الأردنيون بدأوا مخاطبة «دولتهم العميقة»: نتنياهو «يكذب» والرسالة له «موقفنا من القدس ليس دعايةً ولا إعلاناً»

بسام البدارين
حجم الخط
2

عمان – «القدس العربي»: يستمر وسط حالة الصقيع في الطقس ورود “الأنباء غير السارة” من غربي نهر الأردن بخصوص التحديات التي تواجه ملف “الوصاية الهاشمية” على القدس وأوقافها الإسلامية والمسيحية، فيما تستعد أيضاً حكومة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة لأسوأ سيناريو محتمل في ظل ثابت ملكي معلن.
عمان في سياق التفاعل مع “الأنباء” المتواصلة تخطط ولأول مرة لـ “تكذيب” الرواية التي تتقدم بها حكومة بنيامين نتنياهو لدى المجتمع الدولي بعنوان “ملتزمون بالأمر الواقع في القدس” وسط قناعة المؤسسات الأردنية بأن طاقم نتنياهو “يتلاعب” بالتصريحات والتأكيدات ويحاول “خداع الجميع”.

موقف متشدد

ومؤسسات عمان اليوم تجد صعوبة إلى حد ما في إقناع تل أبيب بأن الموقف السياسي المتشدد لها بخصوص الخط الأحمر في القدس ليس “دعاية ولا إعلان”، وليس موقفاً للاستهلاك الداخلي، بل يشكل استراتيجية للدولة الأردنية؛ لأن المساس بالقدس والمسجد الأقصى والوصاية الهاشمية ينتهي أو يعني في النهاية العبث بمعادلات الاستقرار الداخلي الأردني بسبب وجود أغلبية ديمغرافية فلسطينية كبيرة والكتلة الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين، حيث قناعة راسخة نوقشت باجتماعات سيادية مؤخراً في عمان بأن “المكون الفلسطيني الأردني” يحركه سياسياً ملف الأقصى وليس “الوضع المعيشي” خلافاً لأن المكون العشائرية والاجتماعية لا أحد يستطيع المزاودة عليها في ملف الأقصى، وأيضاً بسبب تراث وتاريخ العلاقة بين القدس والأردن.
ولذلك، فالتحذيرات الأردنية تتخذ منطقاً طارئاً وتحاول تجميع كل أطراف القصة باتجاه الضغط على إسرائيل وإنتاج حالة مستجدة تقنعها أو تلفت نظرها إلى كلف وفواتير ستنتج عن الاستمرار في الاستفزاز بالقدس.
إلى ذلك، وفي تعقيدات هذا المشهد، يمكن القول بأن الشغف بترقب خطوات محددة من جانب الحكومة الأردنية للرد على التحديات الإسرائيلية بدأ يشكل عنصراً ضاغطاً على صناعة القرار في الأردن وبقوة، وقدرة ضغط لا تقل عن الضغط الذي يمارسه اليمين الإسرائيلي وهو يضرب على الأعصاب الحيوية المشدودة للأولويات والخطوط الحمراء الأردنية.
ذلك في ظل نمو حالات من الثأرية والرغبة في الانتقام في المجتمع الأردني ودعوات جماعية حتى من سياسيين كبار ومعتدلين في الطبقة الأردنية تدعو إلى الاستعداد والاحتياط لمعركة مفتوحة سنوات طويلة مع إسرائيل اليمينية التي تولد من جديد، والتي لديها أطماع في شرق الأردن، كما أوضح علناً السياسي البارز ممدوح العبادي في محاضرة شهيرة له، دعا فيها مع سياسيين آخرين إلى تسليح الشعب الأردني انتظاراً للحظة صدام قادمة لا محالة بدأت ملامحها فعلاً مع الاستفزاز الوقح والمباشر، حسبما أوضح العبادي لـ”القدس العربي”، الذي مارسه الوزير بني غفير عندما تسلل خلسة وحاول تدنيس باحات المسجد الأقصى في رسالة تحدّ مباشرة هدفها الأول الأردن بقناعات الدولة الأردنية وليس فقط الشعب الفلسطيني وأهل القدس.

