينتظر رحمة السماء.. يعني العالم يواجه كارثة، ونحن بالتالي نعيش في حالة رعب وفزع.. وحبايبنا على البلاجات يطاردون الفيروس بالمايوهات، مع أنهم يعرفون أن مصر في حرب وقائية مع فيروس قاتل. أنا شخصياً لا أعرف لماذا استهانت هذه الشريحة من المصريين بالموقف الذي نواجهه، مع أن الإعلام لم يتوقف عن استعراض الكارثة التي ضربت إيطاليا، بسبب استهتارهم بهذا الوباء. فبدلا من أن يلتزموا بيوتهم حتى لا ينتشر، مارسوا حياتهم العادية من سهر ورقص ومغنى وتجمعات في البارات والميادين، حتى حلت الكارثة، وبدأ الفيروس القاتل في رصد ضحاياه من كبار السن، وأصبحوا كل يوم يخرجون علينا بقائمة بأعداد الموتى، ألم يستوعب هؤلاء الدرس لحماية البلد من انتشار الوباء؟ الشهادة لله حكومتنا جزاها الله كل خير، تستحق تعظيم سلام.. فقد كانت عيونها على الأسواق، حتى لا يتلاعب التجار، ويستغلوا هذه الأحداث، فنزل وزير التموين بنفسه ليطمئن على أن المواد تباع بأسعارها، طبعاً هذه الصورة جديدة، فقد كانت الأسعار قبل هذا الحدث في الطالع والتموين طناش، لكن تعليمات الرئيس هذه المرة فيها ضبط وربط، بعد أن كلف جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة في تغطية المحافظات والأحياء الشعبية، بعربات تحمل كل ما تحتاجه الأسرة من مواد تموينية، وبأسعار أقل من الأسعار المطروحة في السوق. بعد خروج عربات الخدمة الوطنية، سقط التجار الجشعون، وظهرت زجاجات المطهرات التي اختفت فترة، وأصبحت تباع بربع الأسعار التي كان يبيعها هؤلاء التجار، والسبب أن وزارة الإنتاج الحربي، طلبت من مصانعها مضاعفة الإنتاج.. حتى الكمامات، والكلور.. كل ما يحتاجه البيت المصري لتأمين نفسه من هذا الفيروس القاتل. بصراحة رئيس الحكومة عندنا تفوق على نفسه في جميع المراحل التي اتخذ فيها الإجراءات الاحترازية لتأمين البلد، كان بينه وبين وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، التي أبدعت في تنسيق وتنفيذ جميع احتياجات المستشفيات، وقد سعدت أن يخرج علينا وزير المالية ويعلن أن لديه تعليمات من الرئيس بتلبية احتياجات الصحة فورا، وقد أعلن حتى اليوم صرف ثلاثة مليارات وثمانمئة مليون جنيه للصحة وجاهز لما تحتاجه… لقد أنصف رئيس الحكومة بأن أغلق المقاهي والكافتيريات ضمن الإجراءات الاحترازية، والسبب لأن أصحابها لم يكونوا في المرحلة الأولى عند المسؤولية، فكانوا يعملون والأبواب مغلقة، والسبب الشيشة التي أكلت عقول المصريين. وعن الإعلام برافو أسامة هيكل وزير الدولة للإعلام، فقد نجح في أن يغير من شكل الإعلام، وأعاد لنا الإعلام الوطني الذي يخدم المواطن، فأصبحنا مفتوحين على العالم والعالم مفتوحا علينا، قنوات الفضائيات والتلفزيون المصري تعطي المواطنين جرعات كل يوم في التحلي بالصبر».

