خلفت الجولة السادسة من الدور الثالث لتصفيات كأس العالم 2026 الخاصة بمنطقة آسيا، خيبة كبيرة في الأوساط الكروية السعودية بعد خسارة منتخبها أمام أندونيسيا بهدفين دون رد، جعلته يقبع في المركز الثالث مناصفة مع البحرين والصين وأندونيسيا، قبل أربع مباريات على نهاية التصفيات، وبعد أن لعب ست مباريات سجل فيها ثلاثة أهداف، وتلقى ستة، وحقق فيها فوزا واحدا وثلاثة تعادلات وخسارتين، وظهر فيها بوجه شاحب بعيدا عن مقوماته وقدراته الفنية والمادية، ما خلف تذمرا كبيرا في الأوساط الفنية والاعلامية والجماهيرية التي راحت تنتقد وتنتفض وتحلل وتعدد الأسباب والتداعيات التي قد يخلفها غيابه عن مونديال أمريكا التي تعتبر تصفياته الأسهل في تاريخ كرة القدم العالمية.
منذ فوزه الوحيد في بكين على الصين، لم يحقق المنتخب السعودي أي فوز، ولم يسجل أي هدف خلال المباريات الأربع في التصفيات، رغم تغيير المدرب الايطالي روبرتو مانشيني بالفرنسي هيرفي رونار الذي لم تشفع له عودته لقيادة «الأخضر»، حيث وجد منتخبا مغايرا للذي قاده في مونديال قطر، وفاز معه على بطل العالم الأرجنتين في مباراة تاريخية لم تخدمه، بل جعلت لاعبيه يعتقدون أنهم بلغوا عنان السماء وليسوا بحاجة الى بذل الجهد لتحسين مستواهم والفوز على إندونيسيا وأستراليا والبحرين والصين إذا سلمنا بقوة اليابان الذي خسر أمامه في الرياض بثنائية، لكن ما حدث أمام أندونيسيا كان مخيبا على جميع المستويات أمام منتخب حقق أول فوز له في التصفيات بعد أن خسر مباراتين متتاليتين وتعادل في ثلاث من قبل.
صحيح أن الاتحاد السعودي أخطأ في انتداب مانشيني بعد مونديال قطر، وتأخر في إقالته رغم فشله، وغامر باستعادة هيرفي رونار الذي لم يكمل عقده ولم يف بالتزاماته من قبل، لكن المستوى المتدني الذي ظهر به المنتخب السعودي منذ مونديال قطر يعود إلى عوامل أخرى ادارية وتنظيمية قبل الفنية، خاصة منذ تم إغراق الدوري بعدد كبير من اللاعبين المحترفين الأجانب وصل الى عشرة لاعبين في كل فريق ضمن سياسة الاستقطاب التي كانت عواقبها سلبية على المنتخب في وجود لاعبين لا يشاركون في المباريات بانتظام، وعدم بروز لاعبين جدد ومواهب أخرى تدعم المنتخب الأول الذي أصابه العقم وصار يلعب من دون روح ولا ارادة في تحقيق الفوز مثلما يحدث في الأندية التي صارت أهم من المنتخب في نظر الكثير من المحللين.
تسجيل هدف واحد وتلقي ستة أهداف في خمس مباريات أخيرة من دون تحقيق أي فوز، هو رصيد ضعيف لمنتخب بحجم السعودية في تصفيات كانت تبدو في المتناول رغم وجود اليابان وأستراليا في نفس المجموعة، لكن ما تبقى في المباريات الأربع الأخيرة يبدو صعبا، خاصة مع التنقل الى طوكيو والمنامة لمواجهة اليابان والبحرين قبل استضافة أستراليا في أخر مباراة في الرياض وسط مشاعر الخيبة والشك التي تسكن اللاعبين والجماهير على حد سواء، والمنافسة الكبيرة في مجموعة تملك منتخباتها حظوظ التأهل المباشر في المركز الثاني، والتأهل إلى الدور الأخير في المركزين الثالث والرابع، والتي تبقى ممكنة حتى بالنسبة للصين وأندونيسيا التي استحقت الفوز على السعودية بعد أن بدأت تجني ثمار سياستها في استقطاب اللاعبين المتميزين من كل بقاع الدنيا في إطار مشروعها الذي يسير نحو تحقيق المعجزة.
حال السعودية لا يختلف تماما عنه في قطر مع بطل آسيا للمرة الثانية على التوالي الذي تلقى خسارته الثالثة بالخمسة على يد المنتخب الإماراتي المتوهج الفائز قبل أيام على قرغيزستان بالثلاثة لينفرد بالمركز الثالث بعد ايران وأوزبكستان في المجموعة الأولى، في حين عزز المنتخب العراقي حظوظه في المجموعة الثالثة حين فاز على عمان في مسقط واستثمر تعثر الأردن في الكويت عندما اكتفى بالتعادل الايجابي، وهي نتائج تترك الباب مفتوحا على الجميع للتأهل بنسب مختلفة، لتبقى خسارة السعودية أمام أندونيسيا مؤلمة ومثيرة للتساؤلات والشكوك وعلامات الاستفهام، يصعب تجاوزها بعد أربعة أشهر من الآن حين تستأنف التصفيات بمواجهة الصين في الرياض واليابان في طوكيو.
سابق لأوانه الحديث عن إقصاء «الأخضر» السعودي، لكن التأهل المباشر من المرحلة الثالثة يبتعد كل أسبوع، والتأهل من المرحلة الرابعة يكون معقدا في مواجهة منتخبات عربية تكون عنيدة وعصية على السعودية في المواجهات الحاسمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتأهل الى المونديال لأول مرة بالنسبة لمنتخبات الأردن وعمان والبحرين، بدون أن ننسى رغبة الكويت وقطر والعراق في التواجد في النهائيات للمرة الثانية في تاريخها.
اعلامي جزائري