انكشاف ظهر الحكومة

انكشاف ظهر الحكومة الأردنية في ملف القدس يعني الكثير أمنياً وسياسياً وعملياً برأي جمهور الخبراء، والتمسك بالتصعيد أردنياً بحد ذاته ليس عملية انسجام مع الثابت فقط، بل أعمق وأبعد من ذلك. وأغلب التقدير هنا أن المعادلة الجديدة التي يرسمها اليمين الإسرائيلي ترسم بدورها خصوصاً في الضفة الشرقية، وبين الأردنيين معادلة وطنية بالاتجاه المقابل قد تساعد في خنق دوائر القرار الأردنية ومحاصرة خياراتها.
وهو ما بدا من دعوات مباشرة لوزراء سابقين بتنويع الخيارات في التحالف إقليمياً، وبالانفتاح على فصائل المقاومة الفلسطينية لا بل بفتح الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة أيضاً بلغة قد تكون هي الأولى من نوعها برلمانياً، مع تذكير الإسرائيليين بأن تلك أطول حدود في جوارهم، وأن الشعب الأردني أيضاً مقاوم، حسب الرسالة التي تقدم بها مجدداً عبر “القدس العربي” القطب البرلماني خليل عطية.
يلاحظ في السياق أن سخونة وحرارة الانفعال النخبوي والشعبي الأردني وظهور رغبة في “تقييم وتشخيص المخاطر” دفعا بصورة نادرة لمخاطبة “الدولة العميقة” في الأردن مباشرة هذه المرة، وليس الحكومة ووزارة الخارجية في “تحول دراماتيكي” يلامس مسألة في غاية الحساسية، حيث الخبراء فقط يعلمون بأن ملف العلاقات مع إسرائيل جزء من منظومة العمق الأردني وليس الأداء الحكومي، وحيث عدد المقتنعين بأن إسرائيل “تنقلب على المملكة” يزيد بنمو ظاهر، كما قدرت مبكراً شخصية من وزن الدكتور دريد محاسنة في نقاش مفصل وسابق مع “القدس العربي”.
عضو البرلمان، ينال فريحات، خاطب مباشرة “الدولة العميقة”، وزميلاه عطية وناجح العدوان طالبا بـ “فتح الحدود”، ومسائل مثل تسليح الشعب وترك مسار التكيف والاستعداد للصدام هي نقاط على شكل رسائل للعمق وليس للإعلام.
حالة الارتباك النخبوية التي زرعها تسلل بن غفير خلسة في باحات الأقصى كان لها تأثير سريع على خارطة التحالفات والانحيازات في المجتمع الأردني، خصوصاً أن الحكومة بدورها حاولت الاحتواء واستدعت السفير الإسرائيلي لتوبيخه.

الخطوة التالية

لكن الخطوة التالية على الأرجح سيطالب بها الرأي العام الأردني وبضغط مباشر ليس أقل من استدعاء السفير الأردني في إسرائيل وطرد السفير الإسرائيلي في عمان إذا لم يظهر بنيامين نتنياهو أي ميول من جهته لضبط إيقاع مجموعة المستوطنين الذين استدرجهم كوزراء أو استدرجوه لكمين مواجهة لم تكن متوقعة مع بلد معتدل جداً مثل الأردن.
وطبعاً، يفتح استفزاز اليمين الإسرائيلي المتحدي مباشرة للوصاية الهاشمية كل ملفات التساؤلات المغلقة، لا بل والتي كانت مكتومة طوال الوقت، ومن بينها الاستفسار عن جدوى التطبيع أصلاً، وعن طبيعة العلاقات السرية مع الإسرائيليين والأسئلة والاستفسارات عن الضمانات التي طالما كانت تقدمها كمخدر أركان ما يسمى بالدولة العميقة في إسرائيل، إضافة إلى كل الأسئلة عن اتفاقية وادي عربة وملحقاتها المتعددة وفي أكثر من ملف وعلى أكثر من صعيد، خصوصاً في مجال القدس وفي مجال حصص المياه وفي المجال الحدودي. والمعنى من كل ذلك أن العلاقات الأردنية الإسرائيلية اليوم تمر باختبار في منتهى القسوة لا يمكن إغفاله ولا إخراجه من الحسابات.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول تيسير خرما:

    إسرائيل تسعد بترويج الأردن نفسها دولياً كراعية لعرب فلسطين 1948 والضفة وغزة وترويج الأردن كدولة ترحب بدخول 3 مليون من 4 دول جوار عبر عقدين وتقدم خدمات لهم مجاناً وتشغلهم بدل مواطنيها، فإسرائيل تريد تهجير فلسطينين للأردن لحل مشكلتها الديمغرافية وهذا الترويج للأردن ستعتبره إسرائيل وداعميها مكمل لخططهم بالتهجير، وبالتالي على الأردن من الآن فصاعداً انتهاج سياسة طاردة ترفض استقبال من يحاول عبور حدودها وترفض تقديم خدمات مجانية لهم وتشغيلهم وترفض مساعدات دول أخرى لهم لا تشمل قبول تسفيرهم للدول المانحة.

  2. يقول علي العموش:

    اولا لا يوجد اكثريه فلسطينيه بالاردن ما تقول عنهم اكثريه هم لاجئين فلسطينيين ثانيا نرفض رفضا قاطعا تسمية شرق النهر هي ليست شرق النهر هي اسمها المملكة الاردنيه الهاشميه وغرب النهر اسمها دولة فلسطين ونحن دولتين

إشترك في قائمتنا البريدية