رعب منطقي

المعنى الأقرب لكلمة «هسهس» وفقاً لرأي كرم جبر في «الأخبار»: «هو من يحدث نفسه، أي المجنون بالخوف، وكورونا خلقت لدى كثيرين وفق رأي الكاتب نوعا من الهسهس، أكثر تأثيراً من الفيروس نفسه. انتعش الكحول ولم يكن له سوق ولا فائدة للعامة، وأصبح الآن أهم من البرفان، ومن يهديك زجاجة صغيرة تدعو له بالصحة والعافية، والتهبت الجلود وفقدت الأنوف حاسة الشم من فرط استخدامه. وتربع الكلور على عرش المطهرات، رغم رائحته التي تسد مجرى الهواء، وتؤدي إلى صعوبة في التنفس والتهاب الحلق واحمرار العينين، والسعال والصفير، ومرض آخر اسمه «الوذمة الرئوية». وفي الشارع نجد كثيرين يغطون نصف وجوههم بأقنعة، في الغالب يكون ضررها أكثر من نفعها، وتتحول إلى منتدى لكورونا، لأن الاشتراطات الصحية تستلزم أقنعة بمواصفات خاصة، غير متوافرة. وأشكال وألوان وكل يبحث عن سبل النجاة، ولا يعلم من أين يأتي الخطر، بتوارد أخبار عن إصابات تلحق بعظماء ومشاهير وحكام ووزير صحة بريطانيا، وآخرين، يحيطون أنفسهم بترسانات هائلة من الإجراءات الصحية الصارمة، التي لم تجد كورونا صعوبة في اختراقها. ويؤكد جبر أن «الهسهس» حق مشروع لكل مواطن، لأن الأخبار المفزعة التي تسقط على رأسه كالسيل من الشرق والغرب، تصل بطريقة أن نهاية العالم أوشكت، وأن كورونا تهيئ البشرية لعلامات يوم القيامة، ومن بينها انتشار الأوبئة والأمراض. «الهسهس» جعل الناس مفزوعين إذا عطس بجوارهم شخص ولو بطريقة عفوية، ويخشي الأهل أن يسلموا على بعضهم، ويحرص الآباء على تعنيف أولادهم، والأولاد على تأنيب آبائهم، ووقع الجميع في دائرة «الهسهس». يقول المثل «اللي يخاف من العفريت يطلعله»، و«الهسهس» من كورونا يحطم المعنويات ويضرب المناعة، ويوقع المهسوس أسيراً للرعب، والحل هو أن نعمل اللي علينا والباقي على ربنا».

إيناس في الحجر

أكدت المطربة إيناس عز الدين، إصابتها بفيروس كورونا المستجد كوفيد 19 ووفقاً لصحيفة «الأخبار»، قالت إيناس عز الدين: «كنت في المغرب منذ ثلاثة أسابيع وعدت إلى مصر بعد معاناة بسبب توقف حركة الطيران، وشعرت بعد ذلك بضيق في التنفس وصداع في الرأس. وأضافت: بعد عدة أيام قامت وزارة الصحة بالاتصال بي كإجراء روتيني يحدث مع كل شخص عائد من الخارج، وظهر أن أحد ركاب الطائرة العائدة من المغرب كان مصابا بكورونا، وأنها اكتشفت إصابتها بالفيروس، وأنها ملتزمة حاليا بالحجر المنزلي، وأنها لم تختلط بأهلها، أو أي شخص خلال الفترة الماضية». وتابعت: «نزولي المستشفي وانا مصابة معناها إني هعدي كل شخص في طريقي ومفيش مستشفى مجهزة أنها تستقبل حالات إلا المستشفيات المخصصة من قبل وزارة الصحة، ودي الوزارة اللي بتحول عليها الحالات اللي محتاجة أنها تتعزل في مستشفى وده نظام متبع في العالم كله، وأنا حالتي تستدعي الحجر المنزلي حتى الآن والحمد لله». وأكدت أن حالتها النفسية مستقرة ولم تشعر بأي ذعر، بالإضافة إلى أن درجة حرارة الجسم لم ترتفع ولكنها تشعر بباقي أعراض الفيروس. وتواصل وزارة الصحة والسكان المصرية رفع استعداداتها في جميع منافذ البلاد (الجوية، البرية، البحرية)، ومتابعة الموقف أولاً بأول بشأن فيروس «كورونا المستجد»، واتخاذ كافة الإجراءات الوقائية اللازمة ضد أي فيروسات أو أمراض معدية، كما تم تخصيص الخط الساخن «105»، و«15335» لتلقي استفسارات المواطنين بشأن فيروس كورونا المستجد والأمراض المعدية».